من واقع خبرتي في مجال الدعوة
لا يسأل سؤال "ايش رايك في المشايخ" إلا حامل فكر تصنيفي، يعني له هواية التصنيف فإذا كنت أخي شاكي لا تحبذ هذا الشيء فينبغي أن تتجنب الوقوع فيه طرح هذه التساؤلات وأنا لا ألوم الأخ Unreal على رده على ما قلته لأن هذه الأسئلة هي و وأخواتها مثل:
من من المشايخ تسمع له.
أية برامج فضائية تتابع.
ما رأيك في الأناشيد.
هذه أسئلة حساسة جدا ينبغي أن تتجنبها، وما من سائل يسألني إياها إلا ويكون قد وضع نفسه في مرمى النار لأني أتحول لشخص آخر إلا في حالات نادرة كحسن نية واعتقد أنك طرحتها بحسن نية لكن هذا تنبيه لك لشيء نعانيه في الخليج ونحتسس منه جدا.
النقطة الثانية، مصادر الدين ليست من المشايخ بل هي من الدين، وهي معروفة، أما المشايخ فنقلة للدين ومفسرين ومجتهدين، لذلك من يتابع عائض القرني لا يعني أنه صالح ومن يتابع عمر خالد لا يعني أنه ضال.
النقطة الثالثة، أنا أشهد أنه الأخ Shaky قال "عمر خالد يبيح فوائد البنوك" وهي شهادة أودعها الله وحين نقف أمام الله تبارك وتعالى أكون من الشهود بأن الأخ شاكي قال هذا الكلام، فهل انت مستعد تقابل ربك بأنك على يقين بأن عمر خالد قال "فوائد البنوك حلال"؟
الأمر الآخر "لا تؤخذ منه العقيدة" من قال أن عمر خالد يطرح أبواب العقيدة حتى نأخذها منه؟
كذلك، المشايخ الذين فرغوا جهدا للحديث عن عمر خالد، هل كلفوا أنفسهم الاتصال به والحديث مه بصورة مهذبة أم وجهوا سهامهم الإعلامية له؟
إلى الأخوة الذين يطالبون أن تُصرف هذه الأموال في أوجهها الصحيحة، هذا السؤال فيه تهمة تعريضا. ما أحد منا وصي على هذا المال، هذا المال لا يجمعونه من عند الناس، هذا نتاج ما يقدمونه للإعلام فآتوني بفتوى واضحة تقول "أخذ الأجر على تقديم البرنامج الديني حرام" أو السكوت أولى وأحفظ لدينهم.
وأما موضوع طرح العقيدة، فعمر خالد لم يطرح موضوع العقيدة، طرح مواضيع ومعان متعلقة بالعقيدة، فإن كان وقع في خطأ فسنجد أنها زلة لسان، وعلى طول تنزل أشرطة ومحاضرات ومقالات مخصصة لهذه القضية مع أنه كان من الأيسر الاتصال بالرجل والتعرف عليه وشكره على جهوده ومن ثم تنبيهه على ملاحظة صغيرة، لكن شتان بين من ينتظر الدعاة ليسجل عليهم زلاتهم وبين من يريد أن يصحح خطئا.
أما عن نفسي فلا أعلم عن عمر خالد أي انحراف في عقيدته، ولا الدكتور طارق السويدان، كلاهما وقع في خطأ في ذكر الأحاديث الضعيفة في السرد التاريخي، وهذا يرد عليهم لكن لا يجوز أن تُشن حرب عليهم بهذا السبب، ثم اتهامهم في العقيدة مثير للسخرية، من ضمنها قضية اتهام عمر خالد بأنه يقول بأن إبليس ليس بكافر، وهذه قضية خطيرة لأنه طرح الموضوع في سياق ذكر الحوار بين إبليس والمولى عز وجل، فخانه التعبير وذكر ما يفهمه السامع بإن إبليس مش كافر، المشكلة أنه لم يقصد هذا، وحتى وإن جاء بلفظ موهم فينبغي التثبت هل قصد ذلك أم لا، وحتى العوام لما يسمعون هذا الكلام لا يلتبس علهيم الأمر، والصحيح أنه لم يقصد "إبليس مؤمن" ولا يقصد "إبليس ليس بكافر" ، الصحيح أنه يقصد "إبليس يعلم أن الله هو الخالق وهو الرب وهو المستحق للعبادة دون سواه"، إبليس يعلم كل هذا ولكنه "كفر به"، الرجل خانه التعبير واستخدم لفظا موهما.
يقول الله تبارك وتعالى (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون)
يقول الشوكاني (أي : الجاحدون لنعم الله ، أو الكافرون بالله . وعبر هنا بالأكثر عن الكلّ ، أو أراد بالأكثر العقلاء دون الأطفال ونحوهم ، أو أراد كفر الجحود ، ولم يكن كفر كلهم كذلك ، بل كان كفر بعضهم كفر جهل ، وكفر بعضهم بسبب تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم مع اعترافهم بالله وعدم الجحد لربوبيته).
عمر خالد خانه التعبير وقال عن إبليس أنه غير كافر، المسكين كان قصده "غير جاهل بالله" فهو "يعرف الله"... ينبغي أن نرفع العتب عن الدعاة، عمر خالد داعية حاول جهده أصاب كثيرا وأخطأ قليلا، ولكن لنقل كما يرى البعض أنه أخطأ كثيرا، فليتوجه هؤلاء العلماء والدعاة ليحاوروه ويصححوا الوضع بينهم وبينه بدلا من نشر الغسيل، وكفانا تنصيب أنفسنا قضاة على الناس.
ولست هنا لأبرر خطئا وقع فيه، فما من عالم من العلماء إلا وله زلة، قد تكون زلة نحوية أو لغوية أو فقهية أو حتى عقائدية، لكن هل نعرف نجبرها بتواصلنا معه؟.
تعلموا من الإمام الذهبي نهجه في تقييم الناس بدلا من تسليط اللسان على العلماء:
قال عن الزمخشري: العلامة، كبير المعتزلة، أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد، وكان رأسا في البلاغة والعربية والمعاني والبيان، وله نظم جيد. وقال السمعاني: برع في الآداب، وصنف التصانيف، ورد العراق وخراسان، ما دخل بلدا إلا واجتمعوا عليه، وتلمذوا له، وكان علامة نسابة.
ونحن ما منا إلا ويعلم ظلال الإمام الزمخشري، وسمعت شيخا مفسرا في المدينة المنورة يقول "الزمخشري الكلب" وهذا هو ديدن طائفة من المشايخ، لكن انظروا لما أراد الإمام الذهبي أن يجرح الزمخشري قال فيه:
وكان داعية إلى الاعتزال، الله يسامحه.
فهل نتقن أن نقول عن عمر خالد مثل هذا الكلام؟
إذا سمعت أن فلا من الناس أخطأ فضع التالي في ذهنك فناقل الموضوع لا يخلو من أحد ثلاثة:
1- أنه يريد الخير ويريد أن يصحح.
2- أنه متطفل ويحب أن يبرز أخطاء غيره ليبرز هو.
3- أنه حقود ويكره هذا الانسان.
فأما الثاني والثالث فلا أضيع وقتي معهم لأنهم حتى لو بدى لهم الحق فلن يعنيهم أن تكون معلوماتهم غير صحيحة لأنهم سينطلقون للبحث عن زلات أخرى.
أما إن كان الأول فالأمر لا يخلو من أحد اثنين:
1- أنه أتصل بالمخطئ وتحاور معه وبين خطأه من صوابه، فلم يستجب له فانطلق لتصحيح الخطأ بالتنبيه عليه.
2- أنه انطلق في التصحيح مباشرة بإخبار الناس والتشهير بخطأ هذا الداعية.
فإن كان الثاني فهذا مرفوض، ولا يُبرر الخطأ بحسن النية.
أما إن كان الأول، فهناك تساؤلات كثيرة تُطرح:
1- هل استخدم الأسلوب الحسن المعهود من الدعاة؟
2- هل علاقة الناصح بالمنصوح علاقة نصيحة؟ يعني فقط يعرفه وقت النقد أم هناك علاقة سابقة من التودد مما يساهم في تعجيل المنصوح لتنفيذ النصيحة؟
3- هل الناصح لديه القدرة على الصبر على تأخر الاستجابة؟ أم سينطلق للتصحيح العلني مباشرة؟
4- هل الخطأ الذي وقع فيه هذا الداعية خطأ عملي واضح بحيث ينفذه الناس مباشرة بعد سماعهم إياه؟ أم أنه من الأمور التي تكون ككلام الناس فتمر دون أن يلتفت لها الناس؟ لأن الإنكار أحيانا في بعض المسائل يؤدي إلى استفحال المنكر.
والله إني لأعجب أشد العجب من علماء لهم وزنهم ونجلهم ونحبهم لكنهم في النقد لا يعرفون توجيه النصيحة بصورة سرية، بل الديدن هو العلن.
سأضطر لقفل الموضوع صيانة لألسنتنا
المفضلات