تحقيق من جريدة الأهرام:
للمرة الثانية خلال عام واحد, تصاب شبكة الإنترنت بمصر بهبوط مفاجئ في القلب, مما أدي إلي تعطل خدماتها, وفي كل مرة كان سبب العطل واحدا, هو انقطاع الكابلات البحرية التي تصل مصر ودولا أخري بشبكة الإنترنت العالمية, ولكن المشكلة هذه المرة أكثر تأثيرا, حيث انقطعت3 كوابل بحرية هي فلاج وسي.مي.وي.فور وسي.مي.وي.ثري في حين حدث العطل في يناير الماضي بسبب انقطاع كابلين فقط هما الأول والثاني. واعلن الدكتور طارق كامل وزير الاتصالات عن تشكيل مجموعة عمل من وزارة الاتصالات وبعض الجهات مثل المصرية للاتصالات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وبعض شركات تقديم خدمات الانترنت يرأسها الوزير بنفسه تعمل علي مدار اليوم كله لمتابعة آثار القطع في الكوابل البحرية والعمل علي توفير مسارات بديلة اضافية وتشمل: الاتصال بمنظمة ميكما العالمية المتخصصة في اصلاح الكابلات البحرية للتوجه لمكان العطل بالتعاون مع الشركات العالمية المالكة لهذه الكابلات لبدء اجراءات اصلاح العطل حتي تعود الخدمة لمستواها الطبيعي والمساعدة في توجيه حركة الانترنت الي مسارات بديلة جنوبا بعيدة عن منطقة البحر المتوسط عن طريق مدينة السويس الي جنوب شرق آسيا أو عن طريق الأقمار الصناعية وتشغيل مراكز الاتصال حتي تفي بواجباتها تجاه عملائها في الخارج, وكذلك رفع كفاءة شبكة الانترنت من خلال السعات الاضافية حتي تصل الي80% مساء اليوم.
ووضع أولويات بالنسبة للمؤسسات المهمة في الدولة ومن بينها شركات الطيران والبنوك والبورصة وغيرها من المؤسسات الخدمية القائمة اعمالها علي الانترنت وتلبية احتياجات هذه الجهات بدرجة مناسبة, فضلا عن متابعة عمليات الاصلاح في البحر المتوسط للكابلات حتي تنتهي تماما وذلك للبدء في اعادة تحميل الانترنت لمساراتها الاصلية.
يقول الدكتور سمير شاهين أستاذ إن انقطاع ثلاثة كابلات مرة واحدة بالنسبة لنا عدد كبير حيث إن عدد الكابلات التي تتصل بها مصر محدود فيظهر التأثير, أما في حالة الدول المتصلة عن طريق عدد كبير من الكابلات فكون التأثر أقل,ويتم انقطاع الكابلات دائما قرب الشواطيء حيث تكون قريبة من سطح الأرض أما في أعماق البحار لاتتعرض هذه الكابلات للتلف أو الانقطاع حيث تكون علي أعماق سحيقة,والكابلات التي تم قطعها تابعة لأكثر من شركة,وهذه الكابلات مصنوعة من الفيبر وهي كابلات ضوئية والكابل به العديد من الشعيرات التي يمكنها حمل كمية كبيرة جدا من المعلومات التي ترسل كإشارات ضوئية عبر شعيرات من السيلكون,وهذه الشعيرات الرقيقة يتم وضعها داخل كابل مدرع بوسائل حماية قوية,حيث يظل أسفل البحر لسنوات طويلة علي أعماق كبيرة فيتم تغليفه وتدريعه بصلب لايصدأ ومواد مقاومة لجميع التغيرات البيئية والبحرية,كما أن الكابل محمي بطبقة طاردة للأسماك فتبتعد عن الكابل,ومع هذا التغليف تتعرض الكابلات للانقطاع والتلف بفعل البشر عن طريق الاصطدام بالسفن,أو نتيجة عواصف عنيفة. ويوضح أن معظم المسارات البحرية الدولية لمصر تأتي من ناحية الأسكندرية,ويشير إلي أن مصر مسار عالمي فبعض الكابلات البحرية المنتقلة من أسيا لأوروبا تأتي عن طريق السويس وتنتقل من فوق الأرض حتي الأسكندرية ومنها إلي أوروبا عبر البحر المتوسط ثم إلي أمريكا,فالسويس والأسكندرية من المدن المهمة في العالم والرئيسية في مجال الاتصالات,مصر مركز الاتصالات الرئيسي بين الشرق والغرب أي اليابان وبعض دول أسيا وأوروبا وأمريكا.
والمطلوب مستقبلا البحث عن مسارات اتصال عن طريق دمياط أو أي مدينة ساحلية لدول أخري غير إيطاليا,ليكون لدينا بدائل وعند تلف مسار أو كابل لا تتأثر خدمات الاتصال الأرضية بشدة,والاتصالات الأرضية بالكابلات البحرية غاية في الأهمية,وللعلم هذا الكابلات التي تم تدميرها لاتخص مصر بمفردها بل تشترك معها العديد من الدول,والاتصال يتم باتفاق دولي مع الشركات العالمية المسئولة عن هذه المسارات,ومن البدائل قنوات الاقمار الصناعية لكن الكابلات الأرضية أفضل بكثير لأن تكلفتها أقل وأكثر آمانا وسعتها كبيرة وتحمل كمية هائلة من المعلومات,والبيانات ذات الأحجام المهولة,لكن الأقمار الصناعية محدودة القدرة,كما أنه عند انتهاء عمرها الافتراضي تحتاج لقنوات بديلة كما تحدث فيها أعطال أيضا.
والألياف الضوئية يمكن إصلاحها وإعادة توصيلها لكن في البحار تحتاج لخبرة وتكنولوجيا معينة ويوجد مراكب مجهزة لهذا الغرض حيث تقوم بسحب الكابل من البحر وهي عملية فنية تتطلب خبرة ودقة,وهذا الوضع حدث منذ حوالي عامين وتم انقطاع كابلين بحريين,وهذه النوعية من الحوادث تحدث في كثير من دول العالم,وهناك دول تتأثر بشدة وأخري يكون التأير عليها محدودا وفقا لبدائل كل دولة وعدد المسارات,وهذه الكابلات استراتيجية لأن معظم الاتصالات الصوتية وكثير من الاتصالات المرئية والانترنت تتم عن طريقها,ويشير إلي أن بعض الجهات تكون آمنة ولها أساليب اتصال مختلفة ومعظم العمليات الحيوية في الدولة مؤمنة ولها شبكاتها الخاصة.
ويقول المهندس أشرف صلاح الدين خبير نظم الاتصالات والمعلومات إن هذه الكابلات البحرية تلعب دورا كبيرا في الارتباط شبكة الانترنت العالمية ونقلها بين دول وقارات العالم, وأن الضرر بهذه الكابلات قد ينشأ من سفن صيد الأسماك أو من الزلازل أو البراكين أو الأسماك أو قد تحدث بسبب احداث قطع متعمد من جانب بعض الجهات المعادية للدولة, أو لأسباب أخري مثل إلحاق خسائر اقتصادية بهذه الدول, أو ربما تكون المسألة صراعا بين شركات عالمية وبعضها للاستحواذ علي أكبر عدد من العملاء, وأنه في حالة حدوث ضرر لأحد الكابلات في المناطق الساحلية غير العميقة فان الكابل البحري يتم رفعه خارج الماء بواسطة رافعات خاصة واصلاحه علي سطح السفينة المنوط بها الاصلاح.
أما في حالة حدوث الضرر في كابل بحري علي عمق متوسط داخل مياه البحر فانه يتم انزال الفنيين في كبسولات خاصة تشبه الغواصات ليتم اصلاحه في موقعه, والاستعانة بروبوت آلي مصمم خصيصا لاجراء عمليات الاصلاح في الأعماق ويتم التحكم فيه من بعد من فنيي سفينة الاصلاح, وفي حالة حدوث الأضرار للكابلات في المناطق العميقة جدا تحت المحيط مثلا فإنه يتم قطع الكابل من جهتين ويتم تركيب وصلة جديدة بحيث تكون أطول من الوصلة المقطوعة ويتم وضعها علي شكل حرف.
واشار المهندس أشرف صلاح إلي أن سرعة نقل المعلومات في الكابلات البحرية ذات الجودة العالية جدا تصل إلي1.5 تيرابايت في الثانية, والانواع متوسطة الجودة تصل إلي40 جيجا بايت في الثانية, موضحا أن هذه الكابلات نظرا لأطوالها الكبيرة جدا فإنه يتم وضع مقويات للاشارة الضوئية التي تحمل المعلومات داخل هذه الكابلات في كل مسافة متساوية وعادة توضع هذه المقويات كل120 كيلو مترا تقريبا.
وهذه الكابلات عادة ما توضع تحت مياه البحر أو المحيط, وفي بعض الأماكن يتطلب الأمر مدها فوق اليابسة ويتم اتخاذ إجراءات لتغليف هذه الكابلات علي اليابسة حتي لا تتأثر سلبا بأي ظروف خارجية ولكيلا يتم العبث بها, وتتميز الكابلات التي توضع تحت مياه البحر والمحيط بأنها تيكون من عدد من الطبقات تحيط بكابل الألياف البصرية الناقل للمعلومات, وهذه الطبقات تتضمن اسلاكا حديدية مشدودة وماسورة من النحاس أوالامنيوم, وحاجز مضاد للمياه وأغلفة من البولي كربون, والبولي ايثلين وكلها لحماية هذه الكابلات في الاعماق, كما يوجد بهذه الكابلات مواد طاردة للأسماك المتوحشة.
ويقول محمد الباقر مدير عام شركة تليكونكت وعضو مجلس الادارة ان هناك مفاجأة حدثت بوقوع المشكلة مرتين في عام واحد وهو مالم يحدث في أي منطقة في العالم, وان مصر لديها خطة عمل لأن تصبح واحدة من أفضل الدول المصدرة لخدمات مراكز الاتصال والتعهيد, وهذه المراكز تعتمد اعتمادا كليا عند تقديم خدماتها لعملائها في خارج مصر علي شبكة الانترنت الدولية, حيث يتم تقديم هذه الخدمات من خلال البريد الالكتروني, وخدمات الاتصال الهاتفي عبر الانترنت وغيرها من الخدمات الأخري المتعلقة بالانترنت.. وهذه المراكز تقدم خدمات عابرة الحدود للغير هي خدمات تسويقية ودعم فني, ومالية لشركات في الخارج وعملائها, وحينما يحدث عطل مفاجئ بدون خطط بديلة لعلاج مثل هذه الحالات الطارئة, فإنه يهدد حجم التعاملات, والخدمات عابرة الحدود التي تؤديها مراكز الاتصال المصرية, كذلك انقطاع هذه الكابلات يؤدي إلي تأثير عكسي علي استثمارات الشركات الأجنبية داخل مصر ولذلك فإن الخطط البديلة للتواصل الدائم مع شبكة الانترنت عند حدوث مثل هذه الأزمات المفاجئة هو أمر ضروري وحتمي لدولة لديها هدف أن تفي صناعاتها التكنولوجية العابرة للحدود.
ويطالب عدد من الخبراء بأن تتضافر الجهود خلال الفترة المقبلة بين وزارة الاتصالات والجهات التابعة لها لانشاء بنية تحتية لا تتأثر بانقطاع الكابلات, سواء كان هذا الانقطاع نتيجة ظروف طبيعية أو متعمدة لأن حجم الآثار السلبية علي قطاعات عديدة من الدولة كبير جدا وطالبوا بأن يتم اتخاذ عدد من الاجراءات في المستقبل ومنها عدم الاعتماد علي حزمة واحدة من الكابلات تكون لها مسار مشترك, وانما يجب الاعتماد علي عدد أكبر من الكابلات المتفرقة في أماكن عديدة حتي إذا تأثر أحد أو جزء من هذه الكابلات لا يتأثر الباقي منها وأن يتم الاعتماد علي الكابلات المتجهة إلي الهند وآسيا في هذه المسارات البديلة وأن تكون هناك بدائل احتياطية سواء عبر الكابلات أو الاقمار الصناعية لاستيعاب تدفق البيانات الهائلة في مثل هذه الازمات واستضافة المواقع المصرية علي الانترنت داخل مصر ومن خلال شركات مصرية وذلك بدلا من استضافتها بالخارج حتي تكون هذه الواقع متاحة لمستخدمي الانترنت بمصر في حالة انقطاع الكابلات الدولية وإنشاء خوادم مركزية خاصة بنا داخل مصر للتراسل الفوري للبريد الالكتروني داخل الحدود الجغرافية المصرية, وحتي لا تتأثر حركة البريد الالكتروني بين مستخدمي الانترنت والجهات المصرية المختلفة بسبب انقطاع الانترنت.
المفضلات