الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام



لم يستسلموا للمحنة، بل حوَّلوها إلى منحة ربانية وبجدارة.. بعزيمة لم تكسرها قسوة القيد بدؤوا.. قرَّروا أن يعمروا قلوبهم بنور كلام الله وأن يسبحوا مع ترانيم الذكر، متناسين ظلمًا وظلمةً أحاطت بهم من كل جانب.

اختارهم شعبهم ممثلين عنه فدفعوا ضريبة ذلك سنوات من الأسر لازموا فيها كتاب الله ليتحرروا، وقد أطلق على الواحد منهم بحق "النائب الحافظ لكتاب الله".
حفظة
أسماء تزاحمت لتأخذ مكانها بين حفظة الذكر؛ على رأسهم رئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز دويك, إضافة إلى النواب: ياسر منصور, وخالد سعيد, وماهر بدر, ومحمود الخطيب, وداوود أبو سير, وإسماعيل الطل, والوزير عيسى الجعبري.
تجربة
النائب ياسر منصور الذي قضى في السجن أكثر من ثلاث سنوات, كان من هؤلاء، وضع أمام ناظريه كتاب الله فسار به إلى قلبه حفظًا وتدبرًا، ويقول في هذا: "بعد مرور 30 شهرًا على اعتقالي كنت خلالها أقرأ القرآن وأتدبره, قررت خلال الفترة المتبقية أن أتم حفظ ما تبقى لي من أجزاء لم أحفظها، وكانت قرابة 17 جزءًا، وتمكنت من ذلك -والفضل لله- خلال مدة عشرة شهور".
مدرسة السجن!
وأوضح النائب ياسر منصور آلية الحفظ المتبعة في السجون، قائلاً: "إن الأسرى لديهم دورات خاصة للحفظ في أوقات محددة، لكنها تكون لحفظ سور متفرقة، ومن أراد أن يتم حفظ القرآن يرتب جدوله الخاص ويسير عليه، وأنا كنت أخصص ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات يوميًّا للحفظ".
"السجن مرحلة من مراحل الإنسان تمثل مدرسة له، يخلو فيها مع الله؛ يتعاون فيها مع إخوانه في الأسر، ينهل من معين الثقافة والكتب".. يقول النائب منصور مضيفًا: "من يرتب نفسه على الاستفادة من فترة السجن يكن الرابح".
وأكد ذلك النائب حسني البوريني قائلاً: "السجن فيه مراجعة للنفس ووقت للتأمل والتفكير ويجعلنا نحس بمعاناة الأسرى ونحمل همهم عن قرب وتجربة".
تجربة اعتقالية
معظم نواب المجلس التشريعي الفلسطيني جرَّبوا السجن، ولم يكن الاعتقال الأخير لهم أول تجربة اعتقالية، فأصبحوا مرجعًا للأسرى بحكم خبرتهم؛ يساهمون في نشاطات الأسرى ومحاضراتهم إلقاءً وحضورًا.
وهذا الأمر يؤكده النائب البوريني بقوله: "كانت لنا مساهمات توعوية سياسية داخل السجن، إضافة إلى استفادتنا الكبيرة من حضورنا مساهمات غيرنا".
إلى الأسرى
وتقدم النائب ياسر منصور بنصيحته الأسرى قائلاً: "على الأسير ألا يترك الفراغ داخل السجن يقتله، وعليه أن يملأ وقته بما هو مفيد ونافع، وأفضل ما يمكنه فعله هو حفظ كتاب الله سبحانه وتعالى والمطالعة حتى يخرج برصيد كبير من الفهم والوعي والثقافة".
أما النائب حسني البوريني فقد رأى أنه -إضافة إلى أهمية استثمار الوقت الضائع لدى الأسرى- فإن عليهم أن يعتبروا فترة السجن مرحلة مهمة ليعد الإنسان نفسه لما بعد خروجه من السجن.