لا يكاد يخلو مجتمع من التعصب. هذه حقيقة واقعة لابد من الإيمان بها تماما كما نؤمن دوما بوجود الحمقى والبلهاء في كل المجتمعات. والتعصب في المعنى العام هو شعور داخلي يجعل الإنسان يرى نفسه على حق ويرى الآخر باطل ويظهر هذا الشعور بصورة ممارسات ومواقف متزمة ينطوي عليها احتقار الآخر وعدم الاعتراف بحقوقه وإنسانيته. ولعل أهم سمات التعصب هي عدم تقبل الحوار مع الآخرين.

ويظهر التعصب واضحا في مجتمعنا في مجالات شتى ككرة القدم والعصبية القبلية والعصبية الفكرية والتعصب الديني للمذاهب... الخ وفي عرب هاردوير يظهر التعصب جليا في انحياز البعض لمنتجات بعينها دون أي شيء آخر.

النقطة المهمة في هذه الدعوة المفتوحة للنقاش هي: لماذا نتعصب؟ وماذا جنينا من التعصب؟

حسنا أنا شخص أستخدم التقنية بكل ما فيها وأبحث دوما عن الأفضل، ولو أنني متعصب لمايكروسوفت لما استخدمت أنظمة لينوكس واستمتعت بقوتها وثباتها. ولو أنني متعصب لبطاقات رسومية بعينها لفاتني اقتناء بطاقات أفضل.

القصة لا تتعلق بأفضلية منتج على حساب منتج لأنني أحبه، فما سأجنيه من هذا الحب ربما لن يحقق لي شيئا بقدر ما سيحقق ملايين ومليارات ستذهب إلى تلك الشركات التي تتمنى مزيد من المتعصبين والحمقى.
وعلى أقل تقدير فمدراء المبيعات والتسويق هم الرابح الأكبر من هذه اللعبة بقدر ما تمتليء جيوبهم من الأموال على حساب قطيع من الخراف يسير وراء كلام الدعاية والإعلان ويقنعك بأنك تمتلك حاسوب لا يوجد مثيل له حتى في وكالة ناسا نفسها.

نقطة فرعية أخرى في هذا النقاش: هل تؤمن فعلا بأن حبك لمنتج معين يمكنه أن يغير من سلوكياتك وأخلاقياتك؟
بمعنى هل أنت مستعد لأن تحارب الآخرين من أجل منتج معين؟ رغم أنك لا تعمل في الشركة ولا تتقاضى أجرا ولا تمتلك أسهما فيها؟ وهل أنت مستعد لترفع صوتك وتتعدى على الآخرين وربما تزور وتدلس من أجل هذا الحب (هو ليس حب بل هو تعصب

مرة أخرى: ماذا جنيت من التعصب؟ وماذا يمكن أن يحل بمجتمعك عندما يصبح الجميع متعصبون لنوع معين من الزيت أو الصابون أو حتى مسحوق الغسيل؟

وأخيرا: تخيل أن والدك متعصب للون معين ويجبرك إجبارا على أن تلبس هذا اللون، قمصانك بناطيلك قبعاتك أحذيتك... الخ ما هو شعورك؟ وكيف تقبل أن يفرض عليك هذا الأب المتعصب أشياء لا تحبها، بل يحاول فرضها عليك بالإقناع وبالقوة؟

تخيل مجتمعنا كل متعصبون، وأخبرنا ماذا سنجني من التعصب؟

الموضوع مفتوح للجميع للدردشة وإبداء الرأي...