بقلم بلال فضل ١٠/ ٨/ ٢٠٠٩يستحيل أن تنتظر الصدق من إنسان قضى حياته كلها فى صناعة الأكاذيب.
كادت آخر أكاذيب سيد القمنى أن تنطلى على الناس عندما خرج عليهم الأربعاء الماضى ببيان يضع فيه أخيرا حدا لصمته المريب على كل ما أثير من لغط حول شهادة دكتوراته المزورة، وبعد أن ظل سنوات يقول إنه حصل على الدكتوراه من جامعة أمريكية بالمراسلة، ثم قال قبل أيام فى حوار لصحيفة الوفد إنه حصل عليها من الكويت، ثم بعد أن سخر الله له من يضع أكاذيبه تحت المجهر ويفضح حقيقة الجامعة الأمريكية التى ادعى أنها منحته الدكتوراه، توصل القمنى المُحاصَر بالحقيقة إلى تخريجة جديدة وهى أنه ياعينى لم يكن يعلم أن هذه الجامعة تمنح درجات مزورة، لكى يلعب دور المخدوع المفترى عليه، لكنه نسى أهم قاعدة كان عليه أن يضعها نصب عينيه «إذا كنت كذوبا فكن ذكورا».
بعد نشر بيان القمنى اتصل بى شخص محترم يعمل فى جهاز رفيع من أجهزة الدولة، وتطوع حضرته بتقديم ماوصفه بأنه «شهادة أمام الله»، حيث روى لى كيف تعرف على سيد القمنى أثناء إعارته إلى دولة الكويت فى منتصف ثمانينيات القرن الماضى، وكان القمنى يعمل وقتها مدرسا للفلسفة بالكويت، وبرغم اختلافهما فى كثير من الآراء إلا أن الغربة ربطتهما بصداقة مع عدد من المصريين العاملين هناك.
ويروى الشاهد كيف شعر القمنى بالضيق لأن الدكتور فؤاد زكريا رفض له محاولتين للتسجيل للحصول على الدكتوراه من جامعة الكويت التى كان يُدرِّس فيها، وكيف نصح أحد الأصدقاء الكوايتة القمنى بالحصول على الدكتوراه من جامعة أمريكية تقوم ببيع شهادات علمية لمن يقدر على دفع ثمنها الذى لا يتجاوز مائتى دولار زائد نفقات سفر مندوب الجامعة للتفاوض مع المشترى وتحديد مواصفات الشهادة التى يرغب فيها وتسليمها له، وقام القمنى بالفعل بمراسلة الجامعة واتفق على كل التفاصيل.
ويحكى الشاهد أنه حضر لقاء القمنى بالأمريكى الذى حضر إلى الكويت مندوبا عن الجامعة وتمت عملية البيع أمامه، ورأى القمنى كان شديد السعادة بالشهادة حتى إنه عزم الشاهد وآخرين على تورتة احتفالا بـ «حصوله على الدكتوراه!»، وعندما سأله عن الذى يجعله يلجأ إلى هذا الأسلوب للحصول على الدكتوراه قال له القمنى «بكره تشوف الدال نقطة دى هاعمل بيها أحلى شغل»، بعدها تقطعت السبل بالاثنين، وفوجئ الشاهد المحترم بالجدل المثار حول دكتوراه القمنى الذى ظن القمنى أنه سينهيه بادعاء عدم معرفته بكون الجامعة الأمريكية محترفة شهادات مزورة، فقرر أن يقول شهادته لوجه الله.
الآن وبعد أن نشرت هذه الشهادة التى طلب منى صاحبها ألا أذكر اسمه فى الصحف، لأن شهادته ليس هدفها الظهور بل إظهار الحقيقة التى يعلمها ويعلم أن الله سيحاسبه عليها، وأنا الآن جاهز إذا أراد القمنى أن يقاضينى لكى نقف سويا أمام العدالة، ويقدم هو ماعنده، وأقدم أنا ماعندى، حينها سنطلب شهادة المجلس الأعلى للجامعات الذى يحتج القمنى بأنه منحه معادلة لشهادته، فى حين أن أمينة المجلس الدكتورة سلوى الغريب قالت لموقع «المصريون» إن المعادلة تتم بناء على الأوراق التى يتقدم بها الباحث على مسؤوليته، وحين يطلب أحد التحقيق فى الأمر ويثبت أن الشهادة صادرة عن جامعة مزورة يتم سحب المعادلة وإحالة المتقدم بالشهادة المزورة إلى النيابة، أمام النيابة أيضا سأقدم رسائل شخصية جاءتنى من عدد من أقارب القمنى وسأطلب شهادة عدد من أصدقائه السابقين من المثقفين المحترمين الذين كانوا يظنون به خيرا، وكل ذلك لم أنشره لأننى أعلنت من اللحظة الأولى أن اعتراضى ليس على أفكار القمنى أو شخصه بل على من منحوه الجائزة زورا وبهتانا.
أخيرا سأقدم رسائل وردتنى على بريدى الإلكترونى لم أنشرها لأنها وردتنى بصفة شخصية من عالمين كبيرين استشهد بهما القمنى فى بيانه على أنهما من المعجبين به وبإنجازه العلمى، وهما ليسا كذلك أبدا، وما منعهما من إعلان رأيهما الحقيقى فى القمنى هو ظنهما أن ذلك قد يخدم جهات متطرفة، وهو ما أخالفهما الرأى فيه، لأن المتطرفين دينيا لا سبيل لإرضائهم إلا باعتناق جميع آرائهم، وهو ما لايرضاه على نفسه أى صاحب فكر حر، لكن البديل لن يكون أبدا أن نترك مواجهتهم لأصحاب الأفكار المتطرفة علمانيا الذين يلجأون للتزوير واقتطاع النصوص، ونترك بلادنا تضيع فى المنتصف.
قلتها على الهواء فى برنامج الحياة اليوم، وأقولها الآن مجددا: أنا فى انتظارك أمام القضاء ياسيد قمنى. فهل تكون شجاعا وتفعلها؟.أرجوك خيب ظنى فيك.
المفضلات