طبعاً كلنا يعرف كم لاقى معالج Core i7 نجاحات هائلة على صعيد الأداء، فعلى الرغم من أنه أتى خلاصة أفكار كثيرة من AMD إلا أن Intel قامت باستخلاص تلك الأفكار وطبقتها بطريقة أكثر حداثة وعلى معمارية جديدة نسبياً بدل الاعتماد على تحديث معمارية سابقة، مما أدى لأداء عملاق لايمكن لأحد أن ينكره

ولكن من جهة أخرى لم يأتِ ذلك الأداء بدون ثمن، فقد شهدت منصة Core i7 أعلى الأسعار، طبعاً الأسعار الآن أقل عمّا كانت عليه، فذاكرات DDR3 انخفضت أسعارها لتصبح قريبة من أسعار ذاكرات DDR2 الآن، ومعالجات Core i7 نفسها صارت متوافرة بأنواع أكثر وبسعر ابتدائي أقل عمّا كانت عليه عند الإطلاق، واللوحات الأم حدّث ولا حرج، فبعد أن كانت تأتي بسعر كبير لايقل عن 300 - 400 دولار للوحة الواحدة، صارت متوافرة بأسعار أقل وبخيارات أكثر عن اللوحات المعدودة التي كانت متوافرة عند الإطلاق...

مع مرور الوقت صارت منصة Core i7 أكثر تناسباً مع الجيل العام، ولكنها لا تزال مرتفعة السعر للأغلبية الساحقة خصوصاً لما تتطلبه المنصة من معالج ولوحة وذاكرة جدد فهي ليست مجرد معالج متوافق مع الجيل السابق وإنما منصة كاملة جديدة... مما يعني بالمثل الدارج في الخليج ( إمّا كِلّه... وإمّا خلّه ) أي إمّا أن تأخذ المكونات بالكامل أو تتركها...

استفادت AMD كثيراً من السعر المرتفع، فرغم تفوق الأداء عن جميع ما تملكه AMD، إلا أن السوق الذي توجهت إليه منصة Core i7 نفسها كان محدوداً جداً، فعدد قليل فقط من المستخدمين هو المستعد لدفع 1000 - 2000 دولار فقط للوحة أم ومعالج وذاكرة دون الحديث عن باقي المكونات، ولأن معمارية Nehalem لم تكن متوافرة إلا لذلك السوق فقد كان السوق السائد Mainstream والذي يخدم الأغلبية الساحقة من المستخدمين أمام خيارين

1- منصة Core 2 Duo و Core 2 Quad الأقدم من Intel...
2- منصة Phenom II...

نعم الأداء متقارب والمنافسة شديدة، هناك تفوق لكل منصة على الأخرى في المجالات المختلفة، وما ساعد AMD أكثر هو مسألة رفع التردد والتي تُعد سابقة لـ AMD في هذا المجال حيث لعبت Intel في هذا المجال لعبتها طِوال سنين بسبب مشكلة البرودة أو ما يسمى أجنبياً ( حشرة البرودة - Cold Bug ) والتي تمنع المعالج من العمل إطلاقاً عند وصوله لدرجة حرارة قريبة أو أقل من الصفر بقليل... فأتى معالج Phenom II بدون هذه المشكلة ليتمكن من العمل حتى عند درجات النيتروجين والهليوم السائل عند درجات تقارب الـ 200 تحت الصفر !! ويحصل المعالج على أعلى تردد لمعالج رباعي النُّوى مع ترددات تتخطى الـ 6 وتقارب الـ 7 جيجاهيرز...

ورغم أن معالجات Core 2 Quad و Core i7 لا تزال الأفضل في عمليات رفع التردد السائدة ( لا تحتاج لدرجات حرارة منخفضة للوصول لترددات 4 وأعلى بقليل بعكس معالجات Phenom II والتي تحتاج لذلك، كما لا تحتاج لرفع الجهد عن الجهد الافتراضي للوصول إلى تردد 4 جيجا وأعلى بقليل بعكس Phenom II والتي تحتاج لذلك أيضاً ) إلا أن مجرد دخول اسم AMD في مجال رفع التردد الفائق جعل الكثيرين يسارعون إليه كخيار بديل خصوصاً للأداء الجميل والذي ينافس معالجات Core 2 Quad...

أشهر عديدة مرت منذ أن أطلقت Intel معالجها Core i7، تاركة AMD تتمرغ في المبيعات الجيّدة قياساً لعهد ما قبل Phenom II، لن أقول ممتازة رغم أنها كذلك قياساً لماضي AMD بعهد Phenom وماقبله ولكنها كانت جيّدة بشكل عام...

هذه الأشهر والتي لم تكمل السنة ( أطلق المعالج في شهر نوفمبر الماضي ) كانت كافية لتمتلئ Intel بنشوة انتصار الـ Core i7 كأقوى معالج مكتبي، وكانت أيضاً كافية لإجراء تغييرات على معمارية المعالج بحيث تجعله أقل ثمناً بشكل يناسب السوق السائد Mainstream وها قد أتى الوقت لذلك...

ظهرت معالجات Core i5 لتقف نداً لند أمام Phenom II، رغم أن الأخير لم يكن موجهاً لينافس Core i5 أساساً وإنما معالجات الجيل القديم Core 2 Quad... ولكن Intel وضعته بتسعيرة تنافس فيها معالجات Phenom II الحالية... مما يجعله الند الجديد الآن...

معالجات Core i5 لم تأتِ بشيء جديد فهي جمّلت أفكار AMD بشكل أكثر فانتهت كما انتهى معالج Core i7 بدمج متحكم الذاكرة، ولكنها تعمقت في مستقبل أفكار AMD والذي كان يرمي لدمج متحكم PCIe أيضاً، وهذا ما حصل، فرغم أن Core i5 استغنى عن قناة الذاكرة الثالثة التي يتمتع بها شقيقه الأكبر Core i7 إضافة لناقل QPI إلا أنه تضمن في طياته متحكم PCIe بـ 16 مساراً يتيح تواصلاً مباشراً مع المسرع الرسوميّ، ورغم أن حجم النواة زاد نتيجة ضخامة متحكم PCIe قياساً لفقدان قناة ذاكرة DDR3 وناقل QPI وبعض الأمور الأخرى، إلا أن المعالج أقل سعراً والمنصة أيضاً أقل سعراً، فهي لا تحتاج لرقاقة جسر شمالي ( جسر PCIe الذي يتصل بالمسرع الرسوميّ ) لكون المعالج يتضمن ذلك...

نعم فكرة أخرى من خارطة الطريق لدى AMD نفذتها Intel قبلها، ولتقعد AMD في حيرتها جراء نسخ الأفكار فإن Intel - مع انتقالها لتقنية 32نانو - ستلصق نواة مسرع رسومي مدمج بسيط مع نواة Core i5 مما سيجعلها تسبق AMD بتطبيق فكرة دمج المسرع الرسومي المدمج بالمعالج رغم أنها كانت فكرة AMD بالأساس وهي أوّل من أعلنت عنها... ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن...

زادت كل مواجع النسخ واللصق من Intel تجاه أفكار AMD، وكأن Intel أخذت نسخاً من خارطة الطريق ومن معماريات AMD الحالية ثم قامت بتحسينها عبر مهندسيها ( وللمناسبة مهندسي معمارية Core i7 و Core i5 هم مهندسي مركز التطوير والأبحاث التابع لـ Intel في الأراضي المحتلة ) لتطرحها هي إما بطريقة أفضل للتقنيات الحالية أو بشكل أبكر للتقنيات القادمة...

لايهمنا الآن مواجه AMD في الأفكار، المهم هو أن معالج Core i5 هو المطرقة لمعمارية Phenom II، فالآن يمكننا القول أن معمارية Phenom II يجب أن تُستبدل قريباً... وليس قبل سنتين في 2011 كما هو مخطط لها أن تكون...
والخطوة الأولى التي يجب أن تقوم بها AMD هي مسألة تخفيض الأسعار، فمقابل نفس المبلغ يمكنك الحصول على جهاز Core i5 وبأداء أعلى وهذا غير منطقي تقنياً !!

لطالما قلت أن ما يوقفني عن شراء معالجات Intel هو أمرين، الأول هو القضية الفلسطينية وهي ليست الجانب التقني، الثاني وهو التقني أنها تقدم أداء مقارب بحيث الأمر لا يستحق الجانب الأول...

أما الآن ولاحقاً، فيجب على AMD التفكير، هذا لايعني أنني سأرمي جهازي جانباً وأشتري جهازاً جديداً، لأنه لايزال حديثاً نسبياً وإن شاء الله يكون ( طويل العمر )...
ولكن إذا لم تكن معمارية Bulldozer قوية بما فيه الكفاية عندما تظهر بعد سنتين... فلربما يكون فرق الأداء صار شاسعاً جداً ليكون من الجنون الترقية إلى جهاز أعلى بقليل في الأداء فكأني أصرف المال على أمر لايستحق... وسأكون مضطراً حينها للتوجه إلى معالجات Intel والعذر الشرعي: عدم وجود البديل الكافي أداءاً/سعراً !!

إلى الآن لايزال قلبي يوجعني لشرائي جهازي المحمول بمعالج Intel والسبب عدم وجود منصة محمولة كافية من AMD، فالفارق كبير من ناحية الأداء/عمر البطارية... ولكن مع ذلك كنت سآخذ نسخة الـ AMD لو كانت موجودة حينها !!

لا أعلم - إن أحيانا الله لذلك اليوم - إن أتى على جهازي وقت يكون فيه قد صار قديماً بعد سنتين إلى ثلاث وصرت أحتاج لشراء جهاز آخر... عند ذلك أتمنى أن يكون جهازي الحالي مخصصاً لولدي/ابنتي والذي لايزال في عالم الذرّ... أسأل الله أن يمن عليّ بنعمة الأبناء...

وأتمنى أن يكون لدى AMD الجواب...

لكم كلّ التحايا