منقول

مفكرة الإسلام: روى شاهد عيان تفاصيل مجزرة قام بها جنود الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة تشهد على خلو قلوبهم من الرحمة أو الشفقة أو الإنسانية؛ حيث قتل الجنود طفله بدم بارد أمام عينيه وأصابوه وزوجته وأبناءه.
المواطن كمال عواجة في الأربعينيات من عمره، من سكان بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، يروي ما حل به وبعائلته ومنزله من فصول الجريمة الصهيونية التي شاهدها ونجا منها هو وبعض من أفراد أسرته.
يقول عواجة: "كنا في صباح يوم السبت نعد أنفسنا لتناول طعام الإفطار، وكنا نعلم أن قوات الاحتلال قد بدأت عدوانها البري على القطاع، ولكنا تجاهلنا الخطر المحدق بنا، كوننا أناسًا آمنين في منازلنا، فما هي إلا دقائق حتى باغتتنا قذيفة مدفعية أطلقتها دبابة صهيونية على منزلنا البسيط الكائن في بلدة العطاطرة شمال القطاع، الأمر الذي كان كافياً لتدمير المنزل على رؤوسنا، لكن بحمد الله خرجنا في بداية الأمر منه بسلام، أنا وزوجتي وأبنائي الثلاثة.
وتابع عواجة يقول: "بعد ذلك توجهت إلى حديقة لنا أمام المنزل، فبدأ جنود الاحتلال والقناصة الذين يعتلون المنازل المجاورة لنا، بإطلاق النار باتجاهنا، حيث أصيب ابني "إبراهيم" ابن التسعة أعوام برصاصة في بطنه، فانطلقت مسرعًا أنا ووالدته لإنقاذه، وقمت بحمله على يدي وانطلقنا به، مسرعين من المكان، فما كان من جنود الاحتلال إلا أن أطلقوا النار صوبنا، فأصبت أنا برصاصة في خاصرتي، فيما أصيبت زوجتي برصاصة في قدمها، ولم نتمكن بعدها من السير، أو الانتقال من المكان، فيما تمكن أبنائي الباقون من الهروب، وصراخهم يعلو على صوت الرصاصات المصوبة حولنا، واحتموا في ركام منزلنا المدمر.
وبعد أقل من دقائق كان عدد من جنود الاحتلال يحيطون بنا أنا وزوجتي وطفلي إبراهيم، فقاموا بإطلاق النار صوب طفلي، ما أدى إلى استشهاده على الفور، أما أنا فقد تظاهرت بالموت، فيما راحت زوجتي تصرخ، وهم حولها يضحكون، ويسخرون منا.
وتابع عواجة: "بعد ساعة من عملية إطلاق النار علينا، كان طفلي قد انتقل إلى ربه، فيما زوجتي وأنا ننزف من جراحنا، إلا أن جنود الاحتلال لم يكتفوا بهذا المشهد، وقام عدد من القناصة الموجودين أعلى المنازل المجاورة، بإطلاق النار صوب جثمان طفلي الصغير وهم يضحكون، ويتفوهون بعبارات لم أفهمهما، لكن ما فهمته أنهم كانوا يتبارزون فيما بينهم، ويلهون، ويحاول كل واحد منهم أن يصيب جثمان "ابني" إصابة مباشرة، وبعد ذلك كانت ساعات المساء قد حلت، وحاولت أنا وزوجتي الانسحاب من المكان بهدوء، فلجأنا إلى حيث يرقد أبنائي الآخرين بين ركام منزلنا، وبتنا ليلتنا في البرد القارص، واستطاع أحد أبنائي تضميد جراح أمه، بعد أن ربط قدمها النازفة، أما أنا فكانت عناية الله عز وجل كبيرة، حيث توقف نزيف الدم من جانبي، ولعل الأجواء الباردة ساعدت على ذلك.
أربعة أيام قضيناها على هذا الحال، لا طعام ولا شراب، وأجسادنا تنزف منها الدماء، والخطر يحيط بنا، كنا نشاهد الدبابات الصهيونية وهي تسير من حولنا، وكنا نسمع الانفجارات، وإطلاق النار كل ثانية ودقيقة.
وفي رابع يوم للعدوان البري، كانت رعاية الله سبحانه وإرادته هي الأكبر في أن ننجو من المكان بأمان، بعد أن جاءتنا امرأة تستقل "عربة" يجرها "حمار"، وقمنا بالصراخ عليها لكي تسمعنا، وعندما شاهدتنا، قامت بنقلنا إلى مكان توجد فيه "الإسعافات" التي نقلتنا إلى المستشفى، لتلقي العلاج، وعلمت حينها أن قوات الاحتلال كانت قد وافقت على فترة إطلاق النار ومدتها أربع ساعات، لتنتهي بذلك معاناتي أنا وعائلتي، وليبقى مشهد قتل طفلي "إبراهيم" شاهدًا على أبشع جرائم ترتكب بحق الإنسان في زمن تزعم فيه الدول الكبرى أنها تناضل من أجل الحرية، ورفع الظلم.