جاءني شخص مرة وقال لي: أنا عندي 33 سنة ومعنديش مهنة محددة، فقولت أخش مهنة الشبكات، أصلي عرفت إن مرتباتهم حلوة!!، فقالي: انت شايف إن في أمل؟
قولت له: طبعا في أمل، بس انت سنك كبير، وفي ناس أصغر منك وشغالين في شركات كبيرة بمرتبات كبيرة، فهل انت مستعد تعوّض السنين اللي فاتتك ديه، وتذاكر بصفة مستمرة وجادة، وتاكل الكتب أكل؟
قالي: يعني ... هحاول.
فقولت له: بس انت يا أخي كمان معندكش خبرة، والشركات بتحتاج خبرة.
قال لي: هاعمل إيه طيب ما هو أنا مش لاقي شغلانة عِدلة، وعندي بيت بصرف عليه، ومينفعش أنزل أتدرب عند حد بودن فلوس.
وهذا الأخ أنفق على بعض الدوارت قُرابة 1500 جنيه، وبعد ذلك ترك المجال بأكلمه، وذلك في غضون ثلاثة أشهر تقريبا. ثم فوجئت بأن هذا الأخ ترك مشوار حياته اللي هو رسمه بأحلامه الوردية.
طب كان نفعك بإيه بقى دخولك في الموضوع أصلا مادام انت معندكش صبر، ومش مستعد تذاكر، وتجتهد. كنت وفّرت على نفسك وعيالك الفلوس، هما كانوا أولى بيها.
وكما فعل بعض الإخوة في المنتدى، كان قد قطع شوطاً لا بأس به في طريق الشبكات ( الشهادات العلمية ) ثم سافر إلى دولة عربية للعمل في مهنة غير ما كان يتوقعها تماما !!، بل هي - في نظري - مهنة حقيرة .
فقلت له: يا أخي لماذا تركت طريق الشبكات، والشهادات العلمية، وذهبت للعمل في مهنة لا تحبها؟
فقال: كنت محتاجا للمال. وهذا الأخ اقترض مال السفر، يعني قرابة 10 آلاف، أو 15 ألف جنيه !! يعني لو هو عايز يحوش الفلوس ديه بس ... هيعد على الأقل في هذه الدولة قُرَابة سنة، وهذا على الأقل.
يعني هو ضيع سنة من عمره – على الأقل - في شيء غير مفيد، لو صبر، وبحث عن عمل في المجال الذي يحبه ( وهو الشبكات )، ولو حتى بمرتب قليل أو حتى بدون، لكان دلوقتي – أي بعد تلك السنة – على خبرة لا بأس بها، وذلك بمذاكرته مع نفسه أيضا مع عمله، لكن هو دلوقتي مش عارف حتى يحوش 500 جنيه شهريا، ومش عارف كمان يذاكر، علشان هو شغال من الصبح لغاية بالليل.
وأخ – فاضل – آخر، راسلني على الخاص من قرابة أسبوعين، وقال: أنا تايه، ومش عارف أعمل إيه، ومش لاقي شغل، وعايزك تنصحني.
فقلت له: الأمر يطول شرحه، هات رقمك وأنا هتصل عليك ونتكلم في الموضوع، علشان معنديش وقت أقعد أكتب.
وبعد ما اتكلمنا قال لي: أنا نازل القاهرة للبحث عن عمل، فقلت له: ده شيء كويس جدا، وأنا من ناحيتي سأرسلك لبعض الشركات اللتي أعرفها، لعلك تجد عملا فيها.
فجاء الأخ فعلا من محافظته – والتي لا يوجد فيها فرصة عمل في مهنة الشبكات – فأرسلته لبعض الشركات فعلا، ثم وجدته بعد أسبوع تقريبا، قال لي: سأرجع إلى بلدي!! وهذا الأخ حاصل على شهادة CCNA
فقلت له يافلان: انت لسه ملحقتش تدور على حاجة، جيت في إيه، وهتسافر في إيه؟؟!!
فقال لي: أصلي اتخنقت، ومش لاقي شغل!!
طيب يا عم الحج انت أصلا مرحتش غير أربع ... خمس شركات. إيه ... لحقت زهقت؟! وبعدين لما لقيته مصمم على رجوع لبلده، قلت له: عايز نصيحتي؟ لما تروح بلدكو سيبك من موضوع الشبكات ده، وشوفلك أي مهنة تانية أحسنلك.
فقال لي: ليه؟!
فقلت له: يا أخي لازم تتعب ولازم يطلع عين...( تييييت ) لغاية لما تلاقي شغلانة كويسة. هي الدنيا كده.
فإن زمن المجَّانيات، أو زمن السهل ولّى مدبراً، وأصبحنا نعيش في زمن صعب جدا. إن لم تبحث عن عمل بصفة مستمرة، وأن تصبر وتُصابر، فإنك لن تفلح. وإن لم تطور نفسك بصفة يومية، فإنك لن تكون شخصا متجمداً فقط؛ بل ستكون متخلفاً !!
فالزمن الذي نعيش فيه أصبح سريعا جدا جدا، وبصراحة هو مش هيجي عند حضرتك ويستناك!
يستطيع أي صاحب شركة أي يعطيك أي مبلغ أنت تطلبه، لكن سيقول لك كلمة واحدة: ما الذي تستطيع أن تقدمه لي ولشركتي، حتى أعطيك هذا المبلغ؟ ماهو الذي تحسنه، وتتقنه أكثر من غيرك؟
قولتله: يا حبيبي انت لازم تصبر وتتعب، وتلف كتير لغاية لما تلاقي شغلانة مناسبة، انت فاكر أول ما تدخل على الراجل في الشركة ومعاك CCNA هياخدك بالحضن ويقولك : مين؟؟ سي لطفي... انت فينك من زمان يا راجل ده أنا كنت بدور عليك؟؟!. لا طبعا، هما بيبقوا عايزين ناس خبرة.
مرة كنت مع المهندس أحمد سرحان، وراكبين العربية، راح اتصل عليه واحد وقاله: أيوة ياباش مهندس انا في انترفيو، وكنت عايز أعرف رقم البورت بتاع الDNS كام !!
اتفضل ياعم، واحد رايح يشتغل، ومش عارف رقم البورت بتاع ال DNS كام، وعايزنين يشتغلوا قال...
المفضلات