بركات الثورة التونسية والمصرية والليبية جمعت قلوبنا على بعض بشكل غير طبيعي.
قبل الثورات الثلاث كيف كنا؟
المصري يستهزأ بالجزائري والجزائري بالمصري.
الفلسطيني بالخليجي والخليجية بالفلسطيني...
في الأردن يسموننا "خلايجة" بصيغة التهكم.
ونحن أصبح مفهوم "الزلمة" عندنا منكوسا، فنسميهم "زلمات" تندُرا.
الشعوب الثرية تسخر من الشعوب الفقيرة وتظن أنها فوقها مرتبة.
الشعوب الفقيرة تحسد الغنية وترى أنها لا تستحق الثروة.
إلا العقلاء.
من أين أتى هذا؟
من الأنظمة الظالمة التي مزقتنا.
إذا كنا نعتبر الحدود شرا لا بُد منه، فالأنظمة الظالمة، وعلى رأسها التي تهاوت، هي شر لا بُد من الفكاك منه.
الآن أشعر وكأني أريد أن أقبل رأس 85 مليون شخص في مصر، ورأس 10.5 ملايين شخص في تونس، و 9 ملايين شخص في ليبيا.
لا أعرف من كلمة "مصري" سوى الرجل الذي يعيش في وادي النيل. لا اعرف من كلمة "سوري" سوى الشخص الذي يعيش في إقليم الشام، لقد غابت عن ذهني تلك الصور النمطية التي عشعشت في أذهاننا عقودا.
الإنسان ليس بكثرة ماله.
الإنسان ليس بشجاعته.
الإنسان ليس بقوته البدنية.
الإنسان بحريته، أنت حر فأنت تملك كل شيء، أنت عبد فأنت لا تملك أي شيء، ها هي كتائب القذافي الشجاعة، ماذا تفيدهم شجاعتهم بعد انحرافهم؟

يا اهلنا في تونس ومصر وليبيا، بلادنا وحدة.

لأول مرة أشعر أني استطيع أن أقود سيارتي من الإمارات إلى مصر وليبيا (قريبا إن شاء الله) وتونس.
مصر وليبيا وتونس بلدان لم أحلم بزيارتها، لكني سأزورها يوما ما، تونس الخضراء الجميلة، كنت لا أتمنى زيارتها بسبب حقبة بن علي، الآن أتمنى زيارتها.
سأزور بلادا أسمع فيها الأذان يصدح، إذا قلت "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" سأسمع "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته"...

عادت لدينا ذكريات "افتح يا سمسم" ذلك البرنامج الرائع الذي كان يعبر عن ذواتنا.
لقد قُتلت ذواتنا ردحا من الزمن، لم نكن نرى من علاقاتنا العربية سوى علاقة الساسة بعضهم ببعض، لكن الأهم وهي علاقة الشعوب بالشعوب كان الإعلام الفاسد يذكي جذوة نار العنصرية بيننا، أي عنصرية هذه التي تُحشر حشرا بين عربي وعربي؟
نحن عنصر واحد.
حتى الأكراد في شمال العراق، حتى الأمازيغ في الصحراء، كلهم إخواننا، لكن الساسة والسياسة أفسد تلك العلاقات الرائعة.