الأجزاء الثانية من الألعاب أصبحت نسخ ولصق بدون أي إبداع!
قديمًا كانت صناعة الألعاب بسيطة، فكان من المحتمل أن نرى جزئين من سلسلة مُعينة يصدران في عامين وراء بعضهما ولا يوجد فريق كبير بينهما إلا في القصة وإضافة بعض التحسينات الطفيفة على أسلوب اللعب، ووقتها كان ذلك مقبولاً. في الفترة بين 2001 و 2010 اختلف الأمر، وأصبحنا ننتظر سنوات لنحصل على الأجزاء الجديدة من السلاسل والتي كانت تختلف تمامًا عن الأجزاء الأولى، وهذا أصبح المطلوب والمتعارف عليه. أما الآن، فيبدو أن الكثير من المطورين قرروا أن يكونوا كُسالى بإصدار ألعاب ما هي إلا نسخ ولصق من الجزء الأول لدرجة أن الأمر أصبح أسوأ من جيل التسعينات!
اليوم نناقش قضية تتوغل بطريقةٍ سلبية في عملية تطوير الألعاب، وهي كسل المطورين في تقديم شيء جديد، والإعتماد بشكل صريح على إسم السلسلة لجذب اللاعبين وتحقيق المبيعات.
ما هذا يا Star Wars و God of War؟
Star Wars Jedi Survivor
سبب كتابتي لهذه المقالة هو أنني كنت ألعب Star Wars Jedi Survivor في الآونة الأخيرة، ووجدت نفسي تقريبًا أُعيد نفس ما كنت أفعله في جزء 2019 Jedi Survivor دون الإحساس بأي تغيير أو اختلاف. بالطبع الرسومات أصبحت أفضل مع تقديم قصة جديدة وإضافة ميكانيكيات أكثر على نظام الـ Platforming (وهي إضافات سلبية من وجهة نظري)، لكن أسلوب اللعب نفسه لم يختلف بأي شكل عن الجزء السابق!
بالحديث أولاً عن نظام الـ Platforming، فأنا لا أدري من أخبر فريق Respawn أن كثرة الـ Platforming والقفز والشعلقة على الحوائط في اللعبة هو أمر جيد. لقد أنهيت اللعبة في حوالي 15 ساعة، وأعتقد أنني قضيت ما لا يقل عن ثلاثة ساعات وأنا أتمسك بالحوائط و أقفز من مكانٍ لآخر. الأمر مستفز بالنسبة ليّ وهو ليس شيء إيجابي أبدًا، بل أصبح ممل مع مرور الوقت خاصةً مع كثرتها في نهايات اللعبة.
أما بالنسبة لأسلوب اللعب نفسه، فلم يتغير بتاتًا عن جزء 2019، مع الحفاظ على الـ Stances الأصلية وإضافة بعض الـ Stances الجديدة مثل إمكانية استخدام المسدس مثلاً. لكن بعيدًا عن ذلك، فكل شيء في اللعبة هو نفسه تقريبًا من تصميم الأعداء وذكائهم الإصطناعي وطريقة التحرك والتجول العام في مناطق اللعبة. بل أرى أن اللعبة أصبحت أسهل من الجزء الأول، فمن بدايتها إلى نهايتها لم أمت إلا 3 مرات فقط، والمثير للسخرية أن شاشة الموت ظهرت ليّ لأول مرة بعد قضاء أكثر من 10 ساعات في عالم اللعبة!
God of War Ragnarok
إذا كنت تتابع مقالاتي السابقة، فأنت بالفعل تعلم أن Elden Ring هي لعبتي المُفضلة في 2022، وتتفوق على أي لعبة أخرى بمراحل. لكن هذا لا يعني أنيّ لم أكن متحمسًا لتجربة الجزء الجديد من God of War والانخراط في حرب Ragnarok ضد الآلهة الإسكندنافية، ولكن للأسف، فقد خيبت اللعبة آمالي لأن مثلها مثل Star Wars، فهي لم تقدم أي شيء يُذكر.
نصف الأماكن في اللعبة هي نفسها في الجزء الأول، أكثر من 60% من اللعبة ستقضيهم بنفس عتاد وأسلحة الجزء الأول، نفس ميكانيكيات أسلوب اللعب بالضبط، نفس الرسومات والأداء العام، مع تقديم كمية كبيرة من الألغاز الغريبة مع شخصيات مساعدة مستفزة تحاول حل تلك الألغاز بنفسها بدون إعطاء اللاعب أي فرصة للتفكير في حل اللغز ومعرفته بنفسه.
في النصف الثاني من اللعبة ستجد نفسك تمتلك سلاح جديد لكريتوس، وستكون وقتها قد قضيت بعض اللحظات بشخصية أتريوس، ولكن هذا لا يغير من فكرة أن اللعبة هي نفسها جزء 2018 نسخ لصق لدرجة أن مقدمة اللعبة التعليمية تم تنفيذها بنفس أسلوب جزء 2018. ضفّ على ذلك أن المخرج الجديد Eric Williams لم يفكر في إضافة طابعه الشخصي للعبة، بل سار على نفس خطى Cory Barlog مما جعل اللعبة متشابهة من ناحية كل شيء بالجزء السابق.
نفس الفكرة تنطبق على لعبة مثل A Plague Tale: Requiem
رغم عشقي لقصة هذه السلسلة بسبب شخصيتي Amicia و Hugo، إلا أنني لا يمكن أن أصمت عن الجزء الثاني وعدم قدرته على تقديم أي شيء جديد يُذكر لدرجة أنني شعرت أثناء تجربة اللعبة أن الميزانية تم صرفها بالكامل على الرسومات مثلاً لتُصبح اللعبة واحدة من أكثر التجارب الخلابة في الصناعة، ولكن في نفس الوقت تكاسل الاستوديو عن إضافة أي شيء لأسلوب اللعب.
هل إضافة قاذف الأسهم هو التغيير الضخم الذي سيجعل A Plague Tale: Requiem هي لعبة تاريخية؟ بالتأكيد لا، ولذلك تلك اللعبة هي الأخرى مجرد نسخ ولصق من جزء 2019 بقصة جديدة ورسومات أفضل وقاذف للأسهم. هذا كل ما فعله استوديو Asobo في ثلاثة سنوات تطوير!
متى تستحق لعبة أن نُطلق عليها "جزء ثاني"؟
إذا كان هذا غير واضحًا حتى الآن فيجب عليّ أن أوضحه لكم. نقدي للألعاب التي بالأعلى جاء من ناحية أسلوب اللعب فقط وليس القصة أو الرسومات أو الموسيقى وخلافه. أنا كل ما أنقده هو أسلوب اللعب وعدم تقديمه لأي شيء جديد رغم قضاء تلك الألعاب أكثر من 3-4 سنوات في عملية التطوير.
الإجابة على سؤال "متى تستحق الألعاب أن نُطلق عليها جزء ثاني" سهلة، فشخصيًا أرى أن اللعبة تستحق ذلك عندما تجعلني غير قادرًا على العودة لتجربة الجزء الأول. ليس لأني تعلقت بها بهذا القدر، بل لأنها قدمت تحسينات ضخمة ومميزة على أسلوب اللعب تجعل الجزء الأول يبدو وأنه لعبة أطفال بجانبها، واليوم أُقدم لكم بعض الأمثلة على ألعاب فعلت هذا خلال السنوات الأخيرة.
DOOM Eternal
أي شخص يعرفني يعلم مدى عشقي لسلسلة DOOM، ولعبة DOOM Eternal زادت هذا العشق لأعلى حد وأصبحت لعبتي المُفضلة في عام 2020. DOOM Eternal لم تُقدم لنا مجرد قصة رائعة جعلت عالم DOOM أكثر قوة ودرامية، لكنها أيضًا قدمت أسلوب اللعب عبقري يجعلني أرى DOOM 2016 على أنها لعبة أطفال بجانبها!
استوديو id Software فعل المستحيل مع DOOM Eternal بأسلوب اللعب يجعلك تشعر بأن الـ Slayer قوي وعنيف للغاية ضد الشياطين، ولكنه في نفس الوقت سريع ورشيق قادرًا على الحركة بسرعة والتنقل من مكانٍ لآخر بنظام Platforming يخدم أسلوب اللعب ولا يتواجد فقط لغرض تعطيلك عن مواجهة الأعداء أو المط في عمر اللعبة (احم احم Star Wars Jedi Survivor).
عندما قررت العودة لتجربة DOOM 2016، وجدت نفسي فعلاً غير قادرًا على لعبها لأنني أود القيام بكل الحركات التي أستطيع فعلها في Eternal، ولكنني لا أتمكن من فعل ذلك هنا. أسلوب لعب Eternal إدماني لأبعد الحدود، ولذلك أنصح الجميع بتجربة 2016 أولاً قبل الإنخراط في عالم Eternal لأنك لن تستطيع العودة للجزء القديم بعد أن تتذوق أسلوب لعب Eternal.
شخصيًا لا أستطيع أن أتوقع كيف سيتمكن استوديو id Software من التفوق على أسلوب اللعب هذا في لعبته القادمة، ولكنني أمتلك ثقة كاملة فيهم لتقديم تجربة جديدة خرافية تضع معيارًا جديدًا لألعاب منظور الشخص الأول مثلما فعلت DOOM Eternal.
Dying Light 2
لنكون صريحين، إطلاق لعبة Dying Light 2: Stay Human لم يكن الأفضل، وقد عانت اللعبة من الكثير من المشاكل التقنية مع إزالة محتوى تم عرضه سابقًا لكنه لم يتواجد في النسخة النهائية. لكن بعد التحديثات الأخيرة مثل Gut Feeling و Good Night, Good Luck، أصبحت اللعبة الآن هي تجربة الباركور المثالية والأكثر تميزًا على الإطلاق!
اللعبة هي تقدم واضح وصريح عن الجزء الأول من ناحية الباركور والحركة وتصميم المدينة والمواجهات ضد الأعداء بإستخدام الأسلحة اليدوية. كل شيء في Dying Light 2 تم تحسينه بشكل عملاق في أسلوب اللعب، وعندما تعود الآن لتجربة الجزء الأول، ستشعر بأن اللعبة تعوق حركتك لأن الباركور فيها لم يكن بنفس مستوى الجزء الثاني.
ضفّ على ذلك أن إضافة القصة الثانية القادمة في 2024 تعدنا بتقديم مدينة جديدة كليًا مليئة بالمناطق الجديدة التي يمكننا التنقل فيها بحرية بنظام الباركور المميز، مع وجود الكثير من التسريبات التي تؤكد عودة الأسلحة النارية بقصة عملاقة تستمر لأكثر من 10 ساعات في الإضافة!
The Last of Us Part II
رغم اختلافي مع قصة اللعبة وظني أنها واحدة من أسوأ القصص التي قدمها استوديو Naughty Dog، إلا أن Last of Us Part 2 هي مثال حي عن كيفية تقديم أسلوب اللعب في جزء ثاني من سلسلة. إنها التطور المطلوب والمثالي لمواجهات الجزء الأول، والشيء الأساسي الذي يساعد تقدم اللعبة هي شخصية Ellie نفسها.
نظرًا لأنها أصغر سنًا من Joel، فحركتها أكثر سرعة ورشاقة، ويمكنها القيام بالعديد من القفزات في الهواء على الأعداء والتدحرج بشكل أسرع والنزول أسفل السيارات للاختباء وغيرهم من الحركات والإضافات الجديدة. أيضًا تم تحسين المواجهات اليدوية والنارية بشكل كبير مع تقديم ذكاء إصطناعي خرافي يجعلك تشعر وأنك أمام أشخاص حقيقيين وليست لعبة.
حماسي ازداد بشكل كبير للعبة الأونلاين The Last of Us Factions خاصةً وأنها تدمج أسلوب اللعب المميز هذا مع نظام أونلاين Extraction، فتخيلوا معي لعبة مثل The Division أو Tarkov داخل عالم The Last of Us، حيث نستخدم فيه أسلوب اللعب الرائع ذلك ضد اللاعبين الحقيقيين الآخرين … تلك وبدون شكّ ستصبح واحدة من أقوى ألعاب الأونلاين!
في النهاية
هذه المقالة هي مجرد رأي، رأي يوضح مدى الملل الذي من الممكن أن يشعر به شخص شغوف بصناعة الألعاب عندما يرى مدى كسل المطورين في تقديم أي شيء جديد، والاعتماد على اسم العناوين وحلبها من أجل المزيد والمزيد من الأموال السريعة. لذلك أصبحت أتجه إلى الألعاب المُستقلة عندما أريد خوض مغامرة جديدة، لأنني أعلم أن هؤلاء المطورين الصغار سيكونوا قادرين على تقديم التجربة المثالية التي أبحث عنها والتي تعطيني الإحساس الجديد والمُبهج طوال ساعات اللعب التي أضعها فيها.
?xml>