أيهما الأفضل Face ID أم Face Unlock؟ وهل يمكن للشركات أن تقدم تقنيات أكثر أمان؟
شهدت خاصية التعرف على الوجه لفتح قفل الهاتف تطوراً كبيراً خلال العامين الماضيين خصيصاً منذ اعتماد أبل عليها كالطريقة الأساسية لفتح قفل الشاشة في هاتف iPhone X والهواتف التي تلته لتظهر مرة أخرى في الهواتف الذكية بعد اختفاء دام لسنوات منذ ظهورها الأول. امتازت نسخة أبل من هذه التقنية بتفوق واضح على من سبقوها في الاستخدام فيما يخص الأمان والكفاءة حيث من الصعب للغاية خداعها, وحتى هذه اللحظة فخاصية Face ID التي تطورها أبل ما زالت تتفوق أيضاً على العديد من التقنيات المشابهة التي تعتمد عليها الشركات الأخرى ما عدا عدد قليل الذي تمكن من تقديم تجربة مشابهة نوعاً ما. فما هو سر هذا التفوق؟ ولماذا Face ID يعتبر الأئمن بين التقنيات المنافسة له؟ وهل يمكن للشركات أن تقدم تجارب أكثر آمان مما تقدمه أبل؟ نناقش معكم هذا الموضوع ونجيب على تلك التساؤلات في السطور التالية.
ظهور خاصية التعرف على الوجه لأول مرة
دعونا نبدأ حديثنا ببداية هذه التقنية والتي كان ظهورها الأول خلال عام 2012 وبالتحديد مع طرح إصدار Android Jelly Bean بإصدار رقم 4.1.2 وهو واحد من أشهر إصدارات الاندرويد على الإطلاق وواحد من أكثرها تقديماً للتطورات خلال مسيرة نظام التشغيل ككل. في هذا الوقت ومع ظهور تلك التقنية الثورية اذاناك كانت تعتمد في عملها على التقاط عدة صور لوجه المستخدم من عدة زوايا ليحتفظ بها الهاتف ثم يقارنها بالصورة التي يلتقطها للمستخدم عند فتحه للهاتف.
[caption id="attachment_235886" align="aligncenter" width="338"] إعداد خاصية التعرف على الوجه في إصدارات اللاندرويد القديمة[/caption]
المشكلة الأساسية التي واجهت تقنية التعرف على الوحه في هذا الوقت هو سهولة خداعها بشكل لا مثيل له فيمكن للأشخاص المتشابهين (ليس توائم, مجرد متشابهين) أن يخدعوا الهاتف ويتمكنوا من فتح قفل الشاشة, أنا شخصياً عندما استخدمت تلك التقنية في هذا الوقت كان أخي الصغير ينجح في أغلب المرات في تخطي القفل بسهولة وكأنه لا توجد أي حماية للهاتف. الأمر لم يقف عند هذا الحد فلم تكن تحتاج إلى شخص يشبه صاحب الهاتف لتتمكن من خداع نظام التعرف على الوجه فصورة لهذا الشخص كافية لتفتح لك قفل الشاشة.
السبب الرئيسي وراء هذا الفشل الذريع والذي أودي لاختفاء التقنية سريعاً من إصدارات الاندرويد التالية هو اعتمادها على التقاط صور ثنائية الأبعاد 2D ما يجعلها غير قادرة على التفريق بين الصور التي تلتقطها والصور الملتقطة بالفعل كما أن افتقادها للقياس للعمق (البُعد الثالث) لم يمكنها من التدقيق في تفاصيل الوجه والتعرف على تفاصيل كاختلاف مستوي الأعين, الأنف, الأذن والفم عن بعضهم البعض بالإضافة إلى أن نظم الذكاء الاصطناعي كانت في بدايتها في هذا الوقت.
تطوير أبل للخاصية وصولاً إلى Face ID
[caption id="attachment_230467" align="aligncenter" width="1000"] تعتمد تقنية Face ID التي تستخدمها أبل على Infrared Camera و Dot Projectpr[/caption]
لا يمكن لأحد أن ينكر أن ما قدمته أبل في Face ID يعتبر تقدم مذهل مقارنة بما كان متواجد من قبل حيث أصبح من الصعب للغاية أن تقوم بخداع Face ID بأي طريقة تقليدية حيث تعتمد تلك التقنية على تكوين صورة ثلاثية عالية الدقة على النحو التالي:
اعتمدت أبل في خاصية Face ID على نظام مختلف للتعرف على الوجه, فبدلاً من الاعتماد على الصور ثنائية الأبعاد قررت الشركة الأمريكية النظر إلى البُعد الثالث لتكون صورة ثلاثية الأبعاد تجعل من الصعب خداع هواتفها. وتتم تلك العملية عبر 4 خطوات مختلفة على النحو التالي:
- يقوم كلا من مستشعري Proximity Sensor و Ambient Light Sensor بقياس مستوي الإضاءة المتوفرة حول الهاتف ومن ثم تحديد كمية الأشعة المستخدمة لإتمام الخطوات التالية.
- في الخطوة التالية يوم Flood Illuminator ببث أشعة تحت الحمراء (لا يمكن للعين البشرية أن تراها) تجاه وجه المستخدم بشكل عام.
- بعد ذلك باتي دور Dot Projector الذي يقوم بتكوين 30 الف نقطة معتمد على الأشعة تحت الحمراء ليكون شبكة ثلاثية الأبعاد للوجه.
- أخر خطوة هي أن تقوم الكاميرا Infrared Camera على التقاط عجة صور معتمدة على نتائج الخطوات الثلاثة السابقة لتكون صورة ثلاثية الأبعاد لوجه المستخدم تحتفظ لها في الهاتف وتقارنها مع الصور الملتقطة بعد إتمام الخطوات السابقة في كل مرة يتم فيها محاولة فتح قفل الشاشة.
اعتماد أبل على تكوين صور ثلاثية الأبعاد لمستخدمي الهاتف جعل من مهمة خداع الهاتف صعبة للغاية حيث يتطلب الأمر أن يكون للشخص أخ توأم مشابهة بنسبة مذهلة أو ان يتم تصميم وجه اصطناعي مشابه لك بصورة أن شخصياً لا يمكن أن تفرق بينكما ولكن احتمالية حدوث أي من الأمرين هو نادر للغاية.
ما قدمته أبل قد لا يكون آمن بنسبة 100% خاصة عند مقارنته بالاعتماد على مستشعر بصمة الإصبع ولكن هو تقدم مذهل في هذه التقنية دفع الكثيرين للنظر إليها مرة أخرى.
ظهور التعرف على الوجه في الهواتف الأخرى ومحاولة الوصول لتجربة آمنة
اتجهت الكثير من الشركات لإعادة توفير خاصية التعرف على الوجه مرة أخرى في هواتفها كرد على ما قدمته أبل في iPhone X وهواتفها التالية ولكن الغالبية العظمي خاصة في هواتف الفئة المتوسطة والاقتصادية استمرت في الاعتماد على الصور ثنائية الأبعاد ولكن بعدم الذكاء الاصطناعي, الاعتماد على الذكاء الاصطناعي طور الأمر بشكل كبير ولكن ما زال الأمر غير آمن بما يكفي. بعض هواتف الفئة العليا مثل هاتف هواوي Mate 20 Pro حاولت تقديم تجربة قوية من خلال الاعتماد على تكوين صور ثلاثية الأبعاد للمستخدم ولكن بالاعتماد على تقنيات مختلفة عما اعتمدت عليه أبل وهو ما نجح في بعض الأحيان وفشل في البعض الآخر ولكن الأمر حالياً قد يختلف كلياً مع الاعتماد على أحدث مستشعرات التعرف على الوجه او ربما يجب أن نسميها مستشعرات التعرف على العمق.
كاميرات ToF مستقبل تقنية التعرف على الوجه
في الوقت الذي تقود فيه أبل تقنيات التعرف على الوجه ظهر لنا في الشهور الماضية مستشعر أو كاميرا جديدة باسم ToF أو Time of Flight تقدم تجربة هي الأفضل حتى الآن في التقاط الصور ثلاثية الأبعاد, الكاميرات الجديدة ToF تعتمد في عملها على إرسال أشعة تحت الحمراء إلى الجسم المراد ثم تستقبل الأشعة المرتدة من الجسم, ومع حساب الفترة الزمنية التي استغرقها كل شعاع للعودة للمستشعر يتم حساب المسافة بين المستشعر والهاتف لتنشأ صورة ثلاثية الأبعاد عالية الدقة أكثر حتى مما يقدمه نظام كاميرات أبل حتى الآن.
الميزة الأساسية التي تمتاز بها كاميرات ToF هو أنه من الممكن استخدامها في التصوير لعمليات العزل وتحديد العمق أو في الاعتماد عليها عند استخدام تطبيقات الواقع الاصطناعي والواقع المعزز المختلفة حيث تعطي نتائج دقيقة للغاية. حتى هذه اللحظة سوني كانت السباقة في طرح كاميرات كتلك بصورة تجارية ولكن سرعان ما انضمت لها LG لتكونا الشركتان هما الأكبر في هذا المجال. ومن المتوقع أن تعتمد أبل في هواتفها القادمة على تلك الكاميرات كبديل أفضل من المجموعة الكبيرة من الكاميرات والمستشعرات التي تعتمد عليها في خاصية Face ID.
الهواتف التي تدعم كاميرات ToF حالياً
برغم أن تلك الكاميرات لم تنتشر بعد في الهواتف الذكية على نطاق واسع إلا انها توافرت بالفعل في بعض الهواتف الذكية باستخدامات مختلفة. أولى الهواتف التي شاهدنا فيها هذه الكاميرا هو هاتف Oppo R17 Pro والتي لم يكن لها تأثير كبير في تجربة الكاميرا ولكن في هاتف Honor View 20 طوعتها هونر لتقدم ليس فقط تجربة تصوير متميزة وأكثر دقة في العزل والعمق بل أيضاً في تقديم تجربة اقع معزز فريدة يمكن استخدامها في الألعاب مثل Xbox Kinect. شركة LG اعتمدت أيضاً على كاميرات ToF ولكل بطريقة مختلفة من خلال الاعتماد عليها في تقنية Hand ID التي تتعرف على يد المستخدمين من خلال قياس مستوي الهيموجلوبين في الدم ومكان الأوعية الدموية. وبخلاف تل التجربتين المتميزتين في التصوير وفرت سامسونج كاميرا خلفية من هذا النوع في هاتف Galaxy S10 5G الذي سيطلق الشهر المقبل فيما وفرته هواوي في هاتف P30 Pro الجديد.