سلسلة موسوعة الحاسوب: وسائل العرض الحلقة الأولي كيف بدأ التلفاز ؟!!
كما وعدناكم أعزائي القراء فإني سأحاول جاهداً في هذه المجموعة الموسعة من المواضيع التقنية أن أتناول ما أستطيع تناوله من شرح مبسط إلي قدر كبير للتقنيات التكنولوجية الموجودة حولنا والتي نستخدمها في حياتنا اليومية، فلا يعقل أن نظل مستخدمين لهذه التقنيات بدون حتي فهم المبادئ الأساسية التي تستند عليها وتعمل بها، بل يجب علينا فهمها وفهم كيف بدأت لنعلم أن التقدم التكنولوجي والزخم المعرفي الذي نعيش فيه لم يأتي من فراغ وإنما جاء بعد سنين وسنين من العمل الجاد والتعب والأبحاث التي قام بها العلماء حول العالم لنقدر جهودهم ونتعرف علي قدرة الله في إلهام البشر للوصول إلي مثل تلك العلوم المختلفة. وتحدثنا في الحلقة السابقة عن أول حلقات التقنيات الرسومية وهي دقة العرض لأنها أول ما نجده أمامنا عند فتح التفاز أو شاشة الحاسب الخاصة بنا، أما اليوم في سلسلة موسوعة الحاسوب سنتحدث عن وسائل العرض و كيف بدأ التلفاز ؟!!...
ولكن وقبل البدء في موضوع اليوم دعوني أسألكم سؤالاً هاماً: هل ذهبت في مرة لمشاهدة مباراة رياضية ما في أحد الأندية أو الملاعب الرياضية ؟ بالتأكيد إذا كنت قد ذهبت من قبل فبالتأكيد قد رأيت أن هناك شاشات عرض تقوم بعرض وضع المباراة أو أسماء اللاعبين أو حتي بعض الصور والفيديوهات القصيرة، الم تتسائل مم تتكون هذه الشاشات الكبيرة؟. ببساطة شديدة فإن هذه الشاشات الكبيرة تتكون من مجموعة من المصابيح الصغيرة الملونة والمصفوفة بجوار بعضها البعض بشكل معين لتكون للرائي الصورة التي يراها أمامه عن طريق إضائة هذه المصابيع بترتيب معين وبدرجة إضاءة معينة لتتكون الألوان التي نراها أمامنا (وهي نفس طريقة عمل البيكسل) تماما كما يحدث في شاشات التلفاز ولكن علي مستوي أوسع (للمزيد عن البيكسل ودقات العرض راجع الموضوع الخاص بها من هنا)...
عندما تجلس في منزلك لتشاهد مباراة رياضية من نوع ما أو متابعة إكتشاف علمي معين أو حتي رؤية خطبة سياسية محددة هل تسائلت في مرة كيف يمكنني رؤية كل هذا من منزلي هذا، كيف أن هذا الصندوق البلاستيكي أو المعدني الموجود أمامي يستطيع نقل الصور والأصوات عبر الآف الأميال، ماهي التقنية السحرية الموجودة في هذا الصندوق السحري الصغير؟. كيف تم إكتشافه وكيف يعمل؟ ماهي التقنية وراء صندوق نقل المعلومات الأسطوري هذا، والذي دعوني أقل يعتبر أحد الأعمدة الرئيسية الأساسية في وسائل نقل المعرفة بل أحد أعمدة التطور التكنولوجي بالكامل في عصرنا الحالي...
كيف لمجموعة من الأسلاك والدوائر الكهربائية أن توفر لنا رؤية تجربة علمية تحدث علي بعد الاآف الكيلومترات والأميال، وكيف يمكنها نقل ما يحدث حتي في الفضاء؟ وكيف وكيف وكيف...؟ كل هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عنها وشرحها بإذن الله بشكل مختصر وشرح وافي وبسيط بإذن الله فإبقوا معنا...
في البداية دعوني أقل لكم شيئاً هاماً وهي في الحقيقة مقولة قالها أحد مخترعي التلفاز وهو Philo T Farnsworth حيث أنه قال أن التلفاز أسئ إستخدامه وأنه تم إحباطه وهو ما دفعه لمنع أبناءه من مشاهدة التلفاز !!. بالتأكيد التلفاز حاله مثل حال باقي المنتجات التقنية المختلفة حيث يمكن إستخدامه إما لمنفعة البشرية ونشر العلم والمعرفة أو أن يتم إستخدامه لنشر الجهل والغباء والأكاذيب، لذا دعونا نبدأ في جولتنا الجديدة في عالم التقنية...
موجات الراديو المرئية ! أو Radio With Pictures
في البداية يمكننا تبسيط الفكرة بالكامل إلي أن موجات التلفاز ماهي إلا موجات الراديو التقليدية (يمكنك معرفة المزيد عنها من هنا) حيث يتم نقل الموجات الصوتية كما كان يتم نقلها من قبل مع المزياع، ولكن هذه المرة يتم نقل الصورة أيضاً عن طريق هذه الموجات والتي تستطيع حمل المعلومات ونقلها من مكان إلي أخر بسرعة الضوء ( والتي تصل إلي 300000 كمتر في الثانية الواحدة)...
التلفاز هو إختراع ثلاثي الأركان، فكيف ذلك ؟
الجزء الأول والذي يسمي TV Camera والذي يقوم بتحويل الصور والأصوات إلي إشارات، بعد ذلك يأتي TV Transmitter والذي يقوم بنقل الموجات وإرسالها، الجزء الأخير في الحقيقة هو التلفاز الذي يقبع عندك في المنزل والذي يدعي TV Reciver أو المستقبل الذي يستقبل هذه الإشارات. بعد ذلك يقوم التلفاز بتحويل هذه الإشارات مرة أخري إلي صور و أصوات ( ففي النهاية يتم ترجمة الصور إلي نقاط الوان علي الشاشة وكذلك الأصوات ففي النهاية هما عبارة عن مجموعة من تتاليات الصفر والواحد)...
تذكير هام: الفيديو الذي يعرض علي الشاشة في النهاية هو مجموعة من الصور المتتالية بسرعة كبيرة والتي يتم عرضها في الثانية الواحدة ليشعر المشاهد أنها عبارة عن مقطع فيديو في النهاية (يمكنك مراجعة مقالنا عن دقة العرض)...
أولاً كاميرا التلفاز أو TV Camera
في الواقع لمن يعرف منكم هذه المعلومة، يمكننا رؤية الأجسام في حياتنا اليومية بأعيننا بعد إنعكاس الضوء عليها، وهو ما يجعل الأشياء في الأماكن الأقل إضاءة غير مرئية أو أقل وضوحاً، هذا هو الحال حتي مع الكاميرات والتي تلتقط إنعكاس الضوء علي الأجسام بإستخدام الفيلم الموجود في الكاميرا والذي يتم صنعه من مواد حساسة للضوء، أو حتي بإستخدام كواشف حساسة للضوء (في حالة الكاميرات الرقمية الحديثة)....
ما تفعله كاميرا التلفاز ليس مختلفاً كثيراً حيث أنها تلتقط مجموعة من الصور المتعدده في الثانية الواحدة والتي تصل إلي 24 صورة في الثانية الواحدة لنفس المشهد، هذه الصور المتتالية هي التي تكون مقطع الفيديو، لأن الفيديو كما ذكرنا هو مجموعة من الصور المتتالية في الثانية الواحدة (يمكنك رؤية وتخيل ذلك مع الصورة التالية)...
ولكن الطريقة التي يتم إلتقاط الصورة بها في حد ذاتها تختلف عما تتخيل، لنفترض مثلاً أنك تريد نقل صورة فنية من مكان ما أو لوحة معينة، هل الأدق بالنسبة لك أن تقوم بتقلها هكذا عشوائياً ؟ إذا قمت بالبدء في نقل الصورة عشوائياً في الأغلب ستحصل علي تشوهات أو مشاكل في أبعاد الصورة، والأفضل في هذه الحالة هو تقسيم الصورة واللوحة التي ترسم عليها إلي أجزاء (مربعات مثلاً) متساوية ومن ثم نقل كل جزء علي حدة ليتم دمجهم في نهاية بأبعاد الصورة الحقيقية...
هذا هو نفس الوضع مع كاميرا التلفاز فهي تقوم بأخذ الخطوط العرضية للصورة واحدة تلو الأخري حتي نهاية الصورة من الأعلي إلي الأسفل، وبمعني أخر فهي تقوم بتحويل الصورة إلي مجموعة من الخطوط الملونة والتي يتم إرساله عبر موجات الراديو إلي المكان المراد بكل سهولة ويسر، ومن ثم ترفق معها الموجات الوصتية (التسجيل الصوتي) والذي يتم إرساله هو الأخر (هذه الموجات سواء صوتية أو مرئية تكون مرتبة في الموجه بحيث يستطيع المستقبل إعادة تكوينها مرة أخري)...
ثانياً محطات الإرسال أو TV Transmitter
كلما كان صوتك أكثر إرتفاعاً كلما وصل هذا الصوت إلي مسافات بعيدة، هذا هو الحال بالطبع مع كل الموجات الصوتية، وهو الحال أيضاً مع موجات الراديو، فكلما كانت الموجة أشد قوة كلما وصلت إلي مسافات أبعد، و لجعل موجات الراديو قوية بما فيه الكفاية لحمل الصور الإذاعية والتلفزيونية على بعد أميال عديدة من محطة التلفزيون إلى منزل شخص ما، تحتاج إلى جهاز إرسال قوي حقا. هذا الجهاز يطلق عليه هوائي عملاق (Aerial)، والذي غالباً ما يتم وضعه على قمة تلة بحيث يمكن إرسال إشارات إلى أقصى حد ممكن...
لا يتلقى الجميع إشارات التلفزيون المرسلة عبر الهواء بهذه الطريقة. فمثلاً إذا کان لدیك تلفزيون يعمل بالكيبل، فإن صورك التلفزیونیة "تصل إليك عبر الأسلاك" والتي تسير أسفل منزلك في کابلات الألیاف الضوئیة الموجود أسفل الشارع. إذا كان لديك تلفزيون مع قنوات فضائية، فهذه الإشارات تم إرسالها إلى الفضاء في الأقمار الصناعية والتي بدورها تقوم بإعادة إرسال هذه الإشارات إلي التلفاز في أماكن أخري من البلاد أو قارة أخري حتي...
مع البث التلفزيوني التقليدي، يتم إرسال إشارات الصورة في شكل تناظري: كل إشارة تسافر كموجة متموجة (صعودا وهبوطا). وتنتقل بلدان عديدة الآن إلى التلفزيون الرقمي الذي يعمل بطريقة مماثلة للإذاعة الرقمية. حيث ترسل الإشارات في شكل مشفر عدديا. يمكن إرسال العديد من البرامج بهذه الطريقة، وبشكل عام، جودة الصورة أفضل لأن الإشارات أقل عرضة للتداخل أثناء سفرها.
بعد ذلك يأتي المستقبل (التلفاز)
في حقيقة الأمر لا يهم كيف يتم نقل الموجات التلفازية إليك، فسواء أتتك هذه الموجات عبر الهوائي (Aerial) أو عبر الأسلاك الأرضية أو حتي عبر أجهزة الإستقبال وأطباق الإستقبال فإن هذه الإشارة سيتم التعامل معها بالمثل وسيتم عرض نفس المنتج النهائي في جميع الحالات المختلفة..
ولتوضيح الأمر ببساطة فكل ما يفعله المستقبل (التلفاز) هو عكس العملية التي قامت بها كاميرا التلفاز حيث يقوم بتجميع الخطوط الملونة إلي صور كاملة متتالية يقوم بعد ذلك بعرضها...
كيف يمكن ذلك؟
ولمعرفة كيف يتم ذلك سنحتاج إلي الرجوع إلي أول التقنيات التي تم إستخدامها في تصنيع التلفاز والتي تسمي بتقنية أنبوب أشعة الكاثود أو Cathode Ray Tube (CTR). وببساطة يمكننا توضيح فكرة عمل هذا النوع من التلفاز علي أنه يقوم بإستقبال الإشارات التلفزيونية ومن ثم يقوم بفصل المكونات الصوتية والمكونات البصرية للإشارة ويقوم بمعالجة كل منهما في دائرة منفصلة، فيقوم مثلاً بمعالجة الصوت في دائرة معالجة صوتية والصورة في دائرة معالجة الصورة والتي هي في الأساس أنبوب أشعة الكاثود...
إذاً كيف تعمل شاشات أشعة الكاثود؟
فكرة عملها الأساسية هي انطلاق الإلكترونات من خلف الشاشة إلى أن تصل إلى سطح العرض المبطن بطبقة من مادة الفسفور، شدة الانطلاق يسبب أشعاعات مختلفة للإلكترونات المندفعة، شعاع الإلكترون هذا يمر خلال سلسلة من طبقات مغناطيسية متينة والتي بدورها وضعت بطريقة تسمح لها بتوجيه الإشعاع إلى أماكن مختلفة في سطح العرض، فحينما تصل هذه الإشعاعات إلى زجاج سطح العرض تصطدم بطبقة الفسفور الموجودة عليها مسببة نقطة متوهجة مؤقتاً، كل نقطة تمثل بكسل واحد في شاشة العرض. إن دقة التحكم بالجهد الكهربائي لكل إلكترون تسمح بتوهج البقعة التي يسببها في السطح توهجاً ساطعاً أو أقل سطوعاً مما يعطي اللونين الأبيض والأسود. قديماً: كان التلفاز الأبيض والأسود يحتوي على مدفع واحد للإلكترونات وطبقة واحدة من الفسفور، بعد ذلك أضيفت عدة مدافع في شاشات العرض من هذا النوع حتى أن طبقات الفسفور أصبحت تلون بنقط متقطعة ومنفصلة!
ذكرنا أن الصوت يتم معالجته منفصلاً أما بالنسبة إلي الصورة فإنه يتم معالجتها عن طريق إطلاق شعاع من الإلكترونات (الجسيمات السالبة الشحنة سريعة الحركة داخل الذرة) داخل أنبوب أشعة الكاثود. ومع هذه الحركة تقوم مجموعة من الملفات الكهرومغناطيسية بتحريك هذا الشعاع من اليمين إلي اليسار بسرعة كبيرة ليتم تكوين الصورة الملونة خطاً ملونا تلو الأخر. وفي حقيقة الأمر يحدث هذا التلوين للشاشة عن طريق تلامس الإلكترونات مع سطح الشاشة المكون من مادة الفوسفور التي تستجيب لإثارة الإلكترونات لها بالتوهج، يمكننا تخيل هذه اللوحة من الفوسفور والتي تتكون كل نقطة فيها (بيكسل) من ثلاثة من النقاط الصغيرة الملونة بالأزرق والأخضر والأحمر ، وعندما يصطدم الإلكترون بها تتوهج هذه النقاط الصغيرة لتعطي لونا معيناً.
فمثلاً إذا كان التصادم مع النقطة الخضراء يكون اللون أخضر، أما إذا تصادم مع الخضراء مثلاً والزرقاء يعطينا البنفسجي وهكذا حسب قوة هذا الإلكترون فكلما زادت قوته كان التوهج أكبر فيكون الناتج لوناً معيناً بدرجة معينة وهكذا، أما اللون الأبيض والأسود فهما عبارة عن إضاءة للثلاث نقاط الصغيرة (الأبيض) أو عدم إضاءة لأي منها (الأسود)...
ماهو الفوسفور؟
الفوسفور أو المادة الفوسفورية هي أي مادة كيميائية تستجيب بالتوهج لأية مثيرات خارجية، أي لون من الوان الفلورسنت هو في الحقيقة فوسفور - ألوان الفلورسنت تمتص الضوء فوق البنفسجي غير المرئي وتبعث الضوء المرئي في لون مميز. الجدير بالذكر أيضاً هو أن هناك الآلاف من المواد الفوسفورية المختلفة التي تمت تصنيعها. و تتميز هذه المواد عن بعضها البعض نسبة لجودة الألوان المنبعثة وطول الوقت الذي تظل فيه المادة متوهجة...
أنبوب أشعة الكاثود من الداخل (لمن يريد المزيد من التفاصيل)
ماهو الكاثود؟
تستخدم مصطلحات الأنود والكاثود في الإلكترونيات كمرادفات للأطراف الموجبة والسالبة الشحنة، فعلى سبيل المثال يمكن أن تشير إلى القطب الموجب في البطارية بلفظ الأنود ويمكنك الإشارة إلي القطب السالب بمصطلح الكاثود.
وفي التلفاز الموجود امامنا فإن الكاثود هو عبارة عن قطعة معدنية يتم تسخينها عند توصيل الشحنات الكهربائية بها (تشغيل التلفاز) ومن ثم ينطلق منها شحنات الإلكترونات السالبة (الكاثود سالب الشحنة لذلك يطلق إلكترونات سالبة)، هذه الإلكترونات يمكن تجميعها في شعاع واحد و زيادة سرعتها عن طريق تعريضها لملفات من معدن أخر (أنود)...
قبل البدء في الشرح يمكنك رؤية الرسم والذي يوضح أن هناك (A)الكاثود و (C) زوج (أو أكثر) من الأنودات، (D) هناك الشاشة المغلفة بمادة الفوسفور . (B) هناك طلاء موصل للتيار داخل الأنبوب لامتصاص الإلكترونات التي تتراكم في نهاية الشاشة من الأنبوب. ومع ذلك، في هذا الرسم البياني لا يمكنك أن ترى أي وسيلة ل "توجيه" شعاع الإلكترونات - بمعني أخر أن الشعاع سوف يصطدم في نقطة صغيرة وسط الشاشة، لذلك كان لابد من وجود ما يسمي بملفات التوجيه...
الصور التالية تعطيك ثلاث مناظير مختلفة للفائف (Coils) التوجيه:
لفائف التوجيه (steering coils) هي ببساطة لفائف أو (ملفات) نحاسية قادرة على إنشاء مجالات مغناطيسية داخل الأنبوب، والتي يستجيب شعاع الإلكترونات لها (ففي النهاية شعاع الإلكترونات له شحنة سالبة كما قلنا سابقاً) بالتحرك في إتجاه ما، ويوجد في التلفاز مجموعتين من اللفائف أحدها مسئول عن حركة شعاع الإلكترونات أفقياً والأخر رأسياً...
كيف يتم رسم الصورة علي الشاشة؟
تقسم دائرة بندقية الإلكترونات إشارة الفيديو القادمة إليها إلى إشارات حمراء وزرقاء وخضراء منفصلة والتي بدورها يتم توزيعها علي البنادق الإلكترونية الثلاثة الخاصة بكل لون، بعد ذلك تقوم الدائرة الخاصة بمدافع الإلكترونات بإطلاق ثلاثة دفعات من الإلكترونات (شعاع لكل لون من الألوان الثلاثة) والتي تندفع بسرعة كبيرة مارة من خلال أنبوب مفرغ من الهواء يسمي بأنبوب أشعة الكاثود..يتم إطلاق شعاع من الإلكترونات داخل أنبوب أشعة الكاثود. ومع هذه الحركة تقوم مجموعة من الملفات الكهرومغناطيسية بتحريك هذا الشعاع من اليسار إلي اليمين بسرعة كبيرة ليتم تكوين أول خط ملون علي الشاشة، بعد ذلك يتم تحريك شعاع الإلكترونات إلي الأسفل لرسم الخط الثاني مرة أخري من اليسار إلي اليمين مرة أخري، وهكذا حتي نهاية الشاشة. بعد ذلك تقوم الملفات بإعادة تحريك شعاع الإلكترونات مرة أخري إلي نقطة البداية لرسم الصورة التالية.
وقبل أن تتسائل عزيزي القارئ، فإن هذه الإلكترونات تمر عبر شبكة من الثقوب والتي تسمي قناع الظل (Shadow Mask) هذه الثقوب تسمح للإلكترونات بالوصول إلي أماكن معينة فقط علي الشاشة، هذه الأماكن هي أماكن البيكسل المراد تلوينه ( والذي ينقسم إلي 3 نقاط فوسفورية هي الأحمر، الأخضر، الأزرق) لتكوين الصورة في النهاية...
تتكر عملية رسم الصور في الشاشة (العملية التي شرحناها في الأعلي) بمعدل 60 مرة في الثانية الواحدة، ولكن هناك طريقتين لعمل هذا ؟ الطريقة الأولي تسمي interlacing أو التداخل وفي هذه الطريقة يتم رسم 60 صورة ولكن يتم تقسيم الصورة الواحدة إلي صورتين أو جزئين فيتم رسم نصف الخطوط فقط في الصورة الواحدة، فمثلاً لنفترض أن الشاشة ستقوم برسم 525 سطر من الألوان في الصورة، تقوم الشاشة برسم الخطوط الفردية الترقيم في المرة الأولي وتقوم بعد ذلك برسم الخطوط الأخري الزوجية الترقيم فيكون الناتج في هذه العملية 30 صورة كاملة (المقصود هنا عند تجميع الصورتين معاً لتكوين الصورة الأصلية) متتالية في الثانية الواحدة فقط(وذلك لأننا قسمنا الصورة الواحدة إلي قسمين، والشاشة قامت برسم 60 صورة عبارة عن 30 صورة مكونة من الخطوط الفردية و 30 صورة أخري مكونة من الخطوط الزوجية، إذاً الناتج 30 صورة كاملة فقط)...
النوع الأخر من عملية الرسم تسمي progressive scanning أو المسح التدريجي، وفي هذه الطريقة يتم رسم الصورة كاملة أي أنه يتم رسم 60 صورة كاملة في الثانية الواحدة (وهو ما يسمي بمعدل تحديث الشاشة، يمكنك الأن فهم لماذا يطلق عليها معدل تحديث)...
وفي حقيقة الأمر فإن شاشات التلفاز في الغالب ما تستخدم الطريقة الأولي أما شاشات الحاسوب تستخدم الطريقة الثانية والتي تقلل بشكل كبير الرعشة (Flicker) التي تجدها في صور التلفاز...
يمكننا تلخيص فكرة عمل تلفاز أنبوب أشعة الكاثود إذاً في الخطوات التالية
- في بداية الأمر يقوم الهوائي الخاص بك بإلتقاط الإشارة القادمة إليه من المرسل، سواء كان لديك هوائي خاص بالقنوات الفضائية والتي تأتي من الأقمار الصناعية، أو حتي إن كانت تلك الإشارة تأتي إليك عبر الخطوط الأرضية (الممتدة أسفل الشوارع في الألياف البصرية)...
- بعد ذلك تغذى الإشارة الواردة مقبس الهوائي الموجود في ظهر جهاز التلفاز الخاص بك.
- وتحمل الإشارة الواردة الصورة والصوت لأكثر من محطة (قناة فضائية). لذلك توجد دائرة إلكترونية داخل التلفزيون تختار فقط المحطة التي تريد مشاهدتها وتقسم إشارة هذه المحطة إلى معلومات صوتية (الصوت) ومعلومات بصرية (الصورة) منفصلة ليمر كل منهما إلى دائرة منفصلة لمزيد من المعالجة.
- تقسم دائرة بندقية الإلكترونات إشارة الفيديو القادمة إليها إلى إشارات حمراء وزرقاء وخضراء منفصلة والتي بدورها يتم توزيعها علي البنادق الإلكترونية الثلاثة الخاصة بكل لون.
- بعد ذلك تقوم الدائرة الخاصة بمدافع الإلكترونات بإطلاق ثلاثة دفعات من الإلكترونات (شعاع لكل لون من الألوان الثلاثة) والتي تندفع بسرعة كبيرة مارة من خلال أنبوب مفرغ من الهواء يسمي بأنبوب أشعة الكاثود..
- تمر الإلكترونات بعد ذلك من خلال حلقة كهرومغناطيسية والتي تسمح للإلكترونات بالتحرك (وذلك لأن الإلكترونات تملك شحنة سالبة) ذهاباً وإياباً علي سطح الشاشة لتكوين الخطوط الملونة علي الشاشة..
- وقبل أن تتسائل عزيزي القارئ، فإن هذه الإلكترونات تمر عبر شبكة من الثقوب والتي تسمي قناع الظل (Shadow Mask) هذه الثقوب تسمح للإلكترونات بالوصول إلي أجزاء معينة فقط علي الشاشة، هذه الأجزاء هي البيكسل المراد تلوينه (أحمر، أخضر، أزرق) لتكوين الصورة في النهاية...
- في الوقت نفسه، تمر المعلومات الصوتية (الصوت) من الإشارة الواردة إلى دائرة الصوت المنفصل ليتم معالجتها.
- بعد ذلك تقوم الدائرة الصوتية بإستخدام السماعات الموجودة في التلفاز لعرض الصوت بالتزامن مع الصورة ليخرج للمشاهد المشهد كما تم تسجيله في المكان الأخر الذي تم البث منه...
https://www.youtube.com/watch?v=Gnl1vuwjHto
شكر وتقدير
الجدير بالذكر والمثير للدهشة أيضاً في الحقيقة هو ان كل ذلك يتم في أجزاء من الثانية ليس أكثر، و من باب الأمانة العلمية فإن أول شخص توصل إلي التصميم الخاص بتلفاز أنبوب أشعة الكاثود كان العالم والفيزيائي الروسي فلاديمير زوريكين Vladimir Zworykin والذي توصل إلي هذا التصميم عام 1923 وقدم إختراعه لينال براءة الإختراع بعد ذلك بخمسة سنوات...