السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إليكم هذه القطعة الفنية لهذا الكاتب الفذّ , أضعها وأنا أختلف معه في بعض الأشياء , لكنها قطعة فنية بحقّ , وهي كُتبت قبل الثورات . هذا هو الأدب الحقيقي لا أدب العهر والإلحاد ... :


الرسالة الــ100

.
.
.

صباحُ الحكاياتِ التائهةِ التي ضلّتِ الطريقَ إلى حناجرِ رواتِهَا فماتوا في رُبعِهَا الخَالي قافلةً إثر قافلة ... ظمْأى
صباحُ الحكاياتِ الآثمةِ لن يرويهَا إلَّايَّ ، ولن يقرأها إلَّاكَ
ثكْلى كالخنسَاء ... بلهاءَ كهَنبقة ... جشِعةً كأشعب ... بها مسٌّ كجُحا ... ثمِلةً كأبي نوَّاس ... هجَّاءَةً كابن الرومي ... متطيرةً كالمعريِّ ... مُتعجرفةً كالمتنبي ... أسِيرةً كأبي فراس ... قابعةً في زاويةٍ كـ واصِلِ بن عطاء ... أعتزِلُهُم لأقصَّها عليكَ في رسالةٍ ستأتيكَ حافيةً عبر قارةٍ ومحيطٍ ، فحينَ تصلكَ جففها ، واربتْ على كتفها من عناءِ المسَافة ، وحينَ ترتاح عندَكَ جرِّبْ شيئاً غير قراءَتِها ، فما المُغري في الرسالة المئة ؟! اضمُمْها إلى نعاجِكَ فقد أكفلتُكَهَا ولن أعزّكَ في الخِطاب !

تسْألني ـ وقد بلغتَ المئةَ قبلي أيهَا الطاعنُ في الهزائِمِ ـ ما أخبارُ الصَّحراءِ ، وكيفَ هُم الأعرابُ ، وما فعلتِ القافلةُ ، وقومُكَ ، والكوكبُ المجنونُ الذي ظنَّوه يوماً قابعاً على قرنِ ثورٍ فإذا به يسبحُ في محيطٍ خالٍ من المَاءِ ؟ وليكنْ الخبرُ بلونِ الصَّباحَاتِ !

صَباحُكَ عطشٌ ، خرجَ قومُكَ لصلاةِ الإستسقاءِ بلا مظلاتٍ فأنّى يُستجابُ لهم ! وإمامُ مسجدِنا القديمِ بُحَّ صوتُه وهو يخبرُهُم أنَّه ما قلَّتِ الأطباقُ على الموائدِ إلا لأنّ أطباقاً أخرى كثُرتْ على أسطحِ المنازلِ ، وأنّه ما غلَتْ لحومُ البهائمِ عند الجزّارِ إلا لأنَّ لحومَ النساء رخِصَتْ في الطرقاتِ ، وأنَّ الناسَ في عهد سُليمان عليه السّلام أُمطِروا بدعاءِ نملةٍ قالتْ : " اللّهُمّ إنك تعلمُ أنّ البلاءَ لا ينزلُ إلا بذنبٍ ولا يُرفعُ إلا بتوبةٍ ، وإنّا خلقٌ من خلقِك ، وعبدٌ من عبيدِكَ ، فلا تهلكْنَا بذُنُوبِ بني آدم ! "
فرفعُوا أيديَهُم إلى السَّمَاءِ قائلينَ : اللّهم أصلِحْ وُلاةَ أمورِنا ، ورفعتُ يديّ أقولُ : اللّهم إني أسألُكَ فهم نملة !
صَباحُ أمكَ متوهجةً قُربَ تنّورِها تهبُني الرغيفَ الأوّلَ وتسألُنِي : متى يعودُ الشَّقِيّ ؟!
صَباحُ قهوتِها المُرَّة ما أحلاها
صَباحُ العيدِ متسولاً على بابها يسْألها كعكةً
صَباحُ أمي تهدِّىءُ روعَ الحبقِ في الدار ، فيغارُ القرنفلُ ، ويتسَارعُ الياسمينُ لمصْرَعِه عند قدميها
صَباحُ أبيكَ يتشكّى لأبي ، كبر الأولادُ يا حج ... وشِبْنَا
صَباحُ أبي يقرأُ حديثَ الجُدرانِ خِلسةً
صَباحُ حارتِنا المَجنُونة
صَباحُ النِّسوةِ اللائي يتشاجرنَ مع أزواجِهِنَّ كلّ يومٍ ، ثم ينسينَ في طريقِ الصُّلحِ حبوبَ منعِ الحَمْلِ وينجِبْنَ كل تسعَةِ أشهرٍ ولد !
صَباحُ فيروزَ تصدحُ في بيتِ أبي عادلٍ ، فتردُّ عليها أم عمرَ بصوتِ أحمد العجمي : إخرسي
صَباحُ عامر يقذفه الأولادُ ببقايا تُفاحٍ في أيديهم ويختبئون ، فليتفتُ ويراني فيقولُ : أأنت فعلتَ هذا يا حيوان ؟! فابتسمُ له ، فيناولني الثانية : إضحك يا مجنون !
عامرُ بمفهوم الحارة مجنونها ، والحارة بمفهومه مستشفى مجانين وهو طبيبها
صباحُ القافلة أناختْ مطيتها بخيمةِ غيرك ، بودِّي لو أخبرتكَ أنّها سمَّتْ ابنها البكرَ باسمِك حفاظاً على ذكراكَ لعلَّ ذلكَ يساعدكَ على التأسِّي ولكنَّها للأسفِ تعقلتْ ولمْ تفعلْ !
هل أخبرتُكَ أن قافلةَ عِمَادٍ لم تتعقلْ وفعلت ، ولكنّه لم يتأسّ ، فقطْ صارَ يكرهُ الحياةَ أكثر!

صَباحُ خيبتك ، كنتَ تراها قبلَ أن تبدأَ ولكنَّك مشيتها حتى آخر خطى الفاجعة !
صَباحُ الأشياءِ التي تُحبّها ...
صَباحُ قسٍّ على جَملٍ أحمَرَ يخطبُ بحضْرةِ كُفارٍ ... ونبيّ
صَباحُ تأبّط شراً يستأنسُ بقلبه ... وبذئبٍ
صَباحُ عُروةَ يُسابقُ الخيلَ ... بقدميهِ
صَباحُ النابغة يأكلُ خبزاً ... بشِعْرِه
صَباحُ تماضِرُ ترثي صَخراً ... بدموعِهَا
صَباحُ زُهيرٍ في الثمانين ... ضَجِراً
صَباحُ إمرىء القيسِ على أبوابِ كِسْرى ... ضليلاً
صَباحُ طَرفةَ يقتلُه ابن هندٍ لأنه كانَ طويلَ حُلمٍ ... ولِسَان
صَباحُ الحَارثِ بن حِلزة قتلته عيونُ ... أسماء
صَباحُ حسَّانَ يهجُوهُم وروحُ القُدُسِ ... معه
صَباحُ ابن أبي ربيعة يتغزلُ ... بنفسِه
صَباحُ جميلٍ وأولُ ما قادَ المودةَ ... سِبابُ
صَباحُ جرير يهجُو الأخطلَ ، والفرزدقُ يمسِكُ بزمامِ ناقةِ الحُسين قلوبُ النَّاسِ معكَ وسُيوفُهم ... عليكَ
صَباحُ ابن الروميّ يتسخّطُ واسطَةَ العِقْدِ ... ابنَه
صَباحُ بشَّارٍ يتغزّلُ ... أعمى
صَباحُ المتنبي يهجُو كافوراً وكافورُ ... يطرب
صباح أبي العتاهية المال كثير ... ويزهد
صَباحُ أبي فراسٍ جارتُه ... حمَامَة
صَباحُ الجاحظِ جثةً ومكتبتُه ... فوقَه
صَباحُ الشَّافعيّ يشكو لوكيعٍ ... أنْسَى
صَباحُ غسّانَ محمومٌ على فراقِ غادة
صَبَاحُ درويشَ في قصرِ الأنيسكو يقولُ لنا : اسمحُوا لي وحتى أن لم تسمحوا لي فسأبقى ... أحبكم ، فتنظرُ إليّ وانظرُ إليكَ من الدّهشَةِ ونصفّقُ ... مذهُوليْن
صَباحُ بيروتَ ليسَتْ شهيةً كمناقيشِ النابلسيّ
صَباحُ مبنى الهندسةِ وشجرةِ الدِّفلى تعرفني قادماً إليكَ بلا مسطرةٍ على شكل ( T )
صَباحُ مبنى الآدابِ والقاعة 302 تعرفك زائراً / مقيماً في محاضراتِ فقهِ اللغة
صَباحُ صخرةِ الرّوشةِ مثقوبةً ... كقلبِكَ
صَباحُ " بييل " ومعرضُ الكتابِ ومجموعةُ المنفلوطي لم تسدد لي ثمنها بعد يا ... نصّاب
صَباحُ الغُرباءِ
صَباحُ سيد مشنوق ليرضى ... طاغية
صَباحُ عزام دمُه مهرٌ لــ ... بغي
صباح رائد سجنه أرحب من ... وطن
صَباحُ جنرالاتِ طالبان تخرّجوا من مدرسةِ ... الأنفال
صَباحُ عمائِمهم تقولُ لخوذاتِ جنودِ النيتو ... طز
صَباحُ قذائفِ الهاون في محيطِ قصرِ كرزاي تقولُ له ... تفو
صَباحُ بن لادن جيبُه مخرومٌ وقلبُه ... ثري
صَباحُ الأشياءِ التي تكرهها
صَباحُ غزة ما زالتْ في حبسِهَا الإنفراديّ علّها ... تتأدب
صَباحُ الجامعةِ العربيّة وقّعتْ وثيقةَ المقاطعة ، باسمك اللهم طُرد جورج غالاوي ودخلَ عصُّومِي ... ووليد
صباحُها كمسائِها ، موتُها كحياتِها ، والشهيقُ فيها يشدُّ الزفيرَ من ياقةِ قميصِه لنمارسَ التنفسَ بلا استحياءٍ وحدَه الهواءُ كالموتِ ... بالمَجَان
صَبَاحُ الحافلاتِ آمنةً في تلِّ أبيب وعياشٌ في الجنّةِ يعضُّ على ... أصابعِه
صَباحُ الثورةِ صارتْ دولةً على ظهرِ ... حِمار
صَباحُ عباسَ المنبطِحْ ، ودحلان حبيبُ الموساد ، وفياضُ هبةُ ... أمريكا
صباحُ ضاحِي خلفان أكثر شعبية من ... شارلوك هولمز
صَباحُ إيران تريد المالكي ، وأمريكا تريد علاوي ، والفلوجة تشتاقُ ... أبا مصعب
صَباحُ ويكليكس وشلّةُ الأنس ، ليفني وعباس ومبارك
صَباحُ صناديقِ الإقتراعِ ماتَ الناسُ في الطريقِ إليها والذين وصلُوا وجدُوها ملأى ... بأصواتهم
صَباحُ حناجِرهِم المضروبة بالشمعِ الأحمرَ وممنوعة إلا من لعبةٍ ... ديمقراطية
صَباحُ الوراثةِ جمالٌ قادمٌ وكلُّ من تريده أمريكا ... آتٍ آت
صَباحُ السُّودانِ يقبلُ القسمةَ على ... اثنين
صَباحُ فلسطينَ تقبلُ القسمةَ على ... ثلاثة
صَباحُ النفطِ يقبلُ القسمةَ على ... أمير المؤمنين
صَباحُ الشعبِ ابن الستين سبعين ثمانين طوووووط لا يصلحُ إلا ... للضرب
صَباحُ سايكس بيكو اتخذتها الدساتير ... قِبلةً
صَباحُ جهادِ السوفييت إرهاب أمريكا
صَباحُ جحيمِ الروس نعيمِ السي آي إيه
صَباحُ الأشياءِ التي تعرفها دوناً عنّي
صَباحُ مطعمِ جوستو في باريسَ يهبُكَ حساءً بلا ... ملعقة
صَباحُ افعوانيةِ بارلين تحلّقُ ... بك
صَباحُ أشيائك أريدُها لكَ وحدكَ وتصرخُ بي انشُرها لا ... تخصني
صَباحُ أمك ترددُ بصوتٍ عالٍ وأنا بصمتٍ : متى يعودُ الشّقيّ .
.
.


المصدر : منتديات الساخر