اردت ان اطرح هذا الموضوع لانني اعتقد ان الكثيرين منا يحتاجون معرفة بعض الشيء عن اداب الحوار وقواعد الاختلاف في الراي


ان قوة التعبير وفصاحة اللسان والبيان من اركان المناقشه الجيده والحوار الناجح فكم من حق ضاع لسوء التعبير عنه وكم من باطل ظهر لان الذي يدعو له فصيح بليغ بل ان الحقيقة الواحده قد يختلف فهمنا لها بحسب الطريقة التي قدمت الينا بها فعن - ام سلمة - رضي الله عنها - ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " انما انا بشر ’وانكم تختصمون الي ولعل بعضكم ان يكون ألحن بحجته من بعض ,فاقضي على نحو مما اسمع منه ,فمن قطعت له من حق اخيه شيئا , فلا ياخذه ,فانما اقطع له به قطعه من النار .

المتحدث يجب ان يتحدث بتؤده وتمهل حتي يفهم الناس منه ويعقلو منه فعن عائشه رضى الله عنها قالت "انما كان النبي يحدث حديثا لو لو عده العاد لاحصاه " .وللحوار ادابه وضوابطه التي يجب ان نذكرها هنا





آدابُ الحوار النفسية


اولا : الإخلاص وصدق النية

لابد من توفر الإخلاص لله وحسن النية وسلامة القصد في الحوار ، وأن نبتعد عن قصد الرياء والسمعة، والظهور على الخصم والتفوق على الآخرين، والانتصار للنفس، وانتزاع الإعجاب والثناء.
ومن دلائل الإخلاص لله والتجرد لطلب الحق أن يفرح المحاور إذا ظهر الصواب على لسان مخالفه، كما قال الشافعي
: "ما ناظرت أحدًا إلا تمنيت لو أن الله أظهر الحق على لسانه". ويعينه على ذلك أن يستيقن أن الآراء والأفكار ومسالك الحق ليست ملكًا لواحد أو طائفة، والصواب ليس حكرًا على واحد بعينه.

ثانيا : الإنصاف والعدل
من المبادئ الأساسية في الحوار
: العدل والإنصاف، ومن تمام الإنصاف قبول الحق من الخصم، والتفريق بين الفكرة وقائلها، وأن يبدي المحاور إعجابه بالأفكار الصحيحة والأدلة الجيدة، ومن نماذج الإنصاف ما ذكره الله سبحانه في وصف أهل الكتاب : (ليسوا سوا ء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون.) آل عمران: ١١٣

ثالثا :التواضع وحسن الخلق
إن التزام الأدب وحسن الخلق عمومًا، والتواضع على وجه الخصوص له دور كبير في إقناع الطرف الآخر، وقبوله للحق وإذعانه للصواب، فكل من يرى من محاوره توقيرًا وتواضعًا، ويلمس خلقًا كريمًا، ويسمع كلامًا طيبًا، فإنه لا يملك إلا أن يحترم محاوره، ويفتح قلبه لاستماع رأيي
وفي الحديث الصحيح
: "وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله " ( ١) . أي يرفع منزلته في الدنياعند الناس، وكذلك يرفعه في الآخرة ويزيد من ثوابه فيها بتواضعه في الدنيا. ومما ينافي التواضع : العجب والغرور والتكبر



رابعا : الحلم والصبر

يجب على المحاور أن يكون حليمًا صبورًا، لا يغضب لأتفه سبب، ولا ينفر لأدنى أمر،ولا يستفز بأصغر كلمة .
فقد أمر سبحانه نبيه بأخذ العفو و إعذار الناس وترك الإغلاظ عليهم كما في قوله تعالى :.< (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) <الأعراف : ١٩٩
والسماحة عن المسيء، ومغفرة خطيئته.وأعظم ذلك وأكبر هو دفع السيئة بالحسنة، ومقابلة فحش الكلام بلينه، والشدة بالرفق،ورد الكلمة الجارحة بالكلمة الط يبة العذبه، والسخرية والاحتقار بالتوقير والاحترام، وهذه منزله لا يصل إليها إلا من صبر وكان ذا حظ عظيم : (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلٌقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) <فصلت : ٣٤

خامسا : الاحترام والمحبة رغم الخلاف
الخلاف أمرُ واقع لا محالة
( ١) ، ولكن لا يجوز أن يؤدي الخلاف بين المتحاورين الصادقين في طلب الحق، إلى تباغض وتقاطع وتهاجر، أو تشاحن وتدابر.فأخوة الدين، وصفاء القلوب، وطهارة النفوس فوق الخلافات الجزئية، والمسائل الفرعية، واختلاف وجهات النظر، لا ينبغي أن يقطع حبال المودة، ومهما طالت المناظرة، أوتكرر الحوار، فلا ينبغي أن تؤثر على القلوب، أو تكدر الخواطر، أو تثير الضغائن.
لقد اختلف السلف فيما بينهم، وبقيت بينهم روابط الأخوة الدينية
فهذان الخليفتان الراشدان، أبو بكر وعمر، يختلفان في أمور كثيرة، وقضايا متعددة، مع بقاء الألفة والمحبة، ودوام الأخوة والمودةومع هذا الخلاف بينهما إلا أن كل واحد منهما كان يحمل الحب والتقدير والا حترام للآخر، ويظهر ذلك من ثناء كل واحد منهما على صاحبه.

آدابُ الحوار العِلمَية

أولا: العلم
العلم شرط أساسي لنجاح الحوار وتحقيق غايته، وبدونه لا ينجح حوار، ويهدر الوقت ويضيع الجهد.فيجب على المحاور ألا يناقش في موضوع لا يعرفه، ولا يدافع عن فكرة لم يقتنع بها، فإنه بذلك يسيء إلى الفكرة والقضية ال تي يدافع عنها، ويعرض نفسه للإحر اج وعدم التقديروالاحترام
يقول الشيخ ابن تيمية في التأكيد على ضرورة العلم وأهميته لمن يتصدى للحوا ر
: "وقد ينهون عن المجادلة والمناظرة، إذا كان المناظر ضعيف العلم بالحجة وجواب الشبهة، فيخاف عليه أن يفسده ذلك المضل، كما ينهي الضعيف في المقاتلة أن يقاتل علجًا قويًا من علوج الكفار، فإن ذلك يضره ويضر المسلمين بلا منفعة

ثانيًا : البدء بالنقاط المشتركة وتحديد مواضع الاتفاق
بين كل متناظرين مختلفين حد مشترك من النقاط المتفق عليها بينهما والتي يسلم بهاالطرفان، والمحاور الناجح هو الذي يظهر مواطن الاتفاق . والبدء بالأمور المتفق عليها يساعد على تقليل الفجوة، ويوثق الصلة بين الطرفين، ويعيد الحوار هادئًا هادفًا. أما إذا كان البدء بذكر مواضع الخلاف وموارد النزاع فإن فرص التلاقي تقل، وفجوة الخلاف تتسع، كما أنه يغير القلوب، ويثير النفوس للغلبة دون النظر إلى صحة الفكرة. فالبدء بالنقاط المشتركة يساعد على تحرير محل النزاع، وتحديد نقطة الخلاف، ويفيد في حسن ترتيب القضايا والتدرج في معالجتها.

ثالثا: الدليل
إن أهم ما ينجح الحوار
: الدليل، ولابد من إثبات صحة الدليل، كما قيل :
"إن كنت ناقلا فالصحة، أو مدعيًا فالدليل ". ولا يحسن بالمحاور أن يستدل بأدلة ضعيفة أو حجج واهية. فدليلان قويان لا يمكن الرد عليهما أفضل من سوقهما مع ثلاثة أدلة أخرى يمكن الأخذ والرد فيها، إذ ربما يستغلها الطرف الآخر، فيضعف الفكرة ويسيء إلى موقف صاحبها بسبب الأدلة الضعيفة.

ومتى وجد الدليل وثبتت صحته، فلابد من صحة دلالته على المطلوب، ولابد من ترتيب الأدلة حسب قوتها وصراحتها في الدلالة على المقصود


رابعا: ضرب الأمثلة
إن المحاور الناجح هو الذي يحسن ضرب الأمثلة، ويتخذها وسيلة لإقناع محاوره، إذ أن الأمثلة الجيدة تزيد المعنى وضوحًا وبيانًا.
ولما للأمثلة من دور كبير في تقريب المعاني والإقناع بها، فقد اعتنى القرآن بها كثيرًا، وأشار إلى أهميتها وبيان هدفها : (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون )
.< <الحشر: ٢١ >. (ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون) <إبراهيم : ٢٥



خامسا: العدول عن الإجابة

إن الأصل في الحوار الناجح أن يبنى على الإخلاص والتجرد للحق والصدق والوضوح، ولكن قد تتعذر هذه الصفات في الخصوم، فقد يكون الخصم يهو ى الجدال والمراء، ويقصدإضاعة الوقت والتهرب من الحوار الجاد،
وقد يلقي أسئلة لا قيمة لها ولا تفيد شيئًا بالحوار وقد يلقي اسئله لا قيمة لها ولا تفيد شيئا بالموضوع ففي مثل هذه الاحوال يعدل المحاور الجيد علي الجواب المباشر علي مثل هذا السؤال بل يعطي اجابه مفيده في الموضوع الاساسي

سادسا : الرجوع إلى الحق والتسليم بالخطأ

إن من أهم الآداب والصفات ال تي يتميز بها المحاور الصادق، أن يكو ن الحق ضالته، فحيثما وجده أخذه، والعاقل هو الذي يسلم بخطئه، ويعود إلى الصواب إذا تبين له، ويفرح بظهوره،ويشكر لصاحبه إرشاده ودلالته إليه.والتسليم بالخطأ صعب على النفس، خاصة إذا كان في مجمع من الناس، فهو يحتاج إلى تجرد لله وصدق وإخلاص، وقوة وشجاعة.