الولاة العباقرة.......

الحادثة الأولى كما ترويها كتب التاريخ أن الأمير شهاب الدين بن يغمور والي القاهرة، أمر بشنق عشرين رجلاً كانوا يقطعون الطريق على الناس، ويقتلون من يظفرون به.

وبعد أن شنقهم أمر الخفراء بحفظهم، فلما جاء الليل عدهم الخفراء، فإذا هم تسعة عشر مشنوقاً فقط، فخاف الخفراء من الأمير شهاب الدين الذي كان مشهوراً بالبطش والجبروت، خافوا أن يسألهم عن الرجل المفقود، فقرروا أن يشنقوا أول رجل يصادفهم ليتطابق العدد بالتمام والكمال، وفعلاً قعدوا على الطريق ينتظرون من يمر بهم ليشنقوه عوضاً عن ذلك الرجل المفقود، وإذا بشخص يمر بهم مسرعاً فلحقوا به وقبضوا عليه واقتادوه وشنقوه ظلماً وعدواناً.

فلما لاح الصباح أتى الأمير شهاب الدين وعد المشنوقين، فإذا هم واحد وعشرون رجلاً، فتعجب وغضب، وسأل الخفراء: من هذا الرجل الزائد الذي معهم؟! فبهتوا وتلعثموا وعجزوا عن الرد، وعندما هددهم أن يقولوا له الحقيقة أجابوه:

أيها الأمير لقد عددناهم في الليل ووجدناهم ناقصين واحداً، وخفنا من غضبك والتكدير عليك، لهذا قبضنا على أول رجل صادفناه في الطريق وشنقناه، ولم نكن نعلم أننا قد أخطأنا بالعدد.

فقال لهم الأمير: أروني هذا الرجل المسكين الذي وقع لكم.

فلما رآه وجده قاطع طريق خطيرا، كان لهم مدة طويلة وهم يحاولون القبض عليه من دون جدوى.

فسر الأمير كثيراً، وشكر الخفراء، ونادى على وكيله وأمر لهم بجوائز نقدية وخلع صرفت لهم في الحال. وبينما كانوا يرقصون فرحاً ويدعون له بطول العمر والسؤدد، إذا بالأمير يقطع عليهم فرحتهم قائلاً: لقد كافأتكم لأنكم شنقتم ذلك المجرم، ولكني الآن سوف أعاقبكم، لأنه لو لم تكن الصدفة هي التي أوقعته بين أيديكم، لكنتم قد شنقتم إنساناً غيره بريئا.

وحكم عليهم بالشنق حالاً، وقبل أن يغادر مكانه، وفعلاً شنق الخفراء الستة، وفي جيب كل واحد منهم صرة مملوءة بالذهب وعلى كتفه خلعة مزركشة

****************************

والحادثة الثانية أن الوالي العثماني على مدينة جدة قبل ما يزيد على ثلاثمائة سنة، أمر بهدم السور القديم المتداعي،
وأحضر رجلا (معّلم) من أهل جدة مشهود له بحسن البناء، وأمره بتنفيذ سور محكم البناء، وفعلاً صرفت الأموال وأحضر العمال،
وبدأ العمل على قدم وساق إلى أن قارب السور العالي المتين على الانتهاء، عندها طلب الوالي التوقف عن العمل ـ والسبب أن أحد الواشين قد نقل له انه قد سمع ذلك (المعّلم) يدعو في صلاته جهراً، أن يخلص الله البلد من هذا الوالي الظالم ومن العثمانيين جميعاً ـ، وطلب الوالي القبض على ذلك (المعّلم) وتربيطه بالحبال من رأسه إلى أخمص قدميه إلى أن أصبح (كالطوبة) الطويلة، ثم مدده على السور وهو يصيح وبنوا عليه وهو لا يزال حياً، وأصبح حجراً من حجارته،
ويقال:
انه بعد أن هدم السور في أوائل الأربعينات الميلادية، تناثرت قطع الهيكل العظمي (للمعّلم) ـ المشهود له بحسن البناء وحسن (الدعاء) كذلك


منقول من الشرق الاوسط