. النظر إلى السبابة في التشهد : كما جاء عند النسائي بسند صححه الألباني عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في التشهد وضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بالسبابة لا يجاوز بصره إشارته " جاء عن ابن عمر عند النسائي نحوه .
45. صيغ التشهد الأول :
أ ) كما جاء في الصحيحين عن ابن مسعود مرفوعا " التحيات لله ، والصلوات ، والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لاإله إلا الله{ وحده لا شريك له }وأشهد أن محمداً عبده ورسوله " ما بين المعوقتين زياده عند النسائي. ب ) كما جاء في مسلم عن ابن عباس مرفوعا " التحيات المباركات ، الصلوات الطيبات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لاإله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله " . ج ) كما جاء في صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري مرفوعا " التحيات الطيبات الصلوات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لاإله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله " . د ) كما جاء عن عمر بن الخطاب موقوفاً وله حكم الرفع " التحيات لله ، الزاكيات لله ، الطيبات لله ، الصلوات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لاإله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله " رواه مالك والبيهقي والدارقطني وعبدالرزاق وقال الزيلعي في نصب الراية " هو إسناد صحيح ". فائدة : في بعض الاحيان زيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول .
46. صيغ الجلسة للتشهد الأخير :
أ ) أن ينصب اليمنى ويجعل رجله اليسرى تحت ساقه اليمنى ويجلس على وركه : كما في الصحيح عن أبي حُميد الساعدي وفيه " وإذا جلس في الركعة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته ".
ب ) أن يفرش اليمنى ويجعل رجله اليسرى بين ساقه وفخذه الأيمن ويجلس على وركه : كما في مسلم من حديث عبدالله بن الزبير عن أبيه مرفوعا " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه وفرش قدمه اليمنى " .
ج ) مثل الصفة الأولى إلا أن يجعل قدمه اليمنى بإتجاه قدمه اليسرى ويجلس على وركه :لحديث إبي حميد وفيه " فإذا كانت الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة " رواه ابو داود وصححها الألباني وابن عثيمين رحمهما الله .
47. صيغ التشهد الأخير :
كما في التشهد الأول ، أما زيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلها صيغ :-
أ ) كما جاء في صحيح البخاري عن كعب بن عجرة مرفوعا " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد " .
ب ) كما جاء في الصحيحين عن كعب بن عجرة مرفوعا " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد " .
ج ) كما جاء في صحيح مسلم عن أبي مسعود الأنصاري مرفوعا " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد " .
د ) كما جاء في الصحيحين واللفظ لمسلم عن أبي حُميد الساعدي مرفوعا " اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد " .
هـ ) كما جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري مرفوعا " اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم " .
و ) كما جاء عند النسائي في عمل اليوم والليلة عن أبي هريرة مرفوعا " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد " .
48. الأدعية بعد التشهد الأخير :
أ ) كما جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة مرفوعا " إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال " ولفظ مسلم " إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ " . ب ) كما جاء في الصحيحين عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة " اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم " قالت : فقال له قائل : ما أكثر ماتستعيذ من المغرم يارسول الله فقال : " إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف " . ج ) كما جاء في الصحيحين عن أبي بكر أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم علمني دعاءً أدعو به في صلاتي قال : " قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم " وفي رواية لمسلم " أدعو به في صلاتي وبيتي " . د ) كما جاء في صحيح البخاري عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يعلم بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم الغلمان الكتابة ويقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ منهن دبر الصلاة " اللهم إني أعوذ بك من البخل ، وأعوذ بك من الجبن ، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب الآخرة " . هـ) كما جاء في سنن ابن ماجه وصححه الألباني عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل " ما تقول في الصلاة ؟ قال : أتشهد ثم أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار ، أما والله ما أحسن دندنتك ، ولا دندنة معاذ قال : حولها ندندن " . و ) كما جاء عند النسائي وأبي داود وصححه الألباني عن محجن بن الأدرع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد ، فإذا هو برجل قد قضى صلاته ، وهو يتشهد ويقول " اللهم إني أسألك يا الله إنك الواحد ، الأحد ، الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ، أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم " وفي آخره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" قد غفر له " ثلاثا . ز ) كما جاء في صحيح مسلم عن علي مرفوعا وفيه " ثم يكون آخر ما يقول بين التشهد والتسليم : اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر ، لا إله إلا أنت " . فائدة : في هذا الحديث دليل ( تخصيص ) على أنه آخر دعاء يكون قبل السلام هو هذا الدعاء . والله أعلم . ثم يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة وغيرها سواء كان في صلاة فريضة أو نافلة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم لإبن مسعود رضي الله عنه لما علمه التشهد " ثم ليتخير من المسألة ما شاء " وفي لفظ " ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فليدعو " رواه البخاري ومسلم .
49. صيغ السلام :
أ ) أن يقول السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله . كما جاء في صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : " كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا : السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " علام تؤمون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس ، إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه ، من على يمينه وشماله " . ب ) أن يقول السلام عليكم ورحمة وبركاته وفي الثانية السلام عليكم ورحمة الله . كما جاء عند أبي داود بسند صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام من حديث وائل بن حجر قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " وعن شماله " السلام عليكم ورحمة الله " . ج ) أن يقول السلام عليكم ورحمة الله وفي الثانية يقتصر على السلام عليكم . كما جاء عند النسائي وأحمد بسند صحيح قال عنه الألباني رحمه الله مرفوعا " أنه كان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره يقتصر على السلام عليكم " .
50. المبالغة في الإلتفات في التسليم :
كما جاء في صحيح مسلم من حديث عامر بن سعد عن أبيه قال : " كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده " .
تَعريف الصلاة:
تُطلق الصلاة ويراد بها الدعاءُ والاستغفارُ، كما في قوله تعالى: {... وَصَلِّ عَلَيْهِم إنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ.. } (التوبة 103).
وَتُطْلَقُ الصَّلاةُ وُيرادُ بها المغْفِرةُ والرَّحمةُ، كما قال تعالى: {إنَّ اللّه وَمَلائكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ يَأَيُّها الذِيْنَ أمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (ا لأحزاب 56).
وتُطلق وُيراد بها بيُوت العِبادة، كما في قوله تعالى: { وَلَوْلا دَفع اللّه الناسَ بَعضَهم بِبعض لَهُدِّمَتْ صَوَامعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِد يُذْكَرُ فِيْها أسْمَ الله كَثِيْراً.. } (الحج. 4).
إلى غير ذلك من الإطْلاقات في القرآن وفي الحديث.
أمَّا الصلاة في اصطلاح الفُقَهاءِ فَهِيَ: عِبَادةٌ تتضمَّنُ أقْوالاً وأفْعَالا مَخْصُوصَةً، مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيْرِ مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيْمِ.
مَنْزِلَة الصَّلاةِ
للصلاة في الإسلام مَنزلة عظيمة فَهي عَمُودُ الدين الذي لا يقوم إلا به كما جاء في الحديث: " رَأْسُ الأمْرِ الإِسْلامُ وَعَمُوده الصَّلاةُ، وَذِرْوَةُ سَنامِهِ الجِهَادُ في سَبِيْل الله... " أخرجه الترمذي.
وهي أول ما أوجبه الله تعالى من العبادات بعد الشهادتين، وَتَولّى إِيْجابَها ليلة الإسراء بِمُخاطَبَةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم من غيرِ واسِطة، وَلِعِظَمِ شأنِ الملائكة على سائر العبادات اخْتُصَّتْ بِأمورٍ كثيرة أهمُّها:
1- شُرِع النداء لها (الأذان) وقد ثبت النداء للصلاة في القرآن والسنة.
2- وجوب التطهر لها.
3- إيجابها في السفر والحضر والخوف والأمن وعلى كل حال حتى في المرض، إلا إذا كان مرضا يَغِيبُ معه العقلُ أو يُفْقَدُ.
حُكم الصلاةِ:
الصلاة فَرْضُ عَين على كل مُسلم بَالِغٍ عَاقِلٍ.
والدليل على فَرْضِيَّتِها: قولُ اللّه تعالى: { وأَقِيْمُوا الصَّلاةَ وءاتوا الزكاةَ..}(البقرة 110) وقولهُ تعالى: { وَمَا أمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِين لَهُ الدين حُنَفاء وَيُقِيْمُوا الصَّلاة وَيؤْتُوا الزَّكَاةَ وذلك ديْنُ القيِّمَةِ} (البينة 5). وحديثُ ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بُنِيَ الإسلامُ على خَمسٍ: شهادةِ أنْ لا إله إلا الله وأَنَّ محمداً رسول الله وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ وحجِ البيتِ وصومِ رَمَضانَ " متفق عليه.
إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة التي تفيد وجوب الصلاة. وقد أجمعت الأمة على أن الصلاة ركن من أركان الإسلام بل أهم ركن بعد الشهادتين.
حُكم تاركِ الصلاةِ
تَرْكُ الصلاةِ على ضَرْبَينْ:
1- تَرْكُ جُحودٍ وإنكارٍ لها، وهذا النوع يُعد صاحبُه كافراً خارجاً
من مِلَّة الإسلام، وحَدُّهُ القَتْلُ لارْتِدادِهِ عن الإسلام، وهذا مُجْمع عليه بين علماء المسلمين، وذلك لإنكاره أمراً معلوماً من الدين بالضرورة ولا يستثنى من ذلك إلا حديث العهد بالإسلام الذي لا يعرف مِنْ أركان الإسلام شيئاً.
2- تَرْكُ تَكَاسُلٍ أو تَشَاغُلٍ عنها مع عدم إنكار وجوبها، وهذا النوع يُستتاب صاحبه، أي يَطلبُ منه الإمامُ أو نائبُهُ أن يُصلِّيَ، فإن صلى خُلِّيَ سبيلُه، وإن أصرَّ على ترك الصلاة فهو كافر مرتد مثل الأول. الدليل على أن ترك الصلاة كفر: قولُ الله تعالى { ... فَإِنْ تابوا وأقاموا الصلاة وءاتَوا الزكاة فإخوانكم في الدين... }(التوبة 11).
وقولهُ تعالى:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِم خَلْفٌ أضَاعُوا الصلاةَ واتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيَّا. إلا مَنْ تاب وءامَنَ وعَمِلَ صَالِحاً فأولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً } (مريم59- 60).
وحديثُ جابر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : "بين الرَّجُلِ وَبيَنْ الشِّرْكِ والكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ " رواه مسلم وأحمد و أبوداود والترمذي وابن ماجه
وحديثُ بريدة رضي الله عنه قال قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "العَهْدُ الذي بَيْنَنَا وبينهم الصلاةُ، فمن تَركها فَقَدْ كَفر " رواه أحمد وأصحاب السنن.
وحديثُ عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم .
أنه ذكر الصلاة يوما فقال: "من حافظ عليها كانت له نُورا وبُرْهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاة، وكان يومَ القِيامَةِ مع قَارونَ وفِرْعَونَ وَهَامَانَ وأُبىِّ بن خَلَفٍ " رواه أحمد والطبراني وابن حبان وإسناده جيد.
وكون تارك الصلاة مع أئمة الكفر في الآخرة يقتضي كفره. وقال ابن القيم: تارك المحافظة على الصلاة إما أن يشغله ماله أو عمله أو رياسته أو تجارته. فمن شغله عنها ماله فهو مع قارون، ومن شغله عنها ملكه فهو مع فرعون، ومن شغله عنها رياسته ووزارته فهو مع هامان، ومن شغله عنها تجارته فهو مع أبَيِّ بن خلف.
على من تجب الصلاة ؟
تجب على المسلم البالغ العاقل.
أما كونها لا تجب على الصبي والمجنون فلحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يَعقل " رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، وحسَّنه الترمذي.
صلاة الصبي:
الصبي وإن كانت الصلاةُ غيرَ واجبة عليه إلا أنه ينبغي لوليِّه أن يأمره بها إذا بلغ سبعَ سنين، وذلك لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جَده رضي اللّه عنه قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : " مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشْرٍ ، وفرِّقُوا بينهم في المضاجع " رواه أحمد وأبو داود والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم.
شروط صحة الصلاة:
(1) الطهارة من الحدث:
لحديث أبي هريرة رضي اللّه عنه: " لا تُقْبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ " متفق عليه.
(2) دخول الوقت:
وذلك في الصلاة المفروضة المؤقَّتة لقول اللّه تعالى: { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً
موقوتاً }(النساء103).
(3) سَتْرُ العَوْرَةِ:
وَحَدُّ عوْرة الرجل ما بين سُرَّتِهِ ورُكْبتِهِ (أخذاً بالأحوط) فعن جَرْهَد قال: "مر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعليَّ بُرْدَة وقد انكشفت فخذي، فقال: "غط فخذيك، فإن الفخذ عورة ".
رواه مالك وأحمد وأبو داود والترمذي،و ذكره البخاري في "صحيحه " معلّقاً.
وأما المرأة: فجميعُ جسدها عورة يجب عليها ستره في الصلاة ماعدا الوجه والكفين إلا إذا خشيت أن ينظر إليها رجل غير ذي محرم فيجب عليها حينئذ ستر وجهها وكفيها وذلك لحديث عائشة رضي اللّه عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يَقبل اللّه صلاةَ حائضٍ إلا بِخمار".رواه الخمسة إلا النسائي وصححه ابن خزيمة والحاكم.
(4) طهارة الثوب والبدن والمكان الذي يصلي فيه:
لقوله تعالى: { وَثِيَابَكَ فَطَهِّر } (المدثر 4)، ولحديث الأعرابي الذي بال في المسجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " صبوا عليه ذَنُوباً من ماءٍ "
رواه الجماعة إلا مسلما.
(5) استقبال القِبْلَةِ (الكَعْبة):
لقول اللّه تعالى: {.. فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُم فوَلّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ..} (البقرة 144).
وذلك للقادر على استقبالها، فإنْ عَجز عن استقبالها لعذر فإن صلاته صحيحة، ويجب على من يشاهد الكعبة في صلاته أن يستقبل الكعبة ذاتها، أما من لا يُشاهدها فيستقبل جهتها.
متى يسقط استقبال القبلة؟
أ- يسقط استقبال القبلة في صلاة الخوف، وهي صلاة الحرب لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُم فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً } (البقرة 239) قال ابن عمر رضي اللّه عنهما: " مُسْتَقْبِلي القِبلةِ أو غيرَ مُستقبليها " رواه البخاري.
ب- صلاة النافلة للراكب، فقبلته حيث اتجهت به راحلته، ويستحب له أن يستقبل بها القبلة عند تكبيرة الإحرام ثم يتجه بها حيث كانت وجهته.
جـ- العاجز عن استقبالها كالمكره والمريض، كأن يكون مربوطاً أو مصلوباً لغير القبلة، والمريض الذي لا يستطيع أن يتحرك إلى جهة ، القبلة ، لقوله تعالى: { لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إلا وُسْعَها.. } (الآية 268 البقرة).
وقوله تعالى: { فَاتَّقوا اللّه مَا اسْتَطَعْتُم... } (16 من سورة التغابن).
(6) النِّيَّةُ:
وهي القصد أو العزم على فعل الشيء، ومحلها القلب لا دخل للسان فيها، فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه رضىِ اللّه عنهم ولا التابعين ولا الأئمة الأربعة في النية لفظ قطًّ إلاّ في الحج والعُمرة. وزمنها في أول الصلاة أي عند تكبيرة الإِحرام.
أركان الصلاة:
للصلاة أركان تتكون منها، فإذا نقص منها ركن فإن الصلاة تكون ناقصة باطلة ولا يُعتدُّ بها شرعا نُبينها فيما يلي:
1- القيام في الفرض:
لقول اللّه تعالى: { وَقُومُوا للّه قانتين } (البقرة 23. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " صَلّوا كما رأيْتُموني أُصَلّي " رواه البخاري وأحمد.
وحديث عِمرانَ بن حُصينٍ رضي اللّه عنه قال: كانتْ بي بواسيرُ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال: " صَلِّ قَائماً، فَإنْ لم تستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنبٍ " رواه البخاري.
فمن كان قادرا على القيام ولم يَقُمْ في صلاة الفريضة بطلت صلاته،وأما في النافلة، فصلاة القاعد مع القدرة على القيام صحيحة لكن ثوابه على النصف من صلاة القائم، لحديث ابن عمر رضي اللّه عنهما قال " حُدِّثت أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الرجل قاعدا نصفُ الصلاة ". رواه البخاري ومسلم.
ومن عجز عن القيام في الفرض صلى على حسب قُدرته وله أجرها كاملا لحديث أبي موسى رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً " رواه البخاري.
2- تكبيرة الإحرام:
ولفظها "اللّه أكبر"، لا يُجْزي غيرها. لحديث علي رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مِفْتاحُ الصلاةِ الطّهُور وتحريمها التَّكْبِيرَ وتَحْلِيلُها التسليم " رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه وغيرهم. ولحديث أبي هريرة في المسيء صلاته: " إذا قُمْتَ إلى الصلاة فَكَبِّر". متفق عليه
3- قراءة الفاتحة:
وهي ركن في كل ركعة من ركعات النفل والفرض على الإمام والمنفرد واختلف في المأموم، والحق أنها ركن فيقرأ بها المأموم في نفسه والدليل على
وجوبها في كل ركعة وعدم سُقوطها لا سهوا ولا جهلا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عُبادة بن الصامت: " لا صلاةَ لِمنْ لَمْ يَقْرأ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ " رواه الجماعة. ولحديث أبي هريرة رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : "من صَلَّى صَلاةً لَمْ يَقْرأ فيها بِفاتحة الكِتاب فَهِي خِداجٌ ، هي خِدَاجٌ ، هي خِدَاجٌ غَيْرُ تَمامٍ " رواه الشيخان وأحمد.
4- الركوع:
لقوله تعالى: { يا أَيُّهَا الَّذينَ ءامنُوا ارْكعوا واْسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون } (الحج 77). ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: " ثُمَّ اركعْ حتى تَطْمئنَّ راكعاً ". ولحديث أبي مسعود البدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تُجْزِي صَلاةٌ لا يُقيمُ الرَّجُلُ فيها صُلْبه في الركوع والسجود " رواه الخمسة وابن خزيمة وابن حبّان والطبراني والبيهقي وصححه، وقال الترمذي: حسن صحيح.
5- الرفع من الركوع والاعتدال قائماً:
لقول أبي حُميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وإذا رفع رأسه استوى قائما حتى يعود كل فقار(1) إلى مكانه " متفق عليه. وقول عائشة رضي اللّه عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم : "فكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً " رواه مسلم.
ولقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته " ثم ارفعْ حتى تَعتدل قائما "متفق عديه.
6- السجود:
وصفته: أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَه وأَنْفَه وكَفَّيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وأَطْرَافَ قَدَمَيْهِ مِنَ ا لأرْضَ.
والدليل على أنه ركن قوله تعالى:{ يا أيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تُفلحون } (الحج 77). وحديث ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ على سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، على الجَبْهَةِ- وأَشارَ بيده إلى أنفه واليدين والرُّكْبَتين وأطرافِ القدمَين ولا نَكْفِتُ (2) الثياب والشعر " رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.
وقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: " ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ".
7- الجلوس بين السجدتين:
ودليله قول عائشة رضي اللّه عنها عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم : "... وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسا... " رواه مسلم.
وصفة هذا الجلوس أن يجلس مُفترشاً (أي يَفْرشُ رِجْله اليُسرى فيقعد عليها ويَنْصِبُ رِجْله اليُمْنى ويستقبل بأصابعها القبلة).
8- الطُّمأنينة:
وهي السُّكون وإن كان زَمنه قليلا- أي البقاء بعد استقرار الأعضاء في الركوع والرفع منه والسجود والجلوس بين السجدتين.
والدليل على أن الطمأنينة ركن قوله صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء في صلاته: " ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها " متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه.
9- الجلوس للتشهد الأخير والتسليمتين:
وهو الثابت المعروف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد كان يقعد القعود الأخير ويقرأ فيه التشهد، وقال للمسيء في صلاته: " فإذا رفعت رأسك من آخر سجدة وقعدت قدر التشهد فقد تمت صلاتك ".
10- التَّشَهُّد الأخير:
والدليل على أنه ركن قوله صلى الله عليه وسلم : "صلَّوا كما رأيْتُموني أصلي ". وأنه صلى الله عليه وسلم كان يُداوم على ذلك وأمر به المسيء في صلاته. وقول ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم: " كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن " روى قول ابن مسعود البخاري ومسلم وقول ابن عباس مسلم والنسائي.
صيغة التَّشَهُّد:
قد وردت صيغ للتشهد عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبي موسى الأشعري،وعمر بن الخطاب رضي اللّه عن الجميع، تقترب ألفاظ كل واحدة من غيرها، وأصحُّها تشهُّدُ ابن مسعود، قال مسلم رحمه اللّه تعالى: "أجمع الناس على تشهد ابن مسعود". ومع ذلك فأيَّ صيغة تَشَهَّدَ بها المصلي أجْزأتْهُ إذا كانت واردة بنقلٍ صحيح.
تشهُّد ابن مسعود:
"التَّحيَّات للّه والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا اللّه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ".
11- التَّسْليم:
ثبتت فرضية السلام بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث علي رضي اللّه عنه: "مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم " رواه أحمد والشافعي و أبوداود وابن ماجه والترمذي وقال: هذا أصَحُّ شيءٍ في الباب.
وعن وائل بن حُجْر رضي اللّه عنه قال: صَلَّيْتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه: "السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته " وعن شماله: " السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته " رواه أبو داود بإسناد صحيح. وإن اكتفى بقوله: " السلام عليكم " أو " السلام عليكم ورحمة اللّه " أجزأه وكله وارد.
12- ترتيب الأركان:
ترتيب الأركان على ما هي مذكورة آنفا ركن من أركان الصلاة فلو سجد الإنسان قبل أن يركع مثلا متعمِّدا بطلت صلاته. وإذا خالف الترتيب سهوا ثم ذكر فإنه يجب عليه أن يعود إلى الركن الذي قدمه فيفعله في ترتيبه. وإلا بطلت صلاته. دليله حديث المسيء في صلاته، وعمل الرسول صلى الله عليه وسلم القائل: "صلّوا كما رأيتموني أصلي " رواه البخاري.
فلم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل خلاف هذا الترتيب ولو مرة واحدة في حياته.
واجبات الصلاة ثمانية، مَنْ ترك منها شيئا مُتعمدا بطلت صلاته،ومن ترك منها شيئا سهوا سجد للسهو.
وبيانها مع أدلتها كالآتي:-
1- جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام:
دليلها حديث يحيى بن خلاَّد عن عمِّه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنه لا تتم الصلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ ويضع الوضوء- يعني مواضعه- ثم يُكبر ويحمد اللّه وُيثني عليه، ويقرأ بما شاء من القرآن، ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول سمع اللّه لمن حمده حتى يستوي قائما، ثم يقول: اللّه أكبر و يسجد حتى تطمئن مفاصله، ثم يقول اللّه أكبر و يرفع رأسه حتى يستوي قاعدا، ثم يقول: اللّه أكبر ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله ثم يرفع رأسه فيكبر، فإذا فعل ذلك فقد تمت صلاته " وفي رواية: "لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك " رواه أبو داود.
2- قول: "سمع اللّه لمن حمده " للإِمام والمنفرد جميعاً وقد تقدم دليله في الحديث السابق.
3- قول: "ربنا ولك الحمد" للإِمام والمأموم والمنفرد جميعا.
ودليله حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "سمع الله لمن يده حين يرفع صلبه من الركوع. ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد" ومثله عن أبي سعيد وابن أبي أوفى. متفق عديه.
4- التسبيح في الركوع والسجود وأقلّه مرة واحدة، والأفضل ثلاث مرات وقد ورد أكثر.ْ فيقول في الركوع: "سبحان ربى العظيم " ويقول في السجود: "سبحان ربى الأعلى ".
ودليل ذلك حديث عقبة بن عامر قال لما نزلت (فسبح باسم ربك العظيم) قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اجعلوها في ركوعكم " فلما نزلت (سبح اسم ربك الأعلى) قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اجعلوها في سجودكم " رواه أبو داود.
5- قول: "رب اغفر لي " بين السجدتين:
دليله ما روى حذيفة أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول بين السجدتين: "رب اغفر لي. رب اغفر لي" رواه النسائي وابن ماجه، وما رواه ابن عباس قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين: "اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني " رواه أبو داود وابن ماجه.
6- التشهد الأول:
دليل وجوبه وعدم ركنيته حديث عبد اللّه بن بحينة رضي اللّه عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأولين ولم يجلس، فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه، كبَّر وهو جالس وسجد سجدتن قبل أن يسلم ثم سلم " أخرجه السبعة.
7- الجلوس للتشهد الأول:
ودليله الحديث السابق، ولو كانا ركنين ما سقطا بالسهو، و لو كانا غير واجبين ما انْجبرا بسجود السهو.
8- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير:
ودليله حديث أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال بشير بن سعد: يا رسول اللّه. أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فسكت، ثم قال: "قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. والسلام كما علمتم " رواه مسلم، وزاد ابن خزيمة فيه: "فكيف نُصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ ".
المفضلات