غزة تعيش أزمة الفكة والأوراق المالية التالفة

**nidal9000** · 06-09-2009, 02:35

فوجئ الشاب عندما قدم له سائق سيارة الأجرة، التي كان يستقلها في قلب مدينة غزة قبل ترجله منها، قطعة بسكويت عوضا عن النصف شيكل الذي تبقى له من المبلغ الذي دفعه أجرة ركوبه السيارة. لكن الشاب الذي يعمل موظفا في إحدى الدوائر الحكومية، رفض أخذ القطعة وتنازل عن المبلغ الزهيد المتبقي. وقال أحمد الهدبان، السائق الذي يعمل في هذه المهنة منذ عقدين إنه نظرا لأزمة السيولة المالية وتحديدا نقص المصكوكات النقدية، فإنه يعوض زبائنه بقطع البسكوت في حال تبقى لهم لديه مبالغ في حجم وحدات العملة النقدية «الفكة» وتحديدا من فئة النصف شيكل. وأضاف إنه يشعر بالحرج لأن معظم الناس يرفضون تلقي قطع البسكويت ويسامحونه عن طيب خاطر، أو أنهم يرفضون تلقيها متبرمين. هذا المشهد يشي بالأزمة الخانقة، التي يعانيها الغزيون منذ الأشهر التي تفاقمت مؤخرا بشكل أصبح يمثل عبئا كبيرا على كاهل الناس في القطاع، حيث إن إسرائيل ترفض تحويل مبالغ من العملة من الشيكل للتداول في قطاع غزة، كأحد الوسائل المتبعة لإحكام الحصار على الغزيين. ولا تقتصر مقايضة النقد بالبضائع العينية على سائقي سيارات الأجرة، بل الأمر يتعداهم إلى جميع أصحاب المصالح التجارية والاقتصادية، الذين يضطر الناس للتعامل معهم. فالكثير من الناس أصبحوا يحرصون على شراء كمية من البضائع دفعة واحدة حتى لا يكون هناك مجال لمطالبة أصحاب المحال بـ«الفكة». وقال حسن القرعة، الذي يقطن منطقة بركة الوز وسط قطاع غزة، إنه عندما يتوجه لشراء حاجيات لمنزله وتحديدا خلال شهر رمضان، فإنه يحرص على شراء مواد بقيمة مائة شيكل، حتى لا تكون هناك حاجة للتسبب في إحراج له ولصاحب المحل التجاري. ومن ضحايا أزمة «الفكة» هم الصبية في شهر رمضان، إذ جرت العادة بالنسبة للكثير من العائلات أن تقوم بإعطاء أولادها النقود المعدنية في نهاية كل يوم صوم، لكي يتمكنوا من شراء ما يرغبون به بعد صوم يوم طويل وحار. وشرح أسامة أبو شرف، الذي يقطن معسكر المغازي لـ«الشرق الأوسط» أنه تعود على إعطاء كل واحد من أولاده الأربعة الصغار شيكلا يوميا، لكنه لم يعد يفعل ذلك، حيث إنه يمنح كل واحد منهم مبلغ عشرة شواكل كل عشرة أيام بسبب أزمة «الفكة».

وما يفاقم أزمة «الفكة» وتحديدا النقص الكبير في النقود المعدنية من فئة النصف شيكل، هو حقيقة أن بعض المصانع تقوم باستخدام هذه الوحدات النقدية المصنوعة من النحاس في صناعة الأدوات الكهربائية، حيث إن هناك نقص كبير في مادة النحاس. ويقوم أصحاب بعض المحال بصهرها واستخدامها في صناعة بعض الأدوات الكهربائية. ومن تجليات أزمة السيولة المالية أيضا هو انتشار الأوراق النقدية التالفة، حيث إنه لا يتم استبدال هذه الأوراق عبر البنوك كما كانت عليه العادة قبل فرض الحصار. فعلى سبيل المثال فإن معظم الأوراق النقدية من فئة العشرين والخمسين شيكلا هي تالفة، وهذا ما يؤثر بشكل كبير على حياة الناس ومعاملاتهم، حيث إن الكثير من أصحاب المحال التجارية يرفضون تلقي هذه الأوراق.

وقال حامد جاد، الخبير الاقتصادي إن نقص السيولة ناجم عن قرار إسرائيل رفض تحويل العملة للقطاع. وأشار جاد إلى أن البنوك العاملة في غزة كانت تقوم قبل فرض الحصار بنقل العملة التالفة لسلطة النقد، التي كانت تقوم بتحويلها إلى البنك المركزي الفلسطيني، الذي كان يقوم بجلب عملة بديلة بشكل منتظم. وأضاف أن نقل العملة للقطاع لا يتم حاليا إلا بعد تدخل دولي كثيف وعلى فترات متباعدة، موضحا أن الأمر مرتبط بشكل أساسي بقرار سياسي. وأضاف أن السماح بدخول السيولة المالية للقطاع مرتبط بالتوصل لصفقة تبادل أسرى والتوصل لاتفاق فلسطيني ينهي حالة الانقسام الداخلي.

ومازال الحصار مستمر.....