تعتبر قدرات التصوير من أهم العوامل التي تحدد سواء كان المستهلك سيشتري الهاتف أم لا، وكما رأينا مؤخرًا فقد قدمت ابل وجوجل في سلسلة هواتفهم الجديدة Google Pixel 4 و Apple iPhone 11 احد أفضل تجارب التصوير الموجودة في الهواتف الذكية بشكل عام، ولكن جودة التصوير بالطبع ليست حكرًا على الهواتف الرائدة، بل أن هناك العديد من الهواتف التي تأتي بأسعار معقولة وتقدم تجربة تصوير جيدة أيضًا.

ولكن هناك مدرستان يتبعهم مصنعو الهواتف، تعتمد المدرسة الأولى والمستخدمة في الهواتف الأرخص نسبيًا والتي ترى أن الأرقام هي المحدد لقدرات الكاميرا، فنرى الشركات تعتمد على مستشعرات بدقة 48 و 64 وحتى 108 ميجابكسل كمار رأينا في هاتف Mi CC9 Pro، بينما تعتمد المدرسة الأخرى والتي تعتمدها ابل وجوجل وسامسونج على تقنيات أخرى، فهم يرون أن مجرد كاميرا بدقة 12 ميجابكسل ستكون اكثر من كافية بالنسبة لك، وتبدو النتيجة واضحة بالفعل بالنسبة لرواد هذه المدرسة. 

احذر من الاستدراج بالميجابكسل

بينما يبدو عدد الميجابكسل شيء رائع على الورق، ولكن ترجمة تلك الأرقام إلى صور متميزة يعتبر شيء آخر. العديد من الكاميرات التي تعتمد جودة عالية من ناحية الميجابكسل تقدم صورًا مشوشة للغاية مع افتقارها لعمق التفاصيل. يرجع السبب في ذلك أنه هناك ما هو أكثر من البكسلات لتقديم صورة جيدة، على سبيل المثال العدسات عالية الجودة وخوارزميات معالجة الصور الفائقة.

قد تستطيع بعض الهواتف المزودة بكاميرات بجودة عالية من ناحية الميجابكسل التقاط صورًا مليئة بالتفاصيل مثل هواتف Huawei Mate 30، بينما تفشل بعض الهواتف الأخرى المتبعة لنفس المدرسة في ذلك.

إذا لم تقتنع بذلك، يمكن مشاهدة الصورة التوضيحية التالية، والتي توضح الفارق بين كاميرا هاتف Huawei Mate 20 Pro  بدقة 40 ميجابكسل وهاتف Honor view 20 بدقة 48 ميجابكسل من جهة ، وبين كاميرا Pixel 3XL بدقة 12.2 ميجابكسل وهاتف OnePlus 6T بدقة 16 ميجابكسل ، المقارنة هنا ليست مستندة على السعر بشكل أساسي، ولكنها تثبت أن الميجابكسل ليست العامل المحدد للتفاصيل المُلتقطة في الصورة. 

ابل وجوجل تثبتان أن برمجيات الكاميرا أهم من الميجابكسل

السبب الرئيسي في ذلك هو أن الكاميرات صاحبة الدقة العالية من ناحية الميجابكسل تستخدم تقنية تسمى توزيع خانات البيكسل pixel binning بدلًا من مرشح ألوان باير Bayer filter التقليدي. في الواقع تكون دقة الألوان لدى هذه الكاميرات قريبة لربع رقم الميجابكسل، فعلى سبيل المثال، الكاميرات بدقة 48 ميجابكسل تكون وقتها قريبة لكاميرا بدقة 12 ميجابكسل، والكاميرا بدقة 64 ميجابكسل تكافئ 16 ميجابكسل، وهكذا. لذلك فلا تصدق الأرقام وصدق الصور فقط، فالعبرة بجودة الصورة وليس بعدد الميجابكسل، حيث أن العديد من الكاميرات صاحبة الدقة العالية من ناحية الميجابكسل أحبطت المستخدمين بشكل كبير. 

التصوير الحسابي هو المستقبل

بينما تسبب سباق الميجابكسل في إحباط كبير لدى المستخدمين، لم تغير الشركات الرائدة العتاد المستخدم في التصوير إلا في حدود بسيطة خلال السنوات القليلة الماضية. ولكن استخدمت المنتجات الرائدة تقنيات التصوير الحسابي Computational photography لتحسين جودة التصوير لديها. 

يساعد تحسين تقنيات معالجة الصور في تقديم تفاصيل أفضل وتناسق في الألوان ووضوح في الصور خلال ضوء النهار أو الضوء الخافت. يساعد التصوير الحسابي في الكثير من الخاصيات الموجودة في معظم الكاميرات مثل الوضع الليلي Night Mode أو خاصية البوكيه Bokeh أو اكتشاف المشهد بواسطة الذكاء الاصطناعي  AI scene detection. يظهر ذلك بوضوح في كاميرات بعض الهواتف مثل خاصية الصور منخفضة الإضاءة low-light pictures في هواتف iPhone، وخاصية التقريب الخماسي الهجين 5x hybrid zoom لهواوي ووضع التصوير الفلكي astrophotography الموجود في هاتف Pixel 4. أصبحت الآن بعض خصائص التصوير الحسابي متاحة على معظم الهواتف مثل خاصية الوضع الليلي والبوكيه، بعد أن كانت حكرًا على الهواتف الرائدة، ولكن تبقى التقنيات المتقدمة لمعالجة الصور مكلفة للغاية لذا لا تستخدم سوى في الهواتف الرائدة، على الأقل حتى الآن.

لا تعتمد أفضل الهواتف من ناحية التصوير الآن على إمكانيات الكاميرا المادية فقط، بل أن تقنيات تعلم الآلة ومعالجة الصور تلعب الدور الأكبر لتقديم الصور المميزة ومعالجة الصور بكفاءة أعلى. في الوقت الحالي تعتمد الهواتف المتوسطة على كاميرات بقدرة أعلى من ناحية الميجابكسل لتبدي قدرتها على المنافسة حتى لو كانت قدرات وهمية، بينما تدرك الشركات الكبيرة مثل ابل وجوجل أن المستقبل في التصوير الحسابي وليس الكاميرات التي تتخطى حاجز 100 ميجابكسل. 

اقرأ أيضًا: طرق الإستفادة من كاميرا Ultra wide angle في آيفون 11 برو