هذه الأبيات لنزار قباني واكبت الانتفاضة الأولى التي وُصفت في حينه بانتفاضة "أطفال الحجارة"، وكان يصدق عليهم قوله "علّمونا".. فكيف وقد أصبح الأطفال الأبطال رجالا ونساء أبطالا!..



يا تلاميذ غزة علّمونا بعض ما عندكم فنحن نسينا
علّمونا بأن نكون رجالا فلدينا الرجال صاروا عجينا
علمونا كيف الحجارة تغدو بين أيدي الأطفال ماسا ثمينا
كيف تغدو دراجة الطفل لغما وشريط الحرير يغدو كمينا
كيف مصاصة الحليب إذا ما اعتقلوها تحوّلت سكينا
يا تلاميذ غزة لا تبالوا بإذاعاتنا ولا تسمعونا
اضربوا.. اضربوا بكل قواكم واحزموا أمركم ولا تسألونا
نحن أهل الحساب والجمع والطرح.. فخوضوا حروبكم واتركونا
إننا الهاربون من خدمة الجيش.. فهاتوا حبالكم واشنقونا
نحن موتى لا يملكون ضريحا.. ويتامى لا يملكون عيونا
قد لزمنا جحورنا وطلبنا منكم أن تقاتلوا التنينا
قد صغرنا أمامكم ألف قرن.. وكبرتم خلال شهر قرونا
يا تلاميذ غزة لا تعودوا لكتاباتنا ولا تقرؤونا
نحن آباؤكم فلا تشبهونا.. نحن أصنامكم فلا تعبدونا
نتعاطى القات السياسي والقمع ونبني مقابرا وسجونا
حررونا من عقدة الخوف فينا واطردوا من رؤوسنا الأفيونا
علمونا فن التشبث بالأرض ولا تتركوا المسيح حزينا
يا أحباءنا الصغار سلاما.. جعل الله يومكم ياسمينا
من شقوق الأرض الخراب طلعتم وزرعتم جراحنا نسرينا
هذه ثورة الدفاتر والحبر فكونوا على الشفاه لحونا
أمطرونا بطولة وشموخا واغسلونا من قبحنا.. اغسلونا
إن هذا العصر اليهودي وهم سوف ينهار لو ملكنا اليقينا
يا مجانين غزة ألف أهلا بالمجانين إن هم حررونا
إن عصر العقل السياسي ولى من زمان فعلمونا الجنونا
نزار فباني



.............