28 نانو متر للمُعالجات الرسومية .. آجلا ثم آجلا ثم آجلا !!

ربما قرأ البعض منكم الخبر السابق عن توافر دقة تصنيع 28 نانو في القريب العاجل ، (أواخر 2010) ، وهو الأمر الذي لم يحدث حتي الآن !

حسنا ، سأطلب من الجمبع نسيان الخبر تماما ، فالتقنية لن تتوافر في 2010 ، ولا في 2011 ، بل في منتصف 2012 .

يبدو أن هناك شيئا ما يعطل تقنيات التصنيع في كل أنحاء العالم ، فكلا من مسابك TSMC و GlobalFoundries لم ينجحا في سباكة دوائر كهربية بدقة 32 نانو حتي الآن ، والأولي أعلنت أنها لن تحاول انتاجها أصلا ، بينما لا زالت الثانية تحاول اخراجها في الوقت المناسب .

ولقد امتد تأثير هذا علي دقة 28 نانو ، والتي "تأمل" مسابك TSMCو GlobalFoundries أن تبدئا الانتاج التجريبي لها في الربع الثالث من 2011 ، مما يعني أن الانتاج الفعلي لن يكون قبل الربع الأول من 2012 ، وغالبا سيكون في الربع الثاني ، هذا بالطبع اذا سارت الأمور علي ما يرام ، واذا لم تفعل ، فالربع الثالث لا يزال موجودا (للدقة اللغوية : سيكون موجودا) ، ومن بعده الربع الرابع !

إن هذا -أيها السادة- لهو يوم حزين في الوسط التقني ، فالتأخير في خروج دقة التصنيع تلك بالذات ، يعني أن الخطط التصنيعية لـ AMD و NVIDIA ستتغير بشكل جذري ، فكلتا الشركتين تعتمدان علي تلك الدفة في تحصيل أداء أعلي واستهلاك أكفأ للطاقة لبطاقاتهما الرسومية القادمة .

الأمر الذي يعني بالضرورة أننا سنظل محبوسين في سجن دقة 40 نانو الخانق ، بلا أمل في الخروج منها الا بعد عام أو يزيد ، وبلا تغيير جذري في أداء أو تصميم البطاقات الرسومية فوق الموجود حاليا .

لن نري معماريات NVIDIA أو AMD الجديدة المُعدة لـ28 نانو الا بعد وقت طويل ، وبدلا من ذلك سنري تعديلات وتطويعات للمعماريات الحالية ، أو نسخ مصغرة من تلك المعماريات الجديدة بلا طفرات حقيقية .

إن الصعوبات التي يواجهها الانسان في دقات التصنيع الصغيرة ، انما تنبع بالأساس من عدم فهمه لما يجري عند المستويات الذرية وما تحتها ، فالغموض هناك لا يزال كثيفا ، و الظواهر هناك تتحدي العقل والمنطق ، والانسان يضل الطريق هناك ثم لا يعرف كيف يعود بعدها !

ويظن الانسان أنه أحاط بمقاليد الكون ، وكشف أسراره و خباياه ، لكنه في حقيقة الأمر مُحاصر ، فأعلاه فضاء شاسع ، مستحيل الاتساع بنجوم و مجرات يعجز عن فهم كيفية نشأتها وعن الوصول اليها ، وأسفله (وفي داخله) ألغاز عجيبة لا يستطيع فك شفرتها أو حتي أن يحيط بعٌشرها علما .

لكن تحديات العلم لا تواجه بالتشدّق وادعاء المعرفة واستباق الفهم ، و لكن باليقين أن ما أمامنا مُعجز الي أقصي حد ، وأن الوقوف أمامه باحترام وتقدير هو أقل ما يمكن عمله ، عسي أن ينفع ذلك -ولو بمقدار شعرة- في تسهيل ادراك مٌعضلاته وأحٌجياته .