في الماضي، كانت تقنية التعرف على الوجوه تعتبر واحدة من أفكار الخيال العلمي، ربما مثل معظم التقنيات الحديثة اليوم. لكن خلال العقد الماضي، لم تصبح تقنية التعرف على الوجوه أمرًا واقعًا فحسب، لكنها انتشرت على نطاق واسع كذلك. يمكنك اليوم بسهولة أن تقرأ كثير من المقالات والأخبار التي تتحدث عن تقنية التعرف على الوجوه في كل مكان.

وحاليًا تستفيد عدة صناعات من تقنية التعرف على الوجوه، إلى جانب تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق بالطبع. وتشمل هذه الصناعات وكالات تنفيذ القانون، والمطارات، وشركات تصنيع الهواتف الذكية، وشركات تصنيع الأجهزة المنزلية، وغيرها الكثير.

لكن ما هو تاريخ هذه التقنية تحديدًا، ومن أين جاءت، وكيف انتشرت خلال العقد الماضي؟ لنحاول أن نُلقي نظرة معًا على هذا الأمر.

كيف بدأت تقنية التعرف على الوجوه؟

[embed]https://www.youtube.com/watch?v=hgTBLLMtpUA[/embed]

يُنسب إلى المهندس وعالم الحاسوب الأمريكي "وودي ويلسون بلدسو" أنه أول من بدأ تقنية التعرف على الوجوه؛ في ستينيات القرن الماضي، أنشأ بلدسو نظامًا يمكنه أن ينظم صور الوجوه باليد من خلال جهاز إدخال رسومات على الكمبيوتر طورته شركة RAND. وهو ببساطة جهاز يمكن استخدامه لإدخال الإحداثيات الرأسية والأفقية على شبكة بمساعدة قلم إلكتروني يطلق نبضات كهرومغناطيسية، استخدم الناس هذا النظام في الماضي لتسجيل مناطق الإحداثيات لخصائص الوجه يدويًا، مثل العيون والأنف والفم والشعر.

ويمكن أن تحفظ هذه القياسات المُسجلة يدويًا لاحقًا داخل قاعدة بيانات، وعندما يتم إدخال صورة جديدة لشخص ما داخل النظام، كان يستطيع الحصول على الصورة الأكثر شبهًا لها من خلال قاعدة البيانات. وخلال هذه الفترة، لم تدخل التقنية وقوة المعالجة الحاسوبية إلى تقنية التعرف على الوجوه. ومع ذلك، كانت هذه هي الخطوة الأولى والأخيرة التي اتخذها بلدسو لإثبات أن التعرف على الوجوه هو قياس حيوي عملي.

وفي السبعينيات حاول ثلاثة باحثون جعل نظام التعرف على الوجوه اليدوي أكثر دقة؛ حيث استعملوا 21 علامة للوجه تتضمن سمك الشفاه ولون الشعر، للكشف عن الوجوه تلقائيًا.

ثم في أواخر الثمانينيات، بدأ الباحثان سيروفيتش وكيربي في تطوير نهج يُسمى "الوجوه الذاتية" (Eigenfaces)، وهي مجموعة من المتجهات الذاتية عند استخدامها في رؤية الكمبيوتر للتعرف على الوجوه البشرية.

وفي أوائل التسعينيات، عمل الباحثان أليكس بينتلاند وماثيو ترك أكثر على نهج الوجوه الذاتية من خلال إيجاد طرق للكشف عن الوجوه داخل الصور. وكانت هذه أول محاولة للتعرف على الوجوه أوتوماتيكيًا، حيث استخدما العوامل التقنية في محاولتهما.

الانتشار والتطور خلال العقد الماضي

خاصية التعرف على الوجوه

عندما بدأ عام 2010، بدأت فيسبوك في استخدام ميزة التعرف على الوجوه التي ساعدت في الكشف عن وجوه الأشخاص في صور المستخدمين. وفي حين خلق هذا التحديث ضجة في صناعة الإعلام، إلا أن فيسبوك حافظت على مستواها حيث لم يكن هناك تأثير سلبي ظاهر على شعبية الموقع واستخدامه.

وفي عام 2011، شاركت حكومة بنما مع وكالة الأمن القومي الأمريكي في إطلاق برنامج تجريبي لمنصة التعرف على الوجوه، وأطلق على هذا البرنامج التجريبي اسم "FaceFirst"، واستخدم للمساعدة في تقليل الأنشطة غير المشروعة في مطار Tocumen في بنما. وحققت المحاولة الأولى النجاح المطلوب، وتوسعت التقنية داخل المطار، وأصبحت التقنية هي أكبر منشأة للقياسات الحيوية في المطار.

ثم بدأت قوات تنفيذ القانون الأمريكية والعسكريين في استخدام تقنية التعرف على الوجوه من أجل التعرف على الجثث وتأكيد هويتها. وبدأت الحكومات في مختلف أنحاء العالم تستثمر مواردها بصورة أكثر في تقنية التعرف على الوجوه، وخاصة الولايات المتحدة والصين، وهما الدولتان الرائدتان حاليًا في هذا السوق.

أقرت حكومة الولايات المتحدة تعزيز أمن المطارات بنظام للتعرف على الوجوه لتحديد هوية الزوار وتسجيلهم. وهناك بالفعل العديد من الولايات التي سمحت لقوات تنفيذ القانون بالبحث داخل قاعدة البيانات، وتشمل عملية البحث تفاصيل رخصة القيادة وصور الهوية الشخصية. كما يمكن أيضًا استخدام التقنية وتقنيات البحث في عمليات التفتيش التي تقوم بها الشرطة.

بينما تدير الصين بالفعل عدة مشاريع خاصة بالاستخبارات لهذه التقنية في حين أن البلدان الأخرى لا تزال في مرحلة التخطيط.

الخلاصة

من المتوقع أن تنمو وتزدهر تقنية التعرف على الوجوه أكثر، وأن تحقق إيرادات هائلة في السنوات القادمة. وسوف تكون المراقبة والأمن هما الصناعات الرئيسية التي ستتأثر بشدة بهذه التقنية، كما تخطط المدارس والجامعات، بل وحتى مؤسسات الرعاية الصحية، لتنفيذ تقنية التعرف على الوجوه في أماكن العمل من أجل إدارة أفضل.

ما رأيك عزيزي القارئ، هل ترى أن هذه التنقية سوف يكون لها دور أكبر في المستقبل القريب؟