تبذل الشركات الكبرى جهداً كبيراً لابتكارخدمات جديدة تقدمها لزبائنها أو تحديث منتجات قديمة أو حتى إعادة تسويقها بطرق جديدة وخلال السنوات الماضية ظهر نوع  من البرامج قائم على مبدأ الاشتراك حيث يدفع المستخدم مقابل مادي اسبوعي أو شهري أو حتى سنوي مقابل استخدام برنامج معين أو حتى تفعيل ميزات متقدمة إضافية في خدمة او برنامج معين ويطلق على هذا النوع من الخدمات اسم " البرمجيات كخدمة Service As A Software " وتعرف أيضاً بالبرمجيات عند الطلب " Software On Demand " .

لمحة تاريخية

ظهر مفهوم استخدام البرمجيات كخدمة لأول مرة في ستينيات القرن الماضي حين كانت شركة IBM وشركات تقنية أخرى تتيح إمكانية تخزين قواعد بيانات للبنوك والشركات الكبرى على سيرفراتها وتقوم بمنح أصحاب البيانات هذه إمكانية للوصول إلى ملفاتهم والعمل عليها بمقابل مادي تدفعه مقابل استخدام الأجهزة المركزية الخاصة بشركة  IBM وذلك لمدة محدودة على حسب العقد والاتفاق .

وفي تسعينيات القرن الماضي أيضاً ومع بدء انتشار الانترنت اطلقت عدة شركات خدمات استضافة تطبيقات الأعمال على سيرفراتها وذلك لتوفير تكاليف العتاد خاصة على الشركات الصغيرة ومجموعات العمل الصغيرة .

ومع بداية الألفية الجديدة تطور مفهوم " البرمجيات كخدمة " أو " البرمجيات عند الطلب " كثيراً في الفترة الأخيرة وظهرت تقنيات وخدمات جديدة سنكتشفها سوياً في الأسطر التالية بعد قليل .

البرمجيات كخدمة! لمن ؟!

في الغالب تكون الحلول التي تقدمها هذه البرمجيات موجهة للأعمال والشركات الصغيرة و المتوسطة خاصة تلك التي يحتاج فريق العمل فيها إلى مزامنة الملفات والإعدادات في الوقت الحقيقي والوصول إليها من عدة أجهزة مثل شركات البرمجة أو التصميم مثلاً .

ومع أنها تركز على الشركات وولكن هذه الخدمات تقدم أيضاً خدمات وحلول للمستخدم العادي أو المختص في مجال معين إضافة إلى ظهور عدد من الخدمات الاستهلاكية خلال السنوات الأخيرة .

أشهر هذه الخدمات

خدمات الحوسبة السحابية

وتعد خدمات الحوسبة السحابية من أبرز البرمجيات عند الطلب وبدأت بالانتشار مع ظهور خدمات مثل Dropbox التي تقدم تطبيقات تسمح بمزامنة ملفات المستخدم وإعداداته مع مساحة تخزينية على سيرفراتها " سحابة " يتم تخصيصها للمستخدم بحيث يتمكن من الوصول إلى هذه الملفات مباشرة عند تسجيل دخوله إلى الخدمة من أي مكان آخر متصل بالانترنت وتتيح إمكانية متابعة العمل على مشاريع معينة من أي مكان حيث بإمكان المستخدم بدأ العمل على مشروع معين في المنزل ومتابعة العمل عليه عند الوصول إلى المكتب وتتيح خدمات أخرى مثل iCloud التابعة لشركة آبل مزامنة الملفات على كافة الأجهزة المتوافقة مع الخدمة وهي هواتف iPhone وأجهزة  iPad وحواسيب ماك وقدمت حلول أخرى لمزامنة الملفات وإمكانية متابعة العمل عليها من على كافة الاجهزة المرتبطة بالسحابة .

وفي الغالب يدفع المستخدمون من أفراد وشركات مقابل الحصول على مزيد من المساحة التخزينية وتقدم الشركات عروض مستمرة للشركات تمنحها من خلالها مساحات تخزينية هائلة وسرعات نقل ومزامنة أعلى .

يذكر أن خدمات الحوسبة السحابية بأنواعها تستخدم اليوم من قبل مئات الملايين من المستخدمين حول العالم وتجلب مليارات الدولارات كعائدات ربحية للشركات التي تطورها

البرامج المكتبية

قامت شركة مايكروسوفت خلال عام 2010 بتقديم مجموعة برامج مكتبية  كبرمجيات عند الطلب تحت اسم Office 365 يتيح إمكانية إنشاء وتعديل المستندات وحفظ الملفات على مساحة تخزينية على خدمة التخزين السحابي الخاصة بها OneDrive وتختلف المساحة المقدمة على حسب الحزمة التي اختارها المستخدم حيث تقدم الشركة عروض موجهة للطلاب وأخرى للاستعمال المنزلي وعروض للأعمال الصغيرة والشركات المتوسطة و الكبيرة وطبعاً كما تختلف المساحة والميزات ستختلف الأسعار .

آخر عروض الشركة كان تقديم اشتراكات مجانية بمساحة كبيرة للطلاب والمدرسين .

تتيح خدمة أوفيس 365 وصول إلى برمجيات اوفيس عبر متصفح الانترنت " أو عبر تثبيت نسخة خاصة " لإنشاء وتعديل المستندات في خدمات مايكروسوفت المكتبية الأساسية مثل Word و Excel و PowerPoint  إضافة إلى خدمات استضافة البريد الالكتروني عبر سيرفرات Microsoft Exchange الخاصة وخدمات أخرى مثل المؤتمرات عبر ويب .

ويتم الدفع مقابل هذه الخدمة بشكل سنوي أو شهري على حسب اختيار المستخدم وذلك بناءً على حاجته وطبيعة عمله .

وفي الوقت الذي جعلت فيه مايكروسوفت خدمة أوفيس 365 متوفرة على جميع المنصات بمافيها الهواتف المحمولة و أجهزة آبل أطلقت شركة آبل أيضاًُ خدماتها المكتبية iWork ليصبح بالإمكان الوصول إليها من أي متصفح انترنت حتى على نظام ويندوز الذي لم تكن تدعمه مسبقاً .

ويزداد عدد المنافسين في هذا السوق بشكل دوري

الاستماع إلى الموسيقى

خدمات مثل Spotify , Deezer , Google Play جائت لتحل عدد من المشاكل التي كانت تواجه هذا السوق أبرزها كان مشكلة القرصنة لتبرز خدمات " الموسيقى عند الطلب " التي تتيح وصول " قانوني " إلى مئات الآلاف من المقطوعات الموسيقية مقابل اشتراك شهري أو سنوي يتيح إلى جانب الاستماع إمكانية مزامنة المقطوعات والوصول إليها من جميع الأجهزة المتاحة بمجرد تسجيل الدخول إلى الحساب وبعض الخدمات تتيح إمكانية حفظ الملفات الصوتية على الأجهزة بشكل مباشر للوصول إليها حتى عند انقطاع الانترنت وأيضاً كسبت هذه الخدمات عشرات الملايين من المستخدمين حول العالم وحققت أرباح خيالية للشركات التي تطورها .

 برامج أدوبي

معتمدة أيضاً على مبدأ الحوسبة السحابية قدمت شركة Adobe حزمة " Creative Cloud " للمصممين المحترفين والمصورين الفوتوغرافيين وحزمة محدودة أرخص سعراً مخصصة للطلاب حيث تسمح لهم بمتابعة أعمالهم ومشاريعهم على مجموعة برامج أدوبي الشهيرة وعلى رأسها فوتوشوب من أي جهاز مزود بتلك التطبيقات و يمكن للمستخدم تسجيل الدخول منه إلى حسابه على Adobe ,كما أطلقت الشركة مجموعة من تطبيقاتها على الهواتف المحمولة وذلك لتوفير إمكانية متابعة العمل من منصات مختلف وتختلف الميزات المقدمة بحسب المستخدم حيث لايحتاج الطلاب مايحتاجه المصمم المحترف او المصور الفوتوغرافي ولايحتاج الفرد ماتحتاجه الشركة لا من حيث العتاد ولا من حيث البرمجيات أو المساحة التخزينية .

الشيء المختلف الذي تقدمه Adobe Creative Cloud هو إمكانية الاشتراك في التطبيق المحتاج فقط حيث لاداعي لتنزيل برامج كبيرة الحجم ومن ثم لاتقوم باستخدامها كما تتيح إمكانية الدفع بنظام Prepaid فيصبح بإمكانك شحن حسابك بمزيد من الوقت أو تفعيل ميزات أخرى بشكل لا يضغط على ميزانيتك .

الفوائد

 توفر البرمجيات عند الطلب الكثير من تكاليف العتاد والبرمجيات خاصة على الشركات الناشئة وتساهم بشكل حقيقي في رفع مستوى الانتاج في حال توافر الشروط المناسبة لذلك وتتيح أيضاً إمكانية تحديث التطبيقات وزيادة مستوى الأمان بأقل نسبة تدخل حين تقوم الشركة المستضيفة بهذه المهمة إضافة إلى ضعف إمكانية فقدان البيانات نتيجة تخزينها على سيرفرات الشركة التي تدفع الملايين من أجل ابقاء خدماتها متاحة بشكل دائم وتوفير أكبر حماية لها .

ومن الفوائد الأخرى لاستخدام البرمجيات كخدمة قابلية توسيع المساحة التخزينية بشكل أسرع وأقل كلفة حيث لا داعي لاستبدال الكثير من العتاد والأجهزة ويكتفى بالطلب من مقدم الخدمة زيادة المساحة المخصصة طبعاً بعد دفع المقابل المادي المتفق عليه .

المساوئ

ومع أن  " البرمجيات عند الطلب " قدمت حلول لعدد كبير من المشاكل إلا أنها بالطبع كأي عمل بشري لن يخلى من العيوب والمساوئ وبالطبع حين نتكلم عن أي شيء متصل بانترنت يجب أن تذكر خطر الاختراق وانتهاك الخصوصية وبالفعل حدثت حوادث من هذا النوع بعضها يرقى لدرجة كارثة تقنية خاصة عندما نتكلم عن حدث مثل اختراق الآلاف من حسابات الأفراد و المشاهير والشخصيات العامة على خدمة iCloud وتسريب صور شخصية ونشرها للعموم في انتهاك صارخ لخصوصيتهم .

وربما كثرة هذه الخدمات ستثقل الحمل على دخل الأفراد  " خاصة ذوي الدخل المحدود " فنصبح ندفع أقساط واشتراكات شهرية زائدة لتصبح رسوم هذه الاشتراكات مصروف آخر إلى جانب المصاريف الأخرى .

ويرى المدافعون عن حرية البرمجيات أن هذا النوع من البرمجيات يعتبر أيضاً من البرمجيات الاحتكارية والتي تحول المستخدم إلى حصالة نقود لجمع الثروة .

ماسبق من مساوئ سيبدو لا شيء امام حوادث مثل تعطل سيرفرات الشركة المضيفة للملفات والبيانات الخاصة بنا أو ربما تلفها بشكل كامل  وعدم قدرتها على  تقديم مزيد من المساحة التخزينية خاصة مع ازدياد عدد مستخدمي هذه الخدمات وارتفاع تكاليف العتاد أو ربما حوادث إفلاس الشركات .وماذا لو وقع المحظور ودخلنا في عصر الظلام الرقمي الذي حذر منه " فينت سيرف Vent Cerf "  أحد الآباء المؤسسين لشبكة الانترنت .

نقطة أخرى هي عن مدى ثقتنا بالشركات نفسها , هل هناك أحد يطلع على ملفاتنا أو ربما يستفيد منها على الأقل لدراسة شخصياتنا وتوجيه الإعلانات لنا ؟

من ثم ماذا عن حالات فقدات الاتصال بالانترنت ؟!

المستقبل

تعد الشركات المطورة لهذا النوع من الخدمات بمزيد من الخدمات والبرمجيات بمزيد من التحسينات على خدماتها إلى جانب دراسة الأسعار وطرح العروض في كل فرصة ومناسبة , عدا عن الأفكار الجديدة والشركات الناشئة والصغيرة التي تعمل في الظل في هذه الأثناء

هل تستخدم احد خدمات البرمجيات عن الطلب , مارأيك بها ؟ , وهل فعلاً يمكن للبرمجيات أن تقدم كخدمات أكثر من منتج نهائي ؟