أعلم جيداً أنني أخطو وسط حقل ألغام بحديثي هذا ... ولكن الدين النصيحة .. وأنا هنا لأطلب منكم أن تستمعوا لكلمات عضو قديم جداً بهذا المنتدى وعاصر كل فتراته وكان عضو فاعل في الهيكل الإداري للمنتدى لمدة ثلاث سنوات كاملة .... وصحيح أنني قد أكون أقلكم علماً ومعرفة ولكني أعتبر نفسي هنا بمثابة أخ أكبر للجميع .... من ناحية المشاركات وفترة الإشتراك من ناحية .. ومن ناحية السن من ناحية أخرى ... ومعظمنا له أخ أكبر ... يقول له دائماً حديث يمل منه .. ويشعره بالضجر وبأن هذا الأخ يحاول أن يمثل دور الأب أو ان يفرض سيطرة ليست له ... ويسمع الصغير للكبير بملل وقلة صبر ... ولكن بعد أن يختلي بنفسه يجد أنه ربما كان الكلام يحمل منطق ويستحق إعادة التفكير به وأخذ ما يناسب منه والإستفاده مما يحويه.

من هنا أرجو أن يتسع صدر الجميع لما سأقوله ... وتدبروه قبل الرد "العاطفي والمتسرع" الذي تشتهر به مجتمعاتنا الشرقية كلها.

أنا لن أتحدث من الناحية التقنية أو العلمية عن انتل او AMD ولن أجادل في أفضلية أو استحقاق أيهما ....

ما سأتحدث عنه هنا هو القضية الأخطر والأهم ... وهي أدب الإختلاف

من أهم النقاط التي تكون في محموعها ما يطلق عليه أدب الإختلاف هي نقطة احترام الذات !!

وقد يتعجب البعض من الكلمة ويظن أنني أخطأت وأنني كنت أقصد احترام الغير "بمعنى الطرف الآخر من النقاش" ولكن الحقيقة هنا أنني أقصد ما قلته حرفياً ...

فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "ما معناه" : لايسب أحدكم أباه .. فقالوا وكيف يسب الرجل اباه يا رسول الله فقال يسب أبا الرجل فيسب الرجل اباه ويسب أمه فيسب أمه.

أعتذر إن كان هناك اختلاف عن النص الأصلي ولكني ذكرت "ما معناه" لهذا السبب .. وأرجو ألا يتخذها البعض ذريعة للهجوم علي.

المهم ... المقصود من ذكري لهذا الحديث هو التذكير بأن احترام الإنسان لنفسه هو من احترامه لمن يواجهه .... وعليه فإن عفة اللسان والترفع عن الصغائر وعدم تصيد الأخطاء للغير هو من أسس وقواعد احترام الإنسان لنفسه .. لأنه بهذا يملك قوة كبح جماح نفسه وغضبه .. والإحسان لمن يستطيع الإساءة اليه ... وهذه هي منتهى القوة.

لذا فالقاعدة العامة هي أن الإختلاف في حد ذاته رحمة ونعمة ... ولكننا بكفاءة تامة نحولة إلى نقمة .

هل تعلمون أن في الغرب يعتبرون أن هناك مساحة شخصية للفرد لا يصح أن يتعداها من يتحدث معه ..؟؟ وهذه المساحة هي بامتداد الذراع.

وهذا معناه أن اياً منا يجب ان تكون له مساحته الخاصة التي يتحرك بداخلها على حريته ولا يصح أن يتجاوزها او يتعدى عليها أحد. وهذه المساحة سواء فيزيائية كالتي تكلمت عنها او معنوية كحرية الرأي فهي شيء يجب احترامه وتقديره وعدم التعدي عليه.

كلنا يعتقد أن رأيه صواب ورأي غيره خطأ .. وينسى أن الأئمة كانوا يقولونها بأسلوب يرقى كثيراً بالمعنى "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"

وهنا الباب مفتوح أو موارب ... لأنهم لا ينكرون النقاش حول أي مسألة .. لأن الغرض دائماً هو اثبات الصحيح ودعمه وليس اظهار صحة وجهة النظر ودحض المنافس .. والإمام مالك قال ما معناه "لو جاءكم كلام بدليل من كتاب الله وسنة رسوله يخالف رأيي فاضربوا بكلامي عرض الحائط"

وهؤلاء هم أئمة الإسلام ..

و الإمام أبو حنيفة عندما جاءه من ينكرون على علي بن ابي طالب قبول التحكيم بينه وبين معاوية قال لهم أنه يؤيد ما فعله سيدنا علي وقال لهم أنا اختلف معكم وانتم تختلفون معي ... فما الحل بيني وبينكم في هذه النقطة .. فأجابوه .. نقبل بحكم بيننا وبينك .. فقال لهم : إذن لم تقبلون التحكيم على انفسكم وتنكرونه على الإمام علي؟"

والإمام الشافعي غير من فقهه وفتاويه عندما حضر الى مصر ... ولم يستكبر .. وإنما بتواضع العالم عرف ان ما يناسب اهل العراق لا يناسب اهل مصر " ولم يخالف شريعة ولا سنة سواء هنا او هناك"

هؤلاء هم الأئمة .. الا ترون أننا يجب ان نهتدي بهم وبما فعلوه ؟؟؟

أتعلمون ان الإمام الشافعي صلى على قبر الإمام ابو حنيفة عندما زار القبر بطريقة ابي حنيفة وليس بطريقته ؟؟ وذلك احتراماً وإجلالاً لقدر ومقام ابا حنيفة.

ومن هذا يمكننا ان نتعلم أن احترامي لرأي من امامي وتقديري له سيكون له مردود ايجابي علي انا شخصياً ..

وليس منا من يستطيع الحكم بأن رأيه هو الصحيح على إطلاقه .. وإنما يستطيع أن يبرهن على صحة وجهة نظره.

وأنا من متابعتي لهذا الموضوع وغيره من مواضيع الإختلاف الدائم والأبدي ارى ان مشكلتنا هي تشخيص المشكلة .. بمعنى تحويلها من مشكلة علمية الى مشكلة شخصية .. وبدلاً من الحفاظ على اسلوب علمي راق في الكلام وحتى مع الإختلاف لا ادع الفرصة لنفسي بأن اسفه أو اقلل من شأن من يواجهني ... لأنني بهذا اتيح الفرصة الذهبية له كي يفعل المثل معي .. وعندها لن أشعر بأنني اخطأت في البداية ... بل سأتعجب واستغرب من الذي يواجهني .. وسأرى فقط أنه يهاجمني ولن انظر لنفسي لأرى أنني من بدأ.

الكلام هنا عام ولا أخص به أحد حتى لا يقحمني أي أخ فاضل منكم في اتهام بأني اقصده بهذا الكلام.

ولكن الحقيقي والأكيد أننا كشرقيين وعرب "وبالمناسبة مصر عربية شرقية وأنا مصري عربي مسلم معتز بلغتي العربية وبإسلامي وبشرقيتي" أقول أننا عاطفيين ونحكم على الأمور بتسرع وعدم روية ... واقول بكل ثقة أننا لا تزال تحكمنا القبلية والتعصب. وما يحدث في كل المنتديات العربية ومن ضمنها هذا المنتدى خير دليل على هذا ... وعيبنا أننا نداري على عيوبنا بدلاً من مواجهتها ... وبدلاً من أن يواجه كل منا نفسه ويسمح للآخرين بمواجهته "بالذوق والأدب" أقول بدلاً من أن نسمح بهذا بل ونرحب به نجد أن كلاً منا يهاجم كل من يحاول توضيح عيب أو وجه خطأ فينا ونهجم على من كلمنا ... لتتحول المسألة الى معركة لا علاقة لها من قريب او بعيد بالهدف الأصلي للكلام.

رجاء خاص من الجميع أن يحاول كل منا ان ينظر للأمور من زاوية أوسع قليلاً.

هناك من يملك علم غزير ويجتهد للحصول على المزيد .. ويبذل مجهود حقيقي لتطوير نفسه .. ولكن ما أن يلوح في الأفق شبهة اختلاف معه أو رأي مغاير حتى يتبدل الحال ويتحول الكلام الى ما لا يصح من مثله أن يقوله .. والحق ان العالم هو اجدر الناس بالتواضع و انكار الذات والموضوعية في المناقشة واستيعاب من يواجهه وليس العكس.

أسهل شيء في الدنيا هو أن تجرح .. ولكن ما أصعب مداواة الجرح ... وأبسط شيء أن اسفه رأي من أمامي .. وأن أحب الإحساس المزيف بالإنتصار الذي يعطينيه علو صوتي أو التفوه بألفاظ تجبر من يواجهني على السكوت حتى لا يتردى في هاوية الكلام الجارح .... ولكن هل هذا هو الإنتصار ؟؟؟ ألاحظ من متابعتي الدائمة لكل المناقشات والخلافات أن سواء طارح الموضوع أو المشاركين في النقاش يدخلون حلبة النقاش بفكرة مسبقة وتحيز واضح ... وهناك من يذكر في أول كلماته أنه هنا ليثبت فشل أو كذب الرأي الفلاني وهذا يعطي انطباع لمن يريد النقاش الهاديء والعقلاني بأن لا فائدة من النقاش وأن الإنسحاب أكرم .

لأول مرة أشعر برغبة شديدة في السلبية والوقوف في الظل في هذا القسم بالذات ... هذا القسم الذي كنت مشرفاً له لفترة طويلة .. مما يعني أن اهتمامي بهذا الجزء من الهاردوير متأصل في كياني .. ولكن المستوى الذي وصل اليه أي حوار أو موضوع جعلني أغير من توجههي وأفضل المشاركة في الأقسام الهادئة التي لا تحدث فيها هذه الخلافات التي أحمد الله على عدم تواجد الأعضاء وجهاً لوجه فيها وإلا كان الوضع بسهولة ممكن أن يصل لتشابك بالأيدي.

أشعر "وأرجو أن أكون مخطيء" أن الإيجابية الشديدة في الإختلاف والمشادات الكلامية ستتحول إلى سلبية واضحة مع هذا الموضوع الذي أعيد طرحه في موضوع مستقل بعد أن مداخلة في أحد المواضيع المحتدمة بالخلاف.

المهم أن أشعر بأني أديت ما أستطيعه تجاه أعضاء يمكن أن يستفيدوا أضعاف أضعاف تحصيلهم الحالي في هذا القسم لو تخلوا عن هذه التحيزات البغيضة.

ألم يأن لنا كعرب أن نتعدي سن الرشد ونتعرف سوياً على حقوقنا وواجباتنا تجاه الآخرين؟.؟

معروف ان صغتر السن تكون ال "أنا" عندهم عالية جداً والأنانية تكون عنوان تعاملهم مع العالم الخارجي ... ولكن مع النضج العقلي والسني نجد أن الإحساس بالعالم الخارجي يعلو عن الأنا ويبدأ الفرد يفكر بمن يحيطونه ويبدأ في وضع أولويات ومقاييس في التعامل ..

تحياتي واحترامي للجميع وأرجو من قلبي ان تكون كلماتي لها تأثير ايجابي ومردود مناسب .

والله من وراء القصد.