هل تقدم STC تجربة جديدة للمصريين بعد استحواذها على فودافون مصر؟
تم منذ أيام الاتفاق الأولى بين شركتي STC أو الشركة السعودية للاتصالات وفودافون على بيع حصة الأخيرة البالغة 55% في فودافون مصر بموجب صفقة تصل إلى 2.4 مليار دولار تقريباً. الصفقة من المنتظر أن تبدأ حيذ التنفيذ خلال شهر يونيو المقبل لتنتقل رسيماً إدارة فودافون مصر إلى STC لينتهي تواجد فودافون الأم في سوق الاتصالات المصري محتفظة فقط بشركتها VOIS كشركة مستقلة ووحيدة تحت إدارتها.
الصفقة بين الشركة السعودية والبريطانية فاجئت الجميع فلم يكن أحد يتوقع أن تخرج الشركة المالكة للنصيب الأكبر في فودافون مصر في هذا التوقيت فالشركة صاحبة أكبر عدد من المستخدمين وتحقق أرباح هي الأكبر بين منافسها. هذه المفاجئة والتي لم تدم طويلاً بسبب سرعة إتمام الصفقة فتحت الباب أمام الكثيرين للتفكير في مستقبل الاتصالات في مصر فتواجد STC من المنطقي أن يصحبه تطوراً كبيراً نظراً لم تقدمه الشركة بالفعل في الأسواق الثلاثة المتواجدة بها وهو ما يفوق بكثير ما يحظى به المستخدم المصري كان في الجودة, التكلفة أو التنوع.
نحن في عرب هاردوير ولأننا ليس فقط من المهتمين بمجال الاتصالات بل من المعتمدين عليه بصورة أساسية في عملنا قررنا أن نبحث فيما وراء تلك الصفقة وأن نطرح السؤال الذي يدور في أذهان الجميع, هل سيتغير سوق الاتصالات المصري بدخول STC ؟
دوافع الصفقة ؟!
قبل أن نطرح سؤالنا الأهم حول التغيير الذي ينتظره المستخدمين دعونا ننظر في البداية للدوافع لإتمام تلك الصفقة حتى نحصل على رؤية أولية لهدف كل طرف مما حدث. فودافون وبحسب ما أُعلن بشكل رسمي تهدف إلى تركيز استثماراتها في الأسواق الأوروبية والسوق الإفريقي أو بالأدق الدول المتواجدة في النصف الجنوبي من القارة السمراء. هذا المبرر يبدوا واضحاً في السياسة العامة للشركة فهي تعمل حالياً على الخروج من عدة أسواق في أسيا مثلما فعلت في مصر.
تقليل عدد الدول التي تعمل بها فودافون يرجع للديون المرتفعة التي تواجهها الشركة البريطانية وهو ما يدفعها لبيع حصصها في عدة أسواق من أجل سداد تلك الديون. بعض الآراء الأخرى ترجح أن خروج فودافون يرجع لهيمنة شركة المصرية للاتصالات على سوق الاتصالات المصري إما بامتيازاتها لكونها شركة حكومية أو بسبب الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات. في رأي الشخصي هذا السبب غير مقنع فتلك الهيمنة ليست جديدة بل هي منذ أكثر من 20 عاماً ولم تعيق فودافون من وصولها للقمة في السوق المصري.
من جهة أخرى تهدف الشركة السعودية للاتصالات STC للتوسع في أسواق جديدة خارج شبه الجزيرة العربية. الشركة التي تستحوذ الحكومة السعودية على أكبر حصصها تمتلك شركتين خارج بلدها الأم تحت علامتها التجارية في البحرين والكويت فيما تمتلك نسب مختلفة في عدة أسوق آسياوية بصورة مباشرة في بعض الأحيان وبصورة غير مباشرة في أوقات أخرى ولكنها لا تمتلك حق الإدارة سوي في الشركات الثلاثة في شبه الجزيرة العربية بجانب عدة استثمارات في مجالات أخرى أبرزها قمر عرب سات.
هدف STC من تلك الصفقة أو بالأدق الحكومة السعودية وبعيداً عن فكرة التوسع الجغرافي هي تحويل الاقتصاد السعودي من اقتصاد معتمد على النفط إلى اقتصاد يعتمد على الشركات والخدمات وهو ما تشهده المملكة في عدة اتجاهات كان أبرزها طرح نسبة صغيرة من شركة أرامكوا للبترول في البورصة السعودية منذ عدة أسابيع.
ماذا تقدم STC في الأسواق الثلاثة المتواجدة بها؟
في موطنها الأم تقدم STC جميع خدمات الاتصالات بداية من خدمات التلفون المنزلي, الإنترنت المنزلي مروراً بخدمات الهاتف المحمول, الإنترنت الهوائي وحتى إنها توفر خدمتها الخاصة لبث الفيديو. في البحرين لا يختلف الأمر كثيراً فالشركة توفر كافة خدماتها السابقة ولكن في الكويت لا توفر الشركة أي خدمات متعلقة بالهاتف المنزلي أو الإنترنت المنزلي وتعتمد خدماتها على الخدمات الهوائية بشكل أكبر.
الشركة السعودية تقدم كذلك عدة خدمات بنكية ومصرفية إما من خلال شركات مع بنوك أو من خلال الدفع المباشر باستخدام رصيد المستخدم كانوا من أصحاب الباقات المدفوعة مقدماً أو الفاتورة.
ما الجديد الذي يمكن لشركة STC أن تقدمه في السوق المصري؟
بعد أن ألقينا نظرة على ما تقدم STC في أسواقها الثلاثة دعونا نقارن بين ما تقدمه وبين ما هو متواجد في مصر. هذه المقارنة بالتأكيد لن نقوم بها بحساب الأسعار مع فارق سعر العملة لأن ببساطة هناك عوامل كثيرة تعتمد عليها سعر الخدمة لن نطرق إليها في حدثينا.
الهاتف المحمول
فيما يخص خدمات الهاتف المحمول المدفوعة مقدماً تقدم الشركة باقات ثابتة للاتصالات وللإنترنت معاً في باقة واحدة. لا توجد حرية اختيار باقة إنترنت مختلفة عن باقة الاتصالات كما هو في مصر ولكن بشكل عام سعة الباقات وعدد الدقائق قريب للغاية مع ما هو مقدم في مصر.
في نظام الفاتورة يتشابه الأمر أيضاً مع هو متاح في مصر مع الإبقاء على باقات موحدة لكافة الخدمات. الاختلاف الوحيد هو أن باقات الإنترنت الغير محدودة مرتبطة بسياسة استخدام عادل ولكنها تبدأ من 6 جيجابايت في اليوم.
مما ذكرنا يتضح أنه لا يوجد فارق كبير بين ما تقدمه الشركة في السعودية على الأقل وبما و مقدم في مصر ولكن يظل الفارق الأبرز هو سرعة وجودة الخدمة فالسعودية تشق طريقها في شبكات الجيل الخامس التي بدأت بالفعل في التوافر فيما نعاني نحن من سوء خدمة 4G.
خدمات التليفون المنزلي
تحتكر المصرية للاتصالات خدمات التلفون المنزلي منذ نشأتها, الشركة المملوكة للحكومة المصرية كانت قد وقعت اتفاق مع شركة اتصالات يتيح لها تقديم خدمة التليفون المنزلي ولكننا لم نرى أي تحرك لاتصالات على مستوى الأفراد لذا لن نناقش ما تقدمه STC في هذا المجال في الأسواق الأخرى.
خدمة الإنترنت المنزلي
إذا كانت STC ستحدث أي تغير واضح في الخدمة المقدمة للمستخدمين سيكون في خدمات الإنترنت المنزلي. الشركة السعودية تقدم خدمات إنترنت تعتمد على الألياف الضوئية أو الفايبر بباقات أصغرها تصل سرعتها إلى 100 ميجابت/ثانية. بعض الباقات تصل سرعتها إلى 500 ميجابت/ ثانية كما أن جميع الباقات بسعة تحميل غير محدودة وبدون سياسة استخدام عادل.
خدمات الإنترنت الهوائي
تقدم STC في الكويت والبحرين خدمات الإنترنت الهوائي بشكل أكبر من السعودية خاصة أنها توفرها في تلك الدولتين بدعم خدمات الجيل الخامس 5G. تلك الخدمة متوفرة في مصر منذ سنوات ولكن باقاتها محدودة للغاية كما أن تغطية الخدمة سيئة في العديد من المناطق للاعتماد عليها كوسيلة أساسية للإنترنت.
مما ذكرناه يتضح لنا أن مساهمة STC في السوق المصري (إذا حافظت على نفس سياستها في السعودية) ستكون متعلقة بشكل مباشر بخدمات الإنترنت خاصة المنزلي. خدمات الهاتف المحمول المدفوعة مقدما والتي تمثل الشريحة الأكبر من المستخدمين في مصر لا يوجد بها فوارق ملحوظة عما هو مٌقدم في السعودية كما أن تقديم خدمات الإنترنت الهوائي سيكون من الصعب تحقيقها خاصة خلال السنوات الأولى للشركة.
خدمات الدفع الذكية أو المتعلقة بالهواتف بشكل عام متواجدة في مصر وأصبحت مستخدمة على نطاق واسع بل حتى إن فودافون من أكبر مقدميها لذا لا يتوقع أن تُحدث STC تغيراً ملحوظ.
هل ستحدث STC تغيراً في السوق المصري؟
بعد أن استعرضنا معكم ابرز ما تقدمه الشركة السعودية للاتصالات في أسواقها المختلفة وما الفارق بينه وبين ما هو متوفر في مصر دعونا نجيب على سؤالنا الأهم في موضعنا اليوم هل ستحدث STC تغيراً في السوق المصري؟
في رأي الشخصي الإجابة وللأسف لا, لن تُحدث STC أي تغيراً في فودافون مصر أو في سوق الاتصالات المصرية. أولاً STC ستحتفظ بعلامة فودافون التجارية كعلامة تجارية للشركة ما يعني أن أي اخفاق أو فشل أو سوء خدمة مقدم لن يرتبط باسمها بل باسم فودافون. ثانياً Vodafone هي أكثر الشركات ربحاً في السوق المصري والأكثر فيما يخص عدد المستخدمين كما أن السوق المصري وصل تقريباً إلى حالة من التشبع, شركة STC لا تمتلك أي دوافع لتحسين أو لتقديم خدمة جديدة فبخلاف الأسباب السابقة الصفقة تحقق بالفعل الهدف منها كما ذكرنا في بداية حديثنا. ثالثاً لم تُحدث STC اختلافاً ملحوظ لمستخدمي شركة VIVA في الكويت والبحرين بعد الاستحواذ عليها وحتى بعد تغيير العلامة التجارية إلى STC.
رابعاً والاهم هو أن سوق الاتصالات في مصر تحت قبضة الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الذي يفرض كلمته على الجميع فعروض الشركات, أسعراها وحتى مستوى الخدمة المقدمة متقارب وما هي إلا فوارق بسيطة بين شركة وأخرى كان هذا في الإنترنت المنزلي أو في خدمات الهاتف المحمول.
للأسف في رأي الشخصي ستكون هذه الصفقة النسخة الثانية من صفقة استحواذ أمازون على Souq.com والتي لم يرى منها المستخدم المصري سوي إضافة "إحدى شركات أمازون" أسفل شعار موقع التسوق الشهير.