عجب الذنب
{ كل ابن آدم تأكل الأرض إلا عجب الذنب, منه خلق, وفيه يركب (سنن أبي داود) }
في عدد من الأحاديث النبوية الشريفة جاء ذكر "عجب الذنب" على أنه أصل العصعص الجزء من الجنين الذى يخلق منه جسده والذي يبقى بعد وفاته وفناء جسده ليبعث منه من جديد وقد أكد المصطفى صلى الله عليه وسلم أن جسده الإنسان يبلى كله فيما عدا "عجب الذنب" فإذا أراد الله تعالى بعث الناس أنزل مطرًا من السماء فينبت كل فرد من عجب ذنبه كما تنبت البقلة من بذرتها .

رواه مسلم كتاب الفتن وأشراط الساعة حديث رقم 5254 :

و حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ يَعْنِي الْحِزَامِي عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلَّ ابْنِ آدَمَ يَأكُلُهُ التُّرَابُ إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ *

وأيضًا في سنن النسائي كتاب الجنائز حديث رقم 2050 :

أخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ وَمُغِيرَةُ عَن أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : "كُلُّ بَنِي آدَمَ" وفي حديث مُغِيرَةَ : " كُلَّ ابْنِ آدَمَ يَأكُلُهُ التُّرَابُ إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ *

وأيضًا رواه أبو داود في كتاب السنة حديث رقم 4118 :

حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلَّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُ الأَرْضُ إِلا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ *

وأيضًا حديث رقم 7934

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ أَخْبَرَنَا وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ الأَرْضُ إِلا عَجْبَ الذَّنَبِ فَإِنَّهُ مِنْهُ خُلِقَ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ *

وأيضًا حديث رقم 9163 :

حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَبْلَى وَيَأْكُلُهُ التُّرَابُ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ *

وأيضًا حديث رقم 10072 :

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُجَمِّعٍ أَبُو الْمُنْذِرِ الْكِنْدِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الْهَجَرِيُّ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْلَى كُلُّ عَظْمٍ مِنِ ابْنِ آدَمَ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ وَفِيهِ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ *

وأيضًا حديث رقم 10073 :

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنِ الْهَجَرِيِّ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْإِنْسَانِ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ وَفِيهِ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ *

وأيضًا حديث رقم 10800 :

وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَأْكُلُ التُّرَابُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الإِنْسَانِ إِلا عَجْبَ ذَنَبِهِ قِيلَ وَمِثْلُ مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْهُ تَنْبُتُونَ *

ورواه الإمام مالك في الموطأ كتاب الجنائز حديث رقم 503 :

وحَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ إِلا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ *

ومن هذه الأحاديث العديدة: روى أبو هريرة t عن رسول الله صلىالله عليه وسلم قوله:

(1) "كل ابن آدم تأكل الأرض إلا عجب الذنب, منه خلق, وفيه يركب" (البخاري, أبو داود, النسائي, أحمد, ابن ماجه, ابن حبان, مالك).

(2) وفي رواية لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه, قيل: وما هو يا رسول الله؟ قال: مثل حبة خردل منه نشأ".

(3) وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة نصًا مثله , جاء فيه : "كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب, منه خلق, ومنه يركب".

(4) وفي لفظ آخر له جاء هذا النص : "وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظمًا واحدًا هو عجب الذنب, ومنه يركب الخلق يوم القيامة ".

(5) وفي لفظ آخر لمسلم كذلك جاء هذا النص: "إن في الإنسان عظمًا لا تأكله الأرض أبدًا, فيه يركب يوم القيامة. قالوا: أي عظم هو يا رسول الله؟ قال: عجب الذنب".

(6) وفي لفظ ثالث لمسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليو وسلم : "ما بين النفختين أربعون" قالوا: يا أبا هريرة, أربعون يومًا؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون شهرًا؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت. قال: ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون, كما ينبت البقل" . قال: "وليس من الإنسان شيء إلا يبلى, إلا عظمًا واحدًا, وهو عجب الذنب, ومنه يركب الخلق يوم القيامة ".

ومعنى أبيت في كلام أبي هريرة هو "أبيت أن أجزم أن المراد أربعون يومًا, أو شهرًا , أو سنة, بل الذي أجزم به أنها أربعون مجملة" وقد جاءت أربعون سنة مفصلة في قول للنووي .

رواه مسلم في صحيحه كتاب الفتن وأشراط الساعة حديث رقم 5255 :

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ فِي الإِنْسَانِ عَظْمًا لا تَأْكُلُهُ الأَرْضُ أَبَدًا فِيهِ يُرَكَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالُوا أَيُّ عَظْمٍ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ عَجْبُ الذَّنَبِ *

رواه مسلم في صحيحه كتاب الفتن وأشراط الساعة حديث رقم 5253 :

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ قَالُوا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ أَبَيْتُ قَالُوا أَرْبَعُونَ شَهْرًا قَالَ أَبَيْتُ قَالُوا أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَبَيْتُ ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ قَالَ وَلَيْسَ مِنَ الإنْسَانِ شَيْءٌ إِلا يَبْلَى إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ *

وأيضًا رواه البخاري في صحيحه كتاب تفسير القرآن حديث رقم 4554 :

-حَدَّثَنِى مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ أَبَيْتُ قَالَ أَرْبَعُونَ شَهْرًا قَالَ أَبَيْتُ قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَبَيْتُ قَالَ ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ لَيْسَ مِنْ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلا يَبْلَى إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وواضح الأمر أن بلى الأجساد حكم عام يستثنى منه أجساد كل من الأنبياء والشهداء وكل مؤذن محتسب كما ذكر ابن حجر انطلاقًا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وهذه الأحاديث النبوية الشريفة تحتوي على حقيقة علمية لم تتوصل العلوم المكتسبة إلى معرفتها إلا منذ سنوات قليلة , حين أثبت المتخصصون في علم الأجنة كما أشار الأخ الدكتور / محمد علي البار ( في بحث مستفيض) أن جسد الإنسان ينشأ من شريط دقيق للغاية يسمى باسم "الشريط الأولى" الذي يتخلق بقدرة الخالق سبحانه وتعالى في اليوم الخامس عشر من تلقيح البويضة وانغراسها في جدار الرحم, وإثر ظهوره يتشكل الجنين بكل طبقاته وخاصة الجهاز العصبي وبدايات تكون كل من العمود الفقري, وبقية أعضاء الجسم؛ لأن هذا الشريط الدقيق قد أعطاه الله تعالى على تحفيز الخلايا على الانقسام , والتخصص والتمايز, والتجمع في أنسجة متخصصة, وأعضاء متكاملة في تعاونها على القيام بكافة وظائف الجسد.

وثبت أن هذا الشريط الأولي يندثر فيما عدا جزء يسير منه (أصل العصعص), يبقى في نهاية العمود الفقري (أو الفقرة المعروفة باسم العصعص), وهو المقصود بـ "عَجْب الذنب" وجمعه أذناب, في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . وإذا مات الإنسان يبلى جسده كله إلا عجب الذنب الذي تذكر أحاديث رسول الله أن الإنسان يعاد خلقه منه, بنزول مطر خاص من السماء, ينزله ربنا تبارك وتعالى وقت أن يشاء من عجب ذنبه, كما تنبت النبتة من بذرتها . وقد أثبتت مجموعة من علماء الصين في عدد من التجارب المختبرية استحالة إفناء عجب الذنب (نهاية العصعص) كيميائيًا بالإذابة في أقوى الأحماض, أو فيزيائيًا بالحرق, أو بالسحق, أو بالتعريض للأشعات المختلفة, مما يؤكد صدق حديث المصطفى , الذي يعتبر معجزة علمية سابقة لكافة العلوم المكتسبة بألف وأربعمائة سنة على الأقل .

وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال مهم مؤداه : لماذا تعرض المصطفى صلى الله عليه وسلم لقضية علمية غيبية كهذه في زمن لم يكن لمخلوق علم بها ؟. ومن أين جاء هذا النبي الخاتم, والرسول الخاتم بهذا العلم لو لم يكن موصولاً بالوحي, ومعلمًا من قبل خالق السماوات والأرض؟.

وللإجابة على ذلك نقول: بأن الله تعالى يعلم بعلمه المحيط أن الإنسان سوف يصل في يوم من الأيام إلى معرفة مراحل الجنين, وسوف يستبين دور الشريط الأولي الذي من بقاياه عجب الذنب في تخليق جسد الجنين, فألهم خاتم أنبيائه ورسهل النطق بهذه الحقيقة ليبقى فيها من الشهادات على صدق نبوته, وصدق رسالته, وصدق تلقيه عن الخالق سبحانه وتعالى ما يبقى دائمًا لكل زمان ولكل عصر, ولما كان زماننا قد تميز بقدر من الكشوف العلمية, والتطورات التقنية التي لم تتوفر – فيما نعلم – لزمن من الأزمنة السابقة, فإن مثل هذه الإشارات العلمية في كل من كتاب الله وسنة رسولهصلى الله عليه وسلم تبقى لغة العصر وخطابه, وأسلوب الدعوة إلى دين الله الخاتم الذي لا يرتضي من عباده دينًا سواه, فلا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرًا لهذه الحقيقة العلمية من قبل ألف وأربعمائة سنة غير وحي صادق من الله الخالق ...!!. فسبحان الذي خلق فأبدع, وعلم فعلم, وأوحى إلى خاتم أنبيائه ورسله بالحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلى يوم الدين .

نقلا عن: الاعجاز العلمي في القران الكريم والسنة النبويه الشريفه للدكتور زغلول النجار