شارك في إنقاذ الأشخاص و جعل العالم مكان أفضل من خلال حاسوبك
مُعظمنا الآن يشتري الحواسيب من أجل الإستخدام العادي (التصفُح, الإستماع إلى الأغاني, و مُشاهدة الأفلام), الإستمتاع بأحدث الألعاب, أو التصميم. بغض النظر عن هذه الأمور, هل تعلم أن حاسوبك يستطيع القيام بالعديد من الأمور الآخرى الأهم بكثير من هذه الأعمال
كإنقاذ ملايين الأفراد الذين يُعانون من الأمراض الصعبة مثل السرطان, المُساعدة في الكشف عن وجود حياه خارج الكُرة الأرضية, مُقاومة الإرهاب البيولوجي (و هو خطر داهم يُهَدد البشرية بالكامل), دعم تكنولوجيا النانو, بجانب العديد من الأمور الآخرى التي من خلالها تستطيع المُشاركة في تحويل هذا العالم إلى مكان أفضل مما هو عليه الآن.
في وقت ما من حياة الفرد, يشعُر الشخص بأنه يُريد الإستفادة من الموارد المُتاحة له من أجل التأثير بشكل إيجابي على العالم و الأشخاص الآخرين الذين يعيشون معه. في حين أن العديد من الأفراد تقوم بالتبرُع بالمال للقضايا التي يهتمون بها, إلا أن مُستخدمي الحاسوب يستطيعون أيضاً دعم القضايا المُختَلفة و تحويل العالم الذي نعيش فيه إلى مكان أفضل, ليس بالمال, و لكن من خلال حواسيبهُم. في هذا المقال, سنتعرف على كيفيه إستخدام قوة الحاسوب المُتوَفرة لديك من أجل هدف نبيل أهم بكثير من الألعاب و غيرها من الأنشطة التقليدية, ألا و هو مُساعدة الآخرين خاصة و العالم عامة.
كيفيه عمل الحوسبة الموزعة
فكرة الحوسبة الموزعة بسيطة للغاية. العديد من المشاريع العلمية تعمل بكميات مهولة من البيانات و المُعادلات التي تحتاج إلى المُعالجة و التحليل للوصول إلى نتائج إيجابية بخصوص أهداف المشروع. القيام بهذا الأمر من المُمكن أن يأخُذ فترة زمنية ضخمة من أجل إنجازه, فحتى الحواسيب الخارقة (SuperComputers) لن تتمَكن وحدها من إنجاز و مُعالجة هذه الكميات الكبيرة من البيانات, و بُناءً على ذلك, ظهرت مشاريع الحوسبة المُوزعة.
هذه المشاريع مجانية و يستطيع أي فرد مهما كان حاسوبه ضعيف المُشاركة فيها. طريقة عمل الحوسبة المُوزعة هو أن المشاريع المُختَلفة (لمُكافحة السرطان, مُقاومة الإرهاب البيولوجي, و غيرها) تقوم بتوفير برنامج خاص بها يُمكن تحميله بالمجان. البرنامج سيعمل على إستخدام جميع موارد الحاسوب (عند عدم إستخدامك لهُم) لمُعالجة كمية مُعينة من البيانات و المُعادلات (بمعنى آخر, إذا كُنت تلعب لعبة ما مُتطَلبة تحتاج إلى كامل قوة المُعالج و البطاقة الرسومية الخاصة بك, فإن البرنامج سيتوقف عن العمل و إستخدام الموارد بشكل كامل من أجل تمكينك من إنجاز أعمالك المُختَلفة بدون أي تأثير, و إذا كانت اللعبة تحتاج إلى 50% من الموارد, فإن البرنامج سيتعامل مع نسبة 50% الآخرى للإستمرار في العمل و هكذا.) و لكن كيف؟
البرنامج يعمل على إستقبال البيانات المطلوب مُعالجاتها من السيرفر الرئيسي الخاص بالمشروع, ثُم يقوم جهازك بمُعالجة هذه البيانات, بعدها, يتم إرسال النتائج إلى السيرفر الرئيسي مرة آخرى عبر الإنترنت. أحجام البيانات و المُعادلات تختلف, فعلى سبيل المثال, توجد بيانات تحتاج إلى عشرة دقائق لمُعالجاتها, في حين أن بيانات آخرى تحتاج إلى ساعات و أحياناً أيام كاملة, كما أن أداء جهازك يُعتَبر عامل رئيسي في سُرعة مُعالجة البيانات, فكُلما زادت قوة المُعالج و البطاقة الرسومية الخاصة بجهازك, كُلما زادت سُرعة مُعالجة البيانات المُستَقبلة من السيرفر الخاص بالمشروع.
أحد أهم المشاريع المُقامة حالياً هو مشروع Folding@home الخاص بجامعة ستانفورد, و الذي يُحاكي طي البروتين. بيانات طي البروتين هامة للغاية بالنسبة للأبحاث العلمية, كما أنها لها علاقة قوية بجميع الأمراض بداية من السرطان و حتى الزهايمر. مشروع Folding@home بدأ في عام 2000, و من خلال مُساعدة عدد مهول من الأشخاص حول العالم و مُشاركتهُم في هذا المشروع, تم إنتاج حوالي 109 بحث علمي كامل من بيانات Folding@home.
كما قُلنا في بداية المقال, للإشتراك في مشروع ما, كان على المُستَخدم تحميل برنامج صغير للغاية خاص بالمشروع من أجل البدء في المُشاركة بقوة حاسوبه, و لكن بعد التطور الضخم الذي شهدته الحوسبة الموزعة, تم دمج مُعظَم المشاريع في مركز إدارة عامة تحت إسم BOINC. من خلال هذا التطبيق الواحد, تستطيع إستخدام قوة المُعالج المركزي و البطاقة الرسومية الخاصة بك من أجل دعم, ليس واحد, و لكن مشاريع مُتعَددة لقضايا أن تهتم بها.
تستطيع تحميل برنامج BOIC من خلال هذا الرابط.
المزيد من المعلومات حول برنامج BOINC
مثلما ذكرت للتو, برنامج BOINC (Berkeley Open Infrastructure for Network Computing) مُفيد للغاية بسبب إحتوائه على مُعظَم المشاريع, و ذلك, بدلاً من تحميل كُل برنامج خاص بمشروع ما على حدة. بجانب تمكينك من المُشاركة في العديد من المشاريع الخاصة بالقضايا التي تهتم بها, تستطيع أيضاً ضبط إعدادات البرنامج لتحديد قوة المُعالج التي يستطيع إستخدامها و متى. تستطيع أيضاً تحديد الفترات الخاصة باليوم التي يستطيع فيها البرنامج إستخدام موارد الحاسوب, المساحة التي يُمكن إستخدامها, بالإضافة إلى ذلك, تستطيع ضبط البرنامج ليعمل عندما لا تستعمل الحاسوب.
بجانب العرض العادي, يأتي البرنامج أيضاً بعرض مُتقَدم يعرض لك المزيد من الإحصائيات الخاصة بالمشاريع المُختَلفة المُشتَرك فيها. كما أنه يكشف عن جميع المشاريع التي يقوم الحاسوب حالياً بالعمل عليها و التقدُم الذي وصلت له أنت حتى هذه الفترة.
أهم مشاريع الحوسبة الموزعة
بجانب مشروع الطي البروتيني الذي تكلمنا عنه, توجد هُناك العديد من المشاريع الآخرى الهامة التي سنتناولها الآن.
Climateprediction (توقُع المُناخ)
مشروع Climateprediction من أهم المشاريع التي يهتم بها الأفراد حول العالم, و ذلك, لأن قضيته هى التغير في حالة المُناخ الجوي. هدف المشروع هو توقع مُناخ الكُرة الأرضية حتى عام 2100. الهدف لا يدور حول التوقُعات فقط, و لكن أيضاً حول إختبار دقة بيانات المُناخ الحالية من أجل تحديد أدْق التوقُعات و أكثرها صحة. في حين أنه توجد حالياً العديد من التوقُعات الخاصة بمُناخ الكرة الأرضية, إلا أن مشروع ClimatePrediction غايته هو الوصول إلى التوقُع الصحيح من خلال المُعادلات الرياضية
بعد التسجيل مع موقع Climateprediction.net من خلال برنامج BOINC, سيتم توجيهك بشكل مُباشر للموقع من أجل إكمال عملية التسجيل, و الوصول إلى إحصائياتك الخاصة.
Orbit@Home (توقُع المشاكل الخارجية للكُرة الأرضية مثل النيازك)
مشروع Orbit@Home يُعتَبر من أهم المشاريع الخاصة بالفضاء الخارجي, فهو يُرَكز على دراسة المجموعة الشمسية لإستخدام في المشاكل الكبيرة التي تواجهها الكُرة الأرضية مثل مُشكلة Near Earth Asteroids (NEA) "النيازك القريبة من الكُرة الأرضية", و أكبر دليل على أهمية هذه المشاريع هو ما حدث مُنذ فترة في روسيا من سقوط نيزك على إحدى المُدن الخاصة بها. هذا المشروع يوفر للبشرية بعض الوقت للإستعداد و التخطيط لكيفيه مواجهة هذه الأمور.
المشروع يُصدر إعلانات في بعض الأوقات عن التحرُكات الخارجية في الفضاء, مثل النيزك Asteroid 2011 MD الذي كانت تفصله مسافة 12,000 كيلومتر فقط عن الأرض يوم 27 يونيو السابق في عام 2011.
The World Community Grid (مجموعة من القضايا المُختَلفة ترعاها شركة IBM)
قامت شركة IBM الغنية عن التعريف بإطلاق مشروع خيري خاص بها تحت إسم World Community Grid. الشركة لم تستفاد بأي ربح من هذا المشروع, بل أنها قامت بتوفير مواردها الخاصة و جُزء من قوتها البشرية من أجل ضمان نجاح هذا المشروع الخيري القائم على الحوسبة الموزعة.
الأمر الذي يجعل مشروع World Community Grid مُميزاً هو أنه ليس بمشروع واحد فقط, فبدلاً من ذلك, يتم إستخدام قوة المُعالج الخاصة بك و توزيعها على المشاريع المُختَلفة الخاصة بمشروع World Community Grid, و التي تتضَمن مُحاربة الملاريا, توفير المياه النظيفة, مُقاومة الحثل المرضي, مُقاومة سرطان الأطفال, و العديد من المشاريع الآخرى الهادفة.
D2OL (مواجهة الأمراض المُعدية حول العالم)
من أهم المشاريع الموجودة حالياً أيضاً هو المشروع القائم من مُنظمة Drug Design و Optimization Lab, و المعروف أيضاً بإسم D2OL. هدف هذا المشروع هو التعرُف على الترياقات التي تستطيع مواجهة المخاطر البيولوجية مثل الجمرة الخبيثة, الإيبولا, الجُدري, أو السارس.
من خلال إستخدام قوة المُعالج المركزي الخاصة بك في هذا المشروع, ستُشارك في مواجهة مثل هذه الأمراض المُعدية التي لديها تأثير مُدَمر على دول كاملة حول العالم. هذا المشروع يستخدم برنامج تحت إسم D2OL يعمل بدون أن تشعُر به مثل برنامج BOINC. هذا البرنامج مُتوَفر للتحميل لنظام,Windows Mac, Solaris, أو Linux.
Spinhenge (دعم تكنولوجيا النانو)
أحد أهم فروع العلم هى تكنولوجيا النانو, و هى كلمة آخرى للتكنولوجيات الميكروسكوبية التي يُمكن إستخدامها للوصول إلى العديد من الإنجازات العلمية. مشروع Spinhenge يُحاول الكشف عن جُزيئات الجُزيئات المغناطيسية التي يُمكن إستخدامها في العديد من التكنولوجيات, و التي من خلالها ستتمَكن البشرية من أن تتزود بذاكرات مُدمَجة, مفاتيح مغناطيسية, أو تطبيقات تكنولوجيا حيوية أقوى بكثير من الموجودة حالياً.
أمور يجب وضعها في الإعتبار قبل الإشتراك في أي مشروع
التحميل الزائد على الجهاز الخاص بك قد يحدُث عند التعامُل مع مشاريع الحوسبة الموزعة. المُعالج الخاص بك سيقوم بتوليد كميات كبيرة من الحرارة داخل الصندوق, و كما نعلم, فإن الحرارة تؤثر سلبياً على مُكونات الحاسوب. نظرياً, يستطيع المُعالج تحمُل العمل بنسبة 100% بشكل مُستَمر لفترات طويلة, و لكن, غالباً ما تأتي المُعالجات بمُشَتتات رديئة لا تستطيع تشتيت الحرارة و التخلُص منها سريعاً, مما قد يؤثر بالسلب على العُمر الإفتراضي الخاص بمُعالجك.
و لكن إذا كُنت تملك حاسوب بنظام تبريدي صحيح (مُشَتت مُحتَرف غير الذي يأتي مع المُعالجات, بالإضافة إلى وجود مراوح تبريد و طرد هواء), لن تحتاج إلى القلق نهائياً, حتى إذا عمل جهازك لعدة أيام مُتتالية بدون إنقطاع, ففي الحقيقة, يوجد هُناك العديد من المُستخدمين الذين يجعلون حواسيبهُم تعمل لفترات تصل إلى أسابيع بشكل مُستَمر من أجل مُساعدة العالم. في البداية ستشعر أن هذا الكلام مُستحيل, و لكن صدقني, يوجد هُناك افراد تشتري مزرعة حواسيب (مجموعة من الحواسيب) من أجل العمل بشكل مُستَمر لمُدة أشهُر كاملة للمُشاركة في القضية الخاصة بهُم, و عند مرور فترة ليست بقليلة, ستشعُر بنفسك أنك تُريد توفير المزيد و المزيد من الموارد من أجل قضيتك الخاصة.
هل شاركت في يوم من الأيام بحاسوبك في مواجهة مرض ما أو المُساعدة في الكشف عن خبايا الفضاء الخارجي من خلال الحوسبة الموزعة؟ هل ستفعل بعدما قرأت هذا المقال؟ شاركنا برأيك الهام في التعليقات....