صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 21

الموضوع: بغداد بين سقوطين

  1. #1
    عضو ذهبي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    2,713
    الدولة: Egypt
    معدل تقييم المستوى
    44

    بغداد بين سقوطين





    سقوط بغداد في يد التتار وأمريكا
    ما أشبه الليلة بالبارحة!!


    ما أشبه سقوط بغداد تحت أقدام أمريكا بسقوط بغداد تحت أقدام التتار!!..

    ما أشبه مسلمي اليوم بالمسلمين أيام التتار..

    وما أشبه حكام المسلمين اليوم بحكام المسلمين أيام التتار..

    وما أشبه الأمريكان بالتتار..



    وما أشبه حلفاء الأمريكان بحلفاء التتار..

    صورة متكررة في التاريخ بشكل عجيب..

    لقد ظهرت أمريكا فجأة على مسرح الأحداث كما ظهر التتار تماماً.. أمة بلا تاريخ.. قامت على السلب والنهب.. قتل الأمريكان عشرات.. بل مئات الألوف من الهنود الحمر لكي يقيموا لهم دولة.. نهبوا ثروات غيرهم وأقاموا ما يسمونه "حضارتهم" على أشلاء وجماجم سكان البلاد الأصليين..

    ومرت الأيام وصاروا "قطباً أوحد" في الأرض تماماً كما كان التتار.. ولم يقبلوا الآخر أبداً.. ورسخوا الظلم والبطش والقهر في الأرض مع ادعائهم المستمر أنهم ما جاءوا إلا لنشر العدل والحرية والأمان للشعوب..



    ما أشبه طاولة مفاوضات الأمريكان بطاولة مفاوضات التتار! عهود ولا ضمير.. مواثيق ولا أمان.. كلمات جوفاء تطلق في الهواء لتسكين الشعوب إلى أجل.. ولخداع البشر إلى حين.. والعزم مبيت على نقض العهود.. والنية معقودة على الطعن من الظهر..



    لقد دخل الأمريكان بلاد المسلمين بحجج واهية تماماً كما دخل التتار بحجج واهية..

    ما احتاجوا إلى دليل دامغ أو إلى حجة ساطعة.. بل هي أوهام في أوهام.. وادعاءات في ادعاءات.. فتارة هم يحاربون الإرهاب.. وتارة يرسخون الديمقراطية.. وتارة يحررون الشعوب.. وتارة يبحثون عن أسلحة الدمار الشامل!!..

    ليس المهم أي سبب سيدخلون من وراءه، ولكن المهم أنهم حتماً سيدخلون..


    حروب أمريكا

    لقد حارب الأمريكان في بلاد المسلمين حروباً كحروب التتار.. حروبًا بلا قلب.. لا تفرق بين مدني ومحارب.. ولا بين رجل وامرأة.. ولا بين طفل أو شاب أو شيخ كبير.. واستولى الأمريكان على ثروات المسلمين تماماً كما فعل التتار.. وإلا فما الفارق بين البترول وبين الذهب والفضة؟! وما الفارق بين تغير المناهج وتبديلها وتزييفها وبين حرق مكتبة بغداد وإغراقها؟!!..

    طمس لكل ما هو إسلامي.. وروح همجية لا تقبل الحضارة..


    أمريكا وغزو العراق

    وسبحان الله.. كأن الله أراد أن يطابق أمريكا أفعال التتار فجعل خطواتهم في غزو العراق وإسقاط بغداد شديدة الشبه بخطوات التتار..



    فكما تمركز التتار في أفغانستان أولاً قبل إسقاط بغداد.. تمركز الأمريكان كذلك في أفغانستان عن طريق الاحتلال وإسقاط نظام طالبان قبل إسقاط بغداد!! وسعوا إلى إقامة قواعد لهم في أوزبكستان وباكستان.. كما فعل التتار ذلك تمامًا قبل عدّة قرون!!! [أتواصوا به بل هم قوم طاغون].



    وكما كان إعداد التتار العسكري مبهراً وقوياً كذلك كان إعداد الأمريكان.. فهم لم يبخلوا على حربهم بالمال ولا بالسلاح ولا بالفكر.. أساطيل مهولة.. وأسلحة حديثة.. واستعدادات وتدريبات وحصار وخطط..



    وكما عقد التتار أحلافهم عقد الأمريكان أحلافهم كذلك..

    وإذا كان منكوخان خاقان التتار أيام سقوط بغداد يقسّم العالم إلى دول "مارقة" أي: معادية.. ودول "صديقة" أي: تابعة، فكذلك فعل خاقان أمريكا "جورج بوش!!".. بمنطق السيد الذي يسوس عبيده لا الحليف الذي يعاهد ويفاوض..



    وكما تحالف التتار مع الصليبيين على حرب المسلمين مع اختلاف أيديولوجياتهم وسياساتهم وتوجهاتهم واستراتيجياتهم.. كذلك تحالف الأمريكان مع اليهود مع شدة العداء بين النصارى واليهود.. وتعاونت أمريكا مع الروس برغم التاريخ الأسود الذي يجمع بين البلدين.. وجلس الأمريكان على طاولة المفاوضات مع الصين مع توجس كل طرف من الآخر..



    وكما كون التتار قوات التحالف وتحالفوا مع دول نصرانية ضعيفة - مقارنة بهم - كأرمينية والكرج.. فعل ذلك الأمريكان وتحالفوا مع إنجلترا وأسبانيا وغيرهما مع ضعف هذه الدول بالنسبة لأمريكا! واستفادوا من هذه الدول كما استفاد التتار من أرمينية: فإنجلترا - مثلاً - صاحبة خبرة بعيدة في بلاد المسلمين, ولها معهم تاريخ طويل, كما أنها ستتولى السيطرة على مناطق قد يكون بها خطورة شديدة على الأمريكان فلا مانع من دفع الإنجليز إلى هذه المناطق في مقابل الفتات، وفي مقابل السماح لهم بالعيش إلى جوار الأمريكان..



    وكما تعاهد التتار مع بعض أمراء المسلمين.. فعل الأمريكان نفس الشيء.. وتحالفوا مع بعض الأمراء المسلمين.. أو مع كثير من الأمراء المسلمين.. وكما تحالف بدر الدين لؤلؤ زعيم الأكراد في شمال العراق مع التتار كذلك تحالف أكراد الشمال العراقي مع الأمريكان، وكما فتح كيكاوس الثاني وقلج أرسلان الرابع المجال الأرض التركي لقوات التتار فعل كذلك الأتراك الآن.. وكما اخترقت الجيوش التترية أراضي المسلمين دون مقاومة لتصل إلى العراق كذلك اخترقت جيوش الأمريكان أراضي المسلمين الآن ليس فقط بدون مقاومة ولكن بترحيب عال، وباستقبال حافل..



    حقاً.. ما أشبه الليلة بالبارحة!!

    فكما فكر التتار في التعاون في ****** في العراق فكر الأمريكان كذلك..

    وكما استغل التتار بعض المنافقين من المسلمين لبث الحرب الإعلامية التي تحط من نفسيات المسلمين، وتلقي الرعب في قلوبهم قام الأمريكان بنفس الشيء حتى رأينا الصحف القومية في البلاد الإسلامية تتحدث عن تدريبات أمريكا وتسليحاتهم وإمكانياتهم، وتوسع الفجوة جداً بين أمريكا والمسلمين، وتحبط المسلمين من أي إمكانية للمقاومة..



    وكما عمد هولاكو إلى توصية مؤيد الدين العلقمي ال**** أن يقوم بإنقاص أعداد الجيوش الإسلامية كذلك فعلت أمريكا مع كثير من بلاد المسلمين فوضعوا عليها قيوداً في التسليح وفي أعداد الجنود وفي التدريبات..

    وكما حوصرت بغداد من التتار حوصرت من الأمريكان، وكما قُصفت بغداد من التتار قُصفت من الأمريكان كذلك، وكما انهارت أسوارها تحت قذائف التتار انهارت كذلك تحت قذائف الأمريكان..

    وكما طلب التتار تسليم المجاهدين فعل ذلك الأمريكان..

    وكما طلب التتار تدمير الأسلحة فعل ذلك الأمريكان..

    وكما هرب المستعصم بالله من الموقف ورضى بالهوان كذلك فعل صدام حسين..

    وكما قُتل ولدا المستعصم قبل أن يُقبض عليه قُتل ولدا صدام قبل أن يُقبض عليه!!!..

    وكما خالف التتار عهودهم بالأمان قبل دخول بغداد كذلك خالف الأمريكان..

    وكما دخل التتار البلاد لكي لا يخرجوا منها.. دخلت كذلك أمريكا العراق لكي لا يخرجوا منها..

    تطابق مذهل بين التاريخ والواقع!!


    الكفر ملة واحدة

    لكن كل هذا الشبه بين التتار وأمريكا لا يخيفني ولا يرهبني.. فملة الكفر واحدة.. وحال الكفار يتشابه في كل الأزمان، إن ما يخيفني ويرهبني حقاً هو تشابه واقع المسلمين اليوم مع واقعهم أيام التتار.. فنحن لا نهزم أبداً لقوة الكفار سواء كانوا من التتار أو الفرس أو الروم أو الروس أو الأمريكان أو غيرهم.. إنما نهزم لضعفنا نحن.. لقد افتقر المسلمون أيام التتار لكل مقومات النصر فكان لابد من الهزيمة والذل والهوان.. وكذلك افتقر المسلمون في زماننا إلى نفس مقومات النصر فكانت النتيجة هي العربدة الأمريكية والروسية والهندوسية واليهودية والصربية في أراضي المسلمين..

    الأمراض الأخلاقية التي تفشت في الأمة الإسلامية وكانت سبباً في هذا الانهيار أيام التتار هي نفس الأمراض الأخلاقية التي تتفشى في أمتنا اليوم..



    د راغب السرجاني


  2. #2
    عضو الصورة الرمزية مكة روحى
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    978
    الدولة: Egypt
    معدل تقييم المستوى
    19

    رد: بغداد بين سقوطين

    الدكتور راغب السرجانى لة موسوعات صوتية فى التاريخ انصح الجميع بسماعها
    منها التتار و القدس و الكثير
    لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة

  3. #3
    عضو برونزي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    1,637
    الدولة: Andorra
    معدل تقييم المستوى
    31

    رد: بغداد بين سقوطين

    بارك الله فيك .

    لمن يحب التاريخ الإسلامي والعربي عموماً , دونكم الدكتور يوسف الدعيج , بحر في التاريخ ماشاء الله
    [CENTER]

    [COLOR=#0000cd][SIZE=3][B]لعمرك لو أغنى عن الحق أنه ... هو الحق ماكان الرسول يقاتل[/B][/SIZE][/COLOR][/CENTER]

  4. #4
    عضو ذهبي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    2,713
    الدولة: Egypt
    معدل تقييم المستوى
    44

    رد: بغداد بين سقوطين

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مكة روحى مشاهدة المشاركة
    الدكتور راغب السرجانى لة موسوعات صوتية فى التاريخ انصح الجميع بسماعها
    منها التتار و القدس و الكثير

    انا كنت بالصدفه بدور علي معلومه علي النت عن التتار بالصدفه دخلت علي الموقع بدائت في قرائه اول مقاله لم اتحرك من امام الجهاز الا بعد 3 ساعات الا بعد انتهائي من قرائه جميع المقالات الخاصه بحروب التتار له اسلوب ساحر في سرد المعلومات بحر من المعلومات لاي ينتهي

  5. #5
    إداري سابق
    تاريخ التسجيل
    Jun 2002
    المشاركات
    18,891
    معدل تقييم المستوى
    121

    رد: بغداد بين سقوطين

    كلام مؤثر جدا، شكرا أخي أحمد على النقل، من أجمل ما سمعت خلال أسابيع.
    سأقوم بإضافة على فيس بوك.

    معلومة أضيفها...
    جيش التتار بقيادة هولاكو توجه لبعض المدن العراقية، فخرج عليه أمير المؤمنين "المستعصم" بجيش قوامه 800 شخص، فانسحب هولاكو مسرعا، فقد كان يظن أن المستعصم خرج له بكافة المسلمين، فانسحب عائدا إلى قاعدته في وسط آسيا، وعاد بعد عام... هذه أمة تنصر بالرعب، لكنها إذا فرت هُزمت وإذا كرت نُصرت.

  6. #6
    إداري سابق
    تاريخ التسجيل
    Jun 2002
    المشاركات
    18,891
    معدل تقييم المستوى
    121

    رد: بغداد بين سقوطين

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hack4love مشاهدة المشاركة
    انا كنت بالصدفه بدور علي معلومه علي النت عن التتار بالصدفه دخلت علي الموقع بدائت في قرائه اول مقاله لم اتحرك من امام الجهاز الا بعد 3 ساعات الا بعد انتهائي من قرائه جميع المقالات الخاصه بحروب التتار له اسلوب ساحر في سرد المعلومات بحر من المعلومات لاي ينتهي
    انت مصري، معقول يعني ولا مرة شفت الدكتور على التلفاز؟
    هذا أحد القلة الذين حينما اقلب القنوات وأشاهده أحط عليه واتسمر امام التلفاز.

  7. #7
    عضو ذهبي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    2,713
    الدولة: Egypt
    معدل تقييم المستوى
    44

    رد: بغداد بين سقوطين

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Mubarak مشاهدة المشاركة
    انت مصري، معقول يعني ولا مرة شفت الدكتور على التلفاز؟
    هذا أحد القلة الذين حينما اقلب القنوات وأشاهده أحط عليه واتسمر امام التلفاز.
    :o للاسف لا

  8. #8
    إداري سابق
    تاريخ التسجيل
    Jun 2002
    المشاركات
    18,891
    معدل تقييم المستوى
    121

    رد: بغداد بين سقوطين

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hack4love مشاهدة المشاركة
    :o للاسف لا
    تابعه على التلفاز، حتشوف الطرح الأجمل.

  9. #9
    عضو الصورة الرمزية مكة روحى
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    978
    الدولة: Egypt
    معدل تقييم المستوى
    19

    رد: بغداد بين سقوطين

    ان شاء الله ستكون نهايتهم مثل نهاية التتار على يد مصر الاسلامية ان شاء الله
    لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة

  10. #10
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المشاركات
    103
    الدولة: Iraq
    معدل تقييم المستوى
    0

    رد: بغداد بين سقوطين

    وكما تحالف بدر الدين لؤلؤ زعيم الأكراد في شمال العراق مع التتار كذلك تحالف أكراد الشمال العراقي مع الأمريكان
    كذبت ورب الكعبة:eek:

    كوردي عراقي

  11. #11
    عضو ذهبي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    2,713
    الدولة: Egypt
    معدل تقييم المستوى
    44

    رد: بغداد بين سقوطين

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مكة روحى مشاهدة المشاركة
    ان شاء الله ستكون نهايتهم مثل نهاية التتار على يد مصر الاسلامية ان شاء الله


    اقراء المقاله دي وانته تعرف ازي المسلمون في مصر انتصرو

    السبب الأول
    الإيمان بالله والثقة في نصره

    يتلخص في الإيمان بالله، والاعتقاد الجازم بأن النصر لا يكون إلا من عنده I.. ولذلك اهتم قطز رحمه الله بالناحية الإيمانية عند الجيش وعند الأمة، وعظّم دور العلماء، وحفز شعبه لحرب التتار من منطلق إسلامي وليس من منطلق قومي أو عنصري، ولخص ذلك في عين جالوت بكلمته الموفقة "واإسلاماه"، ولم يقل: وامصراه.. وامُلْكاه.. واعروبتاه!!.. لقد كانت الغاية واضحة جداً عند قطز رحمه الله، وكانت هويتُه إسلامية تماماً.. ووضوح الرؤية ونقاء الهوية كان سبباً مباشراً من أسباب النصر، بل هو أعظمها على الإطلاق..



    وقد ظهر رسوخ هذا الأمر في نفس قطز رحمه الله عندما لجأ إلى الله بوضوح عند الأزمة الخطيرة في عين جالوت, حيث وقف متضرعًا يناجي ربه ويقول: "يا الله.. انصر عبدك قطز على التتار".. فالدعاء هو العبادة.. الدعاء اعتراف من العبد بعبوديته لله U.. الدعاء إعلان صريح من العبد أنه فقير لرب العالمين..

    لقد كان قطز رحمه الله يدرك في كل خطوة من خطوات إعداده أنه لن يفلح إلا إذا أراد الله ، ولذلك لابد أن يطلب منه باستمرار وبإلحاح وبخشوع وبتضرع.. ولم ينسب النصر إلى نفسه أبداً.. بل كان دائما ينسبه إلى الله ؛ لأنه يعلم أنه كثيراً ما طلب من الله ، وأن الله قد تفضّل وتكرّم عليه بالنصر والتوفيق.. فلله تعالى المنّة والفضل..

    السبب الثاني
    الوحدة بين المسلمين

    فالأمة المتفرقة لا تُنصر، وقد حرص قطز رحمه الله منذ اليوم الأول لارتقائه عرش مصر أن يوحّد المسلمين قدر ما يستطيع؛ فعفا عن المماليك البحرية، وجمعهم مع المماليك المعزّية، وراسل ملوك الشام الأيوبيين، وتقرب منهم، وضم إلى قواته الشاميين والخوارزمية والمتطوعين بصرف النظر عن أصولهم وأعراقهم... وبذلك نجح في تحقيق ما كان يعتقد الكثيرون أنه مستحيل.

    السبب الثالث
    إذكاء روح الجهاد في الأمة

    فقد تيقن قطز رحمه الله أن السبيل الأساسي لاستعادة حقوق المسلمين هو الجهاد، وأن السلام إذا صلح أن يكون اختياراً في بعض الظروف، إلا أنه لا يمكن أن يُختار إذا انتُهبت حقوق المسلمين، وإذا سُفكت دماؤهم، وإذا شُرّدوا في الأرض.. السلام لا يكون إلا باستعادة كامل الحقوق، ولا يكون إلا ونحن أعزّاء، ولا يكون إلا ونحن نمتلك قوة الردع الكافية لدحر العدو إذا خالف معاهدة السلام.. أما بدون ذلك فالسلام لا يكون سلاماً بل يكون استسلاماً، وهو ما لا يُقبل في نظر الشرع..



    والحق أن شعب مصر كان مؤهلاً للجهاد، ومعظماً له من جرّاء الحروب الصليبية المتتالية، ولذلك كان سهلاً على قطز رحمه الله أن يذكّر الناس بالجهاد كسبب رئيسي من أسباب النصر، ولابد أن تفقه الأمة الإسلامية أنها لا سبيل لها لرفع رأسها في الأرض إلا بالجهاد، ولذلك فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام.. أي أعلى ما فيه، ومن يتمسك به يكن أعلى الناس في الأرض..

    السبب الرابع
    الإعداد الجيد للمعركة

    فقد أخذ قطز بكل الأسباب المادية لتقوية جيشه، من إعداد للسلاح وتدريب للجنود، وترتيب للصفوف، ووضع للخطة المناسبة، واختيار المكان المناسب، وعقد الأحلاف الدبلوماسية المناسبة، وتهيئة الجو على أفضل ما يكون، ويكفي أن نذكر هنا بالصورة الجميلة البهية الرائعة التى كانت عليها جيوش المماليك في عين جالوت، وكأنها تتجه إلى عرض عسكري، وليس إلى معركة ضارية..

    ومن لم يعدّ العدة وتوقَعَ النصر فلا شك أنه واهم.. ليس هذا من سنن الله ..

    السبب الخامس
    القدوة

    التي ضربها قطز رحمه الله لجنوده ولأمته في كل الأعمال.. وتربية القدوة أعلى آلاف المرات من تربية الخطب والمقالات.. كان قطز رحمه الله قدوة في أخلاقه.. قدوة في نظافة يده.. قدوة في جهاده.. قدوة في إيمانه.. قدوة في عفوه...

    لم يشعر الجنود أبداً بأنهم غرباء عن قطز.. لقد نزل قطز رحمه الله بنفسه إلى خندق الجنود وقاتل معهم، فكان حتماً أن يقاتلوا معه..

    السبب السادس
    عدم موالاة أعداء الأمة

    فلم يوال قطز رحمه الله التتار أبداً مع فارق القوة والإعداد بينهما.. كما لم يوال أمراء النصارى في الشام مع احتياجه لذلك.. لقد سقط الكثير من الزعماء قبل قطز في مستنقع الموالاة للكفار، وكان منطلقُهم في ذلك أنهم يجنّبون أنفسهم أساساً.. ثم يجنبون شعوبهم بعد ذلك - كما يدَّعون - ويلات الحروب.. فارتكبوا خطأً شرعياً شنيعاً.. بل ارتكبوا أخطاءً مركبة؛ فتجنب الجهاد مع الحاجة إليه خطأ.. وتربية الشعب على الخنوع لأعدائه خطأ آخر.. وموالاة العدو واعتباره صديقاً خطأ ثالث...



    لكن قطز رحمه الله كان واضح الرؤية.. وتحقق له هذا الوضوح في الرؤية بفضل تمسكه بشرع الله .. لقد قرأ في كتاب الله:

    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].



    وهذا تحذير خطير.. بل خطير جداً.. من رب العالمين..

    وكم هو أحمق - بل ضعيف الإيمان - من يستمع إلى هذا التحذير ثم لا يتلفت إليه..

    السبب السابع
    بث روح الأمل في الجيش والأمة

    فالأمة المحبطة من المستحيل أن تنتصر.. والإحباط والقنوط واليأس ليست من صفات المؤمنين..

    {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87].



    لقد عمل قطز رحمه الله على رفع الروح المعنوية للجيش وللأمة.. ووضح لهم أن نصر الله للأمة التي سارت في طريقه ليس أمراً محتملاً، بل هو أمر مؤكد، وأمر يقيني.. وأمر عقائدي..

    {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة: 21].

    هذه - أيها المؤمنون - قضية منتهية!!

    السبب الثامن
    الشورى الحقيقية

    التي سار على هداها قطز رحمه الله في كل خطواته تقريباً.. الشورى التي تسعى - حقيقة - للوصول إلى أفضل الآراء، لا إلى تثبيت وتدعيم رأي الزعيم!! الشورى أصل من أصول الحكم في الإسلام.. والذي لا يأخذ بها يضحّي بملايين الطاقات في شعبه، ويفترض في نفسه الكمال، ويخالف طريق الأنبياء، ويورث الضغينة في قلوب أتباعه، ويقع في الخطأ تلو الخطأ.. وفوق ذلك كلِّه يخالف أمر الله الذي جاء بلفظ صريح في كتابه العزيز..

    {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159].

    السبب التاسع
    توسيد الأمر لأهله

    فقد ولَّى قطز رحمه الله أولئك الذين يتصفون بصفتين رئيسيتين هامتين لكل وظيفة ـ صغرت أم كبرت ـ هاتان الصفتان هما: الكفاءة والأمانة ..

    {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26].



    القوي في مجال عمله.. المتفوق على أقرانه.. السابق لهم.. المتقن لعمله المبدع فيه..

    والأمين الذي لا يضيع حق الله ولا حق العباد ولا حق الأمة ولا حق نفسه..

    وكم تخسر الأمم إذا وُسّد الأمر لغير أهله.. بل هي من علامات الساعة..



    فعن أبي هريرة t أن أعرابياً سأل رسول الله : متى الساعة؟ فقال: إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال: كيف أضاعتها؟ قال: إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة.."[1].

    فإذا تولى الأمورَ رجالٌ لا يمتلكون كفاءة ولا يتصفون بأمانة، ولم يصلوا إلى مكانهم إلا بوساطة أو قرابة أو رشوة.. إذا حدث ذلك فاعلم أن النصر بعيد!!



    وقد رأينا في قصتنا هذه كيف ولَّى قطز رحمه الله فارس الدين أقطاي رئاسة الجيش مع كونه من المماليك البحرية، وكذلك ولى ركن الدين بيبرس على مقدمة جيش المسلمين في عين جالوت مع كونه منافسًا له وصاحب تاريخ وقوة, ومع كونه زعيمًا للمماليك البحرية، ورأينا كيف ولى أمراء الشام على بلادهم ولم يول أصحابه وأقاربه.. ومن كان على هذه الصورة فلابد أن يُنصر.. لأن من حفظ الأمانة حفظه رب العالمين..

    "احفظ الله يحفظك.."[2] هذه قاعدة ثابتة من قواعد النصر..


    السبب العاشر
    الزهد في الدنيا

    وما يفشل الزعماء الوهميون - في زمان قطز أو في زماننا أو إلى يوم القيامة – إلا بغرقهم في الدنيا, وانغماسهم فيها.. وما ظلموا شعوبهم, وما والَوا أعداءهم.. إلا جريًا وراء المادة, وسعيًا وراء الدنيا..

    ولذلك كان رسول الله دائم التحذير من أمر الدنيا .. فعن أبي سعيد الخدري t أنه قال: جلس رسول الله على المنبر, وجلسنا حوله.. فقال: "إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يُفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها.."[3].



    ولم تكن تلك هي المرة الوحيدة التي حذرنا فيها رسول الله من أمر الدنيا؛ فهذا أمر متكرر كثيرًا, وبأكثر من صيغة, وفي أكثر من موقف, وليس كل ذلك إلا لخطورتها الشديدة على المسلمين.. بل على المؤمنين..



    وفي قصتنا هذه رأينا الذين تعلقوا بالدنيا كيف كانت حياتهم وطموحاتهم وأحلامهم، وكيف باعوا أنفسهم وشعوبهم وأخلاقهم، بل وعقيدتهم، من أجل أعراضٍ رخيصة من الدنيا.. ورأينا كيف عاشوا في ذلة وصغار، وكيف ماتوا في ذلة كذلك.. رأينا محمد بن خوارزم, وجلال الدين بن خوارزم, والناصر لدين الله الخليفة العباسي, والمستعصم بالله, وبدر الدين لؤلؤ, والناصر الأيوبي وغيرهم...



    أما قطز فقد فطن إلى هذا المرض الذي ابتلي به هؤلاء الضعفاء فزهد فيه وتجنبه، وعلم أن متاع الدنيا -مهما كثر- فهو قليل، وأن نعيمها ـ مهما كان له بريق ـ فهو زائف ومنقطع؛ فلذلك لم يُفتن بالدنيا لحظة، ولم يطمع فيها قيد أنملة، بل حرص على أن يبيع دنياه كلها، ويشتري الجنة، فترك المال الغزير الذي كان تحت يده، ولم يطمع فيه.. بل باع ما يمتلكه ليجهز جيوش المسلمين المتجهة لحرب التتار..



    ولم يطمع في كرسي الحكم, بل عرض القيادة على الناصر يوسف الأيوبي ـ على قلة شأنه ـ إذا قبل بالوحدة بين مصر والشام، ولم يطمع في استقرار عائلي أو اجتماعي أو أمن وأمان، فكرس حياته للجهاد والقتال، على صعوبته وخطورته، ولم يطمع في أن يمتد به العمر؛ فخرج بنفسه على رأس الجيوش ليحارب التتار في حرب مهلكة.



    ولا شك أن قطز رحمه الله يعلم أنه سيكون أول المطلوبين للقتل، ولا شك أنه يدرك كذلك أنه إذا لم يخرج بنفسه، وأخرج من ينوب عنه، فإن أحدًا لن يلومه؛ لأنه الملك الذي يجب أن يُحافظ على نفسه لأجل مصلحة الأمة، لكنه اشتاق بصدق إلى الجهاد في سبيل الله، وتمنى الموت بين صليل السيوف وأسنة الرماح، وزهد في هذه الدنيا الفانية؛ فلم يتردد لحظة، ولم يجزع أبدًا، وكانت حياته تطبيقًا عمليًا كاملاً لكلماته.. ولذلك أعطاه الله الدنيا التي فر منها، وأعطاه الكرسي الذي زهد فيه، وأمده بالغنائم الهائلة، والمال الوفير الذي لم يفكر في الحصول عليه أبدًا!!..



    وهكذا عاش قطز رحمه الله عزيزًا شريفًا رافعًا رأسه، مُعِزًا لدين الله، محبوبًا من شعبه، مرهوبًا من أعدائه...



    لقد فقه قطز رحمه الله أن رزق العبد مكفول له قبل أن يولد، وأن نصيبه من المال والسلطة والملك سوف يصل إليه حتمًا، بل سيجري وراءه حثيثًا.. ولذلك لم يُذِلَّ نفسه أبدًا، وكان دائمًا يعتمد على الذي بيده الرزق والأمر سبحانه، وأجْمَلَ في الطلب؛ فلم يخضع لإنسان مهما بلغت قوته، ولم يرهب جيشًا مهما كانت عدته، وفقه بعمق كلام رسول الله الذي رواه ابن ماجة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما, والذي قال فيه: "أيها الناس, اتقوا الله وأجملوا في الطلب؛ فإن نفسًا لن تموت حتى تستوفي رزقها, وإن أبطأ عنها.. فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب.. خذوا ما حَلَّ, ودعوا ما حَرُمَ.."[4]..



    رحم الله هذا العلم الجليل، والقائد الفذ قطز.. الذي تعلمنا منه ـ ولا نزال نتعلم ـ كيف يعيش المسلم بالقرآن، وكيف تخالط كلمات الحبيب المصطفى كل ذرة من كيانه.

    ونسأل الله أن يصلح آخرته كما أصلح دنياه، وأن يعزه أمام الخلق يوم العرض الأكبر، كما أعزه في عين جالوت، وأن يكتب اسمه في سجل الصادقين المخلصين المجاهدين، كما كتب اسمه في سجل الخالدين.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.



    كان هذا هو السبب العاشر من أسباب النصر في هذه الموقعة الجليلة.... فتلك عشرة كاملة.. وأسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين.

  12. #12
    عضو ذهبي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    2,713
    الدولة: Egypt
    معدل تقييم المستوى
    44

    رد: بغداد بين سقوطين

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة yes 1 مشاهدة المشاركة
    [SIZE=4]

    كذبت ورب الكعبة:eek:

    كوردي عراقي

    يمكنك مراسله الدكتور علي موقعه

  13. #13
    عضو فضي الصورة الرمزية skyboyextreme
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    1,357
    الدولة: Egypt
    معدل تقييم المستوى
    18

    رد: بغداد بين سقوطين

    ان شاء الله ستكون نهايتهم مثل نهاية التتار على يد مصر
    معلومة قد تكون غير معروفة قليلاً لكن بعد أن أوقف قطز التتار وتولى بعدة بيبرس وبعدها ضعفت الدولة المملوكية ...

    وفى هذة الاثناء جمع التتار شتاتهم و جهزوا جيش عظيم بقيادة واحد من اكثر الملوك دموية وهو تيمورلنك و اللى مات فى فترة غزواتة أعداد مهولة من الناس ولا يوجد أى تأريخ لهذة الفترة فى مصر ولا كام واحد مات ولا ايى اللحص بالظبط ..

    مجرد خراب تتارى هبط ورحل وقتل أعداد مهولة فى فترة صغيرة جداً لم يعرف عنها أحد اى شيء !!!

    وكان واخد شبة الجزيرة العربية رايح جاى قتل وحرق ماشاءالله .. ووأسر السلطان العثمانى كمان فى السكة !

  14. #14
    عضو الصورة الرمزية مكة روحى
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    978
    الدولة: Egypt
    معدل تقييم المستوى
    19

    رد: بغداد بين سقوطين

    ^^ اخى ممكن المصدر من كتب التاريخ لانى اول مرة اسمع الكلام دة
    لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة

  15. #15
    إداري سابق
    تاريخ التسجيل
    Jun 2002
    المشاركات
    18,891
    معدل تقييم المستوى
    121

    رد: بغداد بين سقوطين

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة yes 1 مشاهدة المشاركة
    [SIZE=4]

    كذبت ورب الكعبة:eek:

    كوردي عراقي
    الحقيقة كان من السهل أن لا تكذبه..

    الحزبين الكرديين شاركوا بلا شك.
    كما شاركت غالب الحكومات العربية في السكوت.
    وشاركت بعض الحكومات في توفير قواعدها للوقات الأمريكية لتقصف العراق.

    لذلك لا تعتبون على الأكراد بينما الحكومات العربية فعلت ما هو أشد، إذ لو وقف العرب مع العراق لما فعل ذلك البرزاني والطالباني.

صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 16-04-2008, 03:25
  2. بغداد ..بين التحرير والاحتلال
    بواسطة سيف المدرس في المنتدى الأرشيف
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 12-04-2008, 15:43
  3. CBT او LearnKey في بغداد
    بواسطة FirasKudsy في المنتدى الأرشيف
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 16-11-2005, 20:40
  4. منهاج سيسكو في بغداد ؟؟
    بواسطة CCNA Starter في المنتدى الأرشيف
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 25-06-2005, 17:02

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •