توجه سوني للتمويل المتعدد يفتح أفاقاً جديدة للشركات الضخمة
لا يخفى على أحد ما يواجه شركة سوني من مصائب متوالية، بداية من خسائرها في الربع المالي الثالث من عام 2014، ومروراً بكارثة عملية التسلل الإلكترونية الشهيرة لقسم صناعة السينما بالشركة "سوني بيكتشرز إنترتينمنت"، والذي نتج عنه تسريبات لوثائق ورسائل بريد إلكتروني وأفلام وخسائر تقدر حتى الآن بحوالي مائة مليون دولار أمريكي.
وشركة ضخمة متعددة المجالات مثل سوني لها باع طويل في السوق، وهي لن تتأثر كثيراً بمثل هذه الخسائر، ولكن بالطبع لن تستلم لها وستحاول بقدر المستطاع اجتناب أسباب الخسائر مستقبلاً لتحولها إلى أرباح وفيرة، ولكن هل هناك طريقة أخرى لتعويض الخسائر قليلاً؟ بالتأكيد، وهو تقليل النفقات غير المجدية.
تقليل نفقات سوني أمر حتمي
حسناً، كيف تقلل شركة مثل سوني من نفقاتها بحيث لا يتأثر حجم إنتاجيتها أو جودة منتجاتها؟ اختارت سوني طريقة ذكية لتحقيق ذلك، وهو اقتصار الأمر على قسم الابتكارات في الشركة، فكما نعلم أن هذا القسم الذي يسمى عادة في الشركات "قسم البحوث" يخرج لنا ابتكارات جديدة في كل شركة، ويحولها إلى منتجات تطرح في الأسواق، ولكن ماذا إن لم يحالف المنتج الجديد التوفيق ولم يتهافت عليه المستهلكون؟ تكون بذلك الشركة قد أنفقت مالاً في شبه مقامرة على نجاح المنتج الذي كانت تعتقد أنه ربما يثير اهتمام المستخدمين أو يحدث ثورة في عالم التقنية.
ولنا أمثلة كثيرة على ذلك أهمها شركة جوجل التي تقوم بعدة مشاريع وتطرح منتجات وخدمات، ثم توقف إنتاجها وتطويرها بعد ذلك بقليل وذلك لفشل المنتج في إيجاد قبول من المستخدم، مثل مشغل الوسائط المتعددة Nexus Q على سبيل المثال، كذلك سامسونج وبعض خدماتها مثل ChatOn التي قررت التخلي عنها في أكثر بلدان العالم التي لا تلقي لها بالاً في وجود منافسين أقوياء مثل واتساب و فايبر وغيرهم.
التمويل متعدد المصادر
فماذا فعلت سوني حيال هذا الأمر؟ قررت الشركة اتباع أسلوب المبتدأين وأصحاب رؤوس الأموال البسيطة في هذا الأمر، واتجهت إلى الحلول التي توفرها الشركات إليهم، وكان الحل الذي اختارته هو التمويل متعدد المصادر Crowdfunding، وهي طريقة للتمويل تعتمد على شراء المنتج قبل طرحه، بحيث إذا تم الوصول إلى حد أدني معين من الطلبات المدفوعة خلال مدة محددة، تبدأ الشركة مرحلة التصنيع وإرسال المنتجات إلى الذين قاموا بالشراء مسبقاً أولاً، وتبدأ من خلال الأرباح في إنتاج المزيد لعملاء جدد.
بينما في حالة لم يتم الوصول إلى الحد الأدنى من الطلبات المدفوعة في الوقت المحدد يسترد كل عميل نقوده التي دفعها للشراء ويتم إلغاء المشروع، ولمعلومات أكثر عن هذا الموضوع تستطيع الاطلاع على هذا المقال الذي تناولنا فيه أحد الشركات المشهورة التي تقدم التمويل بتلك الصورة: ما هو موقع Kickstarter وكيف تستفيد منه؟
بهذه الطريقة لن تخاطر الشركة في إنفاق الأموال على منتجات جديدة ربما لن ينالها النجاح وتخسر الشركة مزيداً من النقود المهدرة، ولقد قامت سوني بعمل ذلك مرتين حتى الآن، مرة عن طريق مشروع الساعة FES Watch المصنوعة من الورق الإلكتروني (Fashion Entertainment Watch) التي تستطيع تغيير لونها إلى عدة ألوان، ومرة عن طريق مشروع القفل الذكي Qrio Smart Lock الذي تضعه فوق قفل باب البيت وتقوم بغلقه وفتحه عن بعد عن طريق البلوتوث من هاتفك الذكي، وقد قامت بطرح هاذان المشروعان من خلال الموقع الياباني المتخصص في التمويل المتعدد Makuake.
إذن فالأمر الآن ليس مقتصراً على المبتدأين أو أصحاب شركات الـ Startups، فلا يعيب للشركات الضخمة أن تتبع نفس الطريقة لتوفير نفقاتها فيما لا يفيد، ولاختبار السوق ومدى تقبل المستخدم للمنتجات الجديدة من عدمه، وهي خطوة أعتقد أنها ستلهم الكثير من الشركات الكبرى خاصة الواقعة في ضائقة مالية لأي سبب لكي تتجاوز محنتها بأقل خسائر ممكنة.
?xml>