رام الله كسرتنا وغزة جبرتنا
قبل قليل أنهيت كتابة روايتي لما حدث في رام الله يوم أمس الجمعة من اعتداء رجال الأمن وشباب أحد التنظيمات الفلسطينية المعارضة لحركة حماس على المتظاهرين الذين خرجوا من مسجد البيرة الكبير للاحتجاج على العدوان على غزة. ثم عدت وألقيت بأوراقي وصوري جانبا كعادتي منذ عامين وخشيت مرة أخرى شرّ الفتن وغرف التحقيق. لقد خرجت يوم أمس الجمعة وكلي أمل وتفاؤل بأن تعود الحيوية إلى قلب رام الله وتزهر فيها كل ألوان الطيف الفلسطيني وأن تكف مظاهر الخوف والترقب المرعب لكل ما هو قادم وأن تكون رام الله على قدر ما يؤمل منها وعلى قدر ما فيها من خير. ولكني عدت منها مكسورة ليس بسبب عصي المعتدين على النساء ولا لأني كدت أختنق من الغاز المسيل للدموع ولا من الرذاذ المنوم الذي رُشَ على النساء ولكن لأن المشهد كان مخزيا. وإن كان اجتماع قادة من الفصائل الوطنية بعد المسيرة واستنكارهم لما حدث وتعهدهم بالدفاع عن الحريات وتكريس الوحدة الوطنية والتركيز على قضية غزة قد خفف من بشاعة الصورة.
وحدها غزة في هذا العالم الظالم تجبر الخاطر. الأحبة والأصدقاء في غزة اتصلوا بنا يسألون عنا وكأننا نحن تحت القصف لا هم. ويخبروننا أنهم بالفعل كما نشاهدهم على شاشة التلفاز صامدون واثقون ويد واحدة وأن الحديث عن الفئوية والأحزاب كان قبل العدوان على غزة وأما اليوم فهم على قلب رجل واحد، أفراد الأحزاب والتنظيمات يتقاسمون المهام في خدمة الوطن والأهالي يتجمعون معا لا يهمهم البنايات ولا الماديات المهم أن يحافظوا على بعضهم البعض والجيران يتبادلون ما بقي من طعام وأغطية ويجلسون معا عند تلفاز واحد يعمل على مولد كهربائي يرون صورنا في رام الله ويشكروننا لأننا ندعو لهم.
ربيحة علان علان