في حقبة ليست بالبعيدة كان أشهر تطبيق للمحادثات النصية على الهواتف هو تطبيق BBM. هذا التطبيق الذي صمم خصيصاً لهواتف BlackBerry ظل على القمة لفترة طويلة قبل أن يظهر واتساب ويزحزحه عن مكانته التي استمرت لسنوات حتى كدنا لا نسمع عنه اليوم. فماذا حدث لتطبيق BBM؟ وكيف استبدله واتساب في غضون سنوات قليلة؟

نشأة الـ BBM

دعونا نعود بالزمن إلى عام 2005، في هذا الوقت كانت خيارات المحادثات النصية المتاحة مرتبطة بشكل أساسي بأجهزة الكومبيوتر والتي يسيطر عليها إما MSN Messenger أو Yahoo Messenger. في الجهة الأخرى كانت الخيارات المتاحة على الهواتف محدودة للغاية فإما أن تعتمد على الرسائل القصيرة SMS التي لم تكن مجانية للجميع أو تتجه إلى نسخة الويب الضعيفة من Yahoo أو MSN المخصصة للهواتف. كان يمكنك أيضاً الاعتماد على تطبيق وسيط مثل eBuddy والذي كان يعد تطبيقاً ثورياً حينها.

في هذا الوقت ومع تقديم بلاك بيري لهواتف بلوحة مفاتيح كاملة مخصصة لرجال الأعمال لمتابعة بريدهم الإلكتروني، قررت الشركة الأمريكية تقديم خدمة جديدة تتيح لمستخدمي هواتفها تبادل الرسائل النصية بصورة سريعة وآمنة متخطية كافة العقبات التي كانت متواجدة حينها.

أتاح BBM في هذا الوقت إمكانية تبادل الرسائل النصية بصورة فورية لا تحتاج سوى إلى اتصال بسيط بالإنترنت معتمداً على واجهة مستخدم جيدة ومتخطياً أزمة تبادل الرسائل النصية مع مستخدمي شبكات الاتصالات الأخرى. أتاح التطبيق كذلك إمكانية معرفة إذا كانت الرسالة قد وصلت إلى المستقبل عبر إظهار D بجانبها أو بإظهار R عند قرائتها.

جمهور جديد

كما ذكرنا فإن المستخدم المستهدف من هواتف BlackBerry في المقام الأول هم فئة رجال الأعمال، ولكن وعلى عكس المخطط بدأ التطبيق في جذب جمهور جديد من المستخدمين وهم الشباب. التطبيق أتاح لهذه الفئة العمرية طريقة تواصل سريعة وسهلة لا تعتمد على أجهزة الكومبيوتر بل على هاتفهم الذي يمكن أن يصطحبوه معهم لأي مكان.

من هنا شق BBM طريقه نحو السيطرة على سوق تطبيقات المحادثات النصية والذي كان في هذا الوقت سوقاً ناشئاً.

صعود واتساب

Whatsapp واتساب - Arabhardware Generic Photos

على عكس ما قد يعلمه الكثيرون فإن انطلاقة واتساب كانت في عام 2009 حيث بدأ على متجر App Store قبل أن يتوافر سريعاً على أندرويد, Symbian OS, Symbian 40 (أنظمة تشغيل هواتف نوكيا)، نظام تشغيل BlackBerry وWindows Phone.

توافر واتساب على أغلب أنظمة التشغيل حينها لم يكن السبب الرئيسي في انتشاره سريعاً فالتطبيق في البداية كان تطبيقاً بسيطاً ومدفوعاً ولم يكن ليقترب نهائياً مما يقدمه الـ BBM بل كان تطبيق بلاك بيري يتفوق عليه في كل شيء تقريباً.

تفوق واتساب جاء من بساطته وسهولة وصوله للجميع. استخدام واتساب لم يكن يحتاج أكثر من رقم هاتف وهو شيء يمتلكه الجميع. باستخدام رقم هاتفك سيمكنك إنشاء حساب جديد لتبدأ عملية الدردشة. الوصول لأي شخص في واتساب لم يكن يتطلب أكثر من رقم هاتفه. كل ذلك سيحصل مهما كان هاتفك ومهما كان هاتف أصدقائك.

في الجهة الأخرى فإن استخدام BBM كان يتطلب إنشاء حساب جديد، عند انتقالك من هاتف لآخر كان يتوجب عليك إعادة ادخال كلمة السر بينما في واتساب كل ما عليك فعله هو استقبال رسالة نصية. للوصول لآخرين كان يجب عليك تبادل الـ Pin الخاص بك معهم أو العكس. قائمة الأصدقاء أو جهات الاتصال كان يتم إنشاؤها من خلال جمع الـ Pins من الآخرين وليس فقط من خلال أرقام هواتفهم.

تخيل عزيزي القارئ أنك تتحدث مع والدك أو والدتك الذين لا تربطهم علاقة جيدة بالتكنولوجيا وتريد أن تقنعهم باستخدام تطبيق محادثات نصية. هل من المنطقي أن تطلب منهم أن يشتروا هاتف بلوحة مفاتيح كاملة يكادوا للتو أن يفرقوا بين أزرارها؟ هل تريد أن تقنعهم بأنه يتوجب عليهم تبادل الـ Pin الخاص بهم مع الآخرين حتى يتمكنوا من التواصل معهم؟ هل سيتذكرون الـ Pin أساساً أو مكان العثور عليه في التطبيق؟

الطريق الأسهل بالتأكيد هو استخدام واتس آب الذي وبمجرد إعداده ستتمكن أنت كمالك لإحدى هواتف بلاك بيري من استخدامه كما سيتمكن والديك من التواصل مع الجميع مهما كان الهاتف الذي يملكوه فقط من خلال امتلاك أرقامهم.

محاولة تدارك الخطأ

أدركت إدارة BlackBerry ومع حلول عام 2013 بالخطر الذي يسببه واتساب وباقي تطبيقات المحادثة لتطبيقها الأشهر BBM وهو ما دفعها لإطلاق تطبيقها على نظامي أندرويد وiOS. ظلت بساطة واتساب العامل الأكبر في ابتعاد المستخدمين عن الـ BBM والذي بداية من عام 2014 بدأ في خسارة أعداد كبيرة من المستخدمين لصالح المنصات الأخرى ليستمر النزيف حتى يونيو 2018 حينما أعلنت بلاك بيري إيقاف نسخة العامة من التطبيق بحلول منتصف عام 2019 على أن يتاح الانتقال إلى النسخة الاحترافية المخصصة للأعمال.

BBM

لم يكن بلاك بيري يوماً أسوأ من واتساب بل تفوق عليه في كل شيء حتى تم إيقافه، قدم التطبيق مستوى مرتفع للغاية من الخصوصية والأمان. كان من أولى التطبيقات التي تدعم المكالمات الصوتية من خلال VoIP. دعم الملصقات Stickers والأوجه التعبيرية وإمكانية مشاركة الملفات بكافة أنواعها منذ أكثر من 12 عام ولكنه فشل في شيء واحد وهو الوصول لعموم المستخدمين.

هل استخدمت الـ BBM من قبل؟ وما هي ذكرياتك معه؟
شاركنا بتجربتك في التعليقات!