هاتف سوني اكسبيريا زد 1

خسائر ضخمة متوالية تنهال على جسد سوني بلا رحمة ولا هوادة، ضربات شديدة موجعة جعلتها تترنح بشدة منذرة بسقوط قريب لعملاق طالما قدم لنا كل إبداع وتميز، لا تنفك المصائب تأتي مجتمعة، لا وقت لالتقاط الأنفاس، وكأنما قد اجتمع الكل على وجوب تدمير هذا الصرح الهائل العريق ذو الباع الطويل في صناعة الإلكترونيات.

بلاي ستيشن Playstation، ووكمان Walkman، هواتف سوني أريكسون ومن بعدها سوني إكسبيريا Sony Xperia، تليفزيونات برافيا Bravia، حواسب فايو Vaio المحمولة، والعديد من المنتجات الإلكترونية الأخرى ذات السمعة الجيدة المنتشرة بالسوق العالمي منذ سنوات عديدة، لطالما استمتعنا بها وكان امتلاكها يعبر عن الذوق الرفيع لأصحابها.

الخسائر تتزايد

ولكن ما حدث مؤخرًا أن شركات أخرى سحبت البساط من تحت أقدام سوني وتغلبت عليها في بعض القطاعات، واقتطعت من أرباحها في قطاعات أخرى، فلم تعد لديها تلك الهيمنة القديمة التي كانت تتمتع بها، وظلت الأرباح تقل شيئًا فشيئًا حتى بدأت تتحول إلى خسائر تتزايد شيئًا فشيئًا.

واختتمت العام الفائت 2014 بضربة قاصمة احالت حياة سوني جحيمًا، وهو الاختراق الإلكتروني الذي حدث لشركتها الفرعية سوني بيكتشرز لإنتاج الأفلام والذي قُدرت خسائره بحوالي 100 مليون دولار أمريكي، ويمكنك متابعة تغطيتنا لهذا الحدث الجلل والذي يعتبر أبرز حدث تقني لعام 2014 من خلال هذا المقال المطول: اختراق سوني بيكتشرز … القصة كاملة.

ولمواجهة الخسائر التي بدأت تنهال على الشركة قامت منذ فترة – في خطوة محزنة لكثير من محبي منتجات الشركة – ببيع قطاع حواسبها المحمولة Vaio إلى شركة يابانية أخرى، لتنسحب بذلك من سوق الحواسب المحمولة تاركة واحدة من أكثر القطاعات المميزة بالشركة، وذلك لتوفير الإنفاق قدر المستطاع، والتركيز على القطاعات الناجحة أكثر وذات المستقبل الواعد.

التضحية بعلامتي إكسبيريا وبرافيا

ولكن بازدياد الخسائر ظهرت تسريبات جديدة من الشركة على ألسنة كبار المسئولين بها، تفيد باحتمالية غلق الشركة لقطاعين آخرين بها، وهما قطاع التليفزيونات Bravia وقطاع الهواتف Xperia، وبالطبع فهي صدمة كبيرة للكثير من محبي منتجات الشركة، فسوق التليفزيونات يحقق تقدمًا هائلًا بسبب التقنيات الرائعة الموجودة حاليًا مثل الدقة الخيالية 4K و8K وتقنية Quantum Dot، والتليفزيونات المنحنية والرفيعة رفع القلم، والتليفزيونات الذكية وما تقدمه من وعود بمستقبل باهر لتلك الأجهزة، كل هذا ستفوته سوني ببيعها قطاع Bravia.

وما يهمني هنا كأحد المهتمين بالأجهزة الذكية هو قطاع هواتف إكسبيريا، فالشركة تقدم بالفعل هواتف قوية وأنيقة ومميزة، ولكنها – لسبب ما – مازالت تعاني من خسائر في هذا القطاع، ولقد تحدثت من قبل حول هذا الأمر في مقال سابق بعنوان HTC ولينوفو وإل جي يصعدون على أكتاف هواتف سامسونج وسوني في محاولة لتحليل سبب الخسائر التي واجهت كل من سامسونج وسوني في الربع المالي الثالث لعام 2014.

فلقد خسر قطاع الهواتف بسوني قرابة 1.2 مليار دولار خلال هذا الرابع، وكنت أتمنى لو تحسنت الأمور في نتائج الربع الأخير من نفس العام، ولكن للأسف يقدر المحللون خسائر سوني عند إعلانها لنتائج هذا الربع بحوالي 1.7 مليار دولار، أي أن الخسائر تتزايد باستمرار بلا رادع، كل ما تفعله سوني من دعاية لهواتفها ومحاولة التميز بالتصميم وتقديم منتجات راقية ذهب أدراج الرياح.

تجارب سابقة

ولكن سوق الهواتف الذكية هو أحد أكبر الأسواق العالمية التي تجذب المستهلكين، وستكون خسارة كبيرة بالفعل لو انسحبت سوني من هذا السوق، فلقد اتخذت نوكيا قرارًا خاطئًا من البداية عندما تجنبت إصدار هواتف بنظام أندرويد بجانب هواتف لوميا، وكان في هذا نهايتها حيث لم تقرأ المستقبل جيدًا، وانتهى الأمر بسقوطها، استسلمت لقدرها ولم تحارب لبقائها، والآن تحاول الحياة من جديد بعدما لفظت أنفاسها الأخيرة بإطلاق هواتف وأجهزة لوحية بنظام أندرويد، ولكن هيهات، لقد انتهى الأمر.

ولكن على الرغم من أنني لست أحد مستخدمي هواتفها، إلا أن بلاكبيري قد نالت إعجابي واستحساني، بسبب أنها لم تستسلم لخسائرها، بل حاربت ونفضت عنها اليأس وبدأت تنهض من جديد، نعم ببطء، ولكنها على الأقل تحاول. ولكن عندما تم سؤال مسئولي سوني الصادر عنهم التسريبات كان ردهم: "لكل عمل نهاية، ولا يوجد عمل باقي للأبد"، أي أنهم مستعدون للإعلان عن هزيمتهم.

شكل جديد لسوق الهواتف

سقوط علامة إكسبيريا سيغير عالم الهواتف الذكية، فالأسماء الكبيرة في تناقص، موتورولا أصبحت مملوكة للينوفو، ونوكيا أصبحت مملوكة لمايكروسوفت، وسامسونج تعاني هي الأخرى من الخسائر، كل هذا وأكثر في ظل صعود شركات صينية مثل وان بلس OnePlus وأوبو Oppo وشياومي Xiaomi، وميزو Meizu، لذلك فلنا أن نتوقع شكل جديد لسوق الهواتف الذكية خلال الفترة القادمة.

أتمنى أن تتراجع سوني عن تلك الفكرة ولا تأخذ خطوات جدية لتنفيذها، فبالتأكيد سنفتقد علامة مميزة في عالم الهواتف الذكية...

ما رأيك عزيزي القارئ في هذا الأمر؟ هل أنت مؤيد لما يمكن أن تفعله سوني بالتخلي عن قطاع الهواتف؟ أم أنك تفضل لو حاربت من أجل بقائها؟ شاركنا برأيك في التعليقات.