أعاني منذ فترة من خلل عام في النوم لم أستطع تفسيره، وأظن من شدة الإجهاد أنني لو رأيت الفراش الآن لسوف أخلد في سبات عميق، لا أريد أن ألجأ إلى المهدئات أو غيرها، حاولت النوم بمساعدة الأعشاب الطبيعية تارة، وبعمل تمارين التنفس تارة أخرى، حاولت أن استمع إلى أصوات الطبيعة مثل أمواج البحر أو أصوات الطيور، ولكن باءت كل المحاولات بالفشل، وعلى الرغم من أنني من أسرة مسلمة، إلا أنني لجأت إلى الترانيم في محاولة أخيرة للنوم ولو ساعة واحدة، فقط 60 دقيقة دون أفكار دون أن توقظني ضربات قلبي أسمعها في أذني وتؤلمني في صدري.

أجهزة تتبع النوم.. هل هي مفيدة حقًا؟

ساعة أبل

وأثناء تجريبي لكل الحلول التي أعرفها والتي لا أعرفها وجدت ما يُسمى بأجهزة تتبع النوم، وهي عبارة عن ساعة يتم ارتداؤها على المعصم، وتعمل من خلال مراقبة حركات الجسم أثناء النوم، لتحديد مقدار الوقت الذي تقضيه مستيقظًا في مقابل النوم، بالإضافة إلى مراقبة  معدل ضربات القلب أثناء النوم لمعرفة مقدار الوقت الذي تقضيه في كل دورة نوم.

وعلى الرغم من انتشارها وشعبيتها، إلا أن هناك عدد من التقارير تشكك في مدى صحة نتائج تلك الأجهزة، وذلك بالمقارنة باختبارات تخطيط النوم التي يستخدمها الخبراء لتشخيص اضطرابات النوم، حيث وجد أن أجهزة تتبع النوم تكون دقيقة فقط بنسبة 78٪ من الوقت عند تحديد النوم مقابل اليقظة، وتنخفض هذه الدقة إلى حوالي 38٪ عند تقدير الوقت الذي استغرقه المشاركون للنوم.

تعد اختبارات تخطيط النوم هي الأكثر دقة لأنها تتبع موجات دماغ الشخص ومعدل ضربات القلب والتنفس ومستويات الأكسجين في الدم وحركات الجسم والعين أثناء النوم من خلال أقطاب كهربائية متصلة بالجلد وفروة الرأس، وبفضل تحليل أنماط موجات الدماغ نتمكن من معرفة ما إذا كان الشخص مستيقظًا أم نائمًا، ولمعرفة مرحلة النوم التي يمرون بها بالضبط.

ولأن فرصة تجربة كل أجهزة تتبع النوم ليس بالأمر السهل، كان من الصعب مقارنة العديد من أجهزة نوم المستهلكين باختبارات تخطيط النوم، لذا كان تحديد معدل دقتها أمر محير، علاوة على ذلك، فإن الخوارزميات التي تستخدمها الشركات لعمل تنبؤات حول النوم غير معروفة، مما يجعل من الصعب على العلماء تحديد ما إذا كانت الافتراضات التي وضعتها أجهزة النوم صحيحة أم لا!

تظهر الدراسات أيضًا أن أجهزة النوم أقل أداءً لدى الأشخاص المصابين بالأرق، حيث يميل الأشخاص الذين يعانون من الأرق إلى البقاء في الفراش في محاولة للنوم، ولكن نظرًا لأن أجهزة تتبع النوم تقيس الحركة فقط، فقد وجدت إحدى الدراسات أن الساعات غير قادرة على التمييز بين النوم واليقظة لدى الأشخاص المصابين بالأرق.

تميل الساعات التي تتضمن بيانات معدل ضربات القلب إلى أن تكون أكثر دقة قليلاً عند قياس مدة النوم لأن معدل ضربات القلب يتقلب خلال مراحل النوم المختلفة، ومع ذلك لا يزال العديد من الخبراء غير متأكدين من دقتها بسبب تفاوت نتائج الأجهزة.

عليك معرفة السبب الحقيقي وراء الأرق!

أجهزة تتبع النوم: هل تساعدنا على النوم فعلًا؟

في النهاية هذا يقودنا إلى التساؤل عما إذا كانت معرفة معلومات عن نومنا مفيدة لنا حقًا أم لا، لذا فإن من أفضل الطرق للبقاء مستيقظًا أن تحاول جاهدًا النوم. قد يبدو الأمر غير منطقي ، لكننا نرى ذلك سريريًا في المرضى الذين يعانون من الأرق المزمن ، والذين يتسبب في الإفراط والانشغال بالنوم، مما يعمل على تدني الحالة المزاجية وبالتالي قلة النوم أي مزيد من الأرق.

الجدير بالذكر أن الدراسات أثبتت أن أولئك الذين قيل لهم إنهم ناموا بشكل غير كافي أو بشكل سئ، أظهروا مزاجًا أقل لباقي اليوم، كذلك صعوبات في عمليات التفكير، ورغبة في النعاس، أما الذين قيل لهم أنهم قد ناموا ليلة سعيدة أظهروا ما يثبت ذلك طوال اليوم، وهو ما يوضح لنا هذا أن البيانات من أجهزة تتبع النوم يمكن أن تغير حالتك العاطفية ومستويات تركيزك خلال اليوم حتى لو كانت القراءات دقيقة، نظرًا لأن الأشخاص الذين يعانون من قلة النوم قد يكونون أكثر عرضة لاستخدام أجهزة تتبع النوم ، فقد يكون هذا مصدر قلق لأنه قد يؤدي إلى تفاقم مشاكل الصحة العقلية.

وعليه إن كنت تعاني من اضطرابات في النوم يجب معرفة السبب الحقيقي وراء القلق الذي يسيطر عليك كل ليلة، ويجب تحديد حلول واضحة لكل ما يقلقك، وإن لم تجد حلول تهدئ من روعك يجب التسليم بأن قلقك لن يبعد عنك شر قادم، أو يمنحك خير غير مقدر لك، لهذا فإن أجهزة تتبع النوم قد تكون مفيدة لأولئك الذين يتمتعون بنوم جيد بشكل عام ولكنهم مهتمون بتتبع أو إنشاء روتين أفضل لحياته، أما الذين يعانون من الأرق واضطرابات النوم، فإن اخبارهم كل يوم بـ اضطراباتهم قد يدخلهم في حالة من الاكتئاب لن تفيدهم في شئ!