المعالجات ثنائية النواة من AMD و Intel

أسرع وأرخص...


كما هو معروف للجميع فإن سوق وحدات المعالجة المركزية الخاصة بالحواسب التقليدية والتي تعرف بـ X86 تتقاسمه بالكامل تقريبا شركتا Intel و AMD مع استثناءات تكاد لا تذكر لشركات صغيرة مثل VIA. لكن وقبل أن نغوص في دوامة الأسعار والأداء وما إلى ذلك لا بد أولاً من التأكيد على بعض النقاط الأساسية التي يجب ألا تغيب عن ذهننا قط والتي من شأنها أيضاً أن تحررنا كمستهلكين من الإشاعات المتعددة و المعلومات الخاطئة التي باتت تعتبر في أسواقنا من المسلمات:

- لا يوجد بالمطلق شيء اسمه AMD أفضل أو Intel هي الأفضل، فالتعميم هنا خاطئ تماماً والصحيح هو أن الأفضلية التي قد تتمتع بها إحدى الشركتين تتبدل من جيل لجيل ومن معالج إلى آخر ومن نطاق سعر معين إلى نطاق آخر.

- الأداء ليس المعيار الوحيد الذي نبني عليه تقييمنا للمعالجات بل لا بد من اعتماد معيار أكثر دقة هو الأداء مقابل التكلفة أو القيمة. ونقصد بالتكلفة هنا تكلفة النظام كاملاً بما في ذلك تكلفة اللوحة الأم والذواكر اللازمة كي يعمل المعالج بكامل قدرته.

- مقولة أن معالجات AMD تنشر الكثير من الحرارة وقد تتعرض للتلف بسبب ذلك هي معلومة لا أساس لها من الصحة في يومنا هذا وقد أصبحت جزءاً من الماضي؛ فمعالجات AMD اليوم تصنف ضمن نفس نطاق الطاقة الحرارية Thermal Power لمعالجات Core2 Duo/Quad من Intel (65-125w) وهي أفضل بكثير في هذا المجال من معالجات Intel Pentium-D ثنائية النواة مثلاً.

- الفوارق في الأداء على أرض الواقع بين المعالجات المختلفة ليست بتلك الدراماتيكية التي قد يتخيلها البعض، ولا صحة لعبارات أن الجهاز قد تضاعف أداؤه 4 أو 5 مرات لدى الانتقال من معالج إلى آخر؛ إلا إذا كنا بالطبع نتكلم عن الفارق بين أعلى المعالجات رباعية النواة ومعالج رخيص من نوع Celeron مثلاً. فالفارق في الأداء بين أرخص المعالجات ثنائية النواة وأغلاها ثمناً يكاد لا يتجاوز الـ 50% في 90% إن لم يكن أكثر من التطبيقات.

دعونا الآن نتكلم بشيء من التركيز عن المعالجات ثنائية النواة الموجودة على الساحة حالياً والميزات التقنية ونقاط الضعف والقوة لكل منها:

- الجيل الحالي من معالجات AMD ثنائية النواة تمثله معالجات Athlon64 X2 التي تعتمد على المقبس Socket AM2 المعروف للجميع. وهي تتوافر بنواتين Brisbane (تعتمد تقنية تصنيع 65 نانومتر) و Windsor (تعتمد تقنية تصنيع 90 نانومتر).

- الجيل الحالي من معالجات Intel ثنائية النواة تمثله معالجات Pentium-D المتقادمة التي تعتمد نواة Presler، ومعالجات Core2 Duo الأحدث التي تعتمد نواة Conroe الشهيرة.

بالنسبة لمعالجات Pentium-D فقد أصبحت خارج المنافسة منذ عام كامل على الأقل حيث أن تصميمها يعتمد على معمارية NetBurst القديمة التي بنيت على أساسها معالجات Pentium4 والتي تخلت عنها Intel لصالح معمارية Core. لكن هذه المعالجات (Pentium-D) لا تزال تتمتع ببعض الميزات الجذابة بالنسبة للمستهلك غير المطلع مثل ذكرة الكاش الكبيرة (4MB L2 Cache) وترددات الساعة العالية (3.0-3.4GHZ)؛ وهو ما قد يغري البعض بشرائها معتقداً أنها تقدم أداءً أفضل من معالجات Athlon64 X2 أو ومعالجات Core2 Duo؛ في حين أنها حقيقةً لا تستطيع مجاراة أي من هذه المعالجات على صعيد الأداء ناهيك عن أنها أكثر استهلاكاً للطاقة كما ان الحرارة الصادارة عنها أعلى بكثير. لذلك ننصح قطعاً بتجنب معالجات Pentium-D لأنها تشكل استثماراً سيئاً بكل المقاييس.

هذا يبقينا مع خيارين اثنين لا ثالث لهما: إما معالجات Athlon64 X2 من AMD أو معالجات Core2 Duo من Intel، والخيار هنا ليس سهلاً أبداً كما قد يبدو للوهلة الأولى... على كل سنعود لهذه النقطة لاحقاً ولكن دعونا الآن نجري مقارنة بسيطة بين بنية معالجات Athlon64 X2 ومعالجات Core2 Duo ونقاط القوة التي تتميز بها كل منهما عن الأخرى..

كما هو واضح من المخطط التفصيلي لبنية المعالجين فإن التصميمين مختلفين تماماً رغم أن كليهما تصميم ثنائي النواة أصيل Native Dual Core Design وليس عبارة عن تجميع لمعالجين مستقلين على رقاقة واحدة كما كان عليه الحال في معالجات Pentium-D التي تمثل الجيل الأول من المعالجات ثنائية النواة.

فيما يلي أهم النقاط التي يمكن استخلاصها من المخططات المرفقة:

- هناك اختلاف جذري في سعة ذاكرة L1 Cache بين التصميمين: حيث تستخدم معالجات Athlon64 X2 ذاكرة كاش من المستوى الأول L1 Cache بسعة 128KB مستقلة لكل نواة؛ أي بسعة إجمالية تبلغ 256KB للمعالج بأكمله، في حين أن معالجات Cor2 Duo تستخدم ذاكرة L1 Cache بسعة 32KB فقط لكل نواة أي بسعة 64KB فقط للمعالج بكامله! من الصعب جداً بالتأكيد تحديد مدى تأثير حجم ذاكرة L1 Cache على أداء المعالج ككل؛ لكنها تبقى هامة جداً بالنسبة لحسابات الفاصلة العائمة Floating Point Calculations وفي تعزيز فعالية تقنيات الاستحضار المسبق للبيانات Pre-Fetch التي تستخدمها بكثافة معالجات Athlon64. وبالتالي فإن معالجات Athlon64 X2 تتمتع بأفضلية واضحة في هذ المجال تتيح لها التقليل من زمن التأخير الضائع في عملية تبادل البيانات المستمر بين ذاكرتي الكاش من المستويين الأول والثاني.

- هناك اختلاف أكبر فيما يتعلق بذاكرة الكاش من المستوى الثاني L2 Cache، حيث أن الاختلاف هنا لا يقتصر على السعة (1-2MB في معالجات Athlon64 X2 مقابل 2-4MB في معالجات Core2 Duo)؛ بل تتعدى ذلك إلى فارق كبير في طريقة التعامل مع ذاكرة الكاش هذه... ففي حين أن معالجات AMD تعتمد على ذاكرة كاش مستقلة تماماً Dedicated لكل نواة؛ نجد أن معالجات Core2 Duo تعتمد على ذاكرة كاش واحدة تستخدمها كلا النواتين بطريقة مشتركة. أي الخيارين هو الأصح هنا أيضاً يصعب التقدير الدقيق لتأثير كل من الطريقتين لكننا على العموم نعتقد هنا أيضاً أن خيار AMD هو الخيار الأكثر جدوى ومنطقية بالنسبة لأداء أي معالج ثنائي النواة حيث أنه يختصر الكثير من الوقت الضائع في صراع النواتين على ذاكرة الكاش أو في عملية توزيع البيانات الموجودة ضمن هذه الذاكرة على النواتين، في حين أن خيار Intel باعتماد ذاكرة كاش مشتركة بين النواتين هو محاولة مشروعة بالتأكيد لتحسين الأداء في التطبيقات والبرامج التي لا تستفيد سوى من نواة واحدة فقط ولا تستطيع الاستفادة من النواتين؛ حيث أنها تستطيع في هذه الحالة الاستفادة من ذاكرة الكاش الأكبر على الأقل، لكن أثره سلبي على أداء المعالج كمعالج ثنائي النواة لا سيما وأن الحجم الكبير لذاكرة الكاش يفرض الاستعانة بذاكرة أبطأ (High Latency) للتخفيف من التكلفة.

- بعيداً عن ذاكرة الكاش ومشاكلها يبقى الاختلاف الأبرز بين بنيتي المعالجين هو في طريقة تخاطب المعالج مع الذواكر وطقم رقاقات اللوحة الأم، وهذه النقطة بالذات هي نقطة القوة الرئيسية في تصميم معالجات Athlon64 X2 من AMD. فكما هو واضح من المخطط الخاص ببنية كل معالج لا يوجد أي تنسيق بين النواتين المكونتين لمعالجات Intel Core2 Duo باستثناء تشاركهما بذاكرة الكاش، حيث تتصل كل من النواتين مع طقم رقاقات اللوحة الأم من خلال الناقل الأمامي Front Side Bus وتتقاسمان عرض الحزمة التي يقدمها هذا الناقل. وهو ما يؤدي إلى حدوث اختناق يلعب فيه الناقل الأمامي دور عنق الزجاجة. المشكلة تتفاقم أيضاً عندما نأخذ بعين الاعتبار أن هذا الناقل لا يحمل فقط البيانات التي يجب تبادلها بين المعالج وناقل PCI-Express مثلاً كما هو عليه الحال في معالجات AMD؛ بل يحمل أيضاً البيانات المتبادلة بين المعالج والذواكر بسبب عدم اعتماد معالجات Core2 وحدة تحكم مدمجة بالذاكرة Memory Controller واعتمادها على طقم رقاقات اللوحة الأم Chipset في التخاطب مع الذاكرة. هذه الاختناقات التي تسببها البنية التصميمية لمعالجات Intel فرضت على الشركة اللجوء إلى حلين: الأول هو زيادة سعة ذاكرة الكاش من المستوى الثاني (4MB حالياً سترتفع إلى 6MB مع الجيل القادم المعروف بـ Penryn) بهدف خلق أحواض من الذاكرة Memory Pools تقلل من حاجة المعالج لاستحضار البيانات بشكل مستمر من ذاكرة النظام، أما الحل الثاني فهو الزيادة التدريجية لتردد الناقل الأمامي من 1066MHZ في أول معالجات Core2 Duo إلى 1333MHZ في الجيل الجديد منها مع زيادة أخرى إلى 1600MHZ في فترة لاحقة.

أما معالجات Athlon64 X2 فتعتمد نظاماً أكثر تطوراً في هذا المجال، حيث تتمتع هذه المعالجات بوجود وحدة خاصة لتنسيق عمل النواتين تعرف بـ System Request Interface & Crossbar Switch. تقوم هذه الوحدة باستقبال وإرسال البيانات المتبادلة فقط مع ناقل PCI Express (حيث بطاقة الرسوميات) إلى طقم رقاقات اللوحة الأم من خلال ممر خاص تسميه AMD ممر النقل الفائق Hyper Transport Bus يعمل بسرعة 2000MHZ، وبذلك تختفي مشكلة الاختناق التي شاهدناها في معالجات إنتل. أما البيانات المتبادلة بين المعالج و الذواكر فيتم التحكم بها من قبل وحدة تحكم بالذاكرة مدمجة بالمعالج Onboard Memory Controller تعمل بسرعة المعالج نفسه؛ تتولى هذه الوحدة نقل البيانات بين المعالج والذواكر بطريقة مباشرة ودون المرور بطقم رقاقات اللوحة الأم، وهو تصميم أنيق بالفعل يسمح بتوفير المزيد من الوقت الثمين؛ ويعتبر ربما النقطة الأقوى في جعبة معالجات Athlon64 عموماً.

كل النقاط السابقة تشير إلى أن معالجات Athlon64 X2 يفترض أن تكتسح معالجات Core2 Duo من حيث الأداء، لكن الواقع هو أن معالجات Core2 Duo تعوض عن هذه العيوب التصميمية وتزيد من خلال ميزة فريدة بالفعل.. حيث أن هذه المعالجات هي أول معالجات من نمط X86 تستطيع أن تعالج بالكامل (تطلب-تعالج-تصدر-تتخلص من) 4 تعليمات في دورة الساعة الواحدة. كما أنها تستطيع تنفيذ تعليمات SSE من نمط 128Bit خلال دورة ساعة واحدة مقارنةً بالدورتين التي تحتاجها كل المعالجات الأخرى السابقة و الحالية.

بالمحصلة النهائية تثبت اختبارات الأداء الموجودة في مكان آخر من هذه المقالة أن المنافسة حامية بين كل من معالجات AMD و Intel ضمن حدود معينة، وحرب الأسعار المستعرة بين الشركتين هي دليل آخر على حجم التنافس الموجود. هذه المنافسة تبقى حامية كما قلنا حتى حدود معينة نظراً لأن AMD لا تمتلك حالياً منافساً لمعالجات Core2 Quad رباعية النواة التي تقدمها منافستها، باستثناء معالجات Athlon64 FX التي تباع كأزواج من المعالجات ثنائية النواة، وتحتاج إلى لوحة أم خاصة مزودة بمقبسين لاستقبال معالجين من طراز Athlon64 FX.. وهذا الحل رغم كونه منافساً نسبياً من حيث الأداء إلا أن كلفته الباهظة والشرو الفيزيائية المعقدة التي يفرضها لجهة وحدة التغذية و التبريد تجعله حلاً غير عملي. لكن هذا الواقع في طريقه لأن يتغير مع نهاية العام الحالي من خلال نواتي Barcelona و Agena القادمتين، وهما رد AMD في مجال المعالجات رباعية النواة.

فإذاً بالنسبة للمستخدم التقليدي تقدم معالجات كلا الشركتين حلولاً ممتازة من حيث الأداء؛ وهو ما يعني أن العنصر الحاسم في الاختيار سيرتكز على عامل السعر... وهنا من الضروي جداً التذكرة أن السعر لا يعني سعر المعالج فقط بل تكلفة النظام الذي نريد أن نبنيه على أساس هذا المعالج؛ أي كلفة اللوحة الأم والذواكر.

كلا الشركتين تستخدمان ذواكراً من طراز DDR2 800 ويمكن أن تدعم لوحاتهما ذواكراً من نمط DDR2 1066 (باعتبار أن ذواكر DDR3 التي تدعمها بعض لوحات Intel لا تزال غير عملية)، وهذا يعني أن فارق التكلفة الإضافية ينحصر باللوحة الأم فقط.

وهنا تحديداً تظهر أفضلية واضحة لمعالجات athlon64 X2 في كلا المجالين:

- فأرخص معالجات Core2 Duo مثلاً هو معالج Core2 Duo E4400 ويباع بسعر 7000 ليرة سورية في حين أن معالج Athlon64 X2 4000+ المنافس المباشر له يباع مع لوحة أم ذات مواصفات جيدة بسعر لا يتجاوز الـ 6700 ليرة سورية فقط!! وهو أمر لا يتغير إلا مع معالجات الفئة العليا نوعاً ما حيث يتساوى السعر والأداء تقريباً بين معالجي Athlon64 X2 6000+ ومعالج Core2 Duo E6750 (11000 ليرة سوريةتقريباً).

- اما اللوحات الأم وتكلفتها فهي أيضاً نقطة هامة لصالح معالجات Athlon64 X2 حيث أن الخطوة التي اتخذتها AMD بنقل وحدة التحكم بالذاكرة من اللوحة الأم إلى المعالج أدت إلى نتيجة رائعة بالنسبة للمستهلك وهي أن كل اللوحات الأم التي تضم مقبس AM2 تقدم الأداء نفسه تقريباً، كما أن جميع هذه اللوحات حتى أرخصها ثمناً تدعم كل معالجات Athlon64 X2 من أرخصها ثمناً إلى أغلاها وأسرعها أداءً، كما أن أرخص هذه اللوحات مثلاً والتي تباع بسعر لا يتجاوز الـ 3200 ليرة سورية تدعم ذواكر DDR2 800 وتضم تقنيات مميزة مثل SATA2 Raid. بينما إذا أردنا مثلاً الحصول على لوحة أم لمعالجات Intel تدعم ذواكر DDR2 أو تضم مثلاً تقنية SATA2 Raid فسنضطر لدفع مبلغ لا يقل عن الـ 6500 ليرة سورية... كما أن معالجات الفئة العليا من Core2 Duo التي تتمتع بناقل أمامي بسرعة 1333MHZ تحتاج إلى طقم رقاقات من طراز P35 على الأقل، واللوحات الأم التي تضم مثل هذه الرقاقة لا يقل ثمنها عن الـ 9000 ليرة تقريباً. وهو ما يرفع كلفة النظام المبني على أساس معالجات Intel إلى حد كبير بالفعل.

لذلك فإن معالجات AMD Atlon64 X2 تشكل برأينا الحل الأمثل من حيث معادلة الأداء مقابل السعر، وهي تقدم مستوىً ممتازاً من الأداء لن تحصل على أفضل منه من معالجات Intel Core2 Duo إلا إذا كنت مستعداً لدفع ثمن باهظ للمعالج وحده (15000 ليرة وما فوق)؛ وثمنٍ لا يقل ارتفاعاً للوحة الأم (10 آلاف ليرة وما فوق)..

وبكل الأحوال تبقى النتيجة أننا نعيش حالياً عصراً ذهبياً بالنسبة للمعالجات من وجهة نظر المستهلك.. فالمعالجات الحديثة ثنائية النواة Dual Core تقدم مستويات متقدمة جداً من الأداء في شتى التطبيقات والأهم انها متوافرة بأسعار رخيصة جداً وغير مسبوقة. بحيث ان الحصول على معالج ثنائي النواة لم يعد حكراً على المحترفين او أصحاب الميزانيات الضخمة بل أصبح متاحاً للجميع أياً كان مستوى ميزانيتهم.



هام منقول للفائدة