كيف تغيرت استراتيجية أبل من "نمبر وان" إلى احترام منافسيها وتحديهم؟
معظم المستخدمين يعرفون النجم المصري محمد رمضان والذي يُلقب نفسه بـ "نمبر 1"، اعتقادا منه بأنه أفضل من الممثلين الآخرين ودائما ما يشير إلى أنه المتربع على عرش النجومية ولا يوجد أحد قريب من منافسته، بالطبع قد تتسائل ما علاقة هذا الأمر بشركة أبل؟ يمكنني القول بأن أبل في السنوات الماضية كانت تسير بنفس تلك الخطى، حيث كانت منغلقة على نفسها ولا تُلقي بالاً سواءً لمستخدميها أو للمنافسين، اعتقادا بأنها بمنأى عنهم ولا يوجد من يستطيع منافستها عندما يتعلق الأمر بالهواتف الذكية، لكن كل شيء قد تغير الآن، لكن لماذا؟
خلال السطور التالية سوف نستعرض سياسة أبل وكيف تغيرت من الإنغلاق على نفسها إلى الانفتاح والاستماع أكثر لمستخدميها الأوفياء والاقتناع بأن الشركات المنافسة أصبحت أفضل وأقوى وباتت تنافس الشركة الأمريكية بقوة بل وتهدد مكانتها في سوق الهواتف الذكية.
الآيفون للأثرياء فقط
في السابق كان جهاز الآيفون حكرا على الطبقة الثرية أو الأغنياء فقط، لا تصدقني! في مقابلة مع بلومبيرج، قال الرئيس التنفيذي لأبل "تيم كوك" أن الهدف الأساسي تقديم منتج راقي ورائع لمستخدميها الأثرياء والحساسين، وهذه الطريقة تعرف بإسم (استراتيجية الرفاهية) حيث تستهدف Apple الطبقة الراقية ولهذا يسارع العديد بشراء أجهزة الشركة الغالية لكي يتفاخر بها على الآخرين، والآن تغير الأمر، ولم تعد أجهزة أبل هي الأغلى حيث باتت العديد من الشركات المنافسة الأخرى مثل سامسونج وأوبو وهواوي تقدم أجهزتها الرائدة بأسعار تفوق سعر الآيفون ولعل ذلك يرجع إلى رغبة أبل في المنافسة بقوة ولكن ليس من ناحية السعر ولكن من خلال إمكانيات وقدرات جهاز الآيفون الذي تراه أفضل من الهواتف المنافسة.
أبل.. "نمبر 1"!
اعتادت شركة أبل تجاهل شركات تصنيع الهواتف الأخرى في الماضي لأنها كان ترى نفسها نمبر 1 وبمنأى عن أي منافسة ولهذا كانت تذكر في مؤتمراتها أن الآيفون الجديد أفضل من الإصدار السابق أو أن هذا هو أفضل آيفون قامت بتصميمه وهكذا ولكن حاليا باتت تقارن أبل أي منتج يتم إطلاقه بمنتجات الشركات الأخرى المنافسة، عندما تحدثت أبل عن شريحتها A14 قالت أسرع من أي شريحة في أي هاتف آخر وعند الإعلان عن أجهزة الماك، أعلنت أن شريحتها M1 تتميز بأنها أسرع نواة في وحدات المعالجة المركزية في العالم وأن جهاز ماك بوك AIR الجديد أسرع من 98% من أجهزة اللابتوب التي تم بيعها العام الماضي، ولعل هذا التغيير يرجع إلى أن أبل خرجت من حديقتها المسورة ورأت أن هناك شركات أخرى تنافسها بقوة وتمتلك قاعدة كبيرة من المستخدمين وهنا ارتسمت على Apple ابتسامة شريرة وفكرت لما لا أحصل على مستخدمين جدد وهذا ما سوف نتحدث عنه في النقطة التالية.
آيفون للجميع
قال الرئيس التنفيذي لأبل "تيم كوك" أن الشركة غير مهتمة بإنتاج آيفون رخيص الثمن حيث كانت سياسة الشركة تستهدف الأثرياء فقط أو الطبقة الراقية ولكن تغير فكر شركة أبل وباتت تتطلع للوصول لشريحة جديدة وأكبر من المستخدمين وبدلا من إطلاق آيفون واحد أو إثنين بسعر باهظ تحول الأمر وأصبح هناك العديد من أجهزة الآيفون بتشكيلة متنوعة من الأسعار والتي تستهدف كافة المستخدمين حتى ذوي الميزانية المنخفضة حيث أطلقت الشركة جهاز آيفون SE بسعر 399 دولار وأغلى هاتف لأبل هو آيفون 12 برو ماكس والذي يأتي بسعر 1099 دولارا كما بدأت أبل في اطلاق الإعلانات التي تسخر من الهواتف الأخرى وتُشجع المستخدمين على التحول للآيفون.
إقرأ أيضا : لماذا لم تتخلَّ أبل عن منفذ لايتنينج في الآيفون حتى الآن؟
السوشيال ميديا
في العادة كانت أبل تعلن عبر حساباتها الرسمية عن مؤتمر واحد للإعلان عن أجهزة الآيفون الجديدة ربما تقوم بالتغريد حول مؤتمرها الخاص بالمطورين، لكن لم تكن تسمح بالتعليقات من قبل المستخدمين لأنها لم ترغب في أن تكون هناك تعليقات سلبية أو شكاوي قد تؤثر على سمعتها بين مستخدميها لكن الوضع تغير الآن ولم يعد الأمر مقتصرا على مؤتمر الآيفون حيث شهدنا هذا العام فقط ثلاثة مؤتمرات للكشف عن الآيفون وأجهزة الماك بشريحة M1 وأيضا الإعلان عن خدمات أبل والتي باتت تشكل جزء هام من إيرادات الشركة الأمريكية وتعوض في بعض الأحيان ضعف المبيعات في المنتجات الأخرى حتى أنها استعانت مؤخرا بمشاهير تطبيق تيك توك للترويج لجهاز آيفون 12 ميني وهكذا نجد أن حسابات Apple الرسمية باتت نشطة على السوشيال ميديا وتستمع لتعليقات مستخدميها بين الحين والآخر.
لماذا تغيرت سياسة أبل؟
القوة الشرائية للمستخدمين تغيرت ولم يعد مستخدم الآيفون بحاجة لشراء آيفون جديد إلا بعد عدة سنوات ولهذا بدأت Apple في استقطاب شريحة جديدة من المستخدمين كما أنها وجدت أن الحل يكمن في خدماتها الجديدة المتعلقة بإشتراكات الموسيقى والفيديو والبث المرئي والأخبار وحتى الألعاب والتي ترغب أبل في بيعها للمستخدمين الحاليين وبالطبع الجدد وهكذا سوف يضمن لها أرباح كثيرة كما أن إيرادات تلك الخدمات والإشتراكات من أبل يمكنها تعويض ضعف مبيعات منتجات الشركة والتي تأثرت بالعديد من العوامل ومنها حاليا القوة الشرائية للمستخدم وجائحة كورونا وأيضا الهواتف الذكية أصبحت أكثر تحسن عن السابق وجهاز الآيفون الجديد لم يعد يختلف كثيرا عن الإصدار السابق وكما تعلمون بمجرد دخول أي مستخدم جديد لنظام أبل البيئي وحديقتها المسورة يصبح الأمر صعبا عليه حتى يخرج منه وهكذا تستمر شركة أبل بالرغم من المنافسة القوية مع شركات هواتف الأندرويد التي باتت توفر أجهزة قوية ورائدة مع ميزات قد لا تكون متوفرة حاليا في الآيفون.
الخلاصة
أخيرا، هذه كانت الأسباب التي جعلت أبل تخرج من فقاعتها وحديقتها المسورة وتلقي بالا على سوق الهواتف الذكية الذي لم يعد كما كان في السابق حيث أبل لا تزال هي المسيطرة على سوق الهواتف الذكية بل بدأت الشركات المصنعة للهواتف الذكية بنظام الأندرويد تتقدم بشكل سريع واقتربت من أبل وربما تخطتها ومع أن الشركة الأمريكية قد أدركت ما يحيط بها من منافسة شرسة إلا أنها لم تتعنت وبالفعل حولت استراتيجيتها على الفور من الإنغلاق على نفسها إلى الإنفتاح ورؤية ما يحدث في سوق الهواتف الذكية بعين ثاقبة وهذا ما جعل السباق قويا بينها وبين شركات الأندرويد ولكن مع شريحة أبل القوية A14 وما تضيفه من ميزات متقدمة على الآيفون ربما شركات الأندرويد بحاجة للمزيد من الإبتكار حتى يستطيعون مواكبة قدرات وإمكانيات الآيفون.