إن الله إذا غضب على قوم سلط عليهم كثرة الجدل.. ما الذي يحدث في مجلس الشعب الآن؟
أريد أن نفهم.. هل نعيد اختراع العجلة في مجلس الشعب؟ نتناقش في دوران الأرض حول
الشمس أم دوران الشمس حول الأرض؟! ما هذا العبث الذي نفعله.. لجنة تقصي حقائق في
بورسعيد لم تستطع أن توجه اتهاما جريئا وصريحا لوزارة الإجرامية المسماة زورا عندنا بالداخلية
في مجزرة الاستاد.. مدير الاستاد سلم المفاتيح للأمن في العاشرة صباحا وبعدها لُحمت
البوابات، مهندس الإضاءة تلقى تعليمات من الأمن بإطفاء الأنوار كلها فجأة، مدير الأمن كان موجودا
في الاستاد يشرف على المجزرة بنفسه، 500 تذكرة اشتراها أحدهم تحت تهديد السلاح مرة
واحدة، لا جيش ولا شرطة قبض على متهم واحد، قتلى بطريقة مريبة عبر حركة كسر الرقبة
التي يعرف كل طفل مهتم بالعسكرية المصرية من الذي تدرب عليها جيدا، الإسكندرية بعد
أحداث كنسية القديسين سيطر عليها الجيش في 40 دقيقة لم تبق فيها حارة واحدة ليس فيها
قوة من البحرية، ومجزرة بورسعيد تمت وانتهت وكأن شيئا لم يكن أو كأننا ليس لدينا جيش ولا
شرطة.. وكل هذا الحديث الدقيق والحاسم يستدعي منا فورًا أن نناقش أزمة أنابيب البوتاجاز حالا في مجلس الشعب!
وخلال النقاش حول أزمة أنابيب البوتاجاز نتحدث بالمرة عما يحدث أمام وزارة الداخلية، المصابون
يملؤون الدنيا، والتقارير الطبية تملأ الكون، والشهادات والمشاهدات الدامغة كلها تؤكد أنه لا أحد
يريد اقتحام الداخلية، وأن الداخلية هي من بدأت بالاعتداء على التظاهرة السلمية المطالبة
بتطهيرها مما أشعل الموقف، وأن الثوار لم يشعلوا قشة واحدة، وأنهم ساعدوا في إطفاء مبنى
الضرائب العقارية، وساعدوا في تسليم الجُناة، وأنا وعشرات الأصدقاء هناك كل يوم نسمع ونرى..
لكن الذين يجلسون في بيوتهم وفي مكاتبهم يعرفون أكثر منا أننا نريد اقتحام الداخلية وأننا
مخربون، وإذا تلطفوا قالوا إن بيننا مندسين!! وهذا يتطلب على الفور مساءلة وزير البترول عن
أسباب شُح أنابيب البوتاجاز في مباراة وزارة بورسعيد للشؤون الدينية والخرطوش!!! ما هذه
المسخرة؟!! أهذا ما خرجنا من أجله؟ سمك لبن تمر هندي؟!! هذا ما تحملنا في سبيله القتل
والطعن والاعتقال وقهر الرجال وطول لسانهم؟!
رئيس مجلس الشعب يُصدق وزارة الداخلية ولا يصدق الحقائق، المصابون الذين يفترشون
الأرصفة حول جنابه، والدماء التي تسيل كلما طرق على منصة المجلس الموقر.. الصور..
والشهود.. والدم.. الدم كذاب ووزير الداخلية صادق، ومادام وزير الداخلية يقول إنه لا يوجد
خرطوش، فلا يوجد خرطوش ولا قناصة ولا حتى ثورة! يوجد "استعباط" بلدي من جميع الأنواع
والأشكال!
نائب يعرض الخرطوش الذي تطلقه الداخلية في مجلس الشعب، فندخل في جدل عقيم حول ما
إذا كانت هذه الطلقة فارغة أم سليمة، وإذا كانت سليمة فمن أين حصل عليها، ويذكر إعلام
الإخوان الكذاب رواياتٍ لا صحة لها عما يحدث وكأنه صار إعلام حبيب العادلي أو زكي بدر في
زمانه!!
ثلاث حالات اليوم تعيد تجربة أحمد حرارة إلى الضوء، مصابون بالخرطوش في عيونهم، في الخيمة
التي أمامي مصاب بالخرطوش في قدمه، في كل مكان في الميدان مصابون بالخرطوش، وفوارغ
الخرطوش، وحتى الرصاص الحي تفرش شارع محمد محمود ومنصور، لكن الذين ينامون على
بطونهم فوق المكاتب يعرفون الحقيقة التي لا نعرفها، يعرفون أنه لا يوجد أي نوع من العنف، وأن
وزارة الداخلية مهددة، وأن أغلبنا مجرمون، ويجب تقنين الجريمة السياسية ضد الثورة والثوار من
خلال مجلس الشعب!
بئست هذه الأيام من تاريخٍ يلوث عتبات مستقبلنا فيما بعد الثورة، والويل للحمقى والمتحامقين،
والمجد للشهداء، وليسقط حكم العسكر.
المفضلات