من الجلي أن تقنية الميتافيرس ستتداخل في العديد من مجالات الحياة المتنوعة، وقد يكون الطريق لهذه التقنية المستقبلية طويلًا نوعًا ما، ولكن ما نشاهده اليوم من خطوات وتحركات من قبل الشركات الكبرى يبشر بأن المستقبل يحمل ابتكارات جديدة ستحدث نقلة نوعية في العديد من المجالات المختلفة.

بحسب دراسة قامت بها شركة Gartner المختصة بالأبحاث، كشفت عن أن هناك توجهات أساسية بقيادة التقنية المستقبلية للعالم الافتراضية ستظهر خلال السنوات القليلة المقبلة، ويقول مسؤول الشركة مارتي ريسنيك أن هناك مجموعة كبيرة من المؤسسات قد نجحت في استخدام تقنية الميتافيرس في استخداماتها العلمية، رغم أن تطبيق تلك التقنية بشكل كامل في مجالات الحياة المختلفة ما زال بعيدًا، حيث تستخدم تقنية الميتافيرس اليوم في مجالات متنوعة، كالتسوق المغامر وتمكين المبيعات وتسويق الإعلانات، والتدريبات الطبية والعسكرية، وتدريب الموظفين، وفي مجال التعليم والتعلم.

استخدامات تقنية الميتافيرس خلال السنوات القليلة القادمة

من أبرز التوجهات لتطبيق تقنية الميتافيرس خلال السنوات القليلة القادمة، ما يلي:

مجال الألعاب والترفيه

لربما يتساءل البعض عن تأثير تقنية الميتافيرس على ألعاب الإنترنت، بكل تأكيد ستسعى العديد من الشركات المطورة للألعاب لتوظيف تقنية الميتافيرس في الألعاب لتصبح أكثر سرعة وتطورًا ومحاكاة للواقع، حيث سيكون بمقدور الأشخاص الوصول لبيئات لعب متنوعة افتراضية وأداء مهامهم بكل سرعة، ناهيك عن التعرف على مهارات وثقافات اللاعبين الآخرين في بيئة معينة، أو قدرتهم على بناء بيئاتهم الخاصة بهم.

وبحسب توقعات شركة الأبحاث الشهيرة جارتنر، فقد كشفت عن أن صناعة الألعاب المصممة لأغراض الدعاية وجني الأموال ستحقق نموًا غير مسبوق قد يتجاوز الـ 25% خلال السنوات القليلة المقبلة بفضل توظيف تقنية الميتافيرس الافتراضية في صناعة الألعاب.

شخصية الإنسان الرقمية

الشخصية الرقمية للإنسان ستكون عبارة عن محاكاة تفاعلية لها خصائص وعقلية بشرية ستعمل وفقًا لتقنية الذكاء الاصطناعي، وسيطلق عليها مسمى التوأم الرقمي، وستتجسد وظيفتها في تفسير الحركات والكلام وصياغته وتحليل الصور وإيماءات ونبرات الصوت، لاسيما لغة الجسد.

العديد من الشركات التكنولوجية الكبرى تعمل على توظيف تقنيات الإنسان الرقمي في مجالات متعددة، أهمها مجال خدمة العملاء لتوكيل التوأم الرقمي بأداء مهام خدمة العملاء والدعم الفني وتطوير المبيعات والتفاعل مع العملاء المحتملين ضمن البيئة الافتراضية، وبحلول عام 2027، ستستخدم العديد من الشركات تطبيقات الإنسان الرقمي في أعمالها التجارية.

فضاءات افتراضية

يعرّف الفضاء الافتراضي بالبيئة الافتراضية الرقمية التي يتواجد بها مجموعات من الأفراد يتفاعلون فيما بينهم بشخصيات ورموز وصور افاتار رمزية باستخدام الحواس للمشاركة والتفاعل ضمن البيئة الافتراضية، وسيكون لتلك التطبيقات فوائد جمع في زيادة الوصول للعملاء غير الراغبين في المشاركات التفاعلية أو توظيف خيارات جديدة للتعاون بين العاملين والموظفين، ناهيك عن البدائل الجديدة للسفر، وأنشطة البيع، والتدريب عن بعد، وتدريب الموظفين، وفي أنشطة التعليم والتعلم، والعديد من الأنشطة المختلفة الحياتية.

تشارك الخبرات

بحسب ما كشفت عنه شركة جارتنز للأبحاث، أكدت أنه بحلول عام 2028، ستتداخل تقنية الميتافيرس في العديد من الأنشطة والفعاليات العامة، كالأنشطة الرياضية والفنية، حيث ستتجسد مهام تلك التقنية في التقاء مجموعة من الأفراد في بيئة افتراضية مخصصة لزيادة فرص التفاعل واللقاء والتعاون والمشاركة، لاسيما مشاركة التجارب العملية عبر مجموعة من التطبيقات المتنوعة.

الأصول الرقمية

الأصول الرقمية أو المرمزة هي عبارة عن تقنيات للرموز غير القابلة للاستبدال والتي تعرف بـ NFTs، حيث ستكون تلك الأصول جزءً أساسيًا من تقنية الميتافيرس، وستحدث نقلة نوعية في صناعة المحتوى لتحقيق المزيد من الأرباح من بيع الأعمال الفنية والمقاطع الصوتية والمقتنيات الأثرية التي تحمل أصولًا مرمزة، حيث ستساعد تقنية الميتافيرس بحفظ الإيرادات والعوائد المالية من مبيعات الأعمال الفنية، وتتوقع شركة جارتنز أن تكمل أكثر من 25% من شركات التجارة الإلكترونية عملًا مخطط له لتوظيف تقنية الميتافيرس في الأصول غير القابلة للاستبدال.

اجتماع العناصر المادية والرقمية

اجتماع العناصر المادية والرقمية تعرف بالحوسبة المكانية، وتعتبر فرصة لتطوير الفضاء الرقمي المادي، الأمر الذي سينعكس ايجابيًا على أداء المؤسسات لتحقيق أعلى قدر من الاستفادة للأصول الرقمية المادية من خلال إظهار المعلومات الرقمية المخفية، والمحتوى المتعلق بالأشياء والأماكن والأشخاص، حيث يكون بمقدور المحتوى الرقمي تعزيز البيئة المادية والعناصر، تمامًا كإضفاء لون رقمي للمقتنيات القديمة، كالتماثيل الرومانية أو إظهار معلومات وتفاصيل عنها، كذلك الحال في مجال التسوق وإظهار تفاصيل المنتجات، وتتوقع شركة الأبحاث أن تظهر نظارات من الجيل الثالث للحوسبة المكانية خلال عامين فقط من الآن.

مستقبل تقنية الميتافيرس

توقعت شركة الأبحاث الشهيرة جارتنر أن يقضي أكثر من ربع مستخدمي شبكة الإنترنت أكثر من 65 دقيقة يوميًا في أداء أعمالهم والتسوق وعقد الاجتماعات وممارسة الألعاب الترفيهية ضمن عالم الميتافيرس بعد 4 سنوات من الآن، وأكدت الشركة على أن هناك نحو 50 مؤسسة ستقوم بعرض منتجاتها وخدماتها عبر فضاء الميتافيرس، وذلك لازدياد فرص التفاعل والتواصل في جميع المجال، وتأثيرها على أداء العمل وإنجازه، فلن تحتاج الشركات إلى بنى تحتية لمؤسساتها لأداء عملها، لآن تقنية الميتافيرس ستوفر بيئة افتراضية للشركات لأداء أعمالهم.

وبحسب ما صرح به المدير التنفيذي لشركة فيس بوك، قال أنه مع توظيف تقنية الميتافيرس، لن تكون هناك مكالمات صوتية بين الأشخاص، حيث سيكون بإمكان الفرد الجلوس مع شخص أخر بصور رمزية ذات أبعاد ثلاثية، وسيشعر المستخدمين وكأنهم جالسين سويًا حتى لو كان كل منهم في بلد ما.