خلال منتصف القرن العشرين ، كان هناك الكثير من التكهنات بأن المُستقبل القريب سيحتوى على سيارات طائرة، عذراً عزيزي القارئ ، إذا شعرت بخيبة أمل بسبب افتقار العالم للتقدم في هذا المجال وهذا الحلم البريء الذي بالتأكيد راودك في أحد تخيلاتك أو شاهدته في أحد الأفلام السينمائية أو ربما عشته في أحد ألعاب الفيديو ، دعني أُنير لك الطريق ، هناك في الواقع الكثير من التكنولوجيا الرائعة بشكل لا يصدق المتوفرة في السيارات في الوقت الحالي والتي بالكاد كان يمكن منذ خمسون عاماً أن نحلم بتواجدها.

وفي ظل هذا العالم الرقمي ، التي تدخل فيه التكنولوجيا بشكل أساسي في شتي مجالات الحياة وتأخذ دورها رويداً رويداً في أن تُصبح هي المسيطرة على كل شيء، لم تستثني تلك التكنولوجيا بطبيعة الحال صناعة السيارات بشكل رئيسي ، منذ ظهور أول سيارة في العالم تعمل بالبخار في العام 1769 وصولاً إلى الوقت الحالي حيث السيارات ذاتيه القيادة وقبل أن ندخل في عصر السيارات الطائرة الذي ربما يكون حلماً مازال يُمكن تحقيقه في المُستقبل بشكل ما ...

دعونا نتحدث عن ستّة تقنيات حديثة دخلت صناعة السيارات لم يكن مُعظمنا يتخيل وجودها إذا أمعن بالتفكير قبل عشرون عاماً من الآن.

 وبعيد عن التخيلات السخيفة كالسيارات الطائرة أو العائمة .. فهذه التكنولوجيا الحقيقة قد ساعدت بشكل أساسي في توفير سُبل الراحة في قيادة السيارات عما كانت عليه سابقاً كما ساهمت في زيادة نسبة الآمان.

نظام الملاحة

على الرغم من انه يبدو وكانه أمر عادي في الوقت الحالي، ولكن لا يُمكن بأي حال من الأحوال إهمال نظام الملاحة كواحد من أهم الاختراعات التكنولوجية التي يسرت وسرعت الحياة في نفس الوقت، تأتي أنظمة الملاحة مُدمجة بالسيارات في بعض الطرازات ويعتمد عملها على الإشارات الواردة من الأقمار الصناعية مع خرائط تفاعلية يُمكن من خلالها رسم الطريق بُناء على عدد من المتغيرات واختيار الطريق الأفضل أو طرح مجموعة من الطرق التي يُمكن أن تسلكها للوصول إلى هدفك.

ترتبط تلك الأنظمة أيضاً بحركة المرور لتحديد مناطق الازدحام بشكل تلقائي وتوفر تعليمات صوتية ومرئية ، في الماضي أتذكر عندما تراودني التخيلات السخيفة بكيف سيكون المستقبل مظلماً ، كنت أقول سأحرص في حال فشلت جامعياً أن أحصل على سيارة أجرة "تاكسي" واقوم بالعمل عليها ، فيرد والدي ضاحكاً : أنت بالكاد تعرف الوصول المنزل كيف ستقوم بتلبية طلبات الركاب في أرجاء المدينة؟


لقد ساعدت تلك الأنظمة ليس فقط في تسهيل الوصول للأماكن ولكنها فتحت أيضاً المجال لفرص عمل ربما لم يكن لعقلك ان يتخيلها في السابق فهذا الشاب الصغير الذي لا يعرف سوى موقع منزله والنواحي المحيطية به ، يستطيع الآن العمل في أقصي القارة أو في دولة جديدة لأول مرة كسائق ، ينتقل من نقطة لأخرى على نظام الملاحة .. يا له من أمر عظيم!
إن وجودك في أماكن جديدة أو السفر لأصدقائك أو للعمل في مكان لم يسبق له زيارته من قبل أصبح أسهل بكثير من الماضي ، فقط أرسلي "موقعك" عبر الواتس آب وسأقوم بتشغيل الـ GPS واجعله يرشدني إليك، لم يُعد هناك حاجة للعبارات الشهيرة في الماضي "هو قالك فين ؟" أو " أيه اللي وداك عجيبة احنا في غريبه " ، ستصل لوجهتك دون عناء في نهاية الأمر.


أقرأ أكثر: دور المعالجات الرسومية في القيادة الذاتية!

مُستشعر صف السيارة والكاميرا الخلفية

في البداية ظهر مُستشعر أو حساسات ركن السيارة كنوع من أنواع مساعدة السائقين في ركن سيارتهم بآمان وهي مُستشعرات تستخدم الموجات فوق الصوتية وتكون موجودة عادة في مصدات السيارة لإستشعار المناطق المحيطة وقياس المسافة بين السيارة والعقبات المحيطة حولها ومن ثم إعطاء تحذير للسائق كلما اقترب من أي عائق ، هناك بعض السيارات أيضاً التي تتمتع بخاصية الاصطفاف الأوتوماتيكي الذاتي، وهي تريحك من معاناة الركن في الأماكن الضيقة، وتحمي سيارتك من التعرض للخدوش.

بعد ذلك ظهر مفهوم الكاميرات الخلفية Reverse Camera، التي تسمح للسائق برؤية مكان الاصطفاف بوضوح من أجل ضمان عدم تجريح السيارة ولتجنب الاصطدام، حيث تتصل تلك الكاميرا بشاشة تكون مثبتة في كبينة السيارة.

دُمجت التقنيتين معاً لتقدم تجربة اصطفاف ذكية للسائق على هيئة فيديو يظهر على شاشة السيارة والذي يساعد في عملية ركن للسيارة آمنة تماماً، هناك بعض السيارات الفاخرة أيضاً التي تستطيع عرض 360 درجة وتسمح بالتبديل بين الكاميرات لمشاهدة أي زاوية تريد.

هناك أيضاً الـ Dash Cam ولكنها لا تُعد تقنية مُدمجة بالسيارات بقدر ما هي أداة خارجية مفيدة في مراقبة الطريق وحماية سيارتك من السرقة أثناء الليل، حيث ترتبط تلك الكاميرا بهاتفك ويمكن تشغليها سواء كان مُحرك السيارة يعمل أو لا ، وللمزيد عنها يُمكنك قراءة مقال سابق على موقعنا.

أجهزة استشعار ضغط الإطارات

هناك مشهد ربما مر في حياة كل فرد منا، سائق على الطريق يقوم بتحذير أحد الأشخاص بأن ضغط أحد الإطارات الخاصة بسيارته مُنخفض، يتسبب هذا الأمر في كوارث لا يحمد عُقباها، لحسن الحظ التكنولوجيا لعبت دوراً رئيسي هنا في الحد من ذلك الأمر ، باتت السيارات الحديثة في وقتنا الحالي تحمل مُستشعرات صغيره في هيكلها تُضئ في لوحة القيادة لتُحذرك كلما حدث انخفاض في ضغط الإطارات الخاص بسيارتك.

حيث تعمل تلك التقنية على تحويل الضغط إلى مقاومة إلكترونيه ثم تولد قراءات في الوقت الفعلي لتظهر في لوحة القيادة أمامك ، وبالتالي بسهولة يُمكنك التعرف اذا ما حدث انخفاض لضغط الهواء لأحد إطارتك ومُعالجة الأمر بالشكل الذي يُحافظ على سلامتك أثناء القيادة.

المقاعد المُبردة وعجلات القيادة المدفأة

عادة، تضطر في بعض الأحيان لترك سيارتك في مكان مُشمس لإنجاز عملاً ما، حيث تكون الشمس مُسلطة على سيارتك لمدة ساعة أو اثنين، بعد ذلك تكون عملية الدخول للسيارة أصعب من الاستحمام بماء بارد في شهر طوبة خصوصاً اذا كانت سيارتك تمتلك فرش من الجلد ، حرص بعض مُصنعي السيارات على ابتكار ما يسمى بالـ "مقاعد المُبردة" حيث يتيح لك هذا الخيار وللركاب إمكانية ضبط درجة الحرارة المفضلة بشكل مستقل لكل مقعد.

يوجد أيضاً بعض الطرازات الفاخرة من السيارات التي توفر إمكانية التدفئة عن بُعد أثناء الركن حيث يسمح هذا النظام المبتكر بتدفئة السيارة أو تهويتها مسبقًا بواسطة جهاز تحكم عن بعد ، بذلك يمكنك دائمًا التأكد من أن درجة الحرارة في المقصورة مناسبة قبل الدخول إلى السيارة.

وعلى النقيض، قد تكون الساعات الأولى من صباح لم تشرق فيه الشمس بعد قارصة البرودة لدرجة أنك لا تريد إخراج يديك من معطفك، وطريق ذهابك للعمل سيكون طويلاً وستضطر لذلك من أجل القيادة لكن لحسن الحظ توفر بعض الموديلات من السيارات إمكانية تدفئة عجلة القيادة من اليمين ومن اليسار ، وكأنك تمسك كوب شاي ساخن في ليالي الشتاء الباردة.

قد تبدو تلك الأمور رفاهية "زائدة" لكي أكون صادقاً .. ولكن بالتفكير فيها بشكل أكثر إمعاناً هي بالفعل تسهل كتير من تجربة القيادة وتجعلها أكثر متعة، حيث يكون التركيز علي القيادة هو شاغلك الوحيد وليس حرارة الجو والأمور المحيطية به.

التكامل مع الهواتف الذكية

قد تتعارض فكرة الهواتف الذكية مع قيادة السيارات في المقام الأول ، نظراً لأن الحديث في الهاتف او استخدامه أثناء القيادة قد يُشتت السائق عن مراقبة الطريق، ولكن مع مرور الوقت أصبح التكامل بينها وبين السيارة جزاً لا يتجزأ من أساسيات أي سيارة ، في الوقت الحالي يحرص مصنعو السيارات على دمج منصات Android Auto و Apple CarPlay ، وهي واجهات تنقل واجهة الهواتف تلك إلى الشاشة المُدمجة في السيارة.


تسهل تلك المنصات من استخدام الهاتف أثناء القيادة حيث يكون كل شيء ظاهر أمامك على الشاشة المُدمجة، يمكنك الولوج لأنظمة الملاحة والخرائط من خلالها وأيضاً تشغيل الموسيقي والرد على المكالمات والتنقل بين التطبيقات الأخرى بشكل عام كما تدعم تلك المنصات الأوامر الصوتية أيضاً مثل مساعد جوجل وسيري.

يُعد الشحن اللاسلكي أيضاً أحد المميزات الذكية التي نجدها في بعض الموديلات الحديثة من السيارات والتي تسمح بشحن الهواتف الذكية التي تدعم الشحن اللاسلكي من خلال وضعها على قاعدة الشحن اللاسلكي الموجودة داخل السيارة ، إذا كانت رحلتك طويلة لا حاجة للقلق من فقدان بطارية هاتفك.

السيارات ذاتية القيادة وأنظمة تجاوز السائق

القيادة الذاتية هي مُستقبل قيادة السيارات ، سيكون الإنسان في المستقبل أقل استخداما وسيحل الروبوت مكانه في الاعمال الروتينية، لا تستبعد قريباً عند طلبك لخدمة "أوبر" أن تجد سيارة بلا سائق جاهزة لتوصيلك لموقعك، ولكن أنا في هذه النقطة بالتحديد لا أريد أن أتحدث عن السيارات ذاتيه القيادة بعينها بقدر ما سأتحدث عن تقنيات جميعها تعمل تلقائياً دون الحاجة لتدخل السائق البشري مثل نظام المكابح التلقائي Autonomous Emergency Braking وهي ميزة أمان مهمة، حيث يستخدم النظام الرادار لمسح الطريق أمامك بحثًا عن العوائق التي قد تسبب تصادمًا، وإذا اكتشف النظام أي عائق ما ولم يقم السائق بفعل أي شيء فسيعطي إشارة للفرامل أن تعمل بنفسها على الفور.

من ضمن الأنظمة الذاتية أيضاً التي شكلت جزء من تطور صناعة السيارات في العقد الأخير هو أنظمه التحكم الذاتي في المسافة The Adaptive Cruise Control والتي تسمح بتقليل مجهود السائق من خلال التحكم التلقائي في سرعة السيارة، والحفاظ على مسافة محددة سابقًا بينه وبين السيارة الموجودة أمامه او خلفه وكذلك نظام الالتزام بالحارات المرورية.

وهو ما ينقلنا أخيراً للحديث عن تقنية تجاوز السائق وهي دون الدخول في أعماق عملها تقوم بتوجيه السائق حتي اذا كان السائق قد اختار قراراً آخر خاطئاً أثناء القيادة، في هذه الحالة تعمل تقنية تجاوز السائق على تجاوز الأمر الذي قام به من أجل حمايته ، ولكن هل هذا الأمر آمن بشكل كامل ؟ هل يُمكن أن نترك أرواحنا في النهاية لمجموعة من الآلات والعمليات الحسابية؟

قد يبدو الامر معقداً، ولكن بطبيعة الحال لا يمكن الجزم بأن تكون القيادة الذاتية هي الآمان بنسبة 100% ، فكما شاهدنا منذ يومين وفاة شخصين داخل سيارة Tesla أثناء وضع القيادة الذاتية وبالتالي بالرغم من مدي الاندهاش مما وصلت إليه الصناعة لكن مازال هناك بعض النقاط السوداء التي ننتظر المستقبل أن يُحدد ملامحها.