وانتهى المونديال

نقلا من موقع فضيلة الشيخ توفيق الصائغ
https://www.alsayeg.com/Pages/Articl...ils.aspx?ID=60





نعم هكذا وبكل صخب الدنيا وبكل فجاجة تلك الآلة الأفريقية ( البوق ) التي صخت سمع العالم شهراً كاملاً انتهى المونديال ، بعد أن تعلقت به الأبصار والقلوب.. الإعلانات تذكّر بالمونديال ، الشاشة ، الشارع ، الناس ، حتى الوجبات السريعة التي يتناولها ( ميسي ) باتت في كل لوحة وعلى كل مطبوعة وشاشة ، أينما تولي وجهك من شطرا تجدها لك بالمرصاد ، حتى لكأنها باتت تطاردنا في المنامات والأحلام !! حقا هي المستديرة مالئة الدنيا وشاغلة الناس .. ها قد وضع المونديال أوزاره ، وانتهت حرب التوقعات والمراهنات ، وهدأت المقاهي العامة ، وعادت الحياة إلى طبيعتها .. بعد كل ذاك أتساءل ... ما الذي أضافه لنا المونديال وما الذي خسرناه فيه ؟

أتذكر حين كنّا صغاراً نقرأ في برتوكولات حكماء صهيون ، كيف أن نظرية المؤامرة قد ترسخت في أذهاننا وآمنا فعلاً أن اليهود استطاعوا أن يشغلوا العالم بهذه الساحرة المستديرة .. أتأمل الآن فأقول هل فعلاً كان كلاماً صحيحاً؟

وإذا كان ذلك كذلك فأي عقول جهنمية وخطط إبليسيه تلك التي يعمل بها القوم في الوقت الذي نعجز فيه نحن عن تدبير كثير من أمورنا المصيرية !!

لم تعد الكرة ساحرة الخاصة من الشباب بل حتى الساسة ( والكبار ) وأئمة الفنّ والسينما وحتى الأطفال والنساء .

الاتحاد الدولي أصبح إمبراطورية ترصد له مليارات الدولارات ، الدول تتسابق لاستضافة المونديال ، الشركات تقتتل في سوق الإعلان والرعاية ،الفضائيات تتسابق لتغطية الحدث ساعة بساعة ولحظة بلحظة .. الأبناء يجيدون تقليد اللاعبين ويتقنون أسماءهم كما لو كانت محفورة في ذاكرتهم ، النساء أصبحن يتعاطين الشأن الرياضي ......وصور ومشاهد يصعب حصرها في هذا المقال .. السوأل ما الذي يحدث ؟

انتهى المونديال ، فما الذي أحزناه ؟

على الصعيد الكروي نقف كعرب ومسلمين في ذيل القائمة لنقول بكل وضوح الكلمة وعري العبارة : لا في الجدّ أحرزنا شيئاً ذا بال ولا في اللعب !!

وعلى صعيد المتابعة كم كان شكل المرأة العربية مقززاً في أحد العواصم العربية وهى قد رسمت أعلام الدول الأجنبية على خدها وجبينها !!

وكم كان الشكل مخزياً حين قدّم عروس رقعة الدعوة لزواجه مذيلة بالتنبيه الأغرب : ( نحيطكم علماً أن القاعة مزودة بشاشات تلفزة لنقل وقائع النهائي ) !!

كم كان مؤسفاً أن ترى الأعلام التي لا تمت إلينا بسبب ولا نسب بل ولا حتى ( برضاع الكبير ) وهى ترفرف في مقاهينا ، وبيوتنا ويتحمس شبابنا بهتافات التشجيع في هدر مشاعري غير ذي فائدة ؟

لمن هذه الهتافات ؟

بكى الناس حين خرجت البرازيل ، وانتحب من انتحب حين تبعتها الأرجنتين .. ماذا سيبقى في المآقي لقتلانا في سفينة الحرية .. هدر في المشاعر والقيم والو لاءات .

خصومات وطلاق في بعض الأحيان ، ودخان أرجيلة أو سيجار ، أعلام ، ألوان ، شاشات كبيرة ، طقوس حملها لنا المونديال فمن ( الرابح الأكبر ؟) .

وعلى الضفة الأخرى : من الخاسر ؟

أما الإخطبوط فقد وقع البعض في حبائله حين تابعه من تابع وصدّقه من صدق ( وكذب المنجمون ولو صدقوا ) ، ويا حسرتاه على دروس التوحيد والإيمان التي فقدها البعض أحوج مانكون إليها .

انتهى المونديال فلا الكأس أحرزنا ولا على مقدراتنا أبقينا .. أهدرت ساعات من الأعمار في متابعةٍ أقل ما فيها أنها للتسلية ،

بالنسبة لي كانت الفائدة الكبرى خلو الشوارع من السيارات والزحام أوقات المباريات ، وأعتقد أن أصحاب المقاهي أحرزوا كسباً مالياً لا بأس به ، وأعتقد أيضاً أن قناة الجزيرة كانت المستفيد من هذا المهرجان الكبير .

استطاعت الكرة أن تدير الرؤوس والوجوه إليها ، ولم نستطع مع كلّ الإرث السماوي الذي عندنا أن نصنع صنيعها .. أليست قسمةً ضيزى ؟

الله المستعان ، وعلى رأي صاحب لي مصري يدعى بهاء : ( الله المستعان أوي )