قد منّ الله علينا ببلوغنا هذا الشهر الفضيل، الذي هو بمثابة السُنّة القبلية لشهر رمضان .. وهذه نعمة عظيمة لا نستحقها، ولكنه سبحانه الوهــــاب الجوَّاد الكريم .. يُعطي لا لغرض ولا لعوض .. وهذا يستوجب منا وقفات ..
الوقفة الأولى: الشكر .. فينبغي أن نؤدي لله شكره على هذه النعمة .. فالهج بالحمد وكن لنعمة الله عليك في دينك أشكر منك لنعمة الله عليك في دنياك.
الوقفة الثانية:الخوف والوجَّل من عدم القبول .. قال تعالى {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}[المؤمنون: 60] .. فهذا شهرٌ تُرفَّع فيه الأعمال إلى الله عز وجل، ولكننا لا نعلم متى تُرفع .. والحكمة في إخفاء وقت رفع الأعمال، حتى تظل مُقيم على طاعة الله ويكون قلبك وجِّل خائف أن تُرفع سيئاتك وألا تُقبَّل طاعاتك .. استحضر شريط الذكريات من شعبان الماضي إلى الآن، تذكر ذنوبك وكيف سيكون موقفك يوم القيامة ..
الحق الآن وجدد توبتك،من الممكن أن يُرفَّع العمل وأنت على هذا الحال فُيغفر ذنبك وتؤجر وتكون عند الله بالمنزلة .. ولتُكثر من سؤال الله أن يقبل عملك.
الرسول قال "وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم"[رواه النسائي وحسنه الألباني] .. فليكن أغلب حالك هو الصيـــــــــام في هذا الشهر .. ولكن ماذا إن كان هناك ما يمنعك من الصيام؟ ..

كيــــف تُحــب أن يُرفَّــع عملك؟
أحب أن يُرفَّع عملي وأنا تــــــــــــائب .. فجددتوبتككليوموفيكلنهار، حتى يُرفَّععملكوقلبكتائبمُنكسرشاعربمدىجُرمك.
قالالحسن "إنالرجليُذنبالذنبفلاينســــــــاهومايزالمُتخوّفاًمنهحتىيُدخلههذاالذنبالجنّة" .. خوفـك ووَجَــــــــــلك منهذاالذنبوتجديدكللتوبةمنه، من الممكنأنيكونسببًالدخولكالجنة.
وقالأحمدبنعاصم"هذهغنيمةٌباردة؛اصلِحمابقىمنعُمرِِكيُغفّرلكمـــامضـــىمنذنبك"
أحب أن يُرفَّععملي وأنا ذاكر ..فمن علامات القبول كما ذكر ابن القيم في طريق الهجرتين؛ أن يوفق العبد لذكر الله فور إستيقاظه من النوم، فهذا معناه أن قلبه قد بات يقظان غير غافل .. فلتحرص أن يكون آخر ما تفعله قبل أن تُرفع روحك حال النوم هو الذكر، حتى تُرد روحك بالذكر.
كما أن الذكر يرفع الأعمال وهو أسهل العبادات على الإطلاق .. قال أعرابيًا لرسول الله :إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأنبئني منها بشيء أتشبث به، قال "لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل"[رواه ابن ماجه وصححه الألباني]
أحبأنيُرفَّععمليوأناشاكرغير جاحد .. فكلما أسدى إليك الكريم نعمة، كان حقها منك: حيـــــاء وشُكر، وحيـــاء وحب .. فقد أنعم عليك رُغم تقصيرك وعصيانك وإنشغالك بغيره، فتستحي منه سبحانه .. وعندما يستفيض عليك بنعمة قد تمنيتها كثيرًا، فلا تنشغل بصورة النعمة عمن أنعم بها عليك .. وإنما ترى في النعمة ربك الأكرم، فتزداد حبًا له لا للنعمة.
أحب أن يُرفَّع عملي وأنا مُتحبب مُتودد إلى الله تعالى .. اعترف له بتقصيرك، وسلّه أن يقبلك على ما بك من عيوب .. فتتودد له في سجودك، في خلوتك، في كل حين .. {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}[مريم: 96]
أحب أن يُرفَّع عملي وأنا عبد ذليــــل خاضعمُنكسر فقير ..ومعنى الفقر كما قال ابن القيم هو "ألاتجدلنفسكشيئًا".. فتكون كل أعمالك لله وحده، دون أن يكون لنفسك حظًا فيها.
نسأل الله أن يُبارك لنا في شعبان، وأن تُرفع أعمالنا فيه مقبولة غير مردودة، وأن تُرفعأعمالناونحنعلىمايُحبمناويرضــــاه،،
المصادر:
درس "كيف سُيرفع عملك؟" لفضيلة الشيخ هاني حلمي.