https://www.islamonline.net/Arabic/n...08/09/05.shtml

بعد شهر من العدوان.. "زلزال" في جيش إسرائيل

صالح النعامي- إسلام أون لاين.نت





جنود الجيش الإسرائيلي بدءوا يفقدون الثقة في قادتهم بحسب الإعلام الإسرائيلي
"زلزال في الجيش" هذا هو التوصيف الذي أطلقته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية على القرار الدرامتيكي الذي اتخذه مساء أمس الجنرال دان حالوتس، رئيس هيئة أركان الجيش والذي أطاح بالجنرال أودي آدم قائد المنطقة الشمالية في الجيش من قيادة المعركة في مواجهة المئات من مقاتلي حزب الله، وعين بدلاً منه الجنرال موشيه كابلينسكي، نائب رئيس هيئة الأركان.

ورغم محاولات مكتب حالوتس والناطقة بلسان الجيش الجنرال ميري ريجيف التخفيف من وقع الحدث الكبير، وتبرير الإجراء وكأنه يأتي في إطار توجه رئيس هيئة الأركان لتعزيز التنسيق بين قيادة الجبهة الشمالية وهيئة الأركان، فإن جميع الجنرالات المتقاعدين وكل المعلقين العسكريين والسياسيين في الدولة العبرية الذين تحدثوا حول هذا التطور أكدوا أن هذا الإجراء جاء بسبب "خيبة أمل حالوتس الشديدة" من أداء الجنرال آدم وقدراته في مجال التخطيط العسكري، بعد شهر من الحرب.

ويقول روني شيلدهاف المراسل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي صباح اليوم الأربعاء 9-8-2006 في تحليل للقرار الذي صدر مساء أمس: "مما لا شك فيه أن القرار يعبر عن حجم الإحباط الذي يسود القيادة العسكرية والسياسية من تعثر المعركة في مواجهة حزب الله، وعجز الجيش على الرغم من مرور حوالي الشهر من حسم المعركة".

جميع المراسلين العسكريين للصحف الإسرائيلية أكدوا أن القرار جاء بسبب عدم قدرة آدم وطاقم الجنرالات الذين يعملون معه على إدارة المعركة، ناهيك عن عجزه عن توظيف القوات الكبيرة التي دفع بها لساحة المعركة؛ الأمر الذي أحرج قيادة الجيش، حيث إنه يعمل تحت إمرة آدم 10 آلاف جندي ومع ذلك لا يبدو أنه قادر على حسم المعركة في مواجهة بضع مئات من مقاتلي حزب الله، كما يقول روني دانئيل المعلق العسكري للقناة الثانية.

ألون بن دافيد المراسل العسكري للقناة العاشرة أكد أن قرار الإطاحة بآدم حظي بتأييد كل من رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير حربه عمير بيريتس اللذين أصابهما الإحباط والحرج الشديدين بعد أن تبين أن ما قاما به من كيل المديح لقادة الجيش في غير محله مطلقا.

ويقول مراسل "إسلام أون لاين.نت" للشئون الإسرائيلية: إن قسما من تعليقات المحللين العسكريين ذهب إلى أن الجنرال آدم قد مهد للهزيمة أمام حزب الله عندما قال في تعقيبه في تصريح صحفي على عدد القتلى الكبير من جنود الاحتلال في المعارك بأنه "لا يحصي الجثث في أثناء المعارك"، في إشارة إلى تسليمه بسقوط عدد كبير منهم.

اللافت أن الجنرال آدم هو جنرال بارز وذو تاريخ عسكري كبير، فقد كان قائدا لسلاح المدرعات، وأصبح فيما بعد قائدا لفرقة منطقة الجليل، إلى جانب ذلك فهو نجل الجنرال يوكتئيل آدم نائب رئيس هيئة الأركان والذي قتل بنيران حزب الله في أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان في العام 1982، وكان قبل قتله مرشحا لتولي منصب رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد".

وفي حادثة نادرة خرج الجنرال آدم وأجرى مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، حيث أبدى امتعاضه الشديد من قرار حالوتس.

لماذا كابلينسكي؟

مكتب رئيس هيئة الأركان أغرق وسائل الإعلام بالتفاصيل التي جعلته يختار نائبه الجنرال كابلينسكي ليقود المعركة في مواجهة حزب الله، حيث تمت الإشارة إلى تاريخه كقائد لواء "جولاني" الذي يضم قوات النخبة، في أثناء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، وقاد العديد من العمليات، ناهيك عن تدرجه في قيادة العمليات البرية التي تؤهله لقيادة الجبهة في مواجهة حزب الله حاليا، لا سيما مع تحول المعركة لتكون في المجال البري بشكل أساسي حاليا.

ومنذ صباح اليوم الأربعاء باشر كابلينسكي عمله كقائد للعملية من خلال مقر قيادة المنطقة الشمالية، حيث يراهن الوسط السياسي والعسكري الإسرائيلي على قيادته للمعركة، على اعتبار أن الجنرال حالوتس قد قدم لقيادة الأركان من سلاح الجو؛ الأمر الذي أفقده القدرة على إدارة المعركة بشكل جيد.

ويجمع المراقبون على أن كابلينسكي سيعمل كل جهده من أجل إثبات نجاحه في المعركة، على اعتبار أن نجاحه هذا سيمهد له الطريق لتولي قيادة أركان الجيش بعد حالوتس الذي قد تتم إقالته في حال تشكيل لجنة تحقيق بعد انتهاء الحرب.

حرب جنرالات



الجيش الإسرائيلي لم يفلح في كسر عزيمة المقاومة بلبنان رغم الدمار الهائل
ما أجمعت عليه وسائل الإعلام الإسرائيلية أن القرار قد مس بمعنويات الجنود. وكما يقول المعلق العسكري أمير أورن في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية فإن "القرار أظهر للجنود ولذويهم أنهم لم يكونوا في أيد قادرة على التوجيه، وأنه قد كان من الممكن حفظ أرواح بعض أرواح الجنود الذين قتلوا في المعركة".

ومن ناحية ثانية، فإنه إلى جانب الاعتبارات المهنية التي أطاحت بآدم، فإن الكثير من المعلقين يرون أن هناك اعتبارات شخصية وراء القرار؛ الأمر الذي جعل بعض المعلقين يطلقون على ما يجري بأنه "حرب جنرالات".

الجنرال أوري ساغيه الذي شغل في السابق منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية قال لإذاعة الجيش الإسرائيلي صباح الأربعاء أنه "لا يتوجب الإطاحة بآدم فقط، بل بأولئك الذين عينوه في هذا المنصب".

وأضاف ساغيه أنه تولد انطباع لدى قيادة الجيش أن الجبهة الشمالية أصبحت هادئة، وبالتالي بالإمكان تعيين قائد غير مبدع؛ الأمر الذي وجد تعبيره في الخسائر التي تتكبدها إسرائيل في الحرب.

وفي كل تاريخ إسرائيل الذي لا يتعدى 60 عاما، لم يحدث أن تم إقصاء قائد في أثناء المعركة إلا مرتين فقط. المرة الأولى في حرب العام 1973 عندما تبين ضعف أداء قائد المنطقة الجنوبية الجنرال شموئيل جورودوش، وعجزه عن إدارة المعركة في مواجهة الجيش المصري، فتم استبداله بالجنرال حاييم بارليف.

وقبل يوم من اندلاع حرب العام 1967 انهار رئيس هيئة الأركان في ذلك الوقت إسحاق رابين، فتم استبدال الجنرال عيزرا فايتسمان لبعض الوقت به.

ومع دخول القصف الإسرائيلي على لبنان يومه التاسع والعشرين قتل 1070 شخصًا في لبنان على الأقل وأصيب 3493 بجروح وفق حصيلة أعدتها وكالة الأنباء الفرنسية الثلاثاء 8-8-2006 بالاستناد إلى مصادر رسمية.

وعلى الجانب الإسرائيلي قتل نحو 102 إسرائيلي، أكثر من 64 منهم من الجنود في مواجهات برية أو في قصف صاروخي لحزب الله.