فــن الإصـــغاء .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


قال تعالى ( ولو كنت فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك ) الآية .


قرأت لكم هذا الموضوع ولست أدري هل تم تناوله من قبل أم لا ؟

جميعنا ينزع إلى الاعتقاد بأننا نصغي جيداً والواقع أن معظمنا يتكلم بمعدل 120 إلى 180 كلمة في الدقيقة ويفكر بمعدل أربعة أو خمسة أضعاف ذلك . وهكذا فأن انتباهنا يتوه بنا ، وفي أكثر الأحيان لا نستوعب من حديث الشخص سوى نصفه ، مع العلم أن المقدرة على الإصغاء والتجاوب أمر ذو أهمية في أي علاقـــــة إنسانية سواء أفي العمل أو البيت أو مع الأصدقاء .

ويبقى السؤال كيف يمكننا أن نحسن مقدرتنا على الإصغاء .؟
والجواب على هذا السؤال قد يكون هنا ......

أصغ بكلّيتك –
النقر بالأصابع وهز القدمين مقبولان إذا كنت تستمع إلى الموسيقى . أما إذا كانت تصغي إلى شخص آخر فذلك غير مقبول ، إذ لا شيء يجرح كبريائه كسلوكك هذا .
وإذا كان محدثك صديقا ، أو زوجا ، أو رئيسا ، أو زبوناً فلا شيء يساوي إساءة ذلك إليك أنت . لذلك حاول أن تنسى جميع المُلهيات التي حولك . أظهر إصغاءك الكُلي بنظرة مباشرة إلى محدثك أو بإيماءة مشجعة من رأسك ، أو بإشارة من يدك تحثه على متابعة حديثه .
حتى طريقة جلوسك ، إذا كنت منتبهاً ومرتاحا تدل على اهتمامك وكأنك تعبر عنه بالكلمات .

أفسح المجال للغير -
إذا كنت في مجتمع وجاء دورك في الحديث ، لا تشعر بأن من واجبك التمسك به بل أفسح المجال لسواك .
في مطلع العمر يظن كثيرون أن النجاح في الحياة الاجتماعية يتوقف على مقدرتنا على الصمود في المحادثة .
يقول أحد الدبلوماسيين الكبار :-
(" لقد اكتشفت منذ زمن طويل أن كل متحدث يحتاج إلى شخص يصغي إليه، وإن الذي يحسن الإصغاء هو شخص نادر ومرغوب فيه جداً في الحفلات الاجتماعية ، كالمياه العذبة وسط الصحراء ") .

فتح باب الحوار –
ساعد الشخص الآخر على الانطلاق في الكلام بإبدائك ملاحظات قصيرة غير محرجة ، أو بطرحك بعض الأسئلة التي تظهر أنك مصغ إلى ما يقول ، وإن تكن ملاحظاتك من نوع ( حقا ؟ ) أو (" هات المزيد ") وهكذا .
إن التحدث إلى شخص لا يتجاوب معك هو كالصياح في هاتف معطل ،فإنك تشعر حالا بسخافة الموقف وتترك الهاتف .

فهم المضمون –
نمِ حساسيتك لتفهم مضمون الكلام أي ( تلك الأفكار الباطنية التي كثيراَ ما تحجبها الكلمات ) .
غالبيتنا يسمع الكلمات ويفوت الفكرة الحقيقية وراءها ، حتى وإن كنا نصغي إلى أشخاص نحبهم كثيرا فمثلا :-
قد يشن أحدهم هجوما غاضبا( " بقوله : ما الذي تعنيه ؟ هل بي حاجة إلى المال ؟ كل ما يعرفه هؤلاء الأشخاص هو التبذير !") .
كلام قد لا يكون له أي علاقة بالتبذير للمال ، فما هي الفكرة الحقيقة إذاً ؟
إذا كنت تجيد الإصغاء فإنك تفهم شعور الألم والخيبة وراء ذلك الانتقاد ، أما إن كان العكس فإنك ستجعل من الصمت المستغرب هو أدائك الذي قد يزيد من ثورة الشخص المقابل لك .
إن إصغائك الجيد يدعك تخفف من ثورته ببعض كلمات مما يتيح له التنفيس بطريقة أكثر إيجابية عن مشاعره المؤلمة ، وبهذا فأنت تستطيع أن تحول دون تأزم الموقف أو تفاقمه .

عدم إدانة المتحدث أو إطلاق التلميحات –
أصغ من دون أن تدين الشخص الآخر ، فجميعنا يتحمس لوضع مقاييس للصواب والخطأ ونصدر أحكاماً على الآخرين ، ونحن بأدائنا ذلك نقطع خطوط الاتصال معهم .
تقول الطبيبة النفسانية بر بارة شبلي ( أنه من الضروري أن تظهر للآخرين أنك تهتم بهم وتتقبلهم حتى وإن لم توافق على سلوكهم ، فالإصغاء يجعلهم يدركون ذلك تدريجياً ) .

أخيرا ..
الإصغاء فعل اهتمام ، فعل غير أناني يسمح لنا بالتخلص من عزلتنا في ذواتنا المنفردة والدخول إلى دائرة الصداقة والدفء الإنساني .


وتقبـلـــــوا خالص تحيــاتي وأحتـــرامي