https://www.almasry-alyoum.com/artic...3&IssueID=1392
نهاية أنفلونزا الخنازير!

بقلم محمد سلماوى ١/ ٥/ ٢٠٠٩
أبشروا جميعاً، فقد اختفت أنفلونزا الخنازير تماماً ولم يعد لها أثر فى الغرب.. أو على الأقل فى فرنسا، ذلك لأن إسرائيل احتجت رسمياً على تسمية المرض الجديد، الذى بدأ ينتشر فى العالم باسم الخنازير، فتحور الاسم بسرعة الغرب - كما تحور فيروس أنفلونزا الطيور فى الشرق - وصار الاسم الرسمى للمرض هو الأنفلونزا المكسيكية بدلاً من أنفلونزا الخنازير.
وإذا شاهدت أى قناة تليفزيونية فرنسية الآن أو قرأت الصحف، فلن تجد أثراً للمرض القديم الذى ملأ شاشاتها طوال الأسابيع الأخيرة وهو grippe porcine الذى اختفى بسرعة، كنا نتمنى أن تختفى بها الإصابة بالفيروس المسبب، والذى أصبح الآن يسبب مرضاً آخر اسمه grippe mexicaine.
وسبب اعتراض إسرائيل هو أن وزير الصحة بها، وهو المتطرف اليهودى يعقوب ليزمان، قال إن الخنزير غير طاهر عند اليهود كما عند المسلمين، أى أنه «نجس»، وإن تسمية الأنفلونزا باسمه، فيها إهانة لمن يصاب بها من اليهود أو المسلمين - على حد قوله.
وأنا لا أفهم بالضبط وجهة نظر ذلك الوزير، الذى لا يختلف كثيراً عن متطرفينا الذين يتوقفون دائماً عند لفظ الأشياء وليس عند جوهرها، وكنت أفهم مثلاً أن تنطوى التسمية على إهانة لو أن الخنزير كان مقدساً عند اليهود، وبذلك فإن تسمية الوباء الجديد باسمه يمثل امتهاناً للمقدسات اليهودية، لكن الحقيقة أن العكس هو ما دفع به وزير الصحة الإسرائيلى.
كما أننى لا أفهم سبب الزج بالمسلمين فى هذا الأمر، رغم أننا لم نعترض على شىء ولا اعترض شيوخنا الأفاضل، ولم نجد فى تسمية المرض باسم الخنازير أو الصراصير أو أى حيوانات أخرى أى علاقة بالإسلام من قريب أو بعيد، لكن وزير الصحة المتطرف اليهودى يعقوب ليزمان أراد أن يثبت مرة أخرى حرص جماعته الشديد واحترامها العظيم للعرب والمسلمين، الذين وصفهم أحد القادة السياسيين لهذه الجماعة منذ بضع سنوات بأنهم «حشرات وأفاعى»، ينبغى القضاء عليهم، كما أن حكومة نتنياهو المتحالفة من الأحزاب الدينية المتطرفة أرادت أن تمالئ جماعات التطرف فى حرصها على الدينين اليهودى والإسلامى أيضاً.
ونحن بدورنا لا نشك إطلاقاً فى حرص إسرائيل على مشاعر المسلمين، والذى ظهر واضحاً فى أكثر من مناسبة، كان آخرها حرب غزة الأخيرة التى لم تود إلا بحياة ألفين فقط من المدنيين وجرحت آلافاً آخرين، من بينهم أطفال ونساء وشيوخ، لكنها أبقت على حياة بقية المواطنين جميعاً، الذين لم يسعفها الوقت، الذى استغرقته الحرب للقضاء عليهم.
كما أن فرنسا سارعت بدورها، بالاستجابة لاحتجاج إسرائيل بمجرد أن أشارت إلى تلك الإهانة الكامنة فى تسمية الأنفلونزا باسم الخنازير، وذلك مراعاة لمشاعر اليهود والمسلمين معاً، فالمجتمعات الغربية بشكل عام تحرص - كما هو معروف - على المسلمين ومقدساتهم حرصاً كبيراً، ويزداد هذا الحرص كلما اتجهنا شمالاً، فإذا تركنا فرنسا واتجهنا إلى الدنمارك مثلاً، وجدنا الحرص والاحترام والتقدير يمتد إلى شخص نبى الإسلام نفسه، الذى أحاطه رسامو الكاريكاتير هناك بهالة من التقديس والاحترام لم يحظَ بها أى نبى آخر فى التاريخ.
أما ما لم نكن نعرفه، فهو ازدراء إسرائيل والمجتمعات الغربية التى انساقت لمطلبها، للمكسيك ولمواطنيها، حيث ألصقت بهم على الفور هذا الوباء الجديد، الذى رفضت إسرائيل أن يلصق بالخنازير.