انظر يمينك ....
انظر شمالك .....
انظر أمـامـك ......
انظـــر خلـفــك .....

فهل تراها ؟!!
هل أحسست بها ؟!!
هل أحسستكَ هي بها ؟!!

أمَـا نـادتك ؟ وتَزينتْ لك ؟!
أمَا جذبتك بجمالها الآخِذ ، وعَبَقِها النَّافذ ؟!
أمَا فَتنتك بجمالها الوضّاء ، وكثرة كلام الناس عنها والاطراء ؟!

سَلْ من تَعرِف ، ومن لا تعرف :
هل أجد ما أبحث عنه عندكم ؟!

امْشِ في الطُّرقات ، واطرق كل باب ، وقل :
هل رأيتموها ؟!
هل مرَّت من هنا ؟!
مـــاذا تقولـون فيهـا ؟!
أهي كما يتحدثون عنها ؟!

إن المرء قد يظل يبحث عن ضالته طيلة حياته ؛ ولا يجدها !!
مع أنها قد تكون بجانبه ، أو أمامه ، أو معه ، وهو لا يشعر !
وما ذلكم إلا من : عدم جدية الطلب ، أو أن سَيعه لا يُرى ، أو أنه لا يستحقها ؛ فتهرب هي منه !
لأنه ليس أهلا لها ، ولا جديرا بها ، وبالحفاظ عليها !
أو أنه لا يريدها فعلا عل حقيقتها ، بل هي أوهامه الأخَّاذة ، وأمانيه المُفْرِطة ، وغروره القادح جعله يظن بأنَّه لها ، وأنه قادر عليها ، وأنه حَفِيٌ بها ؛ فذاك مايدفعه للبحث عنها !
وقد تكون معه ؛ لكنه لا يسطعمها ، لأنه ذو فَمٍ مَرير ، لا يَجد فيه حلو العذب الزلال .
ولا يجد ريحها ! لأنه أجدع الأنف ، لا يشم إلا النَّتِن من الأشياء !

تلكم – يا رعاكم الله - هي : الصّداقة ! ( الأُخُوَّة )

فإن للصداقة طعم لا يعرفه إلا من ذاقها .
ولا يشعر بها إلا من جاورها .
ولا يستأنس بها إلا من لازمها .
ولا يحافظ عليها إلا باذلا لها .
ولا يحسنها إلا مَن عرفها ، و وفّاها حقها .

وهي أيضا ...

لا تلازم إلا طالبها ... والملتزم بها ...والغائر عليها ، ولها... والمعترف بحقوقها ، و واجباتها ... والمحافظ على أوصالها ، وإيصالها .

فهي عزيزة ، لاذليلة !
صافية .... نبيلة ، لا هجينة ، ولا لئيمة .

فهي تَبعُد وتترامى ، وتنأى و تتحاشى ، عن كل من بَعُد وتراخى ، ونأى وانتأى !

أرى – والله المستعان – في زماننا الذي خربت في الذمم ، وسقطت فيه الهمم ، وكلٌ ادَّعى وصلا بليلي ! وهي – مع ذلك - لا تُقِرُّ لهم بذاك !!

فكل قد تشبّع بما لم ليس عنده ؛ وكأنه في يده !
وتكلم عن أشياء ثمينة غالية ؛ وكأنها في حوزنه !
فعندما تجد مَن يتكلم عن الصداقة ( الأُخُوة ) ؛ تسمع لقولهم فيعجبك .
لكن عند معاينة فِعالهم ...كأنهم خشبٌ مُسنَّدة !

إنّ الأخوة – في نظري - أنبل علاقة تكون بين شخصين ، لاسيما إن بنيت على الوفاء ، والإخلاص محبة الخير للغير .

لو كان للصداقة لسان لاشتكت إلى ربها ، من جفاء الناس لها !

أين الأُخُوة ، وأين أهلها ؟
صرنا لا نراهم إلا في كتاب ، أو تحت تراب !


أردتُ الإطالة لكنّ وقت العمل قد داهمني ، واستكثاركم لكلامي آلمني ، فتوقفتُ .
فإن أحببتم ؛ أكملتُ ، وإن كرهتم ؛ فقد اكتفيتُ .