بسم الله والحمد لله و الصلاة والسلام علي رسول الله وآله وصحبه وإخوانه أجمعين
من أروع ما سمعت في حياتي من شعرنا المعاصر للشاعر الشهيد كما نسحبه ولا نزكيه علي الله هاشم الرفاعي رحمة الله
هاشم الرفاعي وقصيدته رسالة في ليلة التنفيذ
رسالة في ليلة التنفيذالشاعر: هاشم الرفاعي
أبتاه ماذا قد يخطُّ iiبناني والحبلُ والجلادُ iiينتظراني
هذا الكتابُ إليكَ مِنْ زَنْزانَةٍ ii مَقْرورَةٍ صَخْرِيَّةِ iiالجُدْرانِ
لَمْ تَبْقَ إلاَّ ليلةٌ أحْيا بِها ii وأُحِسُّ أنَّ ظلامَها أكفاني
سَتَمُرُّ يا أبتاهُ لستُ أشكُّ iiفي هذا وتَحمِلُ بعدَها iiجُثماني
الليلُ مِنْ حَولي هُدوءٌ قاتِلٌ ii والذكرياتُ تَمورُ في iiوِجْداني
وَيَهُدُّني أَلمي فأنْشُدُ iiراحَتي في بِضْعِ آياتٍ مِنَ القُرآنِ
والنَّفْسُ بينَ جوانِحي شفَّافةٌ ii دَبَّ الخُشوعُ بها فَهَزَّ iiكَياني
قَدْ عِشْتُ أُومِنُ بالإلهِ ولم iiأَذُقْ إلاَّ أخيراً لذَّةَ iiالإيمانِ
والصَّمتُ يقطعُهُ رَنينُ سَلاسِلٍ ii عَبَثَتْ بِهِنَّ أَصابعُ iiالسَّجَّانِ
ما بَيْنَ آوِنةٍ تَمُرُّ وأختها ii يرنو إليَّ بمقلتيْ iiشيطانِ
مِنْ كُوَّةٍ بِالبابِ يَرْقُبُ صَيْدَهُ ii وَيَعُودُ في أَمْنٍ إلى iiالدَّوَرَانِ
أَنا لا أُحِسُّ بِأيِّ حِقْدٍ نَحْوَهُ ii ماذا جَنَى فَتَمَسُّه أَضْغاني ii*
هُوَ طيِّبُ الأخلاقِ مثلُكَ يا iiأبي لم يَبْدُ في ظَمَأٍ إلى iiالعُدوانِ
لكنَّهُ إِنْ نامَ عَنِّي لَحظةً ii ذاقَ العَيالُ مَرارةَ iiالحِرْمانِ
فلَرُبَّما وهُوَ المُرَوِّعُ سحنةً ii لو كانَ مِثْلي شاعراً iiلَرَثاني
أوْ عادَ - مَنْ يدري - إلى iiأولادِهِ يَوماً تَذكَّرَ صُورتي iiفَبكاني
وَعلى الجِدارِ الصُّلبِ نافذةٌ iiبها معنى الحياةِ غليظةُ iiالقُضْبانِ
قَدْ طالَما شارَفْتُها مُتَأَمِّلاً ii في الثَّائرينَ على الأسى iiاليَقْظانِ
فَأَرَى وُجوماً كالضَّبابِ iiمُصَوِّراً ما في قُلوبِ النَّاسِ مِنْ iiغَلَيانِ
نَفْسُ الشُّعورِ لَدى الجميعِ وَإِنْ iiهُمُ و كَتموا وكانَ المَوْتُ في iiإِعْلاني
وَيدورُ هَمْسٌ في الجَوانِحِ ما iiالَّذي بِالثَّوْرَةِ الحَمْقاءِ قَدْ iiأَغْراني؟
أَوَ لَمْ يَكُنْ خَيْراً لِنفسي أَنْ أُرَى مثلَ الجُموعِ أَسيرُ في iiإِذْعانِ؟
ما ضَرَّني لَوْ قَدْ سَكَتُّ وَكُلَّما ii غَلَبَ الأسى بالَغْتُ في iiالكِتْمانِ؟
هذا دَمِي سَيَسِيلُ يَجْرِي iiمُطْفِئاً ما ثارَ في جَنْبَيَّ مِنْ iiنِيرانِ
وَفؤاديَ المَوَّارُ في نَبَضاتِهِ ii سَيَكُفُّ في غَدِهِ عَنِ iiالْخَفَقانِ
وَالظُّلْمُ باقٍ لَنْ يُحَطِّمَ قَيْدَهُ ii مَوْتي وَلَنْ يُودِي بِهِ iiقُرْباني
وَيَسيرُ رَكْبُ الْبَغْيِ لَيْسَ iiيَضِيرُهُ شاةٌ إِذا اْجْتُثَّتْ مِنَ iiالقِطْعانِ
هذا حَديثُ النَّفْسِ حينَ تَشُفُّ iiعَنْ بَشَرِيَّتي وَتَمُورُ بَعْدَ iiثَوانِ
وتقُولُ لي إنَّ الحَياةَ لِغايَةٍ ii أَسْمَى مِنَ التَّصْفيقِ iiِللطُّغْيانِ
أَنْفاسُكَ الحَرَّى وَإِنْ هِيَ iiأُخمِدَتْ سَتَظَلُّ تَعْمُرُ أُفْقَهُمْ iiبِدُخانِ
وقُروحُ جِسْمِكَ وَهُوَ تَحْتَ سِياطِهِمْ قَسَماتُ صُبْحٍ يَتَّقِيهِ iiالْجاني
دَمْعُ السَّجينِ هُناكَ في أَغْلالِهِ وَدَمُ الشَّهيدِ هُنَا سَيَلْتَقِيانِ
حَتَّى إِذا ما أُفْعِمَتْ بِهِما iiالرُّبا لم يَبْقَ غَيْرُ تَمَرُّدِ iiالفَيَضانِ
ومَنِ الْعَواصِفِ مَا يَكُونُ iiهُبُوبُهَا بَعْدَ الْهُدوءِ وَرَاحَةِ iiالرُّبَّانِ
إِنَّ اْحْتِدامَ النَّارِ في جَوْفِ الثَّرَى أَمْرٌ يُثيرُ حَفِيظَةَ iiالْبُرْكانِ
وتتابُعُ القَطَراتِ يَنْزِلُ بَعْدَهُ ii سَيْلٌ يَليهِ تَدَفُّقُ iiالطُّوفانِ
فَيَمُوجُ يقتلِعُ الطُّغاةَ مُزَمْجِراً ii أقْوى مِنَ الْجَبَرُوتِ iiوَالسُّلْطانِ
أَنا لَستُ أَدْري هَلْ سَتُذْكَرُ iiقِصَّتي أَمْ سَوْفَ يَعْرُوها دُجَى iiالنِّسْيانِ؟
أمْ أنَّني سَأَكونُ في iiتارِيخِنا مُتآمِراً أَمْ هَادِمَ iiالأَوْثانِ؟
كُلُّ الَّذي أَدْرِيهِ أَنَّ تَجَرُّعي ii كَأْسَ الْمَذَلَّةِ لَيْسَ في iiإِمْكاني
لَوْ لَمْ أَكُنْ في ثَوْرَتي مُتَطَلِّباً ii غَيْرَ الضِّياءِ لأُمَّتي لَكَفاني
أَهْوَى الْحَياةَ كَريمَةً لا قَيْدَ لا ii إِرْهابَ لا اْسْتِخْفافَ iiبِالإنْسانِ
فَإذا سَقَطْتُ سَقَطْتُ أَحْمِلُ iiعِزَّتي يَغْلي دَمُ الأَحْرارِ في iiشِرياني
أَبَتاهُ إِنْ طَلَعَ الصَّباحُ عَلَى iiالدُّنى وَأَضاءَ نُورُ الشَّمْسِ كُلَّ iiمَكانِ
وَاسْتَقْبَلُ الْعُصْفُورُ بَيْنَ iiغُصُونِهِ يَوْماً جَديداً مُشْرِقَ iiالأَلْوانِ
وَسَمِعْتَ أَنْغامَ التَّفاؤلِ ثَرَّةً ii تَجْري عَلَى فَمِ بائِعِ iiالأَلبانِ
وَأتى يَدُقُّ- كما تَعَوَّدَ- بابَنا ii سَيَدُقُّ بابَ السِّجْنِ جَلاَّدانِ
وَأَكُونُ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ مُتَأَرْجِحَاً ii في الْحَبْلِ مَشْدُوداً إِلى iiالعِيدانِ
لِيَكُنْ عَزاؤكَ أَنَّ هَذا الْحَبْلَ iiما صَنَعَتْهُ في هِذي الرُّبوعِ iiيَدانِ
نَسَجُوهُ في بَلَدٍ يَشُعُّ حَضَارَةً ii وَتُضاءُ مِنْهُ مَشاعِلُ iiالْعِرفانِ
أَوْ هَكذا زَعَمُوا! وَجِيءَ بِهِ iiإلى بَلَدي الْجَريحِ عَلَى يَدِ iiالأَعْوانِ
أَنا لا أُرِيدُكَ أَنْ تَعيشَ مُحَطَّماً ii في زَحْمَةِ الآلامِ iiوَالأَشْجانِ
إِنَّ ابْنَكَ المَصْفُودَ في أَغْلالِهِ ii قَدْ سِيقَ نَحْوَ الْمَوْتِ غَيْرَ iiمُدانِ
فَاذْكُرْ حِكاياتٍ بِأَيَّامِ الصِّبا ii قَدْ قُلْتَها لي عَنْ هَوى iiالأوْطانِ
وَإذا سَمْعْتَ نَحِيبَ أُمِّيَ في iiالدُّجى تَبْكي شَباباً ضاعَ في iiالرَّيْعانِ
وتُكَتِّمُ الحَسراتِ في iiأَعْماقِها أَلَمَاً تُوارِيهِ عَنِ iiالجِيرانِ
فَاطْلُبْ إِليها الصَّفْحَ عَنِّي إِنَّني لا أَبْتَغي مِنَها سِوى iiالغُفْرانِ
مازَالَ في سَمْعي رَنينُ iiحَديثِها وَمقالِها في رَحْمَةٍ iiوَحنانِ
أَبُنَيَّ: إنِّي قد غَدَوْتُ عليلةً ii لم يبقَ لي جَلَدٌ عَلى iiالأَحْزانِ
فَأَذِقْ فُؤادِيَ فَرْحَةً بِالْبَحْثِ iiعَنْ بِنْتِ الحَلالِ وَدَعْكَ مِنْ iiعِصْياني
كانَتْ لها أُمْنِيَةً رَيَّانَةً ii يا حُسْنَ آمالٍ لَها iiوَأَماني
وَالآنَ لا أَدْري بِأَيِّ جَوانِحٍ ii سَتَبيتُ بَعْدي أَمْ بِأَيِّ iiجِنانِ
هذا الذي سَطَرْتُهُ لكَ يا أبي ii بَعْضُ الذي يَجْري بِفِكْرٍ iiعانِ
لكنْ إذا انْتَصَرَ الضِّياءُ وَمُزِّقَتْ بَيَدِ الْجُموعِ شَريعةُ iiالقُرْصانِ
فَلَسَوْفَ يَذْكُرُني وَيُكْبِرُ iiهِمَّتي مَنْ كانَ في بَلَدي حَليفَ هَوانِ
وَإلى لِقاءٍ تَحْتَ ظِلِّ عَدالَةٍ ii قُدْسِيَّةِ الأَحْكامِ iiوالمِيزانِ
وهذا ملف صوتي للقصيدة
بسم الله
ولا تنسوني من صالح الدعاء
وصلي الله وسلم وبارك علي المصطفي وآله وصحبه وإخوانه أجمعين
