في خضم الأزمة، ومع ملايين الحناجر التي تطالب برحيلك، ينبري صوتك المبحوح الذي يكاد يُحشرج بكاء، وفي وضعية تمالك نفس نغبطك عليها بصراحة، ونغبطك على برودة دمك، وعلى قدرتك للوقوف في مواجهة الملايين الغاضبة التي تلعنك وتشتمك وتتوعدك بالمحاكمات، وليصدح صوتك بالصدقة بما لا تملك على شعبك، ها أنت تصرح وبكل فهاهة وسفاهة بأن قواتك لن تتعرض لأصحاب الرأي، وأن للشباب حريته في قول ما يقوله.

ما أقول إلا "حشفا وسوء كيلة"، فحتى اللحظة لم تستطع أن تعترف بقوة شعبك، لم تنصف شعبك بكلمة، لم تقل بأن شعبك أصبح أكثر وعيا بحقوقه، لم تقل بأن هذا الشعب العظيم هو ثاني شعب عربي يأخذ حقه بالقوة، ألا يستحق الشعب المصري ذلك؟

أن الحرية انتزعت انتزاعا حينما اكتسحت الأرجل العارية خوذات قوات الأمن المدججة بالسلاح، فلم ينفعك كم رجال الأمن، ولا درجة الخبرة التي توارثها من سادتهم أمثال فؤاد علام الذي كان سرأس جهاز (مكافحة النشاط الديني)!!، ولم ترهبهم جعجعة الإعلام الفاشل الذي يقوده المدعو أسامة سرايا، ناهجا نهج "احمد سعيد" وصوت العرب، وكأني بهم يرددون:
أخي أنت حر وراء السدود - أخي أنت حر بتلك القيود
إذا كنت في الله مستعصما - فماذا يضيرك كيد العبيد

عفوا سيدي الرئيس، من منا لا يعلم أن الشعب المصري قد أعطاك فرصة للاعتذار، وأنه لو شاء لاكتسحك أنت وعائلتك وأقاربك وأصدقائك من رجال الأعمال، وحسنا فعل، فليس الشعب المصري الذي يغدر بحاكمه، وليسوا من يأخذون السيئة بالسيئة، بل يعاملون المسيء بالإحسان، عفوا سيدي الرئيس، هل رأيت كيف تناثر جنودك المساكين؟ هل رأيت كيف فروا كالفئران؟ هل رأيت كيف انهار الجهاز الأمني بشكل لا يتخيله عقل؟ هل رأيت كيف ساهم هذا الجهاز في ضرب أمن المواطن المصري وأمن الوطن؟.


بعد هذا كله، وأسألك سؤالا بريئا، كيف بلغت بك الجرأة أن تقول بأنك لا تلاحق من يخالفك أو أن الرأي حق لهؤلاء الشباب أن يبدوه وكل حر في رأيه؟ أقول "آلآن وقد عصيت؟ آلآن وقد عصيت؟" ... ما حالك إلا كحال فرعون موسى الذي أطلق لفظة الإيمان وهو يغرق، لكن الله تبارك وتعالى أذله، فلم يؤمن حتى رأى العذاب الآن، فهل شعرت يا سيدي الرئيس بأنك قاربت على الغرق؟ هل شعرت بأن شعبك انتزع حريته عنوة وأنه لا يزال متمسكا بها بيديه وأسنانه ووسط أحضانه؟ لا تدعي أنك تتصدق عن شعبك، تصريحك هذا لم يقدم ولم يؤخر، فكلنا يعلم أنك "كفرت" بحرية الرأي واحترام المخالف على مدى 30 عاما، فهل شعرت بأهمية هذا الآن؟

عفوا سيدي الرئيس ... من لا يملك لا يحق له أن يقطي