هيا بنا نُخطط لصيفنا هذا العام ونضع أهدافًا إيمانية نُزيد بها من رصيدنا الإيماني، وأهداف حياتية نطور بها من مهاراتنا وقدراتنا .. وإليك بعض الأفكار وكلٌ يقوم بها كما يناسبه ..
أولاً: الأهداف الإيمانية ..
1) تعاهد القرآن ..
فهو السبيل الذي سيوصلك لمحبة الله عز وجل، قال "أبشروا فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبدا"[رواه الطبراني وصححه الألباني]
حدد ورد يومي للقرآن ..قال رسول الله "من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف" [رواه الترمذي وصححه الألباني].. وبقراءتك للقرآن بتدبر قد تصل إلى سبعمائة ضعف { .. وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة: 261] ..
فاحرص على قراءة إحدى كتب التفسير المُيسرة .. مثل (تفسير السعدي، أو ابن كثير، أو أيسر التفاسير، أو زبدة التفاسير ) .. واكتب المعاني التي استوقفتك، لتفهم معاني الآيات وتستشعر جمالها فتتضاعف حسناتك ويطمئن قلبك وتغشاك الرحمة.
وضع برنامجًا لحفظ القرآن الكريم .. فعليك أن تلتحق بدار للتحفيظ أو الحفظ مع مجموعة، واحرص على حفظ أكبر قدر ممكن خلال هذه العطلة الصيفية والعمل بما حفظته .. فعن النبي أنه قال "يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها"[رواه الترمذي وصححه الألباني]
2) مدارسة الأسماء والصفات .. تدبّر أسماء الله تعالى وصفاته وتدارسها، لتدعوه بها وتتعرف بها على ربك سبحانه وتعالى .. فاحرص على أن تنتهي خلال هذه العطلة من مدارسة عشرون إسم أو أكثر من كتاب (النهج الأسمى في أسماء الله الحسنى) على سبيل المثال.
3) مدارسة العقيدة والفقة .. فتنتهي من قراءة كتاب مثل (منهاج المسلم )، بأن تقرأ 5 صفحات يوميًا فبذلك تكون قد حققت فرض العين الذي عليك في العلم الشرعي ... أو تنتهي من حفظ الأربعين النووية، كل يومين حديث .. أو الانتهاء من قراءة كتاب (رياض الصالحين)، فتكون قد عرفت مجموعة من أهم الأحاديث النبوية الشريفة.
4) حب النبي صلى الله عليه وسلم .. فلكي يزيد حبك للمصطفى ، عليك أن تقرأ سيرته من إحدى كتب السيرة المُبسطة مثل: كتاب (الرحيق المختوم) أو كتاب (السيرة النبوية وقائع وأحداث) للدكتور الصلابي، أو الإستماع لإحدى السلاسل التي تسرد أحداث السيرة النبوية وتدون المواقف التي يرقّ لها قلبك ..حتى تتعايش معها وتنهل من معين أخلاقه وروائع مواقفه .
5) ذكر الدار الآخرة .. معرفة صفات الجنة والنار لتسعى إلى الأولى وتتقي شر الثانية، وذلك من خلال قراءة أو الاستماع إلى إحدى سلاسل الدار الآخرة.
وأكثر من الدعاء بأن يُدخلك الله تعالى الجنة وأن يُجيرك من النار ..قال رسول الله "ما استجار عبد من النار سبع مرات إلا قالت النار يا رب إن عبدك فلانا استجار مني فأجره ولا سأل عبد الجنة سبع مرات إلا قالت الجنة يا رب إن عبدك فلانا سألني فأدخله الجنة"[صحيح الترغيب والترهيب (3653)]
6) عبادة التفكر ..تأمل في ملكوت الله وخلقه .. قال تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[آل عمران: 190,191].. ليزداد يقينك بعظمة الخالق سبحانه وتعالى وقدرته، فتزداد قدرتك على مواجهة الشُبهات والإفتراءات التي تُحيط بنا في كل مكان.


ثانيًا: الأهداف التعبدية .. فعلى كل مسلم أنيبحث عن جوانب التقصير في عباداته ويعمل على تصحيحها وتحسينها، والصيف فرصتك كي تُصلِّح علاقتك بالله عز وجل ولتستعد لرمضان هذا العام ..
1) الصلاة على وقتها .. وبالأخص صلاة الفجر، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال سألت رسول الله أي العمل أحب إلى الله قال"الصلاة على وقتها"[متفق عليه]
2) قيـــــام الليــــل ..اغتنم على الأقل ركعتين كل ليلة، كي لا تُكتب من الغافلين والصيف وقت غفلة .. قال رسول الله "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين" [رواه أبو داوود وصححه الألباني] .. وقال "عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات"[صحيح الجامع (4079)]
3) الإكثــــار من الذكر ..لابد أن تُحدد ورد يومي للاستغفار والصلاة على النبي والتسبيح والتهليل، فالذكر من أيسر العبادات وسببًا في مضاعفة الحسنات .. ولكي تكون في حرز من الشيطان عليك بهذا الذكر، قال رسول الله "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه"[متفق عليه]
4) صدقة السر .. كي تُحصِّنك من عذاب الله الذي قد يحِلّ بسبب إجتماع الناس على المعاصي في زمن الصيف، قال "إن صدقة السر تطفىء غضب الرب تبارك وتعالى" [رواه الطبراني وحسنه الألباني]
ثالثًا: الأهداف الدنيوية .. فالعلم ليس قاصرًا فقط على العلوم الدينية، بل لابد أن تُنمي مهاراتك في جميع المجالات ..
1) وسِّع دائرة ثقافتك .. كثرة القراءة في مجال تخصصك إلى جانب مجالات أخرى، فالمسلم الملتزم الداعي إلى الله هو من قطف من كل بستان زهرة ليوسع مداركه ويخاطب كل واحد بلغته.
فاحرص على المطالعة في العلوم الإنسانية .. كعلم النفس وعلم الإدارة والإجتماع .. لإنها ستُفيدك في معرفة شخصيات الآخرين، كي تتمكن من دعوتهم وكلنا دعاة إلى الله تعالى.
2) تنمية المهارات وتطوير الذات .. خذ دورات تدريبية لتنمي بها إمكانياتك في شتى المجالات، ومنها: اللغات، برامج الحاسب، التصميم، مهارات الإلقاء، التربية بالإيمان، فن الدعوة .. فيجب أن تتقن هذه المهارات كي تتمكن من الدعوة إلى الله عز وجل من خلالها وتنفع بها أمتك.


رابعًا: الأهداف الإجتماعية ..
1) احرص على صلة الرحم وبرّ الوالدين .. فهي من أعظم أسباب تكفير الذنوب والفوز بالجنة، قال "..إن أعجل البر ثوابا لصلة الرحم"[رواه ابن حبان وحسنه الألباني]
2) واظب على زيارة المرضى .. كل شهر إن لم يكن كل أسبوع، قال رسول الله "من عاد مريضا خاض في الرحمة فإذا جلس عنده استنقع فيها"[رواه أحمد وصححه الألباني]
3) لا تنسى إخوانك المسلمين الُمعذبين في الأرض من الدعـــاء ..
4) شارك في الأعمال الخيرية .. كالمشاركة في التحضير لحقائب رمضان، المساهمة في معهد تحفيظ قرآن، سقي الماء للناس، توزيع الشرائط والكُتيبات .. قال "صنائع المعروف تقي مصارع السوء.."[رواه الطبراني وحسنه الألباني]


ولا ننسى الترفية .. فديننا ليس دين تشدد بل قد جمع بين الجِد واللعب، وعلى المسلم أن يحرص على الموازنة بين الأمرين ... قال رسول الله "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة"[رواه البخاري]
فاجعل سفرك في طاعة الله .. لا بأس من السفر إذا كان إلى مكان بعيد عن الفتن والمعاصي التي تحدث في المصايف، فرؤية السماء والبحار وسائر المناظر الطبيعية تجعلك تتفكّر في خلق الله تعالى وتملأ قلبك بالإيمان.
وبالنسبة للشبــاب .. بإمكانهم الترويح عن أنفسهم عن طريق ..
ممارسة جميع أنواع الرياضة .. سواء في صالات الألعاب الرياضية أو عقد مباريات مع الأصدقاء .. ولكن أفعلها بنية أن تتقوى وتكون سببًا في نصرة دينك، النبي قال "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف .." [رواه مسلم] .. ولا يفتّر لسانك عن ذكر الله أثناء ممارستك للرياضة، كي تكون في عبادة دائمة لله تعالى.
ولا بأس من الألعاب الإلكترونية .. إذا كانت تدفع للتفكير وتنمية مهارات الذكاء، لكن بشرط ألا تحتوي على مخالفات شرعية وألا تكون سببًا في ضياع الوقت أو تضييع الواجبات ..
التنزة والرحلات .. كعمل رحلات سفاري في الصحراء أو رحلات الصيد .. وأعظم رحلة تقوم بها في حياتك، هي الذهاب إلى أشرف بقاع الأرض لأداء العمرة.
والفتيـــات ..بإمكانهن الترويح عن أنفسهن من خلال ..
1) المشاركة في الأعمال الخيرية ..
2) القراءة ومطالعة ما يُفيد ..
3) تصفح المواقع المفيدة على الإنترنت، مع إستغلاله في الدعوة إلى الله تعالى ..
4) تعلُم مهارات جديدة، كالتصميم وفن الديكور ..
5) ممارسة الرياضة ..
6) الإجتماع مع الصديقات، ولكن بشرط عدم الخوض في الغيبة والنميمة ..
7) التنزة مع العائلة، بشرط البُعد عن الإختلاط ..


هذه وصفة لتمضية أحلى صيف، تفنن في تطبيقها واضف إليها لمسة من إبداعك ..
مارس جميع هواياتك بعيدًا عن المعاصي والفتن .. دعك من الحياة الروتينية المملة واستمتع بإجازتك الصيفية فيما يُرضي الله عز وجل ..
تقرَّب إلى ربك سبحانه وتعالى أكثر في هذا الصيف، وعوِّض جميع ما فاتك ..

النبي قال "ما طلعت شمس قط إلا بعث بجنبتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين يا أيها الناس هلموا إلى ربكم، فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى" [رواه أحمد وصححه الألباني]
فيأيها الشبــــاب، هلمّوا إلى ربكم ..
نسأل الله تعالى أن يبارك لنا في هذا الصيف وأن يعيننا على حسن قضائه في طاعته،،