أريد ان أأخذكم الى عالم السجناء ........ و فى البداية قبل دخولك بمخيلتك وأحساسك الى هذا العالم ، لنتعرف اولا على ما هو السجين ؟

هو شخص ما ، قابع بمكان موحش ، فاقد أغلبية الحقوق ، حاسس بكل النعم التى أنعم الله بها على العباد وهو بسجنه فاقدها .......... أبسط الاشياء التى لا تشعر بها أنت هى لديه نعمة كبيرة ويتمنى ان يلمسها بيديه .

عندما يسجن السجين بسجن انفرادى لكى يعدم يسجن فى مساحة صغيرة جدا لا تجعله قادر على فرد ذراعيه ......... يا الله ..... ان تفرد ذراعيك تماما أصبحت نعمة لدى السجين ، المسجون بحبس انفرادى وينتظر الاعدام ، وليته ينالها .

تخيل هذا ....... تخيل انك يا انسان ، حر تفعل أشياء كثيرة عدة لا تشعر بأهميتها على الاطلاق ولا تشعر بانها نعمة تحسد عليها من قبل سجين بحبس انفرادى بغرفة كلها جدران ولا تكفيه لان يمد ذراعيه ويأخذ نفسا عميقا يملىء رئتيه .

أتشعر به الان ........ تخيل انك مكانه وتحرم من أبسط الحقوق ، تحرم ان ترى الشمس ، تحرم ان ترى السماء ، تحرم ان ترى الورود وتلمسها بيديك وتشمها أنفك وتملاء رئتيك برحيقها
تخيل يا أنسان وأنت الان حر .

شعرت به ........ تخيل انك هو ولو لدقائق قراءتك لتلك الكلمات ........ تخيل ، وقارن بين ما تتمناه أنت الان وبين ما يتمناه هو....... ضع أمانيك أمام ما يتمناه ، وقارن ........ أترى الفرق الشاسع الذى هو بينكما الان .

أنت تتمنى المال والنجاح ، تتمنى وتتطمح ، تتمنى وأنت تعلم انه من الممكن ان يتحقق كل ما تتمناه ......... بينما هذا السجين ، ما الذى يتمناه ؟ ان يفرد ذراعيه تماما ويشعر بفردهما وتستريح عضلاته ولا تضمر ........ يتمنى ان يرى الشمس التى تراها انت كل يوم وكل وقت ، وليته يتحقق ما يتمناه .......... بل يتمنى ولا يطمح ، يتمنى وهو يعلم انه لن تتحقق أمانيه .

دخلت فى أحساسه الان ، تعمقت فى داخله ......... تخيل اذا ، ان أمانيك وأحلامك لن تتحقق ومحكوم عليها بالاعدام قبل منك .......... الموت يحيط بك من كل جانب حتى أحلامك محكوم عليها بالاعدام ......... ما هذا العقاب ؟


أتستطيع ان تتحمله ؟ ما الذى صنعته يداك لتحصل على تلك الحياة ؟ وما هو أحساسك طوال الوقت وأنت كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة محبط بل ميت يتنفس الموت بكل لحظة فى كل شىء .

أتعلم !! من الممكن ان تكون كذلك رغم أنك لست سجين جدران معه .

هذا هو السجين ......... وهذا هو شعوره ........ وهذه هى حياته ........ وهذا هو ما ناله من الحياة .

أنت ما هو سجنك ؟ ........ وما هو شعورك ؟ ......... وما هى حياتك ؟ ....... وما هو ما نلته من الحياة الى الان ؟ .

ألست سجين فكرة واحدة ....... وهى انك لم تنعم بالكثير ..... انك محروم ....... انك لم تنال ما تستحقه الى الان ......... وعندما تقارن حالك بحال هذا السجين ، ما الذى تراه ؟ أترى الفرق الان ؟

لنتأمل اذا

ما هو السجن الحقيقى ؟


أتعتقد يا انسان يا الذى تنعم بالحرية ان السجن هو فقط الجدران ........ ان تسجن داخل جدران يسمى سجن ، أهذا هو برأيك ؟

نعم انه هو ، ولكنها ليست الصورة الوحيدة للسجن ......... بل هناك صورا أخرى للسجن
السجن الحقيقى هو ان تسجن نفسك داخل فكرة واحدة معينة ولا تخرج منها ، وتصبح سجين لها وتشعر بكل ما يشعر به ذاك سجين الجدران .

ألست تشعر بالاحباط عندما تسجن نفسك فى فكرة انك فاشل ........ ألست تشعر بالحرمان عندما تسجن نفسك فى فكرة انك فاقد للنعم ، بينما أنت تنال نعم عديدة لا تشعر بها ، وفاقدها سجين الجدران


ألست تشعر بأنك ميت لانك سجين فكرة انك تريد ولا تطول ؟ ......... يشعر بها سجين الجدران لكن شتان بينكما فهو يريد ان يرى السماء ولا يطول ، بينما انت تريد المال والنجاح السريع ولا تطول ، هو يشعر بانه ميت وأنت تشعر كذلك ......... لكن شتان بين الصورتين .


أن أردنا ان نخرج من تلك الكلمات بعظة او درس لنا يعلمنا قيمة ما بين ايدينا ولا نعرف قيمته
ترى ما الذى يمكن ان نستنبطه بالفعل من كل هذا .

أن ترفض ان تكون سجين ........ لا تسجن نفسك فى فكرة واحدة تسيطر عليك ....... لا تخضع لها لكى تجعلك سجين محكوم عليه بالاعدام منتظرا الموت باى لحظة .

أتتك فكرة انك محروم اخرج منها على الفور بتذكرك لنعم عديدة ليست بيد كل مخلوق .

أتتك فكرة انك فاشل ولا تقوى على النجاح أخرج منها على الفور ، بتذكرك انك حر طليق يقوى على الحركة والعمل ، يقوى على النضال والكفاح ، يكفى انك تستطيع ان ترى السماء ان ترى فجر كل يوم ، فلتخرج منها وعلى الفور .

عندما تشعر انك ميت ولم تعيش الحياة كما أردت أخرج من تلك الفكرة على الفور بتذكرك ان حياتك بيد الله وليست بيد قرار من محكمة يصدر لك وعليك بالاعدام ........ لم يفت الاوان بعد ، بل هناك وقت لديك غير المحكوم عليه بالاعدام الذى استنفذ كل وقته ولم يبقى لديه سوى أيام ليعيشها ، وليته يعيشها ، انه يعيشها بالموت ....... حياة مختلطة برائحة الموت مع انتظاره للميعاد .

يا انسان انك حر طليق ولم يفت الاوان ، لديك حياة وانت الذى تتحكم فيها ، لا أحدا سواك ، اذا عيشها ، ناضل ، جاهد ، جاهد حتى نفسك ، وجاهد كل فكرة تأتيك تحرمك من الحياة .

تذكر ان السجن ليس معناه سجن الجدران ....... بل هو ايضا سجن فكرك انت .