عندما تسمع الأحرف الثلاث "AMD"، لا يأتي في بالك إلا كلمتين: Radeon وRyzen. قطعٌ استهلاكية يستخدمها اللاعبون، صناع المحتوى أو أي شخص يريد تجميع أو شراء كمبيوتر جديد. هذه القطع متاحة للجميع ضمن جهاز لاب توب أو بمفردها، ولكن هذه ليست القطع الوحيدة التي تقدمها AMD للعالم.

تحولت AMD من شركة تصنع قطع استهلاكية إلى شركة أقرب لشركة توريد، وهذا ما أنقذها من الهلاك على أيدي كُلٍ من NVIDIA وIntel. سنتحدث في مقالة اليوم عن سُبل AMD للربح، وهذا بعد أن هيمنت NVIDIA على سوق كروت الشاشة، وعودة Intel إلى المقدمة مع الأجيال الجديدة التي قدمتها.

كيف كان الوضع منذ أعوام

حتى ندرك مدى تطور AMD في السوق، يجب أن نعود بالزمن للوراء. سنقف عند نقطة تلاقت فيها AMD مع منافسيها المباشرين، وهي عند اعتماد الثلاثي بشكل أساسي على المعالجات المركزية أو كروت الشاشة.

"2019 كانت آخر نقطة "طبيعية" بالنسبة لـ AMD"

مع نهاية عام 2019، حققت AMD ما وصل إلى 6.7 مليارات دولار أمريكي في نفس العام. هذه السنة شهدت إطلاق معالجات Ryzen 3000، والتي أكلت جزءًا كبيرًا من كعكة Intel هذا العام، بالأخص مع تكرار معالجات العملاق الأزرق. على الصعيد الرسومي، أطلقت AMD كروت Radeon RX 5000 التي نافست سلسلة RTX 20 من NVIDIA.

2.13 مليار دولار من هذا الرقم جاء من الربع الأخير وحده، أي في نفس نافذة إطلاق كروت RX الجديدة وقتها، ومعالجات Ryzen من الجيل الثالث. عززت هذه الأرقام من قوة AMD في السوق، وفي نفس الوقت الذي حصلت فيه NVIDIA على 11.72 مليار دولار، ومبيعات Intel كانت في السماء بـ 72 مليار دولار أمريكي.

تسلسل أحداث ما بعد 2020 بالنسبة لـ AMD يرسم واقعها الآن

ما حدث بعد إطلاق كروت Radeon RX 5000 لم يكن الأفضل على الصعيد الرسومي، وهذا مع إطلاق كروت Radeon RX 6000. لا توجد لدينا مشكلة بعينها مع الجيل، ولكن ضعفه ظهر عندما نافس جيل RTX 30 من NVIDIA. كأداءٍ خام وقوة معالجة دون أي تقنيات إضافية، كروت AMD كانت صفقة جيدة لمستخدميها.

لكن مع تتبع الأشعة وضعف دعم FSR، ومع إصدار NVIDIA لتقنية RTX وDLSS 2.0 في نفس الفترة، عرفنا أن كروت AMD لن تصمد كثيرًا أمام هذه المنافسة. لو فكرت في الأمر من ناحية تقنية، فكروت NVIDIA قدمت قيمة أفضل تبرر السعر الأعلى، وهذا ما نظر إليه الكثير من المستخدمين.

ظنت AMD أن فترة التعدين كانت في مصلحتها

لنعود لأيام الكورونا، والتي وصل التعدين فيها إلى أعلى مستوياته بدايةً من 2020. صادفت هذه الفترة إطلاق كروت Radeon RX 6000، والتي طارت مبيعاتها في السماء من قبل المعدنين ووسطاء السوق السوداء، لدرجة أن الكروت المتاحة لصناع المحتوى كانت أعلى من الكروت المتواجدة على أرفف المتاجر.

لو وضعت AMD في الحسبان أن كروت الشاشة الخاصة بها سيباع منها جزءًا، فمن حسن حظها أن كل الكروت نفذت من الأسواق وقتها. أي نعم، واجهت نقدًا لاذع وقتها بسبب أزمة التواجد في السوق، لكن AMD نفسها لم تكن مستعدة لهذا الظرف.

المضحك هنا أن NVIDIA باعت كروتًا أكثر من AMD، وهذا لأنها كانت أكثر جاهزية ولا زالت تمتلك مخزونًا كبيرًا من كروت الأجيال الماضية. باعت AMD في 2020 ما وصل إلى 9.54 ملايين كارت شاشة، بينما تفوقت عليها NVIDIA ببيع 31.97 مليون كارت شاشة بمفردها.

التعاون مع PlayStation 5 وXbox Series X|S

تعاونت AMD مرةً أخرى مع Sony، وهذا لتقدم لها شرائح المعالجة في أجهزة PlayStation 5، ولم تكتف بهذا، بل تعاونت مع العدو أيضًا، Xbox Series X|S، لتقدم نفس شرائح المعالجة. تستحق AMD التحية على خطتها، والتي سيطرت بها على جيلٍ كامل من أجهزة الكونسول لتنفرد بها وحدها.

الاعتماد على شرائح أجهزة الألعاب فتح لـ AMD آفاقٍ جديدة في الربح، فقطاع "الألعاب" الخاص بها قدم للشركة أرباحٍ كبير بعد خسارة. الخسارة كانت في 2020، والتي كانت سنة غير موفقة لسوق أجهزة الكونسول من Sony وMicrosoft، وبالتأكيد ربح AMD مرتبط بمبيعات الثنائي.

سجلت AMD خسارة وصلت إلى 138 مليون دولار في قطاع الألعاب، ولكنها عادت في 2021 بعد صعود مبيعات PlayStation 5 وXbox. أرباح AMD في 2021 وصلت إلى 934 مليون دولار، وبدأت الأرقام ترتفع أكثر وأكثر في نفس القطاع، حتى تصل إلى 3.776 مليار دولار أمريكي من Sony بمفردها، مع العلم أن أرباح AMD من كروت الشاشة والمعالجات الخاصة بالكونسول وصلت إلى 7 مليارات دولار أمريكي.

هبطت الأرباح الخاصة بنفس القطاع في 2023، وهذا طبيعي لقلة الطلب على أجهزة الكونسول، ولكن السقوط لم يكن مدويًا. انتهت 2023 بـ 6.2 مليارات دولار في خزنة AMD، ولكنها أرباح في نهاية المطاف ولن يقال لها لا.

المعالجات المدمجة صارت علامة مسجلة باسم AMD

"أطلقنا معالجات Ryzen 3000 وبعدها 4000 و5000. الجيل الأكثر تداولًا الآن هو الـ 4000 من سلسلة Renoir بالذات للتطبيقات التجارية، وعندنا نسخ Pro من هذه القطع التي نجحت على مدار السنين أيضًا. حتى في الشرق الأوسط كانت هنا للعمل في النطاق التجاري فقط، وهذا لأن هذه التطبيقات لا تحتاج لكارت شاشة خارجي.

وعندنا أيضًا شرائح Cezanne التي كانت ضمن سلسلة Ryzen 5000، ومنها Ryzen 5 5600GS وRyzen 7 5700GS، والتي قدمناها في الفئة المتوسطة والعليا من الأداء. هذه المنتجات غيرت اللعبة، وتقديمنا لـ APU يمكن لعب الألعاب القاسية عليه دون الحاجة إلى كارت شاشة مستقل سمح لنا بالتوسع في السوق، وهذا أعطى AMD أفضلية خصوصًا مع غياب أي منتج بنفس مستوى الأداء من المنافسين." - من مقابلتنا مع عمر فخري، كبير مديري الشرق الأوسط في AMD.

عند ذكر كلمة APU تُذكر AMD. مساحة الـ APU كانت شبه معدومة، فبالنسبة للمستخدم الذي يشتري معالج، الشريحة الرسومية المتواجدة بالداخل ليس لها قيمة في الألعاب أو التطبيقات. مجرد محرك لتشغيل الشاشة لا أكثر ولا أقل.

غيرت AMD مفاهيم اللعبة هنا، وهذا بتقديم معالجات مثل سلسلة Ryzen 5000G. معالجات مركزية قوية، وقريبة في الأداء من سلسلة X الأصلية من الشركة، مع شريحة رسومية قوية يمكنها أن تشغل ألعاب الـ AAA بأكثر من 60 إطاراً على إعدادات بسيطة، وكانت تحل محل كارت الشاشة لمن لم يمتلك المال لشراء كارت الشاشة أو من يريد لعب ألعاب الرياضات الإلكترونية فقط.

صدرت سلسلة Ryzen 5000G في الربع الثالث من عام 2021 مع Radeon RX 6600 XT، وساهم الثنائي في رفع أرباح AMD بـ 2.4 مليار دولار من أصل 4.3 مليارات لنفس الربع، مع العلم أن أرباح الربع الثاني للشركة كان 3.4 مليار دولار. 

سلسلة Ryzen 8000G صدرت لتوها في الربع الأول من 2024، وقدمت أداء يخرج كروتًا اقتصادية رخيصة من المنافسة، ولكن لا نتوقع لها نفس الرواج لأنها تتطلب شراء رامات DDR5 ولوحات أكثر تكلفة بسبب تغيير المقبس، على عكس جيل Ryzen 5000G الذي صدر مع وجود لوحات ورامات أرخص من الآن.

مساحة الأجهزة المحمولة بدأت من AMD بشرائحها

بدأت قصة أجهزة الألعاب المحمولة، والمشابهة لـ Nintendo Switch، من Valve عندما أطلقت Steam Deck. الجهاز المحمول الذي شق طريقه إلى السوق في فبراير 2022، والذي اعتمد على معالجًا مدمجًا من AMD. اعتمد الجهاز على شريحة تدمج بين معمارية Zen 2 وRDNA 2 في حزمة واحدة.

استطاع المعالج أن يقدم معدلات إطارات مرتفعة مع ألعاب الـ AAA، ومع تعزيز الأداء بتقنيات مثل الـ FSR، تمكن من منافسة أداء أجهزة الجيل الماضي مع نفس العناوين، ويتقارب مع أجهزة الكمبيوتر الرخيصة في الأداء أيضًا. 

مثل أي صناعة، يولد جهازًا جديدًا وتبدأ باقي الشركات في إنتاج جهازها الخاص. لكن، إن أردت أن تحصل على ما يقربك من المنافسة، ستلجأ لمن مكنه لها. هذا ما فعلته ASUS وLenovo، باللجوء إلى AMD لوضع شريحة Z1 بنسخها في الأجهزة الجديدة، وهم ROG Ally وLegion Go.

مع الأسف، لم تعلن AMD عن أرباحها من هذا القطاع لقياس نجاحه. كل ما يمكن أن نقوله أن الربع الأول الذي شهد بداية هذه الأجهزة، وصلت الأرباح فيه إلى 5.3 مليارات دولار، ولكن لا نتوقع أن تكون مساهمة هذه المعالجات بنفس قوة مساهمة أجهزة الكونسول أو المعالجات المركزية بشكلٍ عام.

هذه الاستراتيجيات أبقت AMD في المنافسة

لا يختلف اثنان على مدى أهمية خلق مساحات جديدة للمنافسة، وخير دليلٍ على هذه الاستراتيجية هي شركة AMD. فتح الدخول في ساحة لم يسبق لأحد الدخول فيها لـ AMD آفاقٍ أخرى، وحتى لو خسرت الشركة، فدون هذه الشراكات كانت الخسارة ستكون أسوأ من المتوقع بكثير.

تعلم AMD باقي الشركات درسًا هامًا هنا: نهاية الكون ليست عند الخسارة، بل عند الخوف من الدخول في مساحة أخرى للمنافسة.