بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين. وصلى اللهوسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. وبعد

فقد رأيت في جريدة الرياض في الصفحة الرابعة منالعدد 3408 الصادر في يوم الأربعاء 8 شعبان 1396ه‍ تحت عنوان"مجنون يحكي وعاقل يفهم" وقد سمى الكاتب نفسه إبراهيم ولم يزد علىذلك. رأيت فيه ما نصه "أم ترى فرنجية يمسك بعصا موسى السحرية" انتهى المقصودمن كلامه

وأحب أن أنبه الكاتب خاصة وغيره منقراء الجريدة عامة إلى أن عصا موسى ليست بسحرية وإنما هي آية من آيات الله الكبرىوبرهان من الله تعالى على صدق نبيه موسى عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى فيسورة طه:{وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى. قَالَ هِيَعَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَامَآرِبُ أُخْرَى. قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى. فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌتَسْعَى. قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى. وَاضْمُمْيَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى. لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} وقال تعالى في سورة النازعات:{فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى. فَكَذَّبَ وَعَصَى} وقالتعالى في سورة النمل:{وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَاتَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لاتَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ. إِلا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَحُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَتَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَوَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} وقال تعالى في سورةالقصص:{وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّكَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلاتَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ. اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَمِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَبُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَأِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماًفَاسِقِينَ}.
فالله تبارك وتعالى جعل عصا موسى حية عظيمة تسعى حينألقاها موسى من يده. ثم أعادها الله تبارك وتعالى إلى حالتها الأولى عصا حين أخذهاموسى في يده والله على كل شيء قدير.

وقد قال الله تعالى:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْفَيَكُونُ}. وليست عصا موسى من قبيل السحر. والقول بأنها سحرية هو قول فرعونوملئه.قال الله تعالى في سورة الشعراء حاكيا قصة موسى معهم:{قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ. قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْكُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ. وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ. قَالَ لِلْمَلأِ حَوْلَهُإِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ. يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْبِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} وقال تعالى في سورة الأعراف:{قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَالصَّادِقِينَ. فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ. وَنَزَعَ يَدَهُفَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ. قَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَإِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ. يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْفَمَاذَا تَأْمُرُونَ} وقال تعالى في سورة النمل:{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌمُبِينٌ . وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاًفَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} وقال تعالى في سورةيونس:{فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُواإِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّاجَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ} وقال تعالى في سورةطه:{قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَابِسِحْرِكَ يَا مُوسَى فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ}الآية. وقالتعالى في سورة القصص:{فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآياتِنَابَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلا سِحْرٌ مُفْتَرىً وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِيآبَائِنَا الأَوَّلِينَ} وقال تعالى في سورة الأعراف:{وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَافَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}.

والقول بأن عصا موسى سحرية كفربإجماع أهل العلم لما فيه من تكذيب ما أخبر الله به عنها في سورة طه أنها صارت حيةتسعى. وما أخبر به عنها في سورة الأعراف والشعراء أنها صارت ثعبانا مبينا.

قال القاضي عياض في كتابه الشفاء: "اعلم أن من استخف بالقرآن والمصحف أوبشيء منه أو سبهما أو جحده أو حرفا منه أو آية أو كذب به أو بشيء مما صرح به فيه منحكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته على علم منه بذلك أو شك في شيء من ذلكفهو كافر عند أهل العلم بإجماع". انتهى.

فقد صرح بتكفير من كذب بشيء مماصرح به في القرآن من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته أو شك في شيء منذلك وأن ذلك إجماع أهل العلم. فلينتبه الكاتب وغيره لما ذكره القاضي عياض لئلا يقعأحد منهم في الكفر وهو لا يشعر.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آلهوصحبه.

كتبه /
حمود بن عبد الله التويجري
-
تَغَمَّدَهُ اللهُ بِرَحْمَتِِهِ -
22/8/1396
ه‍ـ


(( مجلة الجامعة الإسلامية )) -العدد 37- ص 143-144