«دراسة كتب السنة، وفحص وتحقيق كل ما ورد بها، ليس بالأمر البسيط، إذ إنها على كثرتها تحتاج إلى الوقت والجهد والدقة والفهم الواعى المستنير». استجابت محكمة القضاء الإدارى لرد مجمع البحوث الإسلامية، ورفضت الدعاوى المقامة ضد شيخ الأزهر، للمطالبة بتنقية كتب «صحيح البخارى» و«الصحاح الستة»، من الشوائب وتجريدها من الخرافات والأحاديث التى تحمل فى متونها إساءات إلى النبى وافتراءات عليه. كما رفضت المحكمة، فى حيثياتها التى صدرت، أول من أمس، إلزام مجمع البحوث الإسلامية، بجدول زمنى محدد، للتحقق من جميع نصوص كتب الصحاح الستة.

لجنة بحوث السنة والسيرة التابعة لمجمع البحوث الإسلامية فندت فى مذكرة، سلمتها للمحكمة، وحصلت «التحرير» على نسخة منها، ما جاء فى الدعوى «لا نعرف أين الخلل والشوائب التى يزعمها بعض المخبولين، ويطلبون من الأزهر وشيخه ومجمع البحوث الإسلامية أن ينقى صحيح البخارى منها؟»، جازمة بأن كتاب البخارى «هو أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل»، مضيفة أن «إثارة الشكوك والشبهات حوله، غرضها إثارة البلبلة والطعن فى الإسلام والسنة النبوية».

اللجنة أشارت إلى أنه بالنسبة للادعاء بأن البخارى أنكر قرآنية المعوذتين، فإن «منهج الإمام البخارى فى ترتيب كتابه، وسوقه الروايات تحت عناوين دقيقة، تنبئ عن فهمه الواعى لما يرويه»، وقالت إن «الأمانة العلمية التى يتصف بها البخارى، جعلته يروى عن ابن مسعود ظنه بأن المعوذتين ليستا من القرآن، بناء على فهمه، بأن النبى صلى الله عليه وسلم، عوّذ بها الحسن والحسين، وحث على التعوذ بهما، ولم يسمع من النبى الإذن بكتابتهما فى المصحف، فامتنع عن كتابتهما، حتى علم من جمهور الصحابة أن الرسول أمر بكتابتهما، وبقراءته لهما فى الصلاة»، وأضافت «رجع ابن مسعود عن ظنه، وأمر تلامذته أن يكتبوهما».

وعن الادعاء بأن البخارى حرَّف الآية الثالثة من سورة «الليل» عندما ذكر قراءتها «والذكر والأنثى..» ردت اللجنة قائلة إن النبى قرأها كما رواها البخارى، كما أن ذلك يدل على أمانة النقل ودقته فى نسبة تلك القراءة إلى ابن مسعود وابن الدرداء، أما الجمهور فقد قرأها كما هو المثبت فى المصحف العثمانى».

وفيما يتعلق بادعاء البعض بأن البخارى يشكك فى كلمات الآية رقم 184 من سورة البقرة، أكدت اللجنة أن ذلك الادعاء يدل على أن المروجين له لا علم لهم مطلقا بأن بعض القراءات الواردة عن الصحابة، كان يلاحظ فيها التفسير، ومعروف عن ابن عباس أنه ترجمان القرآن، وكان فى قراءته يشرح معنى «يطيقونه» بقوله «يطوقونه»، أى يكلفونه بمشقة، وهو ما فعله ابن مسعود أيضا.

اللجنة رفضت ادعاء أصحاب الدعوى القضائية بأن كتاب البخارى حرَّف الآية 85 من سورة الإسراء، بتحريف كلمة «وما أوتيتم..» حيث أورد قراءة بـ«وما أوتوا»، رغم أن البخارى، حسب اللجنة، أورد تلك القراءة، تحت عنوان «باب قول الله تعالى.. وما أوتيتم من العلم إلا قليلا»، والمعروف حسب اللجنة أن قرآنية الكلمة، لا تثبت إلا بالتواتر.


(المصدر: التحرير)